fbpx

من قتل عمران علييف؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعدّ علييف المعارض الشيشاني الثالث الذي يقتل بشكل غامض في السنوات العشر الأخيرة، والثاني في الأشهر الستة الأخيرة، وواحد من عشرات المعارضين الأوروبيين الشرقيين الذين لقوا حتفهم في ساحات خارجية بعد معارضتهم لبوتين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
عمران علييف

في الليلة الأخيرة من الشهر الفائت وفي أحد الفنادق القريبة من محطة قطارات ليل-فلاندر في الشمال الفرنسي، عُثر على جثة لرجل شيشاني عليها آثار أكثر من مئة طعنة بالسكين. جريمة بدأت تتوضّح خيوطها وخلفياتها بعد بيان الشرطة الفرنسية الذي كشف عن هوية الشخص المقتول:عمران علييف.

في البحث عن هوية الرجل وسيرته ومواقفه، يتبيّن أنّ علييف أحد أبرز المدونين الشيشان المنفيين طوعاً خارج الجمهورية التابعة لروسيا، بسبب معارضته الشديدة لحكم الرئيس رمضان قاديروف الموالي للكرملين. وبحسب جنبلاط سليمانوڤ، رئيس الجمعية الحقوقية الشيشانية بارت-مارشو فإنّ علييف تعرّض للتعذيب مرات عديدة على يد ميليشا “قاديروفتسي” – التي أسسها الرئيس الأسبق للجمهورية القوقازية أحمد قاديروف، خلال حرب الشيشان الثانية، وترأسها نجله رمضان- في الفترة السابقة للجوئه مع عائلته إلى بلجيكا. وأكّد سليمانوڤ أنّ علييف، الذي كان ينشر مقاطع مصوّرة تحت اسم منصور ستاري ينتقد فيها تجاوزت الحكومة الشيشانية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، كان يعاني من مشاكل نفسية ويلقى متابعة دقيقة من أطبائه.

كانت استميروڤا ضحية تهديدات متواصلة من قاديروڤ شخصياً، كان أبرزها استدعاؤها وذهابها من دون منديل الرأس لمقابلة الرئيس الشيشاني الذي قال لها “أنت امرأة غير محترمة. مجرد عاهرة تهدف إلى إثارتي”

وكالة الصحافة الفرنسية ونقلاً عن مصدر أمني قالت في بيانها حول الحادث أنّ “البصمات السياسية واضحة ولا لبس فيها”. الأمر الذي أكده المدوّن الشيشاني تومسو عبد الرحمنوڤ على موقع إخباري محلي شيشاني. وذكر عبد الرحمنوڤ أنّ علييف المتحدّر من داغستان كان قد تعرّض سابقا لمحاولة اغتيال في بلجيكا بعد تصريحاته القاسية بحق قيادات إنغوشية ومداهنتها لحكم قاديروف، لذلك فإنّ فرضية الإغتيال السياسي تبقى الأكثر ترجيحاً وتقدّماً على الدوافع الشخصية أو الثأرية.

ويعدّ علييف المعارض الشيشاني الثالث الذي يقتل بشكل غامض في السنوات العشر الأخيرة، والثاني في الأشهر الستة الأخيرة، وواحد من عشرات المعارضين الأوروبيين الشرقيين الذين لقوا حتفهم في ساحات خارجية بعد معارضتهم لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

رمضان قاديروف

قاديروڤ رجل الكرملين القوي والبلينغ-بلينغ الذي يكره المثليين

يطول الحديث عن رمضان قاديروڤ ولا يمكن اختصار مسيرته العسكرية والسياسية ببضعة سطور. الرجل الأربعيني صعد بسرعة كبيرة في قيادته لميليشيا المقاتلين الشيشان الموالين للروس، وتصدّر المشهد بعد اغتيال والده أحمد قاديروڤ، مفتي الجمهورية الأسبق،الذي دعا ذات يوم كل مجاهد شيشاني لقتل 150 روسياً حتى يفوز بالجنة، قبل أن ينقلب على ماضيه ويدخل في حرب مع الإسلاميين الراديكاليين ويرتمي في حضن الكرملين. منذ العام 2007، أصبح رمضان قاديروڤ رئيسا للجمهورية الشيشانية وارتبط اسمه بكل العمليات التي أراد فلاديمير بوتين أن يدلّل فيها على قوته في الجمهوريات الفيدرالية الخاضعة لسياسة الكرملين.

قاديروف مع الممثل الفرنسي المعروف جيرار ديبارديو

في حسابه على انستاغرام حيث يفوق عدد متابعيه 2.8 مليون متابع، يبالغ قاديروف – كحال الرئس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر – في عرض قوته واستخدامه السخرية من خصومه، إذ يظهر في أحد المقاطع مع مراسلة محطة BBC التي تسأله عن سرّ حبه للأسود فيقول : “الأسد هو ملك الحيوانات وهو الأقوى بينها لكنني أنا الوحيد القادر على مواجهته. سوف نرى اذا ما أمكنه التهامي أو يخضع لسلطتي”. جواب لا يحتاج المرء كثيراً ليدرك الهوس بالقوة والسلطة التي اجتاحت عقل قاديروڤ الذي حزن يوماً على مقتل القائد الشيشاني شامل باساييڤ لسبب واحد فقط وهو رغبته في أن يكون هو ندّه الأوحد وقاتله.

ولا يتورّع قاديروڤ الذي يحبّ الاحتفال والفرح ويعتزّ بصداقاته مع نجوم الفن والرياضة كمايك تايسون ومارادونا ورونالدينيو وجيرارد ديبارديو، عن استعادة صورته الأولى واليتيمة في الشيشان كرجل مسلم محافظ ومتزمّت فرضته ثنائية التئام عسكرتاريا ال “قاديروڤتسي” إبّان حرب الشيشان الثانية، والحاجة السياسية في الكرملين لأذرع تمتهن الجريمة وتقوننها وتسحب عنها صفة الإرتباط السياسي بموسكو لحظة انتفاء الإدانة وضياع هوية القتلة في مسرح الجريمة.

آنا بوليتكوڤسكايا

عندما سألته الصحافية الروسية آنا بوليتكوڤسكايا في حوار نشرته لوموند سنة 2004 عمّا يميّزه عن غيره من القادة في القوقاز، أجاب الرجل الذي منع الكحول وفرض الحجاب على النساء ولاحق المثليين وطالب بإرسالهم إلى كندا لأنّ دماءهم ليست نقية : “الرجولة هي المكوّن الأساسي للهوية الشيشانية، نحن في هذه الأرض نولد مقاتلين”.

ولا يمكن المرور على “رجولة” قاديروڤ دون العودة إلى شهادة عمر اسرائيلوف في نيويورك تايمز سنة 2009، عن التعذيب بالكهرباء والطرق المبتكرة في سجون الشيشان، التي سبقت اغتياله ببضعة أسابيع في العاصمة النمساوية ڤيينا. شهادة من بين عشرات، تبقى أقواها تلك التي عبّرت عنها بوليتكوڤسكايا في كتابها “روسيا بوتين، وفيه تقول :”قصة قاديروڤ قديمة وتشبه الأسطورة مثل قصة روسيا وتاريخها، وفي المحصّلة فإنّ الكرملين أشرف على تربية تنين صغير وعليه الآن أن يطعمه بشكل دوري حتى يمنعه من تنفيث النار من فمه”.

في ٧ أوكتوبر 2006، عثر على جثة بوليتكوڤسكايا أمام المصعد الكهربائي في المجمع السكني حيث تقطن في ليسناي في وسط موسكو، وقد وضع بالقرب منها مسدّس ماركوڤ عيار 9 ملم، الذي تستخدمه قوات الشرطة الروسية، في إشارة من القاتل إلى الجهة التي تقف وراء الجريمة. توجّهت كل أصابع الإتهام إلى ميليشيا قاديروڤ وأذرعها الخارجية، كرد فعل وحيد على التقارير التي اشتغلتها الصحافية في مجلة نوڤاي غازيتا واسعة الشهرة.

من بين الجرائم التي راج فيها اسم قاديروڤ، تبرز عملية اغتيال صحافي التحقيقات الاستقصائية ستانيلاس ماركلوڤ، الذي عمل على كتابة وتصوير تقارير مهمة جداً عن الوضع الإجتماعي في الشيشان بعد الحرب الثانية. ترأس ماركلوڤ حتى تاريخ اغتياله مؤسسة الـ Rule of law institute التي أخذت على عاتقها الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية في شمال القوقاز. دافع ماركلوڤ بشراسة عن آنا بوليتكوڤسكايا، وتصدّى لكل محاولات إدانة الصحافي المعارض ميخائيل بيكيتوڤ، كما دافع عن ضحايا القوات الخاصة في شرطة الداخلية الروسية (OMON) في مدينة بلاغوڤيشتشنسك في الكيان الفدرالي باشكور توستان.

في 19 كانون الأول/يناير 2009، وبعد دقائق قليلة على مغادرته مؤتمراً صحفياً على بعد أمتار قليلة من الكرملين، اغتيل ماركلوڤ بمسدّس مزوّد بكاتم صوت، ولوحظ إسراع آناستازيا بابوراڤا، التي كانت تعمل كمتدرّبة في ال نوڤاي غازيتا، لنجدته فتمّ قتلها على الفور.

وبالرغم من الإشارة إلى اسم قاديروڤ، فإنّ بصمات المخابرات الروسية تبدو واضحة في تلك العملية، وترافق الأمر مع صمت مطبق من بوتين وميدفيديف، الأمر الذي أصبح اعتيادياً مع كل عملية تطال معارضين للكرملين.

ناتاليا استميروڤا

على أنّ اغتيال ناتاليا استميروڤا، سيبقى الجريمة الأكثر ارتباطاً بقاديروڤ نظراً للظروف المكانية والزمانية التي أحاطت بالجريمة، فالصحافية والناشطة في مجال حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة منظمة ميموريال (Memorial) والحاصلة على جائزة نوبل البديلة سنة 2004، تعرّضت للإختطاف من منزلها في غروزني ووجدت جثة في نازاران الإنغوشية. وكانت استميروڤا ضحية تهديدات متواصلة من قاديروڤ شخصياً، كان أبرزها استدعاؤها وذهابها من دون منديل الرأس لمقابلة الرئيس الشيشاني الذي قال لها “أنت امرأة غير محترمة. مجرد عاهرة تهدف إلى إثارتي”. (مقال لوموند في 26 أيلول/سبتمبر 2009)

والحال أنّ سجلّ قاديروڤ الحافل بالجرائم لن يكون عقبةً أمام جريمة إضافية في ساحة أوروبية جديدة، لذلك تبدو عملية اغتيال عمران علييف حلقة عابرة في مسلسل روسيّ طويل.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.