fbpx

وباء من المعلومات المُضلِّلة حول فيروس كورونا يجتاح الإنترنت

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أضحى موقع “تويتر” أحد أهم مصادر نشر المعلومات المُضللة حول الفيروس.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تسبب تفشي فيروس كورونا الجديد الذي بدأ في مقاطعة ووهان في الصين، بكل المعلومات المُضلِّلة ونظريات المؤامرة التي أعقبته، في وضع شركات التواصل الاجتماعي الكبرى على المحك بينما تحاول مكافحة الذعر والهلع.

فقد أقدمت الشركات الأميركيّة الكبرى على اتخاذ إجراءات سريعة لمحاولة إخماد الانتقادات التي وُجِّهت لمنصاتها، والادعاءات بأنها تحولت إلى بالوعات لنشر الخوف والمعلومات الخاطئة. وكذلك الحال بالنسبة إلى الصينيين الذين يتعرضون أيضاً لضغوط حكومية كبيرة في حين تواجه بكين أسوأ أزمة في الصدقية منذ سنوات. ومع انتشار الفيروس، استضافت منصاتهم الاجتماعية الكثير من النظريات التي تؤكد أن الفيروس القاتل هو سلاح بيولوجي طُور داخل المختبرات وأن شوارع ووهان تعج بآلاف الجثث.

وكانت استجابة بعض هذه الشركات أفضل من غيرها.

فقد أضحى موقع “تويتر” أحد أهم مصادر نشر المعلومات المُضللة حول الفيروس، بيد أن الشركة اتخذت خطوات جادة لوضع معلومات طبية موثوقة بين أيدي المستخدمين. فكل من يبحث عن “فيروس كورونا” أو “ووهان” على “تويتر”، ستظهر له رسالة تحثه على “معرفة الحقائق”، مع وجود روابط للهيئات الصحية المحلية، كما تعطي المنصة الأولوية في نتائج البحث للهيئات الصحية في الدول.

إضافة إلى ذلك، سعى “تويتر” إلى حظر بعض الحسابات التي تنشر نظريات المؤامرة، وأبرزها حساب موقع “زيرو هيدج” (ZeroHedge) الشهير بابتكار المؤامرات منذ فترة. وأصدر “تويتر” بياناً جاء فيه، أن لا دليل على تنسيق الجهود لنشر المعلومات المُضلِّلة على المنصة ولكنه أضاف: “سنظل حذرين وسنسعى إلى استثمار قدراتنا الاستباقية بشكل كبير لضمان حماية التغريدات الأكثر تداولاً وخاصية البحث وغيرها من الخدمات الأخرى الشائعة على المنصة من السلوكيات المُغرضة”.

تبنت شركة “غوغل” نهجاً مماثلاً. إذ يتلقى الذين يستخدمون عملاق البحث للحصول على معلومات عن الفيروس، معطيات من منظمة الصحة العالمية، تتضمن تفاصيل حول كيفية انتقال الفيروس، إضافة إلى الإجراءات الوقائية الحكيمة التي يُمكن أن يتخذها الأشخاص، مثل نصائح حول غسيل اليدين. عادةً ما تتوخى شركة “غوغل” الحذر حيال كيفية إزالة نتائج البحث من محركها أو عدم إيلائها أولوية في الظهور ومتى تُقدم على ذلك، لكن في حال البحث عن نظريات المؤامرة المختلفة المتعلقة بفيروس كورونا الجديد ستظهر لك مواقع وكالات الأنباء التي تفضح زيف هذه الادعاءات قبل المواقع غير الموثوقة مثل موقع إذاعة “إنفو وورز” (InfoWars)، وموقع “زيرو هيدج”.

سعى “تويتر” إلى حظر بعض الحسابات التي تنشر نظريات المؤامرة، وأبرزها حساب موقع “زيرو هيدج”.

أما موقع “ريديت”، فظهرت عليه مجتمعات مكرسة فقط لفيروس كورونا الجديد، وتباينت النتائج التي يحتويها الموقع. إذ تتضمن أكبر مجموعتين للتصنيفات على الموقع، والتي يفوق عدد مستخدمي كل منها 50 ألف مستخدم، قواعد رسمية تطلب منهم استخدام معلومات مؤكدة وتجنب الإثارة. ففي مجموعة r/China_Flu، الموجهة نحو تداول الأخبار المتعلقة بانتشار عدوى الإنفلونزا في الصين، والمنبثقة من مجموعة r/China، المعنية بأخبار الصين والقائمة منذ أمد طويل، اتسم المشرفون على المناقشات بالحزم بشأن ضمان اتباع هذه القواعد. أما في مجموعة r/Coronavirus، المكرسة لتداول أخبار فيروس كورونا الجديد، فقد امتلأ المجتمع بمنشورات حديثة تسعى إلى إثارة المخاوف من وجود سلاح بيولوجي من صنع الحكومة وادعاءات بوجود محاولات جماعية للتستر على هذا الأمر.

ثمة مجموعة أخرى، وهي r/Wuhan_Flu، معنية بتداول أخبار تفشي الإنفلونزا في مقاطعة ووهان الصينية، تعرضت للعزل من قبل المنصة بسبب تداولها معلومات مُضلِّلة- وهذا يعني أنه لا يمكن الوصول إليها من خلال البحث في المنصة، فضلاً عن أن الدخول إليها يصاحبه ظهور تحذيرات بشأن الطبيعة التآمرية للمجتمع. إضافة إلى ذلك، فقد وضعت الشركة إعلاناً على صفحاتها الرئيسية، يوجه المستخدمين إلى مجموعة r/AskScience، حيث يستطيع الناس التحدث إلى باحثين حقيقيين ومختصين في مجال الصحة العامة.

في حين استخدم عملاق التواصل الاجتماعي، “فايسبوك”، أدوات فحص الحقائق الخاصة به لتقييم المعلومات التي تتم مشاركتها على صفحة “آخر الأخبار” (news feed)، للحد من المعلومات التي تعتبر غير دقيقة أو خاطئة. كما حرص الموقع على الترويج للمعلومات الموثوقة في ما يتعلق بالصحة العامة وقدم اعتمادات إعلانية مجانية للمنظمات الصحية.

بيد أن البحث السريع على موقع “فايسبوك” يُبين العقبات التي تقيد هذه الإجراءات.

إذ إن أشهر مجموعتين معنيتين بأخبار فيروس كورونا الجديد على “فايسبوك”، هما مجموعتان خاصتان، يتطلب الانضمام إليهما موافقة المشرف أولاً، وتعجان بمقاطع فيديو لم يتم التحقق من صحتها، ونظريات المؤامرة، والذعر العام.

فبمجرد انضمامك إلى إحدى هذه المجموعات، ربما يتم الترحيب بك من خلال منشور يطرح سؤالاً من قبيل: هل صحيح أن الولايات المتحدة طورت فيروس كورونا الجديد لتدمير الاقتصاد الصيني؟ والتعليق الذي حصل على أكبر عدد من تسجيلات الإعجاب أو الردود مكتوب فيه: “صحيح” (لم يستجب “فايسبوك” لطلب التعليق).

أما موقع “ريديت”، فظهرت عليه مجتمعات مكرسة فقط لفيروس كورونا الجديد، وتباينت النتائج التي يحتويها الموقع.

تتبنى المواقع الصينية نهجاً مماثلاً لنظيراتها الغربية. إذ تُظهر عمليات البحث عن “فيروس كورونا” في موقع “بايدو” (Baidu)، محرك البحث الأكثر استخداماً في البلاد، المعلومات الصحية والإحصاءات الرسمية، وغير ذلك من المقتطفات الإخبارية، في حين يتضمن الشعار الرئيسي للموقع رابطاً لصفحة مركزية حول هذا الموضوع. (ومن الجدير بالذكر، أن موقع بايدو تسبب في الماضي في إثارة الكثير من اللغط بسبب ترويجه لمعلومات صحية مشبوهة). الكثير من المواقع عقدت شراكات مع موقع “دينشيانغ يوان” (Dingxiang Yuan)، وهو موقع إلكتروني معنيّ بالمعلومات الطبية، ومعروف بصدقيته، ووصل عدد مرات زيارة صفحة الموقع المخصصة لتعقب حالات الإصابة بالفيروس إلى 1.3 مليار زيارة.

بطبيعة الحال، لا يوجد خيار أمام المواقع الصينية سوى حذف المعلومات التي يفترض أنها خاطئة، حتى وإن كانت مجرد قصص ومقالات لا تعجب الحكومة. ومع تخصيص نحو ثلث مجموع العاملين لفرض رقابة ذاتية على المحتوى حتى في الأوقات العادية، تعد إزالة المقالات والروابط من الأمور المسلم بها عموماً. مع هذا، نجحت بعض القصص المخزية في الإفلات من هذه الرقابة، مثل وفاة طفل مصاب بالشلل الدماغي بسبب الحجر الصحي، وشهدت أيضاً مزاعم تدعمها الدولة اعتراضات ملحوظة وناجحة. إلا أن مجموعات الصينيين في الخارج على بعض التطبيقات غير المراقبة مثل “واتساب” تعج بالمزاعم المبالغ فيها حول مدى تفشي الفيروس.

يثير هذا الأمر قضية شائكة بالنسبة إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي الغربية، ألا وهي التصدي للمعلومات المضللة المكتوبة بلغات أخرى غير اللغة الإنكليزية. على سبيل المثال، لا يعرض البحث عن فيروس كورونا على محرك “غوغل” بلغات غير الإنكليزية معلومات إضافية في أغلب الأحيان. ولدى موقع “فايسبوك” تحديداً سجل حافل من التعامل بشكل سيئ مع طائفة متنوعة من البلدان التي يهيمن عليها الموقع، بينما واجه “واتساب” مشكلات كبرى تتعلق بانتشار شائعات خطيرة عبر التطبيق في الهند وبلدان أخرى. وتشهد بلدان مثل ماليزيا والفليبين وإندونيسيا فيضاً من المعلومات المغلوطة حول الفيروس، تحرض معظمها على كراهية المواطنين ذوي الأصول الصينية أو الزائرين.

تظهر إحدى نظريات المؤامرة الخبيثة على وجه التحديد مدى صعوبة وقف تدفق الأخبار المزيفة، بأي لغة كانت.

في 31 كانون الثاني/ يناير، نشر باحثون من كلية كوسوما للعلوم الحيوية التابعة للمعهد الهندي للتكنولوجيا في دلهي ورقة بحثية تشير إلى “تماثل غريب” بين سلاسل معينة من البروتينات التي وجدت في فيروس كورونا وتلك الموجودة في فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز). تشرح الورقة البحثية بوضوحٍ أن “تبادل المواد الجينية بين الفيروسات أمر لا يخفى على أحد”. وأكد اكتشافهم الأولي “ضرورة البحث في العلاقات بين عائلات الفيروسات التي تبدو غير متصلة ظاهرياً”.

استخدم عملاق التواصل الاجتماعي، “فايسبوك”، أدوات فحص الحقائق الخاصة به لتقييم المعلومات التي تتم مشاركتها على صفحة “آخر الأخبار”.

كان التقرير تمهيدياً، وهو ما يعني أنه لم يخضع لمراجعة الأقران. وأضاف الموقع الأرشيفي العلمي “بيوركسيف”، الذي نُشرت الورقة البحثية عليه، إعلان إخلاء مسؤولية محذراً من أنه “لا ينبغي اعتبار الورقة نهائية، أو استخدامها دليلاً لممارسة إكلينيكي أو صحي، أو الإشارة إلى المعلومات الواردة فيها في وسائل الإعلام باعتبارها حقائق مؤكدة”.

وفي اليوم الذي نشر فيه البحث على الإنترنت، شاركه المؤلف وكاتب العمود الهندي أناند رانغاناثان، الذي كتب في تغريدة أن معدي الورقة البحثية “يلمحون إلى احتمال أن يكون الفيروس الصيني قد طور”. في وقت لاحق من هذا اليوم، بعد التثبت من المعلومات من الباحثين، اختار مسح التغريدة. لكن تغريدة رانغاناثان الأصلية كات ساهمت بالفعل في انتشار الدراسة الهامشية على الإنترنت.

بل وحتى تم سحب الورقة البحثية في ظل مخاوف من أساسها العلمي. لكنها مع ذلك لا تزال موجودة على موقع “بيوركسيف”، وانتشرت على نطاق واسع.

وأفادت شركة “كرودتنغل” (CrowdTangle) المتخصصة في تحليل محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، أن الدراسة قد تم مشاركتها آلاف المرات على مواقع “فايسبوك” و”تويتر” و”ريديت” و”إنستغرام” بطائفة مختلفة من اللغات. ولا يزال عدد كبير من المشاركات الأكثر رواجاً موجوداً على الإنترنت، باستثناء موقع “ريديت”، حيث حُذف الرابط مع إضافة إعلان إخلاء مسؤولية على المنشور، يحذر من أن المعلومات الواردة أتت من مصدر غير مؤكد.

مع ذلك، شهدت الورقة البحثية الأولية تلك انتعاشاً ورواجاً على موقع “زيرو هيدج” المعروف بترويجه لِدعاية روسية. ففي يوم السبت، نشر مدير الموقع الذي يكتب تحت اسم مستعار هو تايلر دردن (وهي هوية لمجموعة من الأشخاص، أحدهم هو المستثمر المصرفي السابق دانيال إيفاندجيسكي، وفقاً لوكالة بلومبيرغ) رابطاً للدراسة، مع افتراض أن فيروس كورونا “قد يكون طُور جينياً لاستخدامه كسلاح، وهو ليس كأي سلاح وإنما السلاح الأكثر فتكاً على الإطلاق”. (تم تحديث المنشور مع الإقرار بأن الورقة البحثية سحبت، على رغم مواصلة الموقع الدفع بنظرية المؤامرة). ثم أتى منشور يزعم الكشف عن هوية الباحث الصيني المسؤول عن تطوير الفيروس.

سجلت منشورات موقع “زيرو هيدج” ما يزيد عن 15 ألف مشاركة على موقع “فايسبوك”، وتمت مشاركتها بكثافة على المجموعتين الخاصتين الأكثر شعبية المخصصتين لمتابعة أخبار الفيروس. أما على “تويتر”، فتم حظر المقالات الخاصة بموقع “زيرو هيدج” من قبل المنصة، لكن ذلك لم يحول دون مشاركة المقالات لآلاف المرات، من بينها مشاركة من قبل مذيع محطة “إنفو وورز” الإذاعية ديفيد نايت. (تم حظر “إنفو وورز” من قبل المنصة أيضاً). وتمت أيضاً مشاركة منشورات موقع “زيرو هيدج”، وإن لم يكن على نطاق واسع، على موقعي “ريديت” و”إنستغرام”.

يوضح هذا الانتشار الأخير للأخبار الكاذبة مدى صعوبة محاولات التصدي للمعلومات المغلوطة على الإنترنت، لكنه يُظهر أيضاً أن ثمة استراتيجيات معينة أكثر فعالية من غيرها. ولا يزال “فايسبوك” هو المرتع الأكثر خصوبة لانتشار نظريات المؤامرة والمعلومات الخاطئة، لكن “تويتر” لا يزال هو الحاضن الرئيسي لنظريات المؤامرة الوليدة. 

هذا المقال مترجم عن الرابط التالي.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.