fbpx

“كورونا” والمخيمات: لماذا على اللبنانيين واللاجئين التعاون؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُعامل الحكومة الفلسطينيين بطريقة مختلفة عن المواطنين اللبنانيين، إذ تعتبرهم مجرد أشخاص هامشيين، ويشكّلون عبئاً وتهديداً، على رغم أن الفايروس نفسه لا يعرف مثل هذا التمييز.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بذل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان كل ما في طاقتهم لمنع انتشار الفايروس في المخيمات، بيد أن الأشخاص العاديين لا يستطيعون فعل الكثير في غياب الدعم المنظم الذي تقوده الدولة. تُعامل الحكومة الفلسطينيين بطريقة مختلفة عن المواطنين اللبنانيين، إذ تعتبرهم مجرد أشخاص هامشيين، ويشكّلون عبئاً وتهديداً، على رغم أن الفايروس نفسه لا يعرف مثل هذا التمييز. وعلى هذا، فإن الخوف الذي يشاطره اللبنانيون والفلسطينيون من تفشي مرض “كوفيد-19″، والذي من شأنه أن يدمّر المخيمات وينتشر خارجها، بات احتمال حدوثه أكبر في غياب استجابة موحدة ومتسقة.

لعل آخر ما يحتاج إليه أي شخص في لبنان، فضلاً عن اللاجئين هو ظهور أزمة صحية عامة. ففي الوقت الذي سجلت فيه لبنان أول حالات الإصابة بمرض كوفيد-19، لم يجلس المقيمون الفلسطينيون مكتوفي الأيدي في انتظار المساعدة. فقد بدأت “جمعية الشفاء للخدمات الطبية والإنسانية” في مخيم شاتيلا بعد أيام توزيع آلاف الكمامات، وفحص درجات الحرارة في المدارس، ورش المطهرات في مختلف أنحاء المخيم. كما بُذلت جهود مماثلة في المخيمات وأماكن التجمعات في جميع أنحاء لبنان، إضافة إلى حملات التوعية حول النظافة الشخصية، والتباعد الاجتماعي وتجنب التواصل الجسدي، والبقاء في المنزل.

لم تقتصر هذه الجهود، التي غفل عنها لبنانيون كثيرون، على الفلسطينيين فقط. فقد عملت منظمات المجتمع المدني اللبنانية بلا كلل للتصدي لهذه الأزمة الأخيرة. قال فلسطيني يقيم في مخيم الرشيدية للاجئين، “لأننا نعيش جميعاً على الأرض ذاتها، فثمة أشياء كثيرة توحدنا”. مضيفاً “كلنا متأثرون بما يحدث في هذا البلد، ولا نثق في النظام لحمايتنا بالقدر الكافي”. ففي حين ينتاب اللبنانيون القلق من الدولة، يبدو أن الوضع بالنسبة إلى الفلسطينيين أكثر مدعاةً للقلق.

فقد أظهر المقيمون في المخيمات قدراً كبيراً من البراعة والمبادرة، وذلك لأسباب كثيرة، أقلها أنهم لطالما اضطروا إلى سد الثغرات التي خلفتها القيادة الفلسطينية الضعيفة، والخدمات الأساسية الرديئة، والدولة المضيفة التي تمارس التمييز ضدهم بطرائق شتى، على غرار منعهم من ممارسة الكثير من الأعمال المتخصصة المحترفة، ورفض منحهم مزايا الضمان الاجتماعي الوطني، وحرمانهم من حقوق الملكية. وعلاوة على هذه المعوقات الهيكلية، اضطر الفلسطينيون في السنوات الأخيرة إلى التكيف مع تدفق اللاجئين من سوريا، الأمر الذي زاد من كثافة المخيمات المكتظة بالفعل، بينما تحولت برامج المساعدات إلى سكان آخرين بحاجة إليها.

أصبحت تدابير الحجر في المخيمات ارتجالية، مع ترك مسؤولية تأمين الأحياء الفلسطينية لسكانها أنفسهم.

في هذه الأثناء، واجهت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، نقصاً في التمويل، وهي تعاني الآن من عجز يتجاوز 50 مليون دولار. فضلاً عن أن الانهيار الاقتصادي في لبنان كان سبباً في تفاقم الأوضاع، فاضطرت شركات صغيرة كثيرة إلى إغلاق أبوابها، وتعطيل مشاريع البناء التي اعتمد عليها الكثير من الفلسطينيين من أصحاب العمالة غير المنتظمة، وتفاقم معدّل البطالة الذي خرج عن زمام السيطرة بالفعل. أما برنامج شبكة الأمن الاجتماعي التابع لمنظمة الأونروا، الذي يُقدم للمعدومين من الفقراء 130 دولاراً سنوياً فقط، توزع بالليرة اللبنانية، فقد تقلص لأقل من نصف قيمته السابقة تقريباً.

على رغم الصعوبات المالية التي تواجهها “الأونروا”، لا تزال تكاليف اختبار اللاجئين الفلسطينيين وعلاجهم تقع على عاتقها، وبدعمٍ من السفارة الفلسطينية. فإضافةً إلى وضع بروتوكولات الاستجابة في المخيمات، تجهز “الأونروا” أيضاً مركزاً للحجر الصحي لاستقبال المرضى الذين ينتظرون نتائج اختباراتهم أو من كانت نتائجهم إيجابية ولا تستدعي حالاتهم الدخول إلى المستشفى. لكن ما زال التحرك في هذا الاتجاه بطيئاً، وفي حال تفشى الوباء فلن يكون مركز واحد للحجر الصحي كافياً.

وعلى رغم تعهد الحكومة بحصول جميع الأجانب على فرص متكافئة للاختبار والعلاج في المستشفيات العامة، فإن الوفاء بمثل هذا الوعد يستلزم زيادة الطاقة الاستيعابية الحالية بدرجة كبيرة. وقد بدأت الاستثناءات تظهر بالفعل مع انتشار تقارير تشير إلى عدم السماح بدخول العمال المهاجرين غير المسجلين إلى المستشفيات العامة ووفاة امرأة سورية في إحدى الحالات بمرض غير معلوم بعد رفض الكثير من المستشفيات في شمال لبنان استقبالها.

في الوقت نفسه، أصبحت تدابير الحجر في المخيمات ارتجالية، مع ترك مسؤولية تأمين الأحياء الفلسطينية لسكانها أنفسهم، وتكون عملية تطبيق الإغلاق التام غير مكتملة بالضرورة في أحسن الأحوال، بخاصة في المناطق المكتظة حيث تعيش أسر كاملة متكدسة تحت سقف واحد. وتُفاقم الضغوط الاقتصادية الأوضاع، إذ يعني البقاء في المنزل التضور جوعاً لبعض الفلسطينيين.

لخص أحد العاملين في “الأونروا” المأزق قائلاً، “قالوا لنا: تخافون من موتنا بسبب كورونا، لكننا سنموت جوعاً أولاً”. صحيح أن شبكات التضامن بدأت المساهمة، لكن لا يسعها تعويض الخسائر بالكامل. يسأل مدير إحدى المؤسسات الفلسطينية غير الحكومية في مخيم البداوي، “يتبرع من لديهم دخل إضافي بما يقدرون عليه، لكن إلى متى سيواصلون القيام بذلك؟ حتى الأصدقاء والأقارب في الخارج الذين يرسلون الحوالات عادة، يعانون من مشكلاتهم الخاصة حالياً”.

“قالوا لنا: تخافون من موتنا بسبب كورونا، لكننا سنموت جوعاً أولاً”.

في نهاية المطاف يعتبر العزل رفاهية. فمع تفاقم أوضاعهم، خرق الكثير من الفلسطينيين الحجر بالفعل وعادوا إلى العمل. وبالنظر إلى مستويات الفقر والبطالة المرتفعة، على الحكومة زيادة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات أو توفير شبكة آمنة للمحتاجين، لأن التضحية بالفقراء لن تساهم إطلاقاً في احتواء انتشار الوباء. مع ذلك بدأ كثر من السياسيين إشاعة الخوف: فقد دعا سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، الحكومة إلى إعلان تدابير ضد المخيمات الفلسطينية (التي تأوي الكثير من اللبنانيين أيضاً)، تتمثل في إغلاق المخيمات ورفض السماح لأيٍّ كان بالدخول أو الخروج منها. لا تعد مثل هذه التصريحات عنصرية فحسب بل وتأتي بنتائج عكسية أيضاً، مع إمكان إخفاء المقيمين في المخيمات أعراض مرضهم خوفاً من الانتقام من مجتمعهم بأكمله وليس منهم وحدهم فحسب.

 بدلاً من إثارة المخاوف والتوترات الطائفية، على الحكومة اللبنانية التأكد من أن المستشفيات لديها القدرة على استيعاب من يتوافدون إليها ومن بينهم الفلسطينيون. الطريقة الوحيدة لاحتواء مرضٍ لا حدود له مثل كوفيد-19، تتمثل في اتباع نهج موحد ودقيق ومنهجي، نهج غير عنصري، مثله مثل الفايروس. 

هذا الموضوع مترجم عن synaps.network ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.