fbpx

إعلام البطاطا والمجلس المعقّم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نزداد قلقاً كلّما زاد سعر الدولار ونقصت قيمة ما نملكه، فمعرفة سعر كيلو البندورة أو كيلو البطاطا أهمّ بالنسبة إلينا من الإجراءات المتّخذة لحماية نواب ما عادوا يمثّلوننا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا نعرف من أوعز إلى وسائل إعلام لبنانية بارزة أن اللبنانيين قد يهمّهم أن يعرفوا ماهية الإجراءات الوقائية المتخذة لعقد الجلسة التشريعية، لمجلس نيابي متهم بالفشل والفساد والعجز. لا نعرف إن كان عدد الأمتار بين طاولة وأخرى أو بين نائب وآخر، قد يغيّر شيئاً في واقع الدولار الذي في طريقه إلى السماء.
لا نعرف ما العبرة من التقارير والمعلّقات التي تتساقط علينا حول العمل والجهود والنشاط والحيوية في قصر اليونيسكو، حيث ستعقد الجلسة في قاعة واسعة لحفظ مسافات الأمان بين نائب وآخر.

 نحن لم نطمئنّ، ما زالت أموالنا منهوبة وقطاعاتنا مفلسة، وأنظمتنا الصحية والمالية والمعيشية ما فتئت متهالكة. ووسط المصائب كلّها، يجد بعض الإعلام نفسه مسؤولاً عن تفخيم ما تقوم به السلطة الفاشلة هذه، وإن بدا ذلك مبتذلاً، أو في أحسن الأحوال من دون جدوى


لا نعرف ما الرسالة الإعلامية التي تريد هذه التقارير إيصالها لمواطن عاجز عن دفع إيجار بيته، فيما يؤكد المراسل الميداني أن النواب سيكونون بأمان ولن يصابوا بـ”كورونا” وأنهم لن يموتوا. لا نعرف ماذا قد تعني الإجراءات الوقائية لمواطن يعيش مع عائلته في غرفة واحدة وهو غير قادر حتى على حجر نفسه في حال أصيب بـ”كورونا”، أو ماذا تستفيد مواطنة أصبحت بلا عمل، من معرفتها بأنّ لون شراشف الطاولات سيكون نبيذياً مثلاً. ولا نعرف ماذا يغيّر في معادلات بؤسنا أن يخضع الإعلاميون والنواب على السواء لفحص الحرارة قبل الدخول إلى الجلسة. هل يُقال ذلك كلّه بداعي طمأنتنا مثلاً؟ 

حسناً نحن لم نطمئنّ، ما زالت أموالنا منهوبة وقطاعاتنا مفلسة، وأنظمتنا الصحية والمالية والمعيشية ما فتئت متهالكة. ووسط المصائب كلّها، يجد بعض الإعلام نفسه مسؤولاً عن تفخيم ما تقوم به السلطة الفاشلة هذه، وإن بدا ذلك مبتذلاً، أو في أحسن الأحوال من دون جدوى. 

وهكذا بصورة أبطال “بوكيمون” الذين لا يهابون الصعاب، ويحاربون الشرّ المتمثّل الآن بفايروس “كورونا”، سيدخل نوابنا قصر اليونيسكو وسيبقون هناك ثلاثة أيام متواصلة من أجلنا ومن أجل إقرار قوانين لنا ولأولادنا. وعلى رغم “العذاب” والتعقيدات الوقائية إلا أنهم سيضحّون من أجلنا وسيعرّضون أنفسهم للخطر لتسيير حياتنا. يشعر الواحد وهو يقرأ ويسمع عن الإجراءات الوقائية بأن عليه التصفيق وتقديم لائحة شكر طويلة لكل من ساهم بتحقيق هذا الإنجاز الرائع.

فيما يقبع الجميع في منازلهم ويعانون من البطالة والفقر والعوز، وفيما تلوّح المصارف بورقة ودائعنا، كأنها باتت ملكاً لها، وبعد مضي شهرين على أزمة “كورونا”، يدخل النواب إلى اليونيسكو بأمان وسلام لمناقشة قضية الـ400 ألف ليرة التي كان يفترض أن توزّع على العائلات منذ بداية الحجر. يدخلون بكمامات أصليّة غالية الثمن، وقفازات قوية لا تتمزّق، مدفوع ثمنها من جيوبنا، ويتمشون في قاعة معقّمة على حسابنا، ويشربون ويأكلون على حسابنا. أمّا نحن فنشتري الكمامة بـ15 ألف ليرة من جيوبنا أيضاً، وننتبه لقفازاتنا حتى لا تتمزّق فربّما لن نحصل على سواها، نحاول التوفير في مصروفنا والتحايل على ما نملكه من أموال حتى يصمد معنا لأطول فترة ممكنة. هذا فيما لا تتكبّد مراسلة نشيطة عناء سؤال نفسها عن جدوى تقريرها في أرجاء اليونيسكو، في زمن لا يصلح فيه إلا التصويب على الأخطاء المرتكبة بحق المواطنين، وليس تلميع صورة نواب وتصويرهم كأبطال. 

تبدو مراسلة إحدى القنوات مرهقة جداً وهي تشرح لنا بصوتها المزعج أنّ الإجراءات مشدّدة في اليونيسكو وأن المسافة بين الطاولات مطابقة للمواصفات، وأن ليس علينا أن نقلق. حسناً يا عزيزتي، ما زلنا قلقين… لا بل أننا نزداد قلقاً كلّما زاد سعر الدولار ونقصت قيمة ما نملكه. ومهما بدا الأمر كليشيه، لكن معرفة سعر كيلو البندورة أو كيلو البطاطا أهمّ بالنسبة إلينا من الإجراءات المتّخذة لحماية نواب ما عادوا يمثّلوننا.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.