fbpx

حملة موسكو لاستغلال فايروس “كورونا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نشرت وسائل الإعلام روسيا اليوم و”سبوتنيك” التابعة للحكومة أن غسل اليدين غير فعال في القضاء على “كورونا”. كما روجت بعض المواقع الممولة من الحكومة علاجات وهمية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فيما تنتشر جائحة “كورونا”، يبدو أن روسيا تتبع القول المأثور إنه لا ينبغي لك أبداً أن تدع أزمة جيدة تذهب هباءً.

نزع الكرملين في إطار سعيه إلى استغلال الفوضى وتعزيز قوته الناعمة، إلى الاحتذاء بمثال بكين، وبدأ يغدق الحب على الدول المنكوبة، من خلال تقديم المساعدات الطبية، كما عمل على تكثيف جهوده لبث الدعاية وزرع بذور الفتنة ونشر المعلومات الكاذبة على وسائل الإعلام الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي.

تزينت الإمدادات الطبية التي نُقلت جواً إلى إيطاليا في آذار/ مارس 2020، بشعار “من روسيا مع الحب”. بل إن الأمر الأكثر إثارةً للدهشة هو إرسال روسيا 122 خبيراً في الحرب الجرثومية، ضمن الطواقم الطبية، إلى إيطاليا.

وبدت مشاهد القافلة التي تألفت من 22 شاحنة عسكرية وهي تتجول في أنحاء إيطاليا كما لو كانت قوة احتلال، وكأنها انقلاب دعائي لموسكو التي استخدمت تلك الصور لترويج فكرة أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتّحاد الأوروبيّ قد تخليا عن إيطاليا في وقت الحاجة، في الرأي العام الروسي. وصرحت قناة “روسيا 1” التلفزيونية التابعة للدولة بتفاخر بأن “القافلة الروسية تنقلت عبر طرق الناتو”.

إضافةً إلى ذلك، عُرض مقطع فيديو لرجل إيطالي يُنكّس علم الاتحاد الأوروبي ويستبدله بالعلم الروسي، مع لافتة كُتب عليها “شكراً بوتين” مراراً وتكراراً على التلفزيون الروسي، بغض النظر عن أن وسائل الإعلام الإيطالية ذكرت لاحقاً أن أشخاصاً تلقوا مبالغ قدرها 200 يورو مقابل تصوير رسائل الامتنان.

بعيداً من إيطاليا، أرسلت روسيا أيضاً مساعدات إلى الدول الأشد تضرراً التي تقع في نطاق نفوذها، مثل صربيا وبيلاروسيا، وباعت الإمدادات الطبية التي تمس الحاجة إليها للولايات المتحدة، وهو ما رحب به الرئيس دونالد ترامب.

دأبت روسيا على استخدام هذا الأسلوب، الذي يتوافق مع الجهود الأوسع نطاقاً والرامية إلى تقويض الثقة في النظام الليبرالي الغربي. بيد أن تلك الخطوات على مستوى العلاقات العامة تخدم أيضاً غرضاً آخر، وربما أكثر أهمية: ففي الداخل الروسي، يصرف هذا الأسلوب الانتباه عن الزيادة الهائلة في عدد حالات الإصابة بالفايروس، ويعزز التصورات المحلية حول حنكة الرئيس فلاديمير بوتين السياسية ونفوذه على الساحة الدولية.

يقول رافاييل ماركيتي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لويس في روما، تسعى روسيا من خلال إرسال المساعدات إلى الدول الأخرى، إلى إعادة ترسيم التسلسل الهرمي العالمي.

وأضاف: “في ما يتعلق بالقوة الناعمة، يؤدي إرسال المساعدات إلى ظهور تسلسل هرمي جديد. تبدو فيه الدولة التي تتلقى المساعدات ضعيفة وعاجزة عن مواجهة الأزمة”.

لجأ الكرملين أيضاً إلى أسلوب ناجع ومُجرَّب وهو بث البلبلة عبر الإنترنت. فقد ساهم نشر المواقع الإلكترونية الممولة من الكرملين أخباراً مضللة بشأن الفايروس في إضعاف ثقة الجمهور في الحكومات الغربية

ثمة روايات متضاربة حول السبب الذي دفع موسكو إلى القيام بتلك المهمة الإنسانية. فقد أبقت حركة النجوم الخمس، وهي واحدة من شركاء الائتلاف الحاكم في إيطاليا، على موقف ودي تجاه روسيا، وترى أن ذلك يتماشى مع موقفها المناهض للمؤسسة ورفضها تدخلات أصحاب المصالح القويّة التي يمثلها الاتّحاد الأوروبيّ والولايات المتّحدة. لذا حاولت الحركة إرجاع الفضل في تدفق المساعدات الروسيّة إليها، مُستشهدةً بعلاقة الصداقة الطويلة التي جمعتها مع روسيا.

والعجيب في الأمر أن “حزب البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف قال أيضاً إنه لعب دوراً في التوسط في الاتفاق، مُصرحاً بأن باولو غريمولدي، وهو أحد أعضاء البرلمان من “حزب رابطة الشمال” اليميني المؤيد للكرملين، تواصل مع الحزب الألماني.

تُعد الصداقة مع الكرملين قضية حساسة في إيطاليا، إذ يخضع حالياً “حزب رابطة الشمال” الذي يتزعمه ماتيو سالفيني للتحقيق بسبب اتهامه بقبول تمويل لحزبه من روسيا.

وحذر الحزب الراديكالي اليساري إيطاليا من أنها “معرضة لخطر الاستغلال من الأنظمة الاستبدادية، وأن المساعدات قد تكون بمثابة حصان طروادة يحمل الدمار وليس هدية لأهداف إنسانية”. في حين تمكنت عريضة على موقع الالتماسات change.org، تطالب بمعرفة كيف تم التوصل إلى الاتفاق، من حصد 15 ألف توقيع في وقت سابق من هذا الشهر.

القلق يخيم على أوروبا أيضاً

صرح الجنرال تود ولترز، القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، للصحافيين في أحد المؤتمرات الصحافية التي عُقدت راهناً، بأن “الناتو يُركز بشدة على مثل هذه الصفقات”، مُضيفاً أنه “يولي اهتماماً كبيراً بالنفوذ الروسي الخبيث… ونحن في الناتو متيقظون للغاية إزاء هذه الصفقات، ومستمرون في عمليات المراقبة إلى أقصى درجة ممكنة”.

ثمة شكوك تحوم حول القيمة الفعلية للمساعدات الروسية. إذ تتمتع المؤسسة العسكرية الإيطالية بقدرات ذات كفاءة عالية في ما يتعلق بعمليات الوقاية والتطهير. فقد تبرعت روسيا لإيطاليا بـ300 ألف كمامة طبية فقط، مقارنةً بمليوني كمامة طبية تبرعت بها فرنسا وألمانيا، فضلاً عن أن المستشفى الميداني في مدينة بيرغامو الإيطالية حيث تعمل الأطقم الطبية الروسية تبدو خاليةً بنسبة 80 في المئة.

وقال ديبلوماسي أوروبي متقاعد رفيع المستوى كان متمركزاً في الناتو، إن “روسيا لن تخسر شيئاً على الإطلاق”، مردفاً: “الضحايا الروس الذين يصابون بكورونا، سيحرمون نتيجة ذلك من العلاج، ولن يعرفوا السبب أبداً، إلا أن مثل هذه الممارسات تستهدف الشعور الإيطالي الذي يُمكن تفهمه بأنهم لا يرون قدراً كبيراً من التضامن من حلفائهم الأوروبيين أو الولايات المتحدة”.

في المقابل، أشارت تقارير إعلامية إيطاليّة، نقلاً عن مصادر عسكريّة، إلى أن الهدف الحقيقيّ من المهمة الإنسانية الروسية هو جمع المعلومات الاستخباراتية، غير أن المعلومات الوحيدة التي تمكنت روسيا من جمعها هي معلومات طبية على أفضل تقدير، وفقاً لما قاله ماركيتي، الأستاذ في جامعة لويس.

يضيف ماركيتي، “إنها فرصة لروسيا لتدريب أطبائها على مواجهة الوباء”. فضلاً عن أن احتمال حصول الأطباء الروس على أي معلومات استخباراتية عسكرية بعيد، إذ إن الروس لديهم قنوات أخرى للاستخبارات”.

يرى آخرون أن بوتين ربما يستهدف إيطاليا لأنها تُعد الحلقة الأضعف نحو تخفيف العقوبات الموقعة على روسيا منذ عام 2014، بعد ضمها شبه جزيرة القرم، لكن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي أوضح أن هذا لم يكن جزءاً من اتفاق المساعدات.

ويعلق الديبلوماسي المتقاعد قائلاً، “من المحتمل ألا تجني روسيا الكثير من بادرة حسن النيات تلك، قد ينطلي ذلك على بعض الإيطاليين، لكن بادرة مثل تلك ليس لها أثر كبير مقارنةً بالأدلة على طبيعة روسيا في ظل حكم بوتين. لا يزال الوقت مبكراً للغاية للقلق بشأن توجه إيطاليا نحو الشرق”.

فضلاً عن القوافل العسكرية التي أرسلتها روسيا، لجأ الكرملين أيضاً إلى أسلوب ناجع ومُجرَّب وهو بث البلبلة عبر الإنترنت. فقد ساهم نشر المواقع الإلكترونية الممولة من الكرملين أخباراً مضللة بشأن الفايروس في إضعاف ثقة الجمهور في الحكومات الغربية، ومن ثَم التأثير سلباً في فاعلية استجابة هذه الحكومات للفايروس.

هاجم الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأميركية -إن لم يكن البيت الأبيض نفسه- هذه الحملات الإلكترونية التي “تهدد الصحة العالمية بشكل مستهتر” على حد قول ليا غابرييل، المبعوثة الخاصة لدى مركز التواصل العالمي التابع لوزارة الخارجية الأميركية، نظراً إلى أن هذه المعلومات المضللة تحرض الأفراد على القيام بتصرفات تتعارض مع النصائح الجيدة التي تقدمها الحكومات والهيئات الصحية.

وحذر الأوروبيون أيضاً من خطر الحملات الروسية الإلكترونية المتعلقة بالفيروس. فقد صرح جوزيب بوريل، الديبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر صحافي قائلاً، “تعبث الأخبار المضللة بأرواح البشر، الأخبار المضللة قد تقتل”.

وفقاً للدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، ذراع الاتحاد الأوروبي المعنية بالسياسة الخارجية، هناك أكثر من 100 حالة من المعلومات المضللة التابعة للكرملين بشأن “كورونا” بين شهري كانون الثاني/ يناير وآذار. وفي تقرير جديد، صرحت القيادة الإستراتيجية الأميركية بأن “المصادر الرسمية ووسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية وقنوات التواصل الاجتماعي تدير حملة منظمة”، لنشر معلومات خاطئة متعلقة بالصحة “يمكن أن تؤثر مباشرةً في الصحة والأمن العام”.

نشرت وسائل الإعلام روسيا اليوم و”سبوتنيك” التابعة للحكومة أن غسل اليدين غير فعال في القضاء على “كورونا”. كما روجت بعض المواقع الممولة من الحكومة علاجات وهمية مثل المحلول الملحي وفيتامين سي والزنك. ونشرت إحدى وكالات الأنباء الروسية خبراً كاذباً يفيد بأن رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون وُضع على جهاز تنفس اصطناعي. وأدت المعلومات المضللة بشأن “كورونا” بالفعل إلى أعمال شغب في أوكرانيا وهجمات إحراق شبكات الجيل الخامس 5G في المملكة المتحدة.

قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن روسيا “تنتابها الحيرة” إزاء الاتهامات الموجهة لها بأنها تضلل الجمهور، وقالت في مؤتمر صحافي افتراضي، إن الدول الغربية “تستغل كورونا باستخفاف لمهاجمة روسيا”.

في حين تُحمِّل وزارة الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي الكرملين مسؤولية القيام بحملة تضليل منظمة، إلا أن “الواقع أكثر تعقيداً من ذلك” على حد قول ناتاليا كرابيفا، التابعة لمنظمة “أكسس ناو” المعنية بالدفاع عن الحقوق الرقمية. “فضلاً عن القنوات والمواقع التابعة للدولة، هناك المتصيدون والمواطنون العاديون الذين يُحتمل تأثرهم بالمعلومات المضللة. لا يقتصر هذا النظام على وسيلة واحدة للتعبير”.

على المدى البعيد، قد تسفر هذه المساعي عن نتائج عكسية، فالمعلومات المضللة ذاتها التي تساعد الكرملين على دعم سياساته، تسبب البلبلة أيضاً داخل روسيا وقد تؤدي إلى تفاقم الوضع وتفشي الوباء في روسيا.

ووفقاً لكرابيفا، تستهدف معظم المعلومات الروسية المضللة الجمهور المحلي. وقبيل الاقتراع على التعديلات الدستورية التي تتيح لبوتين البقاء في السلطة لفترتين رئاسيتين إضافيتين، قالت مواقع روسية إن الفايروس ليس إلا خدعة ولا يؤثر في روسيا.

تقول كرابيفا، “أرادت الحكومة أن تضمن الدعم الشعبي للاقتراع وألا يصرف شيء الشعب عن الاقتراع أو يثير خوفه”.

أُجل الاقتراع منذ ذلك الحين نتيجة ارتفاع عدد الإصابات في روسيا. والنتيجة هي ارتباك شديد بين الشعب، بخاصة على المستوى الإقليمي بشأن مدى خطورة الأزمة الصحية الراهنة. “نحن الآن نعاني بسبب المعلومات المضللة التي نشرناها نحن. لا يثق الناس في الحكومة، بأنهم يعتقدون أن الفايروس خدعة”.

صحح الكرملين في وقت متأخر بعض المعلومات الزائفة وحاول التخفيف من حالة الفوضى والارتباك. وفي حين يواصل الفايروس إحكام قبضته على البلاد، تخاطر روسيا بأن تكون ضحية لمساعيها إلى التضليل. وكما تقول كرابيفا: “الشعب الروسي هو أكثر من سيعاني”.

هذا المقال مترجم عن politico.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.