fbpx

مقتل علي العساني.. رصاصة تركية في الصدر للوقاية من “كورونا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“إما أن تعطيني بطاقتك الشخصية أو أطلق عليك النار، فرد ابني لا يوجد معي بطاقة، وما كان من الشرطي إلا وأن قام بإطلاق النار على صدر ابني ليرديه قتيلاً”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في منتصف يوم الإثنين الماضي، بدأت تتردّد معلومات من جنوب تركيا، مفادها أن عنصرًا في الشرطة التركية (بوليس) أطلق النار على يافع سوري في ولاية أضنة بسبب مخالفته لإجراءات “حظر التجوّل” في البلاد، والمفروضة منذ أكثر من شهر على من هم دون العشرين وفوق 65 عامًا، وذلك بموجب الإجراءات الاحترازية للتصدّي لفيروس “كورونا”.

استقرّت الرصاصة في صدر اليافع الذي يُدعى علي العساني وعمره 19 عامًا، بعد دقائق قليلة وصلت سيارة إسعاف ونقلته إلى المستشفى ولكن لم يفلح الأطباء بفعل أي شي لأن الرصاصة كانت قد استقرّت في صدره وقضت عليه.

بعد دقائق قليلة، نُشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر محاولة إسعاف علي وقد فقد وعيه تمامًا.

روايتان مختلفتان

منذ انتشار خبر مقتل الشاب السوري، خرجت وسائل إعلام تركية ومسؤولون أتراك وحاولوا تهدئة غضب عائلة الشاب، وعموم اللاجئين السوريين في تركيا متوعّدين بأن الشرطي ستتم محاسبته.

الرواية التركية الصادرة عن وزارة الداخلية التركية، أفادت أن “الحادثة تمت وفق اتباع إجراءات التفتيش ودون علم مسبق بهوية أو جنسية الشاب، حيث طلبت الشرطة من الشاب التوقف والامتثال لأوامر التفتيش، لكنه لم يمتثل بعد الطلب منه عدة مرات، فقامت بإطلاق رصاصة تحذيرية، لكن الشاب لم يتوقف، فتم إطلاق النار عليه بشكل مباشر”، وذلك حسبما أشارت “اللجنة السورية التركية المشتركة” في بيانٍ لها قبل بعد ساعات من وقوع الحادثة.

ولكن بالمقابل ثمّة رواية أخرى، صدرت عن أحد المقرّبين من الشاب الضحية، حيث يوضّح أحد أصدقائه الذين كانوا معه قبل اندلاع الحادثة، بأن علي كسر بالفعل حظر التجوال وخرج مع مجموعة من أصدقائه، ولكن خلال سيرهم أوقفتهم دورية تابعة للشرطة التركية وطلبت منهم هوياتهم الشخصية.

وأضاف الشاب الذي رفض الكشف عن اسمه، أن الشرطي رفع السلاح في وجه علي مطالبًا إياه بإبراز بطاقته الشخصية فأخبره علي أنّه لا يملك وثائق، لكن الشرطي عاد لطلب البطاقة الشخصية مهدّدًا بإطلاق النار في حال لم يبرز علي بطاقته.

وأكّد أيَصا صديق علي، أن الأخير لم يهرب ولم يحاول الهرب أصلًا بل دار حديث بينه وبين الشرطي قبل أن يتم إطلاق النار عليه.

هذا الرواية تتدعّم مع ما قال والد الشاب المقتول عدنان العساني خلال حديثه مع “وكالة أنباء تركيا”، حيث أوضح أن ولده كان ذاهبًا برفقة أصدقائه عندما قبض عليه أفراد الشرطة طالبين منه إظهار بطاقته الشخصية”.

وأشار إلى أن ابنه حاول الرجوع للوراء خطوتين، وكان ينوي الفرار منهم خوفًا من تغريمه بمخالفة بسبب عدم التقيد بحظر التجول.

وأكد العساني، أن ابنه علي عندما شاهد أحد عناصر الأمن يرفع السلاح في وجهه توقف وقال للشرطي:” إنني لا أملك بطاقة شخصية، فرد الشرطي عليه قائلاً: إما أن تعطيني بطاقتك الشخصية أو أطلق عليك النار، فرد ابني لا يوجد معي بطاقة، وما كان من الشرطي إلا وأن قام بإطلاق النار على صدر ابني ليرديه قتيلاً”.

ولكنه في المقابل، دعا إلى “عدم استثمار هذه الحادثة لتحويلها إلى فتنة” وقال: “إننا يد واحدة والدماء لن تتحول إلى مياه فيما بيننا، وما حصل هو خطأ ومرتكبه تم فصله من وظيفته وتوقيفه، والمسؤولون هم من يتابعون الأمر، ولا نريد أن تكون تلك الحادثة مدخلا لإثارة الفتن”.

إفادة غير مقنعة من الشرطي

في صباح اليوم الثلاثاء، ،أعلنت السلطات التركية أنها احتجزت الشرطي الذي أطلق النار على الشاب السوري علي العساني في أضنة وأحالته للمحاكمة الجنائية بتهمة “القتل العمد” وذلك بعد فصله “مؤقّتًا” من سلك الشرطة ريما تتضح نتيجة التحقيقات والمحاكمة.

وفي أول إفادة له أمام القضاء، اعترف الضابط في الشرطة التركية الذي أطلق النار على الشاب علي العساني بعملية القتل لكنه أرجع السبب إلى “الإرهاق”.

وقال الضابط في شهادته: “إن يده لمست الزناد عن طريق الخطأ عندما كان يطارد الشاب العساني بسبب التعب والصيام”.

وأضاف: “لقد أنشأنا نقطة تفتيش عند تقاطع شارع أوبالر، ورأيتُ الشاب المتوفي عند الساعة 12:00 قادمًا نحونا مع شخص آخر، وكانوا متوترين قليلاً، ذهبنا إليهم، انصاع أحدهم إلينا، فيما فر الشاب المتوفي من المكان، وبدأت بالركض خلفه وحذرته عدة مرات عندما دخل إلى الأزقة”.

وأكمل الضابط التركي إفادته: “أخرجت مسدسي من خصري، ووضعت الرصاصة في بيت النار لأن المنطقة غير أمنة، وبدأت بالركض خلفه وكنت متعبًا جدًا، وسقطت على الأرض، وخلال سقوطي انطلقت الرصاصة من المسدس”.

وادعى أنه لم يكون ينوي إطلاق النار عليه، قائلًا: “لقد حاولت القبض عليه، حيث كانت المسافة بيننا 30 متراً، كنت سأطلق النار في الهواء، فهذه المرة الأولى التي يحدث معي ذلك خلال 26 عاماً من مسيرتي المهنية”.

غير أن إفادة الضابط تركت خلفها مجموعة كبيرة من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها، والتي من المفترض أن يجيب عنها الطب الشرعي، والذي قد يحدد ما إذا كان مسار الرصاصة كان موجّهًا أو تم إطلاق النار خلال سقوط الشرطي، فضلًا عن الكثير من التفاصيل غير العلمية وغير الواضحة التي وردت في شهادة الضابط.

جدل واسع

يعتبر مقتل الشاب علي من أكثر الحوادث التي شهدت جدًلا على مواقع التواصل الاجتماعي بين السوريين والأتراك أنفسهم، حيث أدّت في البداية إلى إعادة تصاعد الأصوات القومية العنصرية بين الأتراك والتي كانت خفتت منذ تفشّي فيروس “كورونا”، حيث استخدمت هذه المناسبة لتركّز على جزئية أن القتيل هرب من الشرطة ومن حق الأخيرة التعامل معه، دون التحقّق من صحّة هذه الرواية.

وبالمقابل، أطلق ناشطون أتراك على موقع تويتر وسمًا تحت اسم “أين قاتل علي؟” #AliyiÖldürenlerNerede ليحتل المرتبة الأولى على موقع تويتر في تركيا استنكروا خلالها حادثة القتل ودعوا إلى محاكمة الشرطي.

وتجاوز عدد التغريدات التي عاين معظمها “درج” 15 ألف تغريدة وصلت إلى 14 مليون مستخدم داخل تركيا، وتنوّع محتوى التغريدات، بين دعوات واسعة إلى الكشف عن هوية الضابط القاتل وتسليمه للقضاء أمام الرأي العام، وبين من حثّت على ضرورة محاكمة القاتل ولكن دون استخدام هذه الحادثة كذريعة للتصعيد والعنف بين الأتراك واللاجئين السوريين.

سورياً، شهدت حادثة مقتل الشاب جدلاً حاداً داخل أوساط السوريين الذين يحمل كثر منهم موقفاً ايجابياً من تركيا وقيادتها ورئيسها رجب طيب إردوغان على نحو جعل اصحاب هذا الموقف يبررون ما حصل بصفته “خطأ” محدود أو بأن هذه اجراءات دولة وعلى المقيمين احترامها معطين بُعدًا قانونيًا بالاستناد إلى الرواية التركية ومزاعم هروب الشاب من الشرطة بين الأزقة.

المنتقدون لهذا الموقف اتهموا غالبية الأصوات المبررة للـ”خطأ” التركي بأنها خرجت من أشخاص حاصلين على الجنسية التركية، أو أنّهم في إحدى مراحل الحصول عليها. 

الصوت الأكثر مرارة كان الصوت الذي يشعر بأن حياة السوريين باتت رخيصة، وأن من هرب من الموت في بلده يطارده الموت في أي مكان وتحت أي ذريعة.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.