fbpx

وزير داخلية لبنان يقتل شخصين… مباشرة على الهواء!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وزير داخلية في بلد عربي يعترف على الهواء مباشرة بقتل شخصين، من دون أن يترتب على ذلك شيء يستحق الذكر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كمن يقول في سياق حديثه: أكلت تفاحتين. أو شربت كأسيّ نبيذ. أو دخّنت سيجارتين، يُسرّ وزير داخلية لبنان محمد فهمي لمحاوره الإعلامي في قناة “المنار” عماد مرمل: “قتلت إثنين”. قالها وهو يرسم بقلمه على ورقة أمامه، كما لو أنه يجري حساباً سريعاً لدين قديم مترتب عليه لصاحب الدكان. لوهلة لم يصدق المحاور ما قاله ضيفه في معرض الحديث عن علاقته “الوجدانية” برئيس الجمهورية اللبنانية الجنرال ميشال عون. سأله باستغراب: “شو عملت؟”. فأجاب كمن يفخر بتسجيل هدفين في مباراة لكرة القدم: “قتلت إثنين”. هنا ساد صمت قصير جداً، قبل أن يكمل وزير داخليتنا القصة التي لم يُبْدِ أثناء سردها ايّ ندم على قتل إنسانين في معرض إشكال مع “حزب كبير” في العام 1981 على حد قول الوزير. قتل الوزير شخصين، ويبدو من كلامه انهما رجلين ينتميان إلى أحد الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحرب. وزير داخليتنا دخل في عراك شخصي مع أشخاص من “حزب قوي كثير”، فقتل رجلين، وبعد ان ارتكب جريمته هذه، استدعاه الجنرال ميشال عون إلى مكتبه، دائماً بحسب رواية الوزير، وقال له: “ليك يا محمد، طول ما فيي نَفَسْ ما حدا بيدقك بشوكة”. ماذا كانت ردّة فعل مرمل؟ صفّر بفمه تعبيراً عن إعجابه بموقف عون، مسقطاً عن سبق تصور وتصميم جريمة مشهودة أمامه، ليسأل ضيفه بسذاجة مستفزة: “عم تحكي هلق وجدانياً؟”، عانياً علاقة الوزير بعون، فيجيب الوزير: “انا انسان وفي، اللي عمله معي لا أنا ولا عيلتي رح ننساه، حماني من القتل”. 

تمرّ الحكاية مرور الكرام، فيما الناس مشغولون في لبنان بالقرار “الشجاع” للقاضي اللبناني الذي يمنع بموجبه السفيرة الأميركية من التصريح ويمنع وسائل الإعلام من نقل تصريحاتها. هذا نصر مبين على أميركا، فمن يهتم بجريمة حدثت قبل 40 عاماً؟ من يلتفت إلى شخصين قتلا مرتين، مرة بالرصاص ومرة بالاستخفاف الوقح؟

حدث ذلك في حلقة مباشرة على الهواء من برنامج سياسي حواري، مع محاور يفترض أنه “عتيق” في المهنة. حدث ببساطة كما تحدث امور كثيرة لا تستقيم على منطق في هذه البلاد المضطربة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وأخلاقياً. حدث ذلك تماماً كما يحدث ان يموت شخص ما برصاص طائش، بلا أدنى ذنب أو سبب. فقط لأن شخصاً آخر قرر أن يطلق النار إبتهاجاً أو غضباً في “الهواء”. الوزير أطلق النار على شخصين وأرداهما مباشرة على الهواء. صحيح أن الحادثة حصلت في العام 1981، لكن الوزير حينما أفصح عنها بهذه الطريقة الطائشة، كان كمن يلقّم مسدسه من جديد ويطلق النار عليهما، فيرديهما مجدداً، أمام عينيّ عماد مرمل. طلقتان سريعتان على الهواء مباشرة؛ يموتان، ولا يحدث شيء بعدها. يشهد الجريمة عماد مرمل ولا يحرك ساكناً. يسقطان كما لو انهما لم يكونا يوماً. مجرد رقمين. يسيل دمهما فلا يراه احد. يقتلهما كما لو انه يمحو رقمين من لائحة في سجل هاتفه الخلوي، أو يحذفهما كمن يحظر حسابين على فايسبوك أو تويتر. ويكمل الشرح. يكمل وزير الداخلية شرح علاقته “الوجدانية” برئيس الجمهورية، ولا يرفّ له جفن بعد إطلاق إعترافه. قتل إثنين، رقمين، قبل ما يقارب من أربعين عاماً، واليوم يخبرنا عن هذه الواقعة في سياق توكيد وجدانية علاقته بعون. لم يجد وزير داخليتنا شيئاً آخر يذكره بعلاقته الحميمة بعون سوى هذه الحادثة الدموية. 

وزير داخلية في بلد عربي يعترف على الهواء مباشرة بقتل شخصين، من دون ان يترتب على ذلك شيء يستحق الذكر. تمرّ الحكاية مرور الكرام، فيما الناس مشغولون في لبنان بالقرار “الشجاع” للقاضي اللبناني الذي يمنع بموجبه السفيرة الأميركية من التصريح ويمنع وسائل الإعلام من نقل تصريحاتها. هذا نصر مبين على أميركا، فمن يهتم بجريمة حدثت قبل أربعين عاماً؟ من يلتفت إلى شخصين قتلا مرتين، مرة بالرصاص ومرة بالاستخفاف الوقح؟ سقطت الجريمة الأولى بمرور الزمن على الغالب، وسقطت جريمة الإعتراف بها بهذه الطريقة الصلفة من دون اي تعبير عن الندم، بمرور “التراند” وانتهائها. أما الشخصان اللذان أرداهما “معالي” القاتل، فلهما أسمين، ولهما عينين، ولهما عائلتين وأصدقاء وأحباء وربما أبناء، من يدري. وعلى الغالب هؤلاء، أو بعضهم، سمع الوزير وهو يتحدث عن قتلهما كما لو كانا حشرتين بلا قيمة إنسانية تذكر. ثم انسحب، واغتسل من دمهما وهو يدندن أغنية عسكرية، ثم لبس ثيابه المرقّطة ولبّى نداء عون للقائه، وهناك سمع من رئيس جمهوريتنا تشجيعاً على فعلته، وتطميناً بأن العدالة غائبة، وأنه سينجو بحماية الجنرال، وسيصير يوماً ما، بعد حوالي أربعين عاماً، وزيراً للداخلية في حكومة “إنقاذ” تكنوقراطية!

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.