fbpx

محمد مخلوف :
الموظّف الذي أصبح إمبراطور المال الفاسد حين صاهره الأسد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

محمد مخلوف الأب وصل إلى درجة من النفوذ لم يمتلكها مسؤول في زمن حكم حافظ الأسد، إذ كان يدخل على حافظ، في أي وقت وفي أي مناسبة، كما يغري مسؤولي الدولة بهدايا باهظة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في أواخر ستينات القرن الماضي، كانت حياة شاب سوري يُدعى محمد مخلوف رتيبة. كان مجرد موظّف في الشركة السورية للطيران، يعيش حياةً بسيطةً كغيره من الموظّفين محدودي الدخل في سوريا.

ولكنَّ تطوّراً طرأ على الميدان السوري، قذف بهذا الموظّف البسيط نحو المجد، وجعله يخلق دولة اقتصادية موازية للدولة السورية، فصهره (زوج شقيقته) الضابط في الجيش السوري حافظ الأسد، انقلب على رفاق السلاح نور الدين الأتاسي وصلاح جديد، وتمكّن من الوصول إلى سدّة الحكم في سوريا، في ما يُعرف بـ”الحركة التصحيحة المباركة”.

كان وصول حافظ الأسد إلى السلطة، علامة فارقة في حياة محمد مخلوف، الذي تمكّن بحكم علاقته الوثيقة مع الأسد من التدرّج على إدارة المؤسّسات الحكومية السورية، ثم تكوين ثروة طائلة ليبدأ بناء إمبراطوريته الاقتصادية، التي ورّثها على حياته، لابنه رامي.

ونعى أفراد من العائلة، محمد مخلوف، على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن يحدّدوا أي ظروفٍ عن مقتله، ولكن مصادر من العاصمة دمشق أكّدت وفاته في مستشفى الأسد الجامعي في العاصمة السورية دمشق مرجّحةً أن يكون فايروس “كورونا” سبب الوفاة، إلّا أن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها.

وكتب رامي مخلوف أحد أبرز أبناء محمد مخلوف على “فايسبوك”: “ببالغ الحزن والأسى ودّعت والدي اليوم وحفاظاً على سلامة المعزّين المحبّين أهلنا لم نقم عزاء لظروف جائحة الكورونا”.

https://www.facebook.com/RamiMakhloufSY/photos/a.499210930181166/2840911882677714/?type=3&theater

بالعودة إلى حياة محمد مخلوف، فقد أصبح الرجل واحداً من أثرى أثرياء سوريا، بدأ يجمع ثروته بعد تقلّده أول منصبٍ حكومي، عقب استلام صهره الأسد الأب رئاسة سوريا، فهو شقيق أنيسة مخلوف، زوجة حافظ الأسد.

ولد مخلوف الأب عام 1932 في قرية بستان الباشا التابعة لمدينة جبلة على الساحل السوري، لأسرة متواضعة اقتصادياً، وتزوّج مخلوف من امرأتين، الأولى غادة مهنّا وأنجب منها المهندس رامي والعميد حافظ، والعقيد إياد وإيهاب، أما زوجته الثانية التي تزوّجها خلال فترة إقامته في روسيا فهي هلا الماغوط وأنجب منها طفلاً اسمه أحمد.

وتدرّج في المناصب منذ عام 1972 إذ ترك العمل كموظف في الخطوط الجوّية السورية، وأصبح بشكلٍ مفاجئ مديراً عاماً لمؤسسة التبغ السورية المعروفة باسم “معمل الريجي”. هناك استخدم مخلوف الأب شعار “حماية الاقتصاد الوطني” للسيطرة على الاستثمارات في مجال الأدخنة مع الشركات الأجنبية، إضافةً إلى احتكاره إدخال السجائر المهرّبة إلى سوريا.

في “معمل الريجي”، حصر مخلوف جميع وكالات شركات السجائر الأجنبية المصنعة باسمه بدل أن تكون مع مؤسسة التبغ، واحتكر بنفسه شراء خطوط الإنتاج للسجائر المحلية، إضافةً إلى تصدير التبغ الخام السوري المطلوب عالمياً إلى شركات أجنبية بأسعار أعلى من السعر الحقيقي، مقابل إجبار المزارعين على بيع منتجاتهم من التبغ المزروع بأسعار منخفضة، لزيادة الربح.

في تلك الحقبة، فرض مخلوف على التجار والوكلاء الحصريين للسجائر الأجنبية المصنعة دفع “عمولة مالية” له تشبه الأتاوة مقابل السماح لهم بالعمل، فرفضوا دفع هذه العمولة، ما دفع بمخلوف لإصدار قرار بوقف استيراد السجائر الأجنبية المصنّعة عبر الوكلاء والتجار، وحصرها بمؤسّسة التبغ (معمل الريجي) ومن هذا الباب فرض مخلوف عمولة على الشركات الأجنبية قيمتها 10 في المئة، مقابل كل كمية مستوردة.

جمع مخلوف كميات غير معروفة من الأموال، طيلة هذه السنوات

عام 1985، كانت أخبار مخلوف انتشرت في كافة أنحاء سوريا بسبب حجم الفساد الذي مارسه في مؤسسة التبغ، الأمر الذي دفع بحافظ الأسد حينها، لترقيته بدلاً من إبعاده من الحكم، إذ عيّن مخلوف مديراً للمصرف العقاري السوري الحكومي، هناك وجد مخلوف بيئةً أكثر خصوبة لبناء ثروته المالية، فبدأ تحويل الأموال إلى مصارف أوروبية باسمه الشخصي بدلاً من أن تكون باسم المصرف العقاري السوري، ليسيطر على هذه الأموال في وقتٍ لاحق.

وفقاً لمصادر “درج” فإن مخلوف فور استلامه إدارة المصرف العقاري وضع تسعيرة للقروض التي يمنحها المصرف بمقدار 15 في المئة، وعلى أساس هذه التسعيرة منح مخلوف قروضاً بمليارات الدولارات ليستفيد من هذه التسعيرة لمصلحته الشخصية، إضافةً إلى وضع نسبة 10 في المئة لتأخّر سداد القروض أو طلب تمديد مدّة القرض.

في مؤسسة التبغ، وبعدها المصرف العقاري، جمع مخلوف كميات غير معروفة من الأموال، طيلة هذه السنوات.

عام 1980 انتبه مخلوف إلى أهمّية النفط السوري حديث العهد والأموال الطائلة التي يضخّها، فانتقل للعمل في هذا المجال، إذ دخل شريكاً في “شركة الفرات للنفط” وهي شركة مهمّتها التنقيب عن النفط واستثمار حقوله توزّعت حصصها بواقع 65 في المئة للحكومة السورية و35 في المئة لتحالف من شركات أجنبية، ترأسها شركة شل الهولندية، التي تولّى محمد مخلوف وكالتها في سوريا.

في العام ذاته، أسّس محمد مخلوف شركة “ليدز” للنفط، ومقرّها في العاصمة السورية دمشق، وكان يملكها مناصفةً مع قريبه نزار أسعد، وسجّل مخلوف حصّته باسم شقيق زوجته غسان مهنا، الذي كان موظفاً سابقاً في شركة النفط والغاز السورية ودخلت هذه الشركة على خط الاستثمار في مجال النفط.

التحليلات التي خرجت بها وسائل الإعلام السورية المقرّبة من النظام، هي أنّه بعد وفاة أنيسة مخلوف والدة بشار الأسد عام 2016، ثم المرض الذي أصاب شقيقها محمد مخلوف، بدأت أسماء الأسد العمل على نقل أموال البلاد من عائلة مخلوف إلى أسرتها، كمحاولة لانتزاع النفوذ المالي منهم.

واصل محمد مخلوف توسيع امبراطوريته المالية حتّى عام 2000، في تلك الفترة توفّي حافظ الأسد وورث ابنه بشار الحكم عنه، فقام محمد مخلوف بتوريث ابنه رامي امبراطوريته المالية، ليُعاد السيناريو للتكرار من جديد، وتنتقل السلطة السياسية والاقتصادية في سوريا من حافظ الأسد ومحمد مخلوف إلى بشار الأسد ورامي مخلوف.

بمجرّد وصول الأسد الابن إلى السلطة، كان رامي مخلوف من أوائل زوار القصر الجمهوري لتوطيد العلاقات مع النظام الجديد لاستمرار في مسلسل نهب الاقتصاد السوري، تمكّن رامي من كسب ثقة بشّار، واحتكار تأسيس أول مشغل خليوي في سوريا “شركة سيريتيل”، كما استحوذ رامي على مزيدٍ من المشاريع السياحية والتكنولوجية وفرض شراكته على الشركات الأجنبية التي تريد العمل في سوريا، لتزداد ثروة عائلة مخلوف وتزدهر أكثر في عهد رامي.

وُصف مخلوف الابن بأنّه أكثر صرامة من والده، كان حريصاً على عدم الظهور إعلامياً، إضافةً إلى عمله المستمر في سحب أكبر كمية من الأموال من سوريا.

يتشارك محمد مخلوف وابنه رامي سمة الابتعاد من وسائل الإعلام، فهم قليلو الظهور إعلامياً وكذلك الأمر لا تتوفّر لهما الكثير من الصور واللقاءات عبر الإعلام أو الانترنت.

المعلومات الشحيحة عن محمد مخلوف، ولا سيما امبراطوريته المالية، كشفتها الوثائق المسرّبة من حساب بنك HSBC في سويسرا عام 2015، إذ كشفت هذه الوثائق أن محمد مخلوف قدّم بياناته المصرفية إلى البنك، باعتباره وكيلاً لشركة التبغ الأميركية “فيليب موريس” التي تملك العلامة التجارية لسجائر “مالبورو” الشهيرة، إضافةً إلى أنّه الوكيل الحصري لشركة سيارات “ميتسوبيشي” اليابانية وشركة المياه الغازية “كوكا كولا”.

ضمن سلسلة العقوبات التي تعرّض لها أركان النظام السوري بعد اندلاع الثورة، تعرّض محمد مخلوف أولاً وابنه رامي بعدها لعقوبات من الاتحاد الأوروبي، بسبب صلاتهما الوثيقة مع النظام السوري.

عمل محمد مخلوف على الطعن في هذه العقوبات التي تمنعه من السفر إلى أوروبا وتجمّد أصوله، بحجّة أنّها “تخرق الخصوصية” وتمنعه من مستوى الحياة الاجتماعية الذي اعتادت عائلته عليه لكن المحكمة العامة الأوروبية رفضت هذا الطعن، ثم عاد مخلوف واستأنف الطعن عام 2015 من دون أن ينجح في إزالة العقوبات.

وفقاً للمعلومات الشحيحة التي ظهر البعض منها في كتاب “تاريخ العلويين في بلاد الشام من فجر الإسلام إلى تاريخنا المعاصر”، فإن محمد مخلوف الأب وصل إلى درجة من النفوذ لم يمتلكها مسؤول في زمن حكم حافظ الأسد، إذ كان يدخل على حافظ، في أي وقت وفي أي مناسبة، كما يغري مسؤولي الدولة بهدايا باهظة.

وكان فراس طلاس، وهو ابن وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، كشف أن محمد مخلوف استعان بخبراء من لبنان وبريطانيا في تأسيس إمبراطورية النفط الخاصة به، إذ كان يفرض نسبة مئوية من أي صفقات نفطية تتم في سوريا، مستخدماً قرابته مع العائلة الحاكمة.

ابتعد محمد مخلوف من الواجهة بعد تولّي ابنه رامي إدارة أموال العائلة، وطيلة فترة حكم الأسد الابن، كان رامي يتمتّع بصلاحيات مطلقة، فهو قادر على فعل كل ما يريده في سوريا، ولكن منذ ربيع 2020، ظهر خلاف هو الأوّل من نوعه بين رامي مخلوف ورأس النظام بشار الأسد وزوجته أسماء، إذ طالب النظام مخلوف بدفع مبالغ مالية كبيرة كضرائب إلى “الهيئة الناظمة للبريد والاتصالات السورية”، ما دفع مخلوف للظهور على وسائل التواصل الاجتماعي للمرّة الأولى، والحديث عن “تعرّضه للظلم” بسبب هذه الضرائب، وأن هناك من يريد انتزاع ملكية شركة “سيريتيل” منه وكشف أيضاً عن اعتقال موظفين تابعين له لإخضاعهم.

التحليلات التي خرجت بها وسائل الإعلام السورية المقرّبة من النظام، هي أنّه بعد وفاة أنيسة مخلوف والدة بشار الأسد عام 2016، ثم المرض الذي أصاب شقيقها محمد مخلوف، بدأت أسماء الأسد العمل على نقل أموال البلاد من عائلة مخلوف إلى أسرتها، كمحاولة لانتزاع النفوذ المالي منهم.

وهذه النزاعات لا تزال مستمرة …

ريد مطر - صحافية مصرية | 24.04.2024

“لا نعرف مصيرهنّ”: لغط حول مصير ناشطات مصريات اعتُقلن خلال تظاهرة دعم لغزة

"نحن لم نتوقع هذا الترهيب كله، ذهبنا فقط لتسليم بياننا للأمم المتحدة لحثّها على حماية النساء والأطفال في زمن الحروب، وهي المهمة التي تقع على عاتقها كجهة دولية مسؤولة عن ذلك".