fbpx

تشيلسي كلينتون :لا أتعاطف مع أبناء ترامب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تقابلنا بعد يومين من افتتاح إيفانكا ترامب المبتسمة للسفارة الأميركية في القدس، بينما يُذبح عشرات الفلسطينيين. سألتُ تشيلسي إذا كانت تشعر بأي تعاطف مع الابنة الأولى، المضطرة إلى تنفيذ تعليمات أبيها الغريبة، أم أنها تراها متواطئة معه. تجمدت تعابير وجهها فوراً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الابنة الأولى للرئيس الأميركي السابق تتحدث عن الامتياز والقيادة النسائية وكيف تتعامل مع المنتقدين وتُفسر كيف قلل “ترامب” من شأن المواطن الأميركي.

عندما تصف وسائل الإعلام الأمريكية تشيلسي كلينتون ابنة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، بأنها من طبقة النبلاء، فهي لا تشير إلى شعبيتها، بل إلى حضورها في جميع الأماكن وفي الأوقات المختلفة. عاشت في البداية في منزل عائلتها بقصر حاكم الولاية في مدينة ليتل روك بولاية أركنساس، ثم غادرت بيت العائلة لتلتحق بالجامعة وهي بعمر 18 سنة عندما كانت تقطن في البيت الأبيض .

ومن المعتاد أن يحظى النبلاء الشباب، الذين نشأوا في بيوت رسمية فخمة وعاشوا تحت سطوة الأضواء الإعلامية، بالحضور الدائم في أذهاننا. كانت نسخة غريبة وفريدة من الشهرة لا يحسد عليها أحد، تلك التي سرقت هوية  تشيلسي كلينتون قبل أن تكون كبيرة بما يكفي لتهجئة هذه الكلمة.

أجريت المقابلة في مؤسسة كلينتون، المكان الشاسع الذي لم يُعلن عنه مسبقاً، والمُكتظ بأشخاص أنيقين، يتواجدون وسط أعمال فنية مستوحاة من الفن الأفريقي، اختارها والد كلينتون. كانت كلينتون تنتظر في قاعة الاجتماعات الزجاجية، وبدأ الحوار في موعده المحدد.

وبدت تشيلسي، البالغة من العمر 38 سنة، مثيرة للإعجاب بدرايتها الوثيقة بما يحدث في بريطانيا، حتى أنها تعرف كل شيء عن فقدان هيئة الرعاية الصحية الوطنية البريطانية نتائج اختبارات الأشعة التصويرية للثدي. صُدمت من ملاحظة كلينتون الدعامة الطبية التي كنت أرتديها على يدي، كما سألتني عن أصول اسمي “ديكا”، وعلى رغم من تصديرها لانطباع بالحميمية والاهتمام، ظلت ملامحها حادة وجامدة، ونبرة صوتها ذات وتيرة واحدة.

ورثت كلينتون رباطة جأش أمها، فحديثها منسق في فقرات رتيبة تتكون، في معظمها، من لغة لا يستعملها إي إنسان على الإطلاق، فعلى سبيل المثال، قالت عن والديها “الخيارات التي اتخذوها كانت مناسبة لأخوض رحلتي الخاصة”، قالتها بوصف لا يتحدث به أي شخص آخر عن والده ووالدته.

ونشرت كلينتون أخيراً كتابها الثالث عن الأطفال، ويحكي الكتاب المصور بعنوان “هي تقاوم حول العالم” قصصاً لـ13 امرأة غير عادية عبر العصور، بداية من ماري كوري (العالمة الفيزيائية والكيميائية) وصولاً إلى مالالا ملالا يوسف زي (الناشطة الباكستانية)، ثابرن ووقفن في وجه التحيز وغيرن التاريخ.

ويعتبر هذا الكتاب تتمة لكتابها الثاني الأكثر مبيعاً بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، “هي تقاوم.. 13 امرأة أميركية غيرن العالم”  المستوحى عنوانه من هجوم السيناتور الجمهوري ميتش مكونيل على السناتور الديموقراطية إليزابيث وارن، لمحاولتها قراءة رسالة أرملة مارتن لوثر كينغ جونيور، بصوت عالٍ، في مجلس الشيوخ.

وتضم عائلة تشيلسي كلينتون وزوجها مارك ميزفيسكي، ابنتهما شارلوت (3 سنوات)، وابنهما ايدان (عام واحد)، وتوضح كلينتون أن هدف كتابها “هي تقاوم” تعريف الفتيات والفتيان بما حققته النساء عبر التاريخ، مستشهدة ببحث لمعهد جينا ديفيس كشف فيه أن أكثر من 80 في المئة من الرسوم الكاريكاتورية الأكثر شعبية عند الأطفال أبطالها من الذكور، فيما يقتصر دور الشخصيات النسائية فيها على علاقتها بالبطل الذكوري.

وتحدثت كلينتون عن ماضيها ووراثة “جينات المسؤولية” من جدتها لوالدتها، مشيرة إلى أن حضانة ابنتها شجعتها على إجراء محادثات حول مفهوم العدالة، ما “يمنحنا الفرصة للتحدث معها حول ما هو عادل، على رغم شعورها بالفعل بالتميز غير العادل بسبب مكانة والديها، فلا أعتقد أنها تفهم حقاً معنى أن تحظى بالامتياز، لكنني أريدها أن تصبح قادرة على فهم ذلك بمجرد أن تكبر بما يكفي، كي تتمكن من بدء إجراء محادثات أكثر حول الامتياز والمسؤولية الجلية التي ترافقه، وعن اللطف والاحترام أيضاً”.

في مدرستها الابتدائية في ولاية أركنساس، وصفتها معلمتها بـأنها نابغة (سابقة لعمرها)، و”لم تكن مجاملة”، على رغم من أن والديها أخبراها أنه “أمر جيد جداً”.

بدأت كلينتون قراءة الصحف في سن الرابعة، وقالت عن هذه التجربة: “توقع والدي أن يكون لدي رأي حول أهم القصص الصحافية، وأن أكون قادرة على إثارة الجدل وحشد التأييد حول ما اعتقده صواباً أو خطأ، فعلموني في وقت مبكر الفرق بين الرأي والحقيقة”، وأضافت: “على رغم أنه امتياز مهم للغاية، لم يبد للأسف، موضع تقدير عند البعض في الوقت الحالي”.

كانت كلينتون في 12 من عمرها عندما انتقلت إلى البيت الأبيض، وبدت فتاة أميركية غريبة الأطوار بشعرها الأشعث وتقويم أسنانها، وحين بلغت الـ18 سنة، واجهت أزمة اعتراف والدها بعلاقته العاطفية مع المتدربة السابقة في البيت الأبيض حينها مونيكا لوينسكي.

وغطى نحو 250 صحافياً وصولها إلى جامعة ستانفورد، حيث تعرضت لانتقادات بسبب انعدام أنشطتها ومشاركتها الاجتماعية المثيرة للإعجاب أو الاهتمام، وبقائها مخبأة في المبنى السكني المضاد للرصاص، كما وُجهت إليها انتقادات أخرى، على النقيض، لأنها كانت تحتفل مع المشاهير عندما انتقلت إلى أوكسفورد للحصول على الماجستير في العلاقات الدولية.

وبعد حصولها على درجة الماجستير في مجال الصحة العامة، أصبحت مراسلة خاصة لشبكة “إن بي سي” الأميركية الإخبارية، ولكنها تعرضت للانتقادات على نطاق واسع، إذ وصف أحد المنتقدين قرار توظيفها بأنه “فاشل صحافياً”، كما حمل غلاف مجلة “نيويورك” عنوان “تشيلسي كلينتون في إن بي سي  عندما تذهب المحسوبية إلى الطريق الخطأ”.

بدت طيلة الجزء الأول من المقابلة كورقة سياسية أكثر من كونها شخصاً حقيقياً. فعلى سبيل المثال، سألتها عمّا إذا كنا نعيش أزهى العصور النسوية بفضل ما وصلت إليه حملة هاشتاغ #MeToo، أو الأسوأ من ذلك متمثلاً في فترة رئاسة دونالد ترامب فجاءت إجابتها مثيرة للإعجاب ورصينة ومدروسة في الوقت ذاته. وقالت بطريقة مختصرة للغاية، “أعتقد أن تحقيق التقدم أمر ممكن وأننا يجب أن نشعر دائماً بالمسؤولية إزاء فترة ولايته بشكل ما، لكنها ليست حتمية بالضرورة، ويجب أن تكون مكفولة ومتقدمة في كل لحظة”، قبل الاستطراد في الكلام حول المرثية المتزعزعة عن “القيود المفروضة على مؤسسة الصحة الإنجابية للمرأة، وقدرتها أيضاً على الحصول على الخدمات الصحية الإنجابية التي تعتقد أنها حقٌ لها وغالباً لعائلتها أيضاً، وهو حقٌ حتماً ليس مؤمناً في بلادنا”.

ثم وبشكل غير متوقع، تتغير الأمور، فالرأي العام النسائي نفسه منقسم، فأنا أراقب فئتين من النساء، هناك النساء اللواتي يشعرن بأنه ينبغي أن نغتنم اللحظة ونعمل على توسيع نطاق حملة #MeToo لهدم السلطة الذكورية، وأولئك اللاتي يخشين أن يتسبب غضبنا في تخلي الناس عن دعمنا. فهل لا تزال كلينتون مقتنعة بأننا يجب أن نتوسع في مطالبنا؟ نظرت إليّ في صمت، كما لو أن عقلها غائب عن الوعي أو غير موجود، وعندما تفتح فمها تشعر فجأة وكأنها حاضرة في المكان.

“بالنسبة إلي، ربما بسبب تعرضي لكثير من النقد اللاذع بقدر ما أستطيع أن أتذكر- حرفياً- والألفاظ الفظيعة التي اعتاد الناس قولها لي منذ أن كنت طفلة، شخصياً لم أجد هذه الطريقة مثمرة لحل الأمور، لم أرد أن انتقم باستخدام الألفاظ النابية أو إهانة شخص ما، ولا أعتقد أن هذه هي المبادئ التي تربيت عليها”.

“وترجع الوحشية المُوجهة إليّ، أحياناً، لأنني الشخصية التي يرونها ويتعرفون إليها فحسب، فهم غاضبون ويخرج غضبهم وينتشر في شكل كلمات موجهة نحوي. ففي بعض الأحيان يغضبون مني بسبب شيء فعله والدي أو والدتي، أو حتى بسبب شيءٍ لما يفعلاه أبداً، ولكنهم لُقنوا قصصاً عن متاجرة والديّ بالأطفال أو المخدرات أو تورطهم ببعض الجرائم البشعة”.

وأكدت تشيلسي كلينتون أنها اعتادت أن تؤمن بأن الشيء الصحيح الذي تواجه به “كل هذه الحقارة” هو أن تتجاهلها. لكنها أردفت: “أشعر الآن بشعور مختلف، لأنني أعتقد بأن طريقة الرئيس ترامب والكثير من الناس حوله لم تعمم الكراهية فقط لكنها جعلتها الخط الرئيسي الذي يسير عليه الجميع، هذه الطريقة خطيرة جداً”. امتلأت عيناها بالأسى عندما استشهدت بالتقارير المتزايدة حول التنمر في المدارس والتي كشف عنها مركز قانون الحاجة الجنوبي. “ليس فقط مئات الحالات، لكن رصدت آلاف الحالات في أميركا، أطفال يستشهدون بالرئيس وهم يحقرون فتاة صغيرة، أو يهتفون “ابن حائط” في محاولة للتقليل من شأن الأطفال المكسيكيين أو الملونين عموماً وتحقيرهم. لهذا، فالسبب وراء عدم تجاهلي للناس عندما يتفوهون تجاهي بأشياء بغيضة في الشارع أو على منصات التواصل الاجتماعي، هو ظني بأنه يجب علينا أن نسلط الضوء على هذه الأشياء. أعتقد أن هؤلاء الذين لديهم منصات تمكنهم من فعل ذلك عليهم أن يقولوا أن هذه الأشياء البغيضة خاطئة وغير مقبولة، وبالتالي لا نجعل منها أموراً طبيعيةً لكن نحاول التخلص من السمّية التي أطلقتها. لأنه إن لم نفعل ذلك، سنترك فراغاً. وأرى أن العتمة وحدها تملأ هذا الفراغ”.

دافع ترامب في تغريدة عن قراره، في العام الماضي، بأن تحل ابنته إيفانكا محله في قمة مجموعة العشرين، قائلاً، “إذا طُلب من تشيلسي كلينتون أن تشغل مقعد والدتها، بينما تتخلى والدتها عن شؤون البلد، حينها ستنطلق الأخبار المزيفة قائلة، انتخبوا تشيلسي  للرئاسة!” غردت كلينتون رداً عليه، “صباح الخير سيدي الرئيس، لم يحدث أبداً أن سألني أيٌ من أمي أو أبي شيئاً كهذا من قبل. لكن هل ستتخلى عن شؤون أميركا؟ آمل ألا تفعل ذلك”.

تقابلنا بعد يومين من افتتاح إيفانكا ترامب المبتسمة للسفارة الأميركية  في القدس، بينما يُذبح عشرات الفلسطينيين. سألت تشيلسي إذا كانت تشعر بأي تعاطف مع الابنة الأولى، المضطرة إلى تنفيذ تعليمات أبيها الغريبة، أم أنها تراها متواطئة معه. تجمدت تعابير وجهها فوراً.

“إنها امرأة بالغة، كما يمكنها الاختيار بنفسها، أعني أنها في السادسة والثلاثين من عمرها، ونحن مسؤولون عن اختياراتنا، كنت فخورة جداً عام 2008 بدعمي أمي، لكنني اختلفت معها بشكل جذري على بعض الأشياء، خصوصاً رأيها حينها المضاد لحق المثليين الأميركيين بالزواج، لم أوافق على موقفها هذا، لأنه لم يكن ما أؤمن بأنه الشيء الصحيح”.

كانت إيفانكا وتشيلسي صديقتين؛ وبدا أن لديهما الكثير من السمات المشتركة، مثل: الوالدين الشهيرين صاحبي القوة والنفوذ؛ كما أن كلتاهما تمتلك عائلة صغيرة مع أعمال كثيرة في مانهاتن. قالت كلينتون في 2015، في حوار مع مجلة “أميريكان فوغ”، “إنها دائماً تهتم بكل شخص حولها، وتتأكد من أن كل شخصٍ يستمتع باللحظة، إنه ذاك النوع من الاهتمام الذي يذكرني بشكل ما بأبي، وقدرته على زيادة روح البهجة والمرح في المكان، ليس هناك أي شيء جوهري مع إيفانكا”. نجت صداقتهما خلال الحملة الانتخابية، لكنها لم تنج خلال رئاسة ترامب؛ لم تتهشم علاقتهما، لكن قالت كلينتون أنهما لم تتحدثا منذ “فترة طويلة”.

هل لإيفانكا أن تخلف والدها في البيت الأبيض؟ كما تكهن البعض، هل انتخاب أول امرأة لرئاسة أميركا ما زال يُعد انتصاراً للحركة النسوية؟ تقول تشيلسي، “حسناً، أنا لم أدعم سارة بالين عندما رُشحت لمنصب نائب الرئيس  عام 2008، وأتمنى أن يكون ابني مؤمناً بالمساواة بين الجنسين بالقدر ذاته الذي تؤمن به ابنتي. أعتقد أن الأمر يتعلق بما نؤمن به، وكيف وندافع عنه، أكثر من التفكير في جنس المرء”. وباستثناء بارون، “إنه في الثانية عشرة من عمره، ليتهم يدعوه يتصرف كطفل بهذا العمر”، لا تتعاطف على الإطلاق مع أطفال ترامب، وتقول، “إنهم بالغون واختاروا العمل في هذه الحكومة”. وأضافت أنه “لو قامت والدتها بالترشح للانتخابات، لما عملت-أبداً- من أجلها”. لذا أتساءل إن كانت تشارك الآخرين نفورهم من توظيف ترامب لعائلته.

“يجب أن يكون الرئيس- كما أعتقد- قادراً على توظيف أي شخص يراه الأفضل كفاءة، سواء كان رجلاً أم امرأة. ولا أعتقد أن الذين وظفهم كانوا مؤهلين لشغل تلك الوظائف. لا أريد فقط إدارة نزيهة، غير مرتشية وتعمل على تيسير أمور المعيشة بالنسبة إلى ملايين الأميركيين، بل أريدها أيضاً أن تكون إدارة ذات كفاءة. لذا بالنسبة إلي، فإن مزيج الوحشية وعدم الأهلية والفساد الذي نراه عبر الإدارة هو ما يعد مدعاة لطرح الأسئلة”.

إذاً هل تأمل في أن يُدان الرئيس؟ ترد تشيلسي، “أنا لم أفكر في هذا الأمر حتى الآن، لكنني أؤمن بأهمية مواصلة روبرت مولر تحقيقه (بخصوص التدخل الروسي في الانتخابات) فأنا أكثر تركيزاً على ما يمكنني فعله للمساعدة في انتخاب الديموقراطيين”.

وبالنظر إلى أرْشِيف والدها، يتملكني الفضول لأعرف شعورها إذا ما قامت ستورمي دانيلز بالإطاحة بالرئيس، “لم أتابع ذلك عن كثب كما تابعت ما يطرأ حول تحقيق روسيا، لكن المهم- كما أعتقد- ألا يكون أحد فوق القانون، ولذا، أياً كانت نتائج ما يقوم به مولر- أو الطرائق الأخرى التي يحاول عبرها كثيرون مساءلة الرئيس- أعتقد أنه من المهم استمرار ذلك”.

يجب أن تكون قد أخذت بعين الاعتبار مخاطر العنف المحتمل- بعد ما حدث في شارلوتسفيل الصيف الماضي- إذ شعر مؤيدو ترمب أنه ستتم إطاحته من منصبه على نحو غير ملائم. حيث بعث مشهد القوميين البيض والنازيين الجدد وهم سائرون في مدينة فرجينيا في أغسطس/ آب الماضي-حاملين المشاعل والصلبان المعقوفة- موجات صدمة عنيفة في أميركا، أدت إلى وفاة إحدى المشاركات في الاحتجاجات المضادة.

عندما أعلن ترامب  أن هناك “ناساً طيبين” في مسيرة “وحدوا اليمين” وهو الاسم الآخر لاحتجاجات شارلوتسفيل، شعر الكثير من الأميركيين بالخوف من أن سياسة البلاد ربما تكون تغيرت بشكل عميق وخطير. لكن لأي مدى ترى كلينتون الموقف محتدماً؟ بدت جادة وقالت، “إلى حدٍ كبير، على ما أعتقد”.

هنا أشارت المساعدة الخاصة بكلينتون معلنة انتهاء الوقت المخصص للقاء، فأطفأت المُسَجّل، لكن كلينتون طلبت مني إعادة تشغيله. الآن وقد أصبحت هنا بالفعل، فإنها تريد الاستمرار في الحديث. وقالت إنها كانت تفكر كثيراً في أهمية النيات منذ وفاة باربرا بوش “اختلفت معها ومع زوجها كثيراً. لكنني أيضاً لم أشك أبداً في إيمانها بأن ما كانت تقاتل من أجله هي وزوجها يصب في مصلحة معظم الأميركيين، ظنت أن ما كانوا يقومون به؛ كان هو حقاً الصواب.

اعتدت أن أؤمن بأن النتيجة النهائية هي صدقاً ما يهم، على سبيل المثال عدد الأشخاص الذين تحسنت حياتهم، وعدد من تم إنقاذهم، وعدد من يستطيعون الذهاب إلى المدرسة بلا أعباء أو ديون، وعدد الأشخاص الذين حصلوا على رعاية صحية، وعدد النساء اللاتي حصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر. ما زلت أعتقد أن كل ما سبق هو الأكثر أهمية. لكنني الآن أصبحت أؤمن أيضاً بأهمية النيات والأسلوب والأخلاق، لأنني أعتقد أن الحطام الذي نراه في اللحظة الراهنة هو ما سيتم إصلاحه من ناحية السياسة عندما ننتخب الديموقراطيين، ولكنني أعتقد أنه سيكون علينا بعد ذلك، العمل على إصلاح النغمة السائدة في بلدنا، التي كشفت عن مشاعر حقيقية من العنصرية والتحيز الجنسي، ومعاداة  الإسلام والسامية المتزايدة في بلدنا؛ والتي تعد تعفناً تم فضحه”.

نحن الآن تخطينا الوقت المحدد للمقابلة، فألقيت نظرة على المساعدة الخاصة بها، لكن كلينتون لم تنته بعد. وأردفت، “أعتقد أن واحداً من أكبر الأخطاء التي ارتكبناها كان- ولفترة طويلة- تركيزنا على فكرة التسامح، والتي أعتقد أنها ليست كافيةً. قد يتسامح الناس مع العداوة العارضة والمعتادة للمرأة، لكن ربما هذا هو أساس المشكلة. فلدينا حرية التعبير- والتي أؤمن بأهميتها البالغة- ومع ذلك اعتقد الناس أنه ليس بإمكانهم الخوض في أمور شائكة لأنهم يدركون ما تكلفه حرية التعبير، حسناً، إن حرية التعبير لا تعني خلو الأمر من العواقب.

“بالتأكيد، يجب ألا تكون في السجن لأنك قلت شيئاً عنصرياً. لكن لا يجب أيضاً أن تكون قادراً على الترشح للرئاسة. والآن ها نحن هنا، وهذا ما وصلنا إليه”.

 

هذا المقال مترجم عن موقع صحيفة the guardian ولقراءة الرابط الاصلي زوروا الرابط التالي

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.