fbpx

2020: الناصرية “مدينة منكوبة” ومتظاهروها يمدّونها بـ”الأوكسيجين”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هذه المدينة كان عامها حافلا بالأحداث السياسية والأمنية وشهدت أكبر عدد من القتلى والجرحى والمعتقلين والمختطفين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يمض عام 2020 على مدينة الناصرية جنوب العراق كما مرّ على بقية المدن العراقية. هذه المدينة كان عامها حافلاً بالأحداث السياسية والأمنية، وشهدت أكبر عدد من القتلى والجرحى والمعتقلين والمختطفين، نتيجة قمع الحكومة وهجمات الميليشيات المسلحة على المتظاهرين الذين ظلوا يملأون ساحة الحبوبي طوال العام على رغم التنكيل والقمع.

ساحة الحبوبي كانت محور أحداث هذا العام. بقيت تضجّ بالحياة والثورة. شهدت أول استهداف لها من قبل مجموعات مسلحة مطلع كانون الثاني/ يناير 2020 وخلّف هذا الاستهداف حرق عدد من الخيم من دون وقوع قتلى. لتتولى بعد ذلك قوات حكومية في 21 من الشهر نفسه محاولة فتح الطرق إلى الساحة بالقوة بعدما أقفل المتظاهرون جسر “الفهد” الاستراتيجي، ما عطّل عبور مئات الشاحنات وصهاريج الوقود لأيام. استخدمت القوى الأمنية العنف والرصاص الحي لفتح الطرق وأحرقت خيم المتظاهرين وأوقعت ثلاثة قتلى وما يزيد على مئة جريح خلال أيام. 

الناشط في تظاهرات الناصرية حسين الغرابي يرى أن محتجي ساحة الحبوبي تعرضوا لأشكال كثيرة من القمع الحكومي في عهد حكومة عادل عبد المهدي عام 2019، ولم يتوقف هذا القمع في عهد الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي عام 2020. كما هاجمت ميليشيات مسلحة الساحة بعنف في نهاية كانون الثاني، في خطة مدروسة بحسب المتظاهرين، مع إطلاق رصاص حي بكثافة لساعات، من دون أن تتحرك القوات الحكومية للحؤول دون وقوع مجزرة. انتهى الهجوم بمقتل اثنين من المتظاهرين وإصابة خمسة على الأقل وحرق 25 خيمة. في اليوم التالي عاد المتظاهرون إلى الساحة ليعيدوا بناء خيامهم بالاسمنت والحجارة هذه المرة، لتثبيت وجودهم في الساحة وتوجيه رسالة إلى الميليشيات والحكومة بأنهم لن يتركوا مكانهم حتى تحقيق مطالبهم المتمثّلة بإجراء انتخابات نيابية نزيهة تؤمن تغييراً ديموقراطياً في السلطة بعيداً من سطوة السلاح. 

في آب/ أغسطس 2020 استُهدفت ساحة الحبوبي بدراجة نارية مفخخة فأصيب متظاهرون بجروح، ما دفع بالمحتجين في الساحة إلى ردّ فعل غير مألوف، إذ قاموا على اثر الحادثة بمهاجمة جميع مراكز الأحزاب وتفريغها وجرفها معلنين الناصرية “مدينة منزوعة الأحزاب”. ومع ذلك لم تنج المدينة من انتقام الأحزاب، إذ شهدت هذا العام ظاهرة خطف واغتيالات لنشطاء في محاولة لترهيبهم. استهدف الخطف الناشط البارز في الناصرية سجاد العراقي في نهاية أيلول/ سبتمبر لتنفذ الحكومة العراقية بعد هذه الحادثة عملية أمنية واسعة قادتها قوات النخبة من مكافحة الإرهاب وألوية من الجيش والشرطة الاتحادية، في محاولة للعثور على الناشط المختطف، من دون جدوى.

إقرأوا أيضاً:

الحكومة العراقية عزمت على إنهاء ملف التظاهر في الشهور الأخيرة من عام 2020  إما بالقوة أو من خلال التنسيق مع بعض قيادات ساحات التظاهر، إلا أن الناصرية لم تستجب لأي حوار حكومي، حتى محاسبة قتلة المتظاهرين وتحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة. هذا التشبّث بالمطالب كلّف المتظاهرين اعتداء آخر أكثر قسوة جاء هذه المرة من ميليشيات تابعة لمقتدى الصدر، هاجمتهم بالعصي والهراوات والأسلحة النارية، وأحرقت جميع الخيم في الساحة، وسقط 10 قتلى و90 جريحاً على الأقل. وشكلت الحكومة العراقية بعد هذا الحادث خلية يرأسها قاسم الاعرجي مستشار الامن القومي وعضوية رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الاسدي. واأسلت قوات عسكرية من الجيش والشرطة الاتحادية لتتمركز في المدينة، وفي حين بدا أن هذه القوات حضرت لحماية المتظاهرين، تبين بعد أيام أنها أتت لهدف مختلف تماماً، تمظهر مع حملة اعتقالات واسعة لنشطاء ومتظاهرين من منازلهم قامت بها هذه القوات، بتهم يصفها المحتجون بـ”الكيدية”. ترافقت هذه الاعتقالات مع موجة من العبوات الناسفة والصوتية التي راحت تستهدف بيوت النشطاء والمتظاهرين، في محاولة لترهيبهم والحؤول دون عودتهم إلى ساحات التظاهر. 

ولم توفّر جائحة “كورونا” المدينة من هجماتها هي الأخرى، فقد سجلت في يوم واحد من عام 2020 وفاة 22 حالة بالفايروس وإصابة أكثر من 400 شخص، لتكشف هذه الأرقام عجز النظام الصحي في المدينة عن توفير العناية اللازمة للمرضى مع نقص حاد في اسطوانات الأوكسيجين في المسشتفيات، وهو ما دفع مئات المتظاهرين بالتعاون مع جمعيات غير حكومية إلى تشكيل فرق تطوعية وجمع تبرعات لتأمين اسطوانات أوكسيجين من محافظات أخرى لتمكين المدينة وأهلها ومرضاها من التنفّس في ظل اختناق اقتصادي وصحي وسياسي. 

مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في ذي قار داخل عبد الحسين يرى أن عام 2020 كان مأساوياً على مدينة الناصرية، فهي لم تشهد أي تفعيل لقرارات من شأنها رفع المستوى الخدماتي والاجتماعي لإنقاذها بعدما صُنفت في جلسة لمجلس النواب العراقي عام 2019 بأنها “مدينة منكوبة”. ولم يتغير شيء عام 2020. لا تزال الناصرية “مدينة منكوبة”!

إقرأوا أيضاً: