fbpx

من بريطانيا إلى لبنان… أزمة “كورونا” تتفاقم وتنذر بالأسوأ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الحال يؤشر إلى كارثة صحية في حال استمرار أعداد الإصابات في الارتفاع بخاصة في ظل امتناع مستشفيات خاصة عن استقبال حالات “كورونا”، وعدم قدرة وزارة الصحة على فرض ذلك عليها، مع أنه واجب إنساني في هذه الظروف الاستثنائية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عطلة الميلاد/ رأس السنة، وما تحويه من مناسبات سنوية للتجمعات العائلية والاحتفالات، كانت الفرصة السانحة ليتسلل “كوفيد- 19″، بين الجموع ويأخذ “راحته” في الانتشار، لا سيما بغياب إجراءات رسمية احترازية لتجنب أي ثغرة تعطي الفرصة للفايروس على حساب أمننا وصحتنا. وبالنتيجة، ها نحن نبدأ السنة الجديدة مختبئين مجدداً من هجوم “كورونا” الذي يبدو وكأنه خرج عن السيطرة في دول كثيرة حول العالم، منها لبنان وبريطانيا.

لبنان، “كورونا”، عرقلة وصول اللقاح 

نتائج ما بعد عطلة الميلاد/ رأس السنة في ظل غياب إجراءات صارمة لتفادي وقوع الكارثة ليست مستغربة بل متوقعة. حفلات فنية اختلط فيها آلاف الأشخاص وسهرات جماعية وغيرها من التجمعات من دون أي إجراءات وقاية، كانت مؤشراً كافياً لما ينتظر لبنان في ظل شبح وباء يحلق فوق الرؤوس. أسرّة العناية الفائقة في المستشفيات اللبنانية تغص بالمرضى حتى زادت الحاجة عن قدرتها الاستعابية القصوى أحياناً، وأرهقت كاهل الطواقم الطبية التي استنزفت طاقاتها في أزمة متواصلة منذ سنة حتى الآن. هذا يؤثر بالطبع في قدرة المستشفيات على استيعاب حالات استشفائية خطرة أخرى لا علاقة لها بـ”كورونا”، وبالتالي تعريض حيوات إضافية لخطر الموت. الوضع لم يعد يحتمل إذاً! ازدياد في أعداد الإصابات فاق الـ5000 حالة مسجلة يومياً، في ظل استهتار رسمي وشعبي في تطبيق إجراءت الوقاية والالتزام بها. طبعاً لا تعبر هذه الأرقام بالضرورة عن الأرقام الحقيقية للإصابات على أرض الواقع، بل هي انعكاس لمحدودية عدد الفحوص اليومية. أحد أسباب غياب الأرقام الحقيقية للإصابات هو عدم توجه كثيرين ممن يعانون من عوارض “كورونا” إلى المستشفيات والمراكز الطبية لإجراء المسح اللازم، إما بسبب كلفة فحص الـPCR التي تعتبر عالية لا سيما بالنسبة إلى العائلات الفقيرة أو ذات الأجر المحدود. ويزداد الأمر صعوبة إذا كانت العائلات تتألف من أكثر من 3 أفراد، ما يرفع من احتمالات نقل العدوى ويزيد التكلفة، في ظل انهيار العملة الوطنية وأزمة إقتصادية خانقة. وقد يمتنع آخرون عن إجراء المسح، لأسباب أخرى منها القلق من رد فعل المجتمع أو غياب الوعي الصحي، مقابل غياب الدولة وعدم بذلها مجهوداً لزيادة نسبة الفحوص وتأمينها مجاناً للمعانين من عوارض المرض.

ما علينا! اختلفت الأسباب والحال واحد، أزمة “كورونا” التي نواجهها الآن تعكس أزمة بلد برمته ووقوفه على حافة الانهيار على المستويات كافة. الحال يؤشر إلى كارثة صحية في حال استمرار أعداد الإصابات في الارتفاع بخاصة في ظل امتناع مستشفيات خاصة عن استقبال حالات “كورونا”، وعدم قدرة وزارة الصحة على فرض ذلك عليها، مع أنه واجب إنساني في هذه الظروف الاستثنائية. 

على صعيد متصل، عاش اللبنانيون على أمل وصول لقاح “كوفيد- 19” إلى لبنان، وفق وعد قطعه لنا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، وحدد وصول لقاح فايزر/ بيونتيك إلى لبنان في أوائل شباط/ فبراير 2021. ولكن تصريحاً جديداً للوزير أشار إلى تعثر الإجراءات مع الشركة. إذ على ما يبدو هنالك حاجة لقانون معجل لتسجيل ترخيص الاستعمال الطارئ للقاح في لبنان لحماية المواطن، لتأمين الضمانات المطلوبة للشركة وبالتالي تأمين ما هو مطلوب لوصول اللقاح إلى لبنان. هذا يعني أنه لم يعد من تاريخ معروف لوصول لقاح فايزر/ بيونتيك إلى لبنان. إلى متى يتأخر اللقاح في الوصول إلينا إذاً؟ في حين أن دولة العدو الإسرائيلي تتصدر دول العالم في حملتها التلقيحية وبالمجان. ما الخطط البديلة في ظل حاجة ملحة لمخارج للأزمة إذ من غير المعروف إلى متى سيصمد القطاع الصحي اللبناني في حربه الشرسة ضد الوباء وإلى متى سيصمد المواطن الذي لم يعد يحتمل إغلاقات متكررة وقرارات ارتجالية بفتح البلد تارة وإغلاقه تارة أخرى. لا إجابات حتى اللحظة، في دولة كلبنان “العلم عند الله” على ما يبدو، وحتى إشعار آخر!

بريطانيا العظمى تضعف أمام “كورونا” 

كان من حظ بريطانيا “السيئ” ربما أن يأتي اكتشاف متحورة جديدة من “كوفيد- 19” على أراضيها في نهاية عام 2020 خلال موسم أعياد الميلاد ورأس السنة والانفلونزا أيضاً، وفي وقت تحاول فيه الحكومة البريطانية التعامل مع تبعات صفقة الـBrexit التي أخرجت المملكة رسمياً من الإتحاد الاوروبي. المتحورة الجديدة التي أعطيت اسمB.1.1.7  يبدو أنها نجحت بحسب المعطيات الأولية في إعطاء “كوفيد- 19” فعالية أكبر في الانتشار، ما ترجم في ازدياد متسارع في أعداد الإصابات وصل إلى مستوى يبدو أنه خرج عن السيطرة، إذ سجلت مستشفيات بريطانيا ازدياداً في الحالات فاق الـ30 في المئة في أسبوع واحد فقط، فيما قاربت أعداد الوفيات الـ1400، بسبب “كورونا” في يوم واحد. على رغم عدم وجود أي دليل علمي على أن المتحورة الجديدة من الفايروس أكثر خطورة ولكن تضاعف أعداد الإصابات في وقت قصير جداً يشكل ضغطاً على القطاع الصحي البريطاني، ينبئ بكارثة حقيقية إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. بريطانيا التي كانت تسجل بالفعل أعداداً مرتفعة منذ بدء انتشار الوباء، باتت في مأزق أكبر، فأعداد الاصابات المسجلة رسمياً ارتفعت من حوالى 13 ألف حالة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى أكثر من 68 ألف حالة في الأيام الأولى من كانون الثاني/ يناير 2021، أي أن الأعداد ازدادت 5 أضعاف تقريباً خلال شهر واحد. هذه المستجدات دفعت الحكومة البريطانية إلى الإسراع في إعلان الإغلاق الكامل في أنحاء البلاد مع بداية السنة الجديدة مع إشارة رئيس الوزراء البريطاني إلى أن الآتي في الأسابيع المقبلة “أعظم”.

سجلت مستشفيات بريطانيا ازدياداً في الحالات فاق الـ30 في المئة في أسبوع واحد فقط، فيما قاربت أعداد الوفيات الـ1400، بسبب “كورونا” في يوم واحد.

انتشار الفايروس مستمر على رغم حملات التلقيح

بريطانيا كانت أعطت ترخيص الاستعمال الطارئ لثلاثة لقاحات لفايروس “كوفيد- 19″، كان آخرها لقاح “موديرنا”، بعد “فايزر/ بيونتيك” و”أوكسفورد/ استرازنيكا”. توفر هذه اللقاحات أعلن رسمياً مع بدء حملة وطنية لتلقيح جميع القاطنين على الأراضي البريطانية. بريطانيا نجحت حتى اللحظة في تلقيح ما يزيد عن المليون ونصف المليون مواطن من أصل 65 مليوناً، مع هدف الوصول إلى تلقيح 15 مليوناً، قبل منتصف شهر شباط وملايين إضافية في الربيع، بحسب تصريحات رئيس الوزراء البريطاني مع خطة ترمي إلى تلقيح المسنين، بخاصة أولئك الذين في دور الرعاية، في المرتبة الأولى. في هذا الإطار، أعلن قصر باكنغهام الملكي تلقي الملكة اليزابيث (94 سنة) وزوجها الأمير فيليب (99 سنة) اللقاح أيضاً.  

السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض هو لماذا لم تستطع بريطانيا أن تسيطر على الوباء حتى الآن على رغم حملات التلقيح؟ هل هنالك مشكلة في اللقاح؟

المشكلة ليست في اللقاح ولكن تأمين حماية مجتمعية من الوباء يتطلب تلقيح العدد الأكبر من المجتمع. طبعاً كانت الأهداف الموضوعة عالية السقف ولكن على الأرض باتت بريطانيا في سباق مع الوقت. فسرعة انتشار الفيروس بخاصة في مناطق انتشار المتحورة الجديدة برهنت أنها أسرع من عمليات التلقيح. أضف إلى ذلك أن لوجستيات تأمين اللقاح وحفظه وتوزيعه وتنظيم إعطائه لملايين الناس وعلى جرعتين محددتين برهن أنه ليس بالأمر السهل. كل هذه العوامل دفعت السلطات البريطانية إلى إغلاق البلاد لكسب الوقت! لتفادي قدر الإمكان أي ازدياد أكبر في أعداد الإصابات اليومية كما تخفيف الضغط عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS، التي باتت آيلة للانهيار تحت ثقل الأزمة.

بريطانيا نجحت حتى اللحظة في تلقيح ما يزيد عن المليون ونصف المليون مواطن من أصل 65 مليوناً. 

على صعيد إيجابي، النتائج الأولية تقول إن اللقاح فعال ضد المتحورات الجديدة التي اكتشفت في بريطانيا وجنوب أفريقيا. إذاً الإجراءات التي تتخذها بريطانيا لجهة تلقيح مجتمعي في الطريق الصحيح ومن شأنها أن تضع “كوفيد- 19” تحت السيطرة شيئاً فشيئاً، وكلما انخفضت أرقام أعداد الإصابات اليومية، زادت السيطرة على الفايروس وخففت إجراءت الإغلاق مع الوقت. 

يقال إن أحلك ساعات الليل تأتي مباشرة قبل الفجر، ومن المتوقع أن تكون الأسابيع المقبلة هي الأحلك لحين التقدم في حملة التلقيح لتشمل أعداداً أكبر. طبعاً الحماية التي تؤمنها اللقاحات غير معروفة المدة بعد وبالتالي فإن المزيد من “الطلعات والنزلات” متوقعة خلال العام الحالي ليس في بريطانيا وحسب، بل على صعيد العالم أجمع الذي تتسابق دوله لتأمين لقاحات كافية، بخاصة في حال ظهور أي تحورات أخرى للفايروس، ولكن التلقيح يبدو الخيار الصائب للانتصار على “كوفيد- 19” وخطوة إلى الأمام نحو الخروج من عتمة الوباء.  

إقرأوا أيضاً: