fbpx

نظرة إلى المسبار الإماراتي من الجحيم اللبناني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في اللحظة التي تطرق فيها الإمارات العربية المتحدة باب المريخ، ينحدر لبنان إلى جحيمه الذي كان بشرنا به رئيس جمهوريتنا ميشال عون…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على أهمية الحدث الذي تصنعه دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاق مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، يبدو المرء، وبخفر، محكوماً بشيء من التوجس حين ينظر إلى الأمور بمآلاتها. إننا أمام دولة تبحث عن صنع مجد يتجاوز ادعاء التجربة إلى حتميتها، التي بالمناسبة تهدف إلى دراسة دورات الطقس اليومية والموسمية والعواصف الترابية والتغيرات المناخية في فضاء الكوكب المذكور.

التوجس هذا يأتي على الأرجح لأن الدولة صانعة الحدث لا تزال تقيم بعيداً في سلم البحث العلمي وغاياته، والركون إلى التجربة الإماراتية في الريادة الاقتصادية والعمران كمؤشري نجاح، لا ينسحب بالضرورة على تجربة وليدة، لا يُعرَف عن دولة الإمارات امتلاك مسوغات غاياتها في البحث العلمي وسبر الفضاء لأهداف يفهمهما المرء حين يكون صناعها دول كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين والهند. وهو أمر يُكثِّفه أن الشواهد التي تصنع للدولة الخليجية المذكورة صيتها تقيم غالباً في هذا الادعاء على شكل أبراج وناطحات سحاب ومنشآت عمرانية، كادت كلفتها أثناء الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم منذ سنين أن تودي بإمارة دبي التي تشكل العصب الحيوي للدولة إلى هاوية خرجت منها، لكن ندوبها لا تزال حتى الآن.

عموماً، وقبل الإيغال في تسييل الحدث كمطلق إماراتي، من المفيد الإشارة أن تطوير المسبار تم بمساهمة من جامعات أميركية ثلاث هي جامعات “أريزونا” و”كاليفورنيا بيركلي” و”كولارادو”، هنا يصير الأمر أكثر جاذبية أمام العقل الذي يعتقد أن مباشرة جهد علمي عربي مطلق بهذا الحجم لا يزال قيد الفكرة.

الإنجاز الإماراتي يستحضر حدثاً سورياً عايشناه عام 1987 مع أول رائد فضاء عربي سوري هو محمد فارس الذي كان ضمن فريق المركبة الفضائية السوفياتية سوبوزm3، العاملة آنذاك ضمن البرنامج الفضائي السوفياتي. رائد الفضاء المذكور انتهى به الأمر محاضراً مرموقاً عن علوم الفضاء في تركيا التي حصل على جنسيتها بعد انشقاقه عن النظام، إبان الثورة التي شهدتها سوريا منذ عام 2011، وقد علل انشقاقه حينها بتجاهل النظام العلوم الفضائية وبإخضاع تجربته العلمية لما أسماه محاضرات مقننة، وأيضاً، وهذا المهم، بالتمييز الطائفي الذي مورس عليه، والذي على الأرجح أن علته الأولى هي صنيعة الثانية.

استحضار الحدث السوري في سياق مثيله الإماراتي يفضي إلى مقارنة بين عقل عربي سلطوي لا يُتيح لمثيله العلمي أن يكون على صورة الفضاء محل التجربة، إنما ينتهي حصراً في الفضاء الذي يتيحه ذلك النظام، وعقل يريد أن يخرج من السردية السائدة عنه وهي في غالبها صناعة خطاب الممانعة متدرجاً إلى جمهورها. 

الاحتفال بالإنجاز لا يلغي سؤالاً عما إذا عمل في هذا المشروع عمال آسيويون ممن تعرضوا لسوء المعاملة على مدى السنوات الماضية.

والحال، وفيما دولة الإمارات العربية تصنع حدثها الفضائي عبر مسبار الأمل، ومُباشِرةً لبحث علمي يُضاف إلى رصيد اقتصادي وسياحي ودخل فردي هو من الأعلى في العالم، تداول اللبنانيون الحدث، وبلا أمل، في مقاربة مع ما آلت إليه أحوالهم. ففي اللحظة التي تطرق فيها الإمارات العربية المتحدة باب المريخ، ينحدر لبنان إلى جحيمه الذي كان بشرنا به رئيس جمهوريتنا ميشال عون، فيما استُحضر ماضٍ قريب لرئيس حكومتنا المكلف سعد الحريري وهو يطلق طائرة ورقية من أمام قصره لا تلبث أن تباشر سقوطاً سريعاً نحو الأسفل، وفي الوقت الذي أصبح لبنان أكبر منصة صواريخ نحو إسرائيل التي للمفارقة باشرت منذ أشهر تطبيعاً مع دولة الإمارات.

لكن الاحتفال بالإنجاز لا يلغي سؤالاً عما إذا عمل في هذا المشروع عمال آسيويون ممن تعرضوا لسوء المعاملة على مدى السنوات الماضية، فأن تحقق دولة خطوة علمية سابقة لا يلغي أسئلة مشروعة وضرورية عن سجلها في مجال حقوق الإنسان.

إقرأوا أيضاً: