fbpx

كيف تلقّى العراقيون الشباب رسالة الخامنئي الموجهة إليهم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يرى مراقبون أن الساحة السياسية العراقية شهدت، منذ عام 2003، تدخلات إيرانية واضحة وتم الإعلان عنها بشكل واضح وصريح كما جاء في تصريحات عدد من الساسة والمسؤولين الإيرانيين…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يفكّر حسن حميد وهو شاب من العاصمة بغداد بهدف رسالة مرشد الثورة الإيرانية علي الخامنئي إلى الشباب العراقي والتي تزامنت مع زيارة رئيس السلطة القضائية الإيرانية بغداد، سائلاً: “هل هي محاولة لاستمالة عواطف الشباب المحتجّ في ساحات التظاهر أم هي مؤشر يوضح فشل التمثيل الإيراني داخل العراق خلال السنوات الأخيرة من قبل الأحزاب الموالية أو أن هذه الرسالة تشديد على السطوة الإيرانية على العراق؟”.

مرشد الثورة الإيرانية علي الخامنئي، وهو الولي الفقيه الذي يمتلك السلطة العليا في إيران، نشر عبر حسابه في “تويتر” رسالة توجّه بها خصّوصاً إلى الشباب العراقي تضمنت استشرافاً لمستقبل “مشرق” للعراق وبأنه “رهن أيديهم وهممهم”. هذه الكلمات وجدها البعض من الشباب محاولة للعزف على الوتر الحساس، لما يمتلكه الشعب العراقي من عاطفة وميول وتقدير لرجال الدين، لا سيما في محافظات الوسط والجنوب التي شهدت الحراك الاحتجاجي منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وبالتالي تخفيف حدة العداوة التي أظهرتها ساحات التظاهر للوجود الإيراني ونفوذه في العراق.

أحمد علي وهو في العقد الرابع من العمر يقول إن رسالة الخامنئي للشباب العراقي، هي محاولة لرأب الصدع بين إيران والشباب المحتجين، بسبب نفورهم من التصرفات التي تقوم بها الميليشيات التابعة لإيران في الداخل العراقي، ما عكس صورة سيئة عن السياسة الإيرانية في الشأن العراقي، لذا يحاول خامنئي من خلال هذه الكلمات جذب أنظارهم، خصوصاً أن “الخامنئي يعد مرجعاً دينياً لشريحة ليست بالقليلة داخل الوسط الشيعي العراقي”، بحسب علي.

أما محمد ياسر الشاب الثلاثيني، فيرى ان رسالة الخامنئي تحمل دلالة على السطوة الإيرانية “فمرشد الثورة يلقب بالولي الفقيه أي له السلطة الدينية على جميع الشيعة فهو يريد ان يوصل رسالة مفادها ان العراق يخضع للنفوذ والسطوة الإيرانية روحياً وعملياً”.

الشيخ محمد الازيرجاوي، أحد أساتذة الحوزة العلمية الدينية في النجف، يبيّن في حديث لـ”درج” أن ولاية الفقيه هي “موضوع فقهي لم يؤيده كبار علماء النجف ومن قال به هم أعداد قليلة بحسب التاريخ الحديث”، فمنذ عشرينات القرن الماضي وحتى الآن، “لم يدع إلى بحث ملف ولاية الفقيه ومناقشته، سوى الشيخ محمد رضا المظفر وهو عراقي الجنسية، توفي عام 1963، والسيد محمد باقر الصدر عراقي الجنسية الذي أعدمته الحكومة العراقية عام 1980 لمعارضته النظام آنذاك، وكان من دعاة الولاية، إلا أنه عدل عن رأيه إلى رأي آخر وهو إقامة مجلس شورى”.

ويشرح الازيرجاوي أن المؤمنين في ولاية الفقيه كما عرّفها الإمام روح الله الخميني يرون أن “الوليّ الفقيه يمتلك التصرف المطلق في كل شيء كما كان للنبي والأئمة أحقية التصرف بالأموال والأرواح أينما يجدون المصلحة”، فيما يرى كثر من فقهاء الشيعة وعلمائها أن حدود “صلاحيات الفقيه في الزمن الحالي محدودة بالأمور الحسبية (المالية) ولا تتجاوز أكثر من ذلك”، وأصحاب هذه النظرية، بحسب الأزيرجاوي، يقولون إن الفقيه لا يتدخل بشؤون الدولة إلا في الأمور التي فيها خطورة على الإسلام فيكون التدخل ضرورياً وهذا الرأي يؤيّده المرجع الشيعي علي السيستاني.

“العراق ليس جزءاً من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا، وهو عاصمتنا اليوم، وهذا أمر لا يمكن الرجوع عنه”.

نشطاء في ساحات التظاهر كان لهم راي حول رسالة المرشد، إذ يراها حسين الغرابي دليلاً على فقدان الثقة بمن يمثلهم داخل العراق فهي مغازلة للشباب، رافضاً في الوقت ذاته “السيطرة الإيرانية”، كما يسميها، “على الإرادة العراقية”، ويطالب بأن يكون تعامل النظام الإيراني مع العراق من دولة إلى دولة وعلى أساس المصالح المشتركة.

الناشط المدني محمد ياسر الخياط يشكك بنيات هذه الرسالة ومدى صدقها تجاه العراق وشعبه، مرحّباً بأيّ مبادرة من شأنها أن تكون في مصلحة البلد وتعمل على إنقاذ شباب العراق من العنف والقمع اللذين يتعرضون لهما.

مع انتشار رسالة الخامنئي، ظهر فيديو لشاب بزي الكشافة، نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يفتدي بكلماته الخامنئي ويقول إنه “رهن إشارته لإزالة القواعد الأميركية في العراق”، بحضور رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي خلال وجوده في بغداد.

علي صالح، وهو شاب في الثامنة والعشرين من العمر لا يرى في رسالة “المرشد” أي ضغينة تجاه العراق ويقول إنها “تحوي كلمات إيجابية ودعوات مباركة” مطالباً بعدم تأطيرها في إطار سياسي لا نفع منه، فـ”الخامنئي يعد مرجعاً دينياً وليس رمزاً سياسياً كما يراه الآخرون، وكلماته التي وجهت إلى الشباب العراقي هي نصيحة من عالم كبير يدعو إلى الخير”.

يثني صالح على المواقف الإيرانية الداعمة للعراق إبان حكم نظام صدام حسين إذ إنها “احتضنت آلاف العراقيين في مدنهم وكانت ملجأً آمناً لهم، إضافة إلى التعاون الأمني الأخير عند اجتياح تنظيم داعش للمدن العراقية شمال العراق وغربه، فكانوا اول المدافعين عن أرضنا ولا يمكن نكران هذه المواقف”.

“الخامنئي يعد مرجعاً دينياً لشريحة ليست بالقليلة داخل الوسط الشيعي العراقي”.

في مقابل هذا الكلام، يرى مراقبون أن الساحة السياسية العراقية شهدت، منذ عام 2003، تدخلات إيرانية واضحة وتم الإعلان عنها بشكل واضح وصريح كما جاء في تصريحات عدد من الساسة والمسؤولين الإيرانيين، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، فمنذ سنوات لا يمكن اختيار رئيس الحكومة العراقي إلا بالتوافق الإيراني- الأميركي الذي يشكّل الأساس لتمرير أي مرشح لهذا المنصب في البرلمان العراقي.

تصريح علي يونسي مستشار رئيس الحكومة الإيراني حسن روحاني عام 2015 أثار جدلاً وردود فعل في ذلك الوقت من المسؤولين العراقيين عندما قال “العراق ليس جزءاً من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا، وهو عاصمتنا اليوم، وهذا أمر لا يمكن الرجوع عنه”.

ارتدادات كلام روحاني وممارسات الميليشيات الإيرانية، دفعت بآلاف العراقيين في محافظات الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية، للخروج إلى الشوارع في تشرين الأول 2019، مطالبين بتغيير الواقع السياسي المفروض عليهم، ومنع التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية العراقية وكف يد الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي يتهمها المتظاهرون بقتل النشطاء وقمعهم وخطفهم.

إقرأوا أيضاً: