fbpx

“نحن بأمس الحاجة للاحتكاك بالبشر”: عن كسر الحجر لممارسة علاقات حميمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الامتناع عن ممارسة الجنس” باستخدام الوسائل القانونية إلا لمدة وجيزة، تتسبب بعدها في تحول عدد كبير إلى “مجرمين”… في حالة “كوفيد- 19″، أصبح من الصعب المضي قدماً في أي علاقة ناشئة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الصيف الماضي، بعد تخفيف الإغلاق الأول بما يكفي ليسمح للغرباء بأن يلتقوا في الخارج، خرجت روزي، التي تبلغ من العمر 35 سنة والتي تعمل محررة في لندن، لتلتقي رجلاً للمرة الأولى في مروج هامبستيد. روت روزي: “لقد قال: (جلبت بعض الشراب معي لكن الأكواب في شقتي، وهي في الجوار). كنت قد التقيته منذ ساعة. وحتى في الأوقات العادية، لم أكن لأفعل ذلك”. لم تكن روزي قادرة على التأكد تماماً مما إذا كان يقترح شراباً غير مشروع أم علاقة حميمية سريعة، ولكن على الأقل لم يكن الأمر يمثل معضلةً. تابعت روزي: “لعل قرون الاستشعار (والفرمونات) لدى البشر صارت غريبة. أو لعلّي مصابة بكوفيد- 19 بدون علمي ولا أستطيع الشم واستشعار مقاصد الأشخاص بطريقة سليمة، لكنني شعرت بالرعشة المشتعلة في المتجر أكثر مما فعلت خلال موعد غرامي. فلم أمارس العلاقة الحميمية إلا 4 مرات منذ آذار/ مارس”.

على مدى سنةٍ تقريباً، ربما أكثر أو أقل بشهر، كانت القواعد المفروضة لمكافحة انتشار فايروس “كورونا” تعني في إنكلترا أن ممارسة العلاقة الحميمية بين العازبين، أو بين العُشاق الذين لا يقيمون معاً في المسكن ذاته، ستكون لها أثر سواء من ناحية عدم مشروعيتها أو أنها ضد التشريعات، أو أنها مسموحة في الخلاء فقط. ومن أجل وضع صورة واضحة لهذا الحجم، علينا أن نعلم أن 40 في المئة من الأشخاص – وهي نسبة ترتفع لتصل إلى 71 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 سنة- لا يعيشون معاً على نمط الأزواج الاعتياديين.

ليست الأمور أفضل حالاً في بقية أنحاء المملكة المتحدة. خلال فصل الصيف، أعفت اسكتلندا العشاق الذين تجمعهم علاقة معروفة من حظر الاختلاط. وفي ويلز، سُمح بتشكيل أسرة ممتدة بين أي خليلين لا يعيشان في المسكن ذاته. ولكن مثلما هو الحال مع نظام “الفقاعة” المُتبّع في إنكلترا -الذي يخضع له كثيرون- لم تقدم أي من هذه الإجراءات الكثير للأشخاص الذين لا تربطهم علاقة فعلية. وبالنظر إلى القواعد في المجمل، قال آدم فاغنر، المحامي المتخصص في حقوق الإنسان: “لقد كانت سنة حزينة على الجميع”.

“اختفت كل الوسائل الطبيعية التي يمكنك من خلالها التعرف إلى شخص ما، مثل الذهاب إلى الملهى، ورؤية كيف يتعامل مع أصدقائه، وكيف يتصرف مع أصدقائك، وكل تلك الأمور”

ونتيجة لهذا، كان الحديث مع العازبين والعزباوات عن حياتهم الجنسية منذ بداية الجائحة، أشبه بمتاهة؛ فحص وتدقيق مستمر يبحث عن التقاطع بين ما كان متاحاً وبين ما حدث بالفعل، فيتم سرده في سلسلة من التتابعات الغريبة التي تشبه الحلم: بدءاً من علاقات رومانسية ملتاعة اختُزلت بسبب ظرف عالمي طارئ، ومروراً بإخفاقات صامتة امتُصت آثارها بفعل حالة الفراغ التي بدأت داخل إطارها، ووصولاً إلى مواعيد غرامية متكلفة وشاحبة في المنتزهات البلدية والأسواق التجارية المحلية. كان الأمر أشبه بقراءة قصة قصيرة للكاتب ليو تولستوي لدقيقة واحدة، ثم للكاتب إيان ماك إيوان في الدقيقة التالية. وكما وصفته روزي: “المنتزه ليس مكاناً جذاياً للحميمية”.

بدأت آنا عام 2020 “عزباء، وتخرج في مواعيد غرامية، وتحظى بالكثير من المتعة”، بحسب قولها. وتصف صاحبة الـ32 سنة التي تعمل مديرة حساب في مدينة مانشستر، الالتزام الكامل في بداية الإغلاق، فتقول: “أُبلغنا إنه قد يستمر لثلاثة أسابيع فقط، ولا بأس ألا نخرج في مواعيد غرامية لثلاثة أسابيع”. على رغم قولها هذا، أستطيع تقريباً أن أستمع لصوت يديها عبر الهاتف وهي تلوح بهما في استسلام وامتعاض. قالت آنا: “إنه عام تقريباً. لا يمكنك تمضية عام بدون اكتشاف هذا الجانب من نفسك”. يصف جوردون، وهو مدرب بالغ من العمر 43 سنة، أصدقاءه العازبين الذي انقسموا إلى معسكرين: معسكر أرجأ كل شيء، وفريق آخر “يمارس العلاقات الحميمية بصورة غير قانونية في ظل قواعد الإغلاق الجديدة: كنا نفعلها لكننا لا نتحدث عن الأمر”. دخلت آنا الآن في علاقة متقطعة أو عارضة، لكن كلمة “متقطعة” لم تعد تحمل دلالة “راحة البال وخلو الهموم”. قالت آنا: “لا تزال راغباً في الأمان بقدر الإمكان. لذا تتفق بشأن عدد الأشخاص الآخرين الذين يقابلهم الخليل. بالشكل المثالي، يُفترض أنكما تريان بعضكما فقط. إنه تفاوض مستمر. وهو مرهق”. 

شرعت بيكي (35 سنة)، في مقابلة زميل لها في بداية الصيف، لكن ذلك انتهى الآن. إذ قالت: “صار مستحيلاً في الجائحة. أراد كلانا أن يكون قادراً على لقاء أبويه. تشعرين بالذنب والخزي. وهو ما جعل من المستحيل أن نستمر إلا إذا انتقلنا للعيش معاً مباشرةً”. فهل اعترض رفيقها في السكن على جلب شخص إلى المكان؟ قالت بيكي: “كان بالكاد يستطيع؛ إذ إن خليلته (غير المقيمة) موجودة هنا الآن”. تعد مشكلة رفيق السكن أهم بكثير مما قد يظن المرء، نظراً إلى أن أحداً لا يتحدث بشأنها. في حزيران/ يونيو، طُرحت فكرة الفقاعات في إنكلترا، ما يعني أن شخصاً أعزب قد يكون مرتبطاً بسكان بيت آخر. يدير نيل، البالغ من العمر 32 سنة، وهو من محيط ليفربول، حساباً على “تويتر” بعنوان “أعيدوا لم شمل العشاق”، وهي حملة تطالب الحكومة بـ”منح العشاق الذين لا يعيشون معاً في مسكن واحد، الحق في أن يقابلوا بعضهم داخل المنازل مرة أخرى”. قال نيل: “ثمة فرضية تدعم اعتقاد أن الفقاعة تحل كل شيء. لكن الأشخاص الذين يعيشون مع آبائهم، أو الذين يتشاركون المسكن، ليسوا مؤهلين لها”.

وبسبب هذه التحديات الضخمة التي تعترض حياتهم الجنسية، فإن الأشخاص يميلون إلى التأجيل، ليس وفقاً للقوانين، ولكن من أجل الشخص الأكثر حذراً في المنزل. كان لدى روزي رفيقان في السكن، وكلاهما كان أعزب. قالت روزي: “اتفقنا على أنه كان مسموحاً أن نكسر القواعد عندما نريد أن نمارس العلاقة الحميمية. لم يكن مسموحاً لنا فقط أن نذهب إلى منزل صديق قديم، ولكن إذا كان هناك هدفٌ يلوح في الأفق، فلا بأس”.

لمدة قصيرة، بداية من 3 تموز/ يوليو، صار قانونياً مرة أخرى أن نذهب إلى منزل شخص ما ونفعل ما يسرّنا (ما عدا مدينة ليستر، التي كانت خاضعة لإغلاق محلي). لكن الأمر استمر لشهر واحد، قبل أن تُفرض قيود جديدة في شمال إنكلترا. بدءاً من هذا الوقت، وحتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، كانت محاذير ممارسة العلاقات الحميمية تسري وتُعلق من منطقة إلى أخرى. وكانت هناك فترة قصيرة شهدت السماح للأشخاص الذين يعيشون في جزيرة وايت فقط، بأن يمارس أي خليلين لا يسكنان معاً علاقات حميمية، بموجب نظام الفقاعة. كانت القوانين الأكثر مرونة في أعياد الميلاد بالنسبة إلى المستويين الأول والثاني من الإغلاق، تعني أنه من المعقول أن يخرج الشخص في موعد غرامي، ما دام هذا الموعد سيكون في يوم عيد الميلاد المجيد.

إقرأوا أيضاً:

كل هذا كان يعني أن هناك أشخاصاً دخلوا في علاقة عندما كان الأمر مشروعاً وقانونياً، ليكتشفوا أنه صار فجأة غير قانوني. التقى نيل، وهو معلم في مدرسة ابتدائية، خليله المحاسب في تشرين الأول/ أكتوبر (يا له من شيء لاذع أن يعلّم 30 طفلاً يومياً، إضافة إلى من يقابلهم في وقت الراحة، ولا يُسمح له حتى بأن يجلس في حديقة خليله). تمتلك تشارلي، البالغة من العمر 46 سنة، منزلاً صغيراً، وتعمل في منظمة خيرية. التقت تشارلي بكارين في تشرين الأول عبر تطبيق Lex للمواعدة، الخاص بمجتمعات الميم. وقالت تشارلي: “صار التفكير في الأمر لا يطاق بعدما بدأ الإغلاق مباشرة في تشرين الثاني. أعتقد أننا كنا في غرفة فندقية في الليلة الأخيرة قبل أن تُغلَق جميعها”. كانت كاري تعيش مع أصدقائها، لذا لم يكن لديها أي مكان لتذهب إليه. قالت تشارلي: “كنا نقضي وقتاً طويلاً في مقر متجر أوكسفام لبيع الكتب في شارع بلومزبري”. ثم أُغلقت متاجر التجزئة التي لا تبيع السلع الأساسية. تابعت تشارلي: “صار مكان لقائنا في أهوار والثامستو. كان ذلك كل ما استطعنا القيام به. كان ذلك مثيراً، شعرت بأنني مراهقة. أعني أنني لم أمارس العلاقة الحميمية عندما كنت مراهقة، لكن كيف يمكنني تخيل ما يجب أن يبدو عليه المراهقون: عاشقان مأساويان سيئا الطالع. لقد كنت مغرمة”. عادت كارين إلى إسكندنافيا، التي تنحدر منها، وتخضع الآن لقواعد الإغلاق المفروضة هناك.

يقول نيل: “هناك الكثير من الأشخاص الغاضبين جداً، الأمر لا يتعلق بحالتي فقط. لدواعي السلامة، ربما لن نلتقي في أي حال لأنه يعيش مع والديه وهما في العقد السابع من عمرهما. أعتقد أن الأمر لم يتحول إلى مشكلة أكبر لأن الأشخاص تحمّلوا المسؤولية وقرروا بأنفسهم ما هو آمن ومعقول”. لقد اتضح عدم قدرتك على فرض “الامتناع عن ممارسة الجنس” باستخدام الوسائل القانونية إلا لمدة وجيزة، تتسبب بعدها في تحول عدد كبير إلى “مجرمين”. وأُجزم أن معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم بهذا الأمر كانوا رافضين وغاضبين جداً.

العازبون آخر هموم الحكومة

عاد شعار “قاعدة لهم، وأخرى لنا” إلى الظهور مجدداً، ولكن لم تكن هذه المرة بسبب السياسي البريطاني دومينيك كامينغز، وإنما نيل فيرغسون، عالم الوبائيات الذي ضُبط في شهر أيار/ مايو الماضي يخرق قواعد الحظر المفروضة مع عشيقته المتزوجة.

وتقول آنا: “أصبح من الواضح للجميع، بمختلف التوجهات الجنسية والفئات العمرية، أن الأسرة الأولية، بمفهومها التقليدي، هي الأولوية بالنسبة إلى الحكومة. أصبحت القواعد تخدم الأشخاص الذين اشتروا منازل، وحملوا، وأنجبوا أطفالاً، واشتروا جراءً، من دون اكتراث بأي شخص آخر، كأن الحكومة تقول لنا إن هذا ما ينبغي للجميع فعله”. هذا الغضب لم ينبع من إنكار جائحة “كوفيد- 19” أو غياب الإحساس بالمسؤولية المدنية، وإنما من الإحساس بتهميش الأشخاص العازبين تماماً.

وتضيف روزي: “نهج الحكومة في التعامل مع الأزمة مثير للشفقة، وطفولي جداً، ومحافظ للغاية. كل شيء يجب أن يكون مناسباً للأسر التقليدية، من دون أي انتباه إلى أنهم يحكمون أمّة من البالغين، وأن الحياة الجنسية جزء من حياة البالغين”. ويرى نيل أن الأشخاص الذين تربطهم علاقات ولا يعيشون معاً لديهم الشعور ذاته، ويقول: “عندما تتحدث الحكومة عن الحياة المنزلية، فإنها تقصد نموذجاً معيناً للمجتمع يعيش فيه الجميع في وحدات عائلية صغيرة. وهذا لا يعكس بالضرورة مدى تعقيد حياة كثيرين في وقتنا الحاضر”.

“أشعر بأن الأشخاص أصبحوا أكثر انفتاحاً على الحديث عن شعورهم بالوحدة، لذا أصبحت المواعدة أكثر تعقلاً ورصانةً”.

“رفيق العناق” وغير ذلك

استيعاب هذا التعقيد ليس صعباً على المجتمع الحديث. في بلجيكا، ابتكروا مفهوم Knuffelcontact، الذي يعني “رفيق العناق”، ولكن مفهومه الأوسع، حسبما توضح لوت، 37 سنة، هو “استثناء لممارسة العلاقة الحميمية، على رغم عدم توفر الكثير من السيولة في سوق الجنس هذه الأيام”. وناشدت “جمعية فنادق بروكسيل” استغلال قاعدة “رفيق العناق” خلال العطلات القصيرة للحفاظ على صناعة الفنادق قائمة. لا يمكن أن يكونوا صريحين أكثر من ذلك، فلا أحد يذهب إلى فندق من أجل “عناقِ” فقط. وفي الوقت نفسه، استحدثت إيطاليا في نيسان/ أبريل الماضي قاعدة Congiunti، الكلمة التي لجأ الإيطاليون إلى “غوغل” لمحاولة فهمها، إلى أن أوضحت الحكومة أخيراً أنها تعني “العلاقات، والأصهار، والأزواج، والمقيمين معاً، والشركاء في العلاقات طويلة الأمد، والأحباء”. وكلمة “الأحباء” بحد ذاتها في هذا التعريف تزيل الكثير من القيود. لذا، قد نرى طريقة التفكير البريطانية غريبة للغاية، إذ يعتقدون أن العلاقات الجنسية قد تختفي ببساطة في حال حظرها دون حتى التحدث عن الأمر.

ولن يمر ذلك من دون عواقب، ولعل أبرزها شعور الأشخاص الذين يريدون مقابلة شخص ما وتأسيس عائلة بأن هذا الاحتمال يتفلّت من بين أيديهم. تقول بيكي: “لقد بدأت الأزمة وأنا في الرابعة والثلاثين، وأخشى أن تنتهي الجائحة وأنا بعمر السابعة والثلاثين، وقد سلبت مني كل تلك القرارات الحاسمة في هذه المرحلة من حياتي. أنا لست مهووسة بإنجاب الأطفال، ولكن هذا يوضح الفارق بين النساء والرجال عندما نكون في المرحلة العمرية ذاتها. هذا الأمر لا يؤثر في الرجال كما يؤثر فينا”. كل النساء اللاتي تحدثت إليهن في العقد الرابع من عمرهن يشعرن بتضاؤل خياراتهن بشدة، وأن التنازلات والمقايضات لم تُحسب بشكل ناضج. تقول روزي: “حتى أجدادي لا يريدون ذلك. لا يودّون أن تأتي حمايتهم على حساب جيل لا يمكنه أن يعيش حياته بشكل كامل وطبيعي”.

بصورة عامة، كان الناس أكثر ميلاً للنظر إلى ممارسة الجنس على أنها حقٌ من حقوق الإنسان بدلاً من الحديث عن أنها “مفيدة” أو قضية عاطفية، على رغم ما وصفته غوردون بـ”الحالة المزاجية المختلفة للمواعدة الغرامية في زمن كوفيد- 19″. وتقول غوردون: “أشعر بأن الأشخاص أصبحوا أكثر انفتاحاً على الحديث عن شعورهم بالوحدة، لذا أصبحت المواعدة أكثر تعقلاً ورصانةً. ينتهي الأمر بالوصول إلى غرفة النوم في مرحلة ما، لكن أصبح هناك الكثير من الخطوات اللازمة للوصول إلى ما هو أبعد من ذلك. أصبح الأمر يتعلق أكثر باشتياق الأشخاص بشدة إلى التواصل البشري، لذا أصبحت المواعدة تخدم احتياجات بديلة”.

“لقد كانت سنة حزينة على الجميع”.

ويضيف: “لا تزال ممارسة الجنس في الصورة بكل تأكيد، ولكن عند التحدث مع أصدقائي ورفقائي عبر الإنترنت، أصبحت هناك مشاعر أكثر وتباهٍ أقل. أصبحت المحادثات: أليس هذا هراء؟ بصراحة، لديّ شعور سيئ حيال الأمر. هل تمكننا ممارسة الجنس؟”.

أصحاب الذكريات القديمة يشبّهون الوضع الحالي بما كان عليه في حقبة فايروس عوز المناعة البشري (الإيدز). تقول تشارلي: “إنه خطاب الصحة الجنسية المعروف لنا من تلك الحقبة، والأسئلة ذاتها من نوع: هل هناك من تمارس معهم الجنس أيضاً؟ متى كانت آخر مرة لك معهم؟ في حقبة الإيدز، كانت الطبيعة المحرّمة مفهومة نوعاً ما، لأنها تعني عادة إخفاء حقيقة علاقة جنسية عن شخص آخر. لكن العلاقات الجنسية وقتها كانت مصدراً مباشراً للوباء، مما كان يفرض نوعاً من الضغط الاجتماعي على تلك العلاقات، وتأطيراً لما هو مألوف وما هو خارج عن المألوف، إضافة إلى شعور دائم بالتهرّب وعدم رغبة أي شخص في معرفة شيء عن علاقاتك. كان الأمر أشبه بالحياة المزدوجة لكثيرين”.

ولكن في حالة “كوفيد- 19″، أصبح من الصعب المضي قدماً في أي علاقة ناشئة. تقول بيكي: “اختفت كل الوسائل الطبيعية التي يمكنك من خلالها التعرف إلى شخص ما، مثل الذهاب إلى الملهى، ورؤية كيف يتعامل مع أصدقائه، وكيف يتصرف مع أصدقائك، وكل تلك الأمور. أصبحت الخيارات المتاحة الآن: هل تريد الذهاب إلى الحديقة لتموت من البرد أم المجيء، بشكل غير قانوني، إلى منزلي؟”.

في إطار الفهم السائد بأن هذه الظروف استثنائية ينبغي للجميع فيها الاصطفاف وأداء ما عليهم من واجبات، وأنه مهما بلغ المرء من صعوبات نفسية أو عاطفية لن يكون مثل العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية الذين قد يكونون عازبين، بدورهم ولكنهم مشغولون للغاية عن القلق بشأن ذلك، يصبح الاعتراف بالحق “الإنساني” لمنتهكي القواعد درباً من انعدام الحساسية والمسؤولية. لكن في الواقع، يمكننا القول إن كثراً منّا يطيعون القواعد لأنها تعترف بهم فحسب (على سبيل المثال، سُمح للوالدين الذين يتشاركون حضانة أبنائهم، في مثل حالتي، بالتبديل في استضافة الأبناء خلال الحظر التام؛ لكن إذا منعت اللوائح ذلك، سوف أتجاهل تلك اللوائح ببساطة).

هذا التصنّع المبالغ فيه للخجل من الجميع، ولا سيمّا من المشرّعين وواضعي السياسات، حرم عدداً هائلاً من الأشخاص العازبين أو غير المقيمين مع أحبائهم من تجارب لن تُعوّض. لقد عدَّتهم القوانين إما غير موجودين، أو غير مهمّين. تسأل غوردون: “كيف يمكنني متابعة حياتي بطريقة لا أشعر فيها بالتجاهل والنسيان؟”.

تم تغيير بعض الأسماء والمعلومات التي قد تحدد هوية أصحابها.هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا  الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: