fbpx

مبعوث بايدن إلى إيران سيجعل المقاربة الأميركية تجاه سوريا أكثر تعقيداً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“ثمة ما يبرر القلق من أن تعيينه ربما يشير إلى نية في اتباع النهج الذي سارت عليه إدارة أوباما، وإن حدث ذلك بالفعل فقد تكون هذه فرصة كبيرة ضائعة لسوريا”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تضج أروقة واشنطن بالمناقشات حول اختيار المسؤول السابق في إدارة أوباما روبرت مالي ليكون مبعوث بايدن الخاص إلى إيران. هذا الشجار بين داعمي مالي ومنتقديه هو بمثابة معركة تمهيدية للحرب المقبلة على السياسة التي ستُتبع تجاه إيران. لكن عودة مالي إلى الحكومة ستكون ذات تداعيات كثيرة على سوريا أيضاً، وهو ما قد يبث روح الشقاق بين فريق بايدن من اللحظة الأولى. 

اندلع هذا الجدل العام حول مالي عندما غرد عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس، توم كوتون، قائلاً إن تفكير الرئيس باسم روبرت مالي كان “مثيراً للاستياء بشدة” بسبب “سجل مالي (المزعوم) الحافل بالتعاطف مع النظام الإيراني والعداء تجاه إسرائيل”. احتشدت أطراف معروفة في مؤسسة السياسية الخارجية إما للدفاع عن مالي أو الهجوم عليه. فقد سارع بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ المستقل عن ولاية فيرمونت، للدفاع عنه إلى جانب مسؤولين كثيرين سابقين في إدارة أوباما وأفراد من منظمة “كود بينك” المناهضة للحرب. في حين انضم أعضاء بارزون في المعارضة السورية إلى مؤيدي الحرب على إيران في هجومهم على مالي، إذ يخشى السوريون أن يقوض مالي وعود بايدن بإصلاح إخفاقات السياسات الخارجية تجاه سوريا في عهد أوباما.

 يخشى كثر من السوريين أن يعارض مالي من الداخل مجدداً فرض عقوبات على الأسد أو مساعدة المعارضة السورية. ويخشون أيضاً أن تساهم جهوده في التفاوض مع إيران بشأن الصفقة النووية في عرقلة الملف السوري ثانيةً وأن تجعل إدارة بايدن تتساهل مع أنشطة إيران الخبيثة الأخرى

أخبرني مسؤولون سابقون في إدارة أوباما أن مالي كان معارضاً لدعم الحركة السورية المؤيدة للديموقراطية خلال عمله في البيت الأبيض وتصدى لفرض عقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، غالباً لضمان نجاح مفاوضات الصفقة النووية الإيرانية. في مقابلة معه عام 2018، انتقد مالي المساعدات الأميركية المقدمة إلى المعارضة السورية قائلاً، “شاركنا في تأجيج الصراع بدلاً من محاولة إيقافه”.

لذلك يخشى كثر من السوريين أن يعارض مالي من الداخل مجدداً فرض عقوبات على الأسد أو مساعدة المعارضة السورية. ويخشون أيضاً أن تساهم جهوده في التفاوض مع إيران بشأن الصفقة النووية في عرقلة الملف السوري ثانيةً وأن تجعل إدارة بايدن تتساهل مع أنشطة إيران الخبيثة الأخرى، من قبيل الجهود التي تبذلها لدعم الأسد ومشاركتها في ارتكاب فظائع في سوريا واستمرارها في نقل الصواريخ إلى “حزب الله”.

وقال ستيفن هايدمان، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث، “ثمة ما يبرر القلق من أن تعيينه ربما يشير إلى نية في اتباع النهج الذي سارت عليه إدارة أوباما، وإن حدث ذلك بالفعل فقد تكون هذه فرصة كبيرة ضائعة لسوريا”.

تتعارض وجهة نظر مالي حول القضية السورية مع وجهات نظر مسؤولين بارزين آخرين في إدارة بايدن، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن. خلال الحملة الانتخابية، أخبرني بلينكن أن إدارة أوباما “أخفقت” في سوريا، وأنه سوف يتعين على الفريق الجديد “اتخاذ إجراءات” بشأن ذلك الملف، من خلال الحرص على تنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا بحزمٍ، وهو قانون يهدف إلى التصدي لأسوأ الفظائع التي يرتكبها الأسد، مثل التعذيب الجماعي وجرائم القتل الجماعية، وكذلك الاعتقال الجماعي للمدنيين والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. 

إقرأوا أيضاً:

عام 2019، كتب بلينكن مقالة افتتاحية بالتعاون مع روبرت كاغان، تناولا فيها آراءً تتعارض مع موقف مالي إزاء سوريا. وجاء في المقال: “في سوريا، سعينا إلى تجنب تكرار سيناريو العراق من خلال عدم التدخل كثيراً، ولنا الحق في ذلك، لكننا وقعنا في الخطأ المضاد المتمثل في عدم فعل سوى أقل القليل”.

ما يزيد من تعقيد استراتيجية إدارة بايدن تجاه سوريا هو تعيين بريت ماكغورك منسقاً لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، وهو المنصب الذي كان يشغله مالي سابقاً. في عهد أوباما، كان ماكغورك أحد المسؤولين الرئيسيين الذين تزعموا المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقد كرس اهتمام الولايات المتحدة ومواردها لتحالفٍ مع الأكراد، بينما تحاشى التعامل مع الكثير من الفصائل العربية في المعارضة السورية وأقصى الأتراك.

نشر ماكغورك مقالاً في مجلة “فورين بوليسي” عام 2019 يتعارض أيضاً مع وعود بلينكن بزيادة الدور الأميركي في سوريا. فقد رأى أنه ينبغي للولايات المتحدة تشجيع الأكراد على عقد صفقة مع روسيا ونظام الأسد. وكتب أيضاً أنه “على واشنطن أن تخفض تطلعاتها” وأن تركز جهودها على أمرين مهمين فقط في سوريا: تنظيم الدولة الإسلامية والتهديد التي تشكله إيران على إسرائيل.

ثمة إشاعة داخل الإدارة أن بلينكن يعتبر جيفري فيلتمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والدبيلوماسي في الأمم المتحدة، مبعوثه الخاص إلى سوريا. نشر فيلتمان مقالاً، كُتب بمشاركة هرير باليان المدير السابق لبرنامج تسوية النزاعات في مركز “كارتر”، يقول فيه إن الولايات المتحدة ينبغي أن تعرض على النظام السوري تخفيف العقوبات إلى حدٍ ما مقابل تقديم الأسد بعض التنازلات. 

أخبرني فيلتمان، “أظن أن الأسد لن يقبل ذلك، وسيكون ذلك دليلاً إضافياً لأيّ شخصٍ ما زال يحتاج لإثبات أنه المُخرب الرئيسي في سوريا”.

يعتقد مسؤولون سابقون أنه لا فائدة من محاولة فعل أيّ شيء آخر في سوريا. فقد أخبرني روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا، أن فرض العقوبات أو ممارسة الضغوط لن تجبر الأسد على تغيير نهجه، ولا رغبة في أن تمارس الولايات المتحدة مزيداً من الضغوط الجديدة الكافية لإحداث فارق. مضيفاً، “لقد خسرنا. لم أرغب في حدوث ذلك، لكن هذه هي حقيقة الأمر”.

لكن للأسف، ومثلما يدرك بلينكن بوضوح، لا يسع الولايات المتحدة التخلي ببساطة عن سوريا ووضع ثقتها في موسكو وطهران لتولي الأمر، من دون التوصل إلى حل سياسي حقيقي من شأنه أن يمنح ملايين السوريين بعض المطالب الأساسية كالكرامة والأمان والعدالة، ستزداد الأوضاع التي تسببت في اندلاع الاحتجاجات قبل 10 سنوات سوءاً، ولا أمل بأن تتحسن، وهو ما يعني المزيد من اللاجئين والمزيد من التطرف والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وخارجها.

– هذا المقال مترجم عن washingtonpost.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: