fbpx

هل تتحرك الدول المجاورة لليمن لدرء الانهيار الكامل؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على عتبة أبواب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر مجاعة يجب على هذه الدول التحرّك فوراً من أجل تفاديها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يوم الاثنين 1 آذار/مارس، يجتمع قادة العالم لحسم مصير اليمن، في وقت حذّرت الأمم المتحدة من ضرورة جمع ما يقرب الـ 4 مليارات دولار أمريكي لتلبية خطة الإغاثة الانسانية في البلاد. سوء التغذية بلغ مستويات قياسية. حوالي خمسون ألف شخص يتضوّرون جوعاً. ومن دون ضخ نقدي قوي لدعم خطة الإنقاذ، فالأرجح أن العالم سيشهد قريباً مجاعةً واسعة النطاق لم يشهد التاريخ لها مثيل.

أعود إلى اليمن الآن للتحدّث مع عائلات محاصرة في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وكانت زيارتي الأخيرة لليمن في العام 2017 تركت آثاراً سلبية عميقة جدّاً. بحكم عملي كوكيل سابق للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وبصفتي اليوم رئيس لإحدى أكبر المنظّمات الإنسانية في العالم، ألتقي بأشخاص يعانون من الأزمات خلال زياراتي لشتّى أنحاء العالم، لكن اليمن ظلّ مختلفاً، وما زلت أتذكر بوضوح المستوى غير المسبوق للجوع والبؤس الذي شهدتُه هناك. 

لم يكن من الممكن تصوّر أن الظروف آنذاك كان يمكن أن تزداد سوءًا، لكنها فعلاً ساءت. وهي الآن الأسوأ، بلا منازع. هذا العام، سيُصاب نصف سكّان اليمن البالغ عددهم ثلاثين مليون نسمة بالجوع. مئات الآلاف من الأطفال، معظمهم لا يتجاوز البضع سنوات من العمر، يعانون حاليّاً من سوء تغذية حاد لدرجة أن أجسادهم الصغيرة تتدهور ببطء.

لم يكن سبب هذه الكارثة الجفاف المناخي أم زلزالٍ ما. الحروب وقرارات من صنع الإنسان هي التي سبّبتها. 

ما شهدناه في الصومال يدلّنا إلى أن لحظة إعلان المجاعة سيكون قد فات الأوان. خلال السنوات الستّ الماضية وحتى الآن، عاش اليمنيّون من دون طعام كافٍ ممّا أدى إلى وفاة العديد من الناس وأعاق تنمية جيل بأكمله بشكل لا رجعة فيه.

عام 2019، كانت المملكة العربية السعودية أكبر مانح لليمن. ولكن في العام الماضي، خفّضت المملكة مساهمتها في خطّة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن بنسبة 65٪. أما الإمارات العربية المتحدة، فقد خفّضت تمويلها لخطّة الاستجابة بنسبة صادمة بلغت 95٪، ما يساوي انخفاض من مبلغ 115 مليون دولار إلى أقل من مليون. من جهة أخرى، قطعت قطر مساهمتها بأكثر من النصف. والكويت ألغت تقريباً 100٪ من تبرعاتها العام الفائت.

بعد زيارة العام 2017، رفعت منظّمتي الصوت عالياً حول الأوضاع في اليمن. وعندما تم إطلاق تحذير جدّي من المجاعة خلال عام بعد ذلك، استجاب المجتمع الدولي بشكل سريع، فشعرنا بشيء من الارتياح. زادت مبالغ التمويل بسرعة، بما في ذلك التمويل الآتي من دول الخليج، وتم توسيع جهود الإغاثة وتوجيه الدعم إلى الاقتصاد اليمني، فتم تجنّب المجاعة بنجاح.

دخلنا عام 2021 ونحن نرى كيف يُدفع اليمن إلى حافة المجاعة مرّة أخرى. ولكن هذه المرّة، حجم التعهّدات بالدعم التي يتم جمعها لا تعكس ضراوة الظروف القاسية التي يمرّ بها اليمنيون.

تشير أرقام الوفيات في اليمن نتيجة النقص في تمويل الخدمات الإنسانية إلى ضرورة جمع التعهّدات اللازمة في أقرب وقت. فهناك تسعة ملايين شخص في اليمن يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة وأصبحوا الآن يتلقّون نصف ما كانوا يتلقّونه في السنوات الماضية. وخلال جائحة كورونا التي يشهدها العالم حتّى اليوم، تم قطع نصف إمدادات المياه التي كانت تصل إلى 15 مدينة رئيسية.

في بلاد كاليمن، تُعتبر صفة الكرم أمر مقدس. في اليمن، نجا عشرات آلاف الناس من الجوع والموت بفضل جيرانهم، أو بفضل غرباء مدّوا لهم يد العون. قامت المجتمعات الزراعية بحماية عدد كبير من الأشخاص الذين فرّوا من القنابل والرصاص. تشاركت العائلات طعامها وملابسها، وعدد هائل من اليمنيين فتحوا منازلهم لمن هم في أمس الحاجة إليها.

هذا هو نوع التضامن والتعاون الذي يحتاج اليمن اليه الآن، من الدول المجاورة له. 

يوم الاثنين 1 آذار/مارس، من المتوقع أن يشارك قادةٌ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر في مؤتمر اليمن الدولي للمانحين. كانت هذه الدول من أكبر المساهمين في جهود الإغاثة السابقة في اليمن. ولكن في العام الماضي، توقّف التمويل من قبل تلك الدول بشكلٍ مفاجئ.

عام 2019، كانت المملكة العربية السعودية أكبر مانح لليمن. ولكن في العام الماضي، خفّضت المملكة مساهمتها في خطّة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن بنسبة 65٪. 

أما الإمارات العربية المتحدة، فقد خفّضت تمويلها لخطّة الاستجابة بنسبة صادمة بلغت 95٪، ما يساوي انخفاض من مبلغ 115 مليون دولار إلى أقل من مليون. 

من جهة أخرى، قطعت قطر مساهمتها بأكثر من النصف. والكويت ألغت تقريباً 100٪ من تبرعاتها العام الفائت.

إقرأوا أيضاً:

لا يقتصر الموضوع فقط على أن نكون جيران صالحين أو مواطنين دوليّين صالحين. فالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتحمّلان مسؤولية الظروف المأسوية في اليمن بسبب تورّطهما المباشر في الصراع. إن مبلغ 3.8 مليار دولار اللازم لتمويل عمليات المساعدة في اليمن يتضاءل مقارنة بالمبالغ التي يُقال إن التحالف الذي تقوده السعودية أنفقها على الحرب.

أضعف الإيمان أن يقوم جيران اليمن بتقديم التعهّدات بمعدّلات ومبالغ مماثلة لتلك المقدّمة قبل العام 2020. كما على حكومات الدول الكبرى أيضاً أن تزيد مستوى تعهّداتها، لا سيّما الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، اللتين لعبتا دوراً في هذا الصراع الوحشي الذي دام ست سنوات. إلى ذلك، يجب الحرص على تحويل التعهّدات بسرعة إلى مساعدات نقدية مباشرة على الأرض، حتى تتمكن وكالات الإغاثة من استكمال نشاطها دون تأخير؛ وينبغي اتبّاع خطوات أخرى لتخفيف معاناة أهل اليمن، بما في ذلك إدخال إجراءات لتثبيت أسعار الغذاء المتصاعدة وتجنّب الانهيار الاقتصادي وتخفيف الحصار على واردات الوقود. 

على أطراف الصراع في اليمن من الدول الخليجية، ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى الأطراف اليمنية الناشطة على الأرض وإيران، لعب دور فاعل في المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع الذي يشكّل السبب الجذري للمجاعة في اليمن. لكن الخطوة الاولى تبدأ بتقديم مساعدة تكفي لدرء انهيار كامل.

الوقت ليس لصالح اليمن. وسيذكر التاريخ مؤتمر المانحين في 1 آذار/مارس إما كخطوة أولى في مسيرة انتشال اليمن وأهله، أو كاليوم الذي تخلّى فيه جيران اليمن عنه.

*يان إيغلاند –  الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين منذ العام 2013 حيث يشرف على عمل المنظمة الإنسانية في أكثر من 30 دولة متضررة من النزاعات والكوارث. تم تعيينه في كانون الثاني/يناير 2021 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، كرئيس للجنة الاستشارية العليا المستقلة المعنية بتنسيق مصالح النشاطات الإنسانية في سوريا. 

إقرأوا أيضاً: