fbpx

العراق يطرق باب السعودية المقفل منذ 30 عاماً… فهل تسمع إيران؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“قد تكون اللعبة العربية في العراق شاقة وطويلة وفيها كُلف كبيرة، لكنها ربما تكون هي الثمن المطلوب دفعه مقابل خطيئة تركه وحيداً لأكثر من ثلاث عقود”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لقاء “الفيديو كونفرنس”، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 الماضي بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان الطرقة الأولى على باب العلاقات الثنائية التي دخلت في سبات عميق منذ 30 عاماً، ولو عدّدنا سنوات الود والوئام، لوجدناها تشكل نسبة متواضعة جداً أمام سنوات التناحر والعداء، منذ غزو العراق للكويت في تسعينات القرن الماضي. 

اللقاء بـ”الفيديو” بين الكاظمي وبن سلمان تم خلاله استعراض جدول  أعمال الدورة الرابعة لمجلس التنسيق العراقي السعودي. وأصدر الرجلان بياناً مشتركاً أكدا فيه عزمهما على “تعزيز العلاقات في المجالات كافة، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين”.

في منتصف شباط/ فبراير الماضي زار السعودية وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، فيما زار العراق في أغسطس 2020 وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان الذي التقى بالكاظمي العائد وقتها من واشنطن من قمة ثلاثية مع مصر والأردن، في أجواء تعطي انطباعاً واضحاً بأن العراق ماضٍ بتعزيز الانفتاح على العالم وصناعة شراكات متينة مع محيطه العربي والمجتمع الدولي.

“المصالح الاقتصادية الاستثمارية والتجارية المتوازنة تشكّل  أداة الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة في المنطقة”. 

وكان الكاظمي يستعد لزيارة الرياض في 20 تموز/ يوليو 2020، وجهته الأولى بعد تقلّده رئاسة الحكومة العام الماضي بعد استقالة سلفه عادل عبد المهدي، إلا أن اللقاء تأجّل بسبب ظرف صحيّ ألمّ بالملك سلمان بن عبد العزيز. 

يشير مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي للحكومة العراقية، إلى أن “السياسة الخارجية الاقتصادية للعراق تقوم على مبادئ حسن الجوار مع جميع البلدان التي على حدودها، وخصوصاً السعودية، ويجب العمل على تقوية المصالح الاقتصادية عبر المشتركات الجامعة بين البلدين”، مؤكداً أن “المصالح الاقتصادية الاستثمارية والتجارية المتوازنة تشكّل  أداة الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة في المنطقة”. 

في الوقت الذي يشكل العراق بأرضه المعطاء ووفرة مياهه (حتى في أحلك مراحل الجفاف التي يشهدها مؤخراً) مرتكز الزراعة في منطقة شرق المتوسط، فإن السعودية تمثل سوقاً صناعية ناشئة وقوة تكنولوجية متطورة أمست تحظى  بتقدم نوعي في الإنتاج، لا سيّما الزراعي، وتطور المكننة ولوازمها، وذلك بحكم روابطها القوية مع العالم الصناعي  واخذها بمرور الوقت موقعاً متميزاً في مجموعة البلدان العشرين القوية اقتصادياً G20.  إضافة إلى كونها سوقاً عالية الاستهلاك والديناميكية، بحسب صالح، ما يعني أن إمكانات التكامل الزراعي والصناعي وفتح الاسواق بين البلدين لا بد لها أن تؤمن بمرور الوقت بناء وتقوية مشتركات الأمن الغذائي وأسس الزراعة الحديثة وأساليب تسويقها عالمياً، وإيجاد مناخ واسع لتطبيق التكنولوجيات الزراعية وأنظمة الري والتسويق الزراعي المتقدم وما يتبعهما من استثمارات وتجارة قوية.

إقرأوا أيضاً:

“بوابة التحول”

بعد 30 عاما ًمن الإغلاق افتتح في تشرين الثاني 2020 معبر “عرعر” بين السعودية والعراق، نتيجة أعمال مجلس التنسيق السعودي العراقي في دورته الرابعة. ويقع مشروع منفذ “جديدة عرعر” من الجانب السعودي ومنفذ “عرعر” من الجانب العراقي على مساحة إجمالية تبلغ مليوناً و666 ألفاً و772 متراً مربعاً. 

ويرى صالح في فتح المعابر الحدودية إشارة إيجابية إلى انتظام العلاقات الاقتصادية بين البلدين الجارين، وفك العزلة التي فرضت على العلاقات الثنائية خلال السنوات الأربعين الماضية. وكان المعبر أغلق عام 1990 إبّان الحرب العراقية- الكويتية، ولم يتم فتحه بشكل رسمي، قبل تشرين الثاني 2020، باستثناء مواسم الحج. 

هل هو باب لإخراج النفوذ الإيراني؟

فتح معبر “عرعر” طرح أسئلة حول مزاحمة السعودية إيران في الساحة العراقية، على المستويين السياسي والاقتصادي. من الناحية الاقتصادية، يصعب ‘ضعاف النفوذ الإيراني في العراق، بحسب الباحث في الشأن الاقتصادي الدولي، عقيل الأنصاري، لأن إيران منافس أساسي ببضائعها في الأسواق العراقية الاستهلاكية،  ومن مبدأ حرية التبادل التجاري والصمود للسلع الأفضل والأرخص، ليتنافس الأطراف بالأسعار والجودة، لما فيه مصلحة المستهلك العراقي، كما أن نقل التكنولوجيا والخبرات سوف يحسن، بلا شكّ، من مستوى المنتجات المحلية، التي تعزز الاقتصاد العراقي وتقلّل من اعتماده على إيرادات النفط. 

“الهشاشة التي تضرب مناحي الحياة في العراق جعلته توّاقاً للبحث عن دور عربي مُنقذ يعيد إليه الاستقرار”

الظروف الاقتصادية الضاغطة نتيجة العقوبات التي تمرّ بها إيران وتعاني منها، جعلت دورها يتآكل قليلاً، وأوقعت حلفاءها الذي يحكمون العراق في حيرة من أمرهم، بعد الفشل السياسي والاقتصادي وخواء الخزينة وفقاً لأستاذ العلاقات الدولية مازن الزيدي، الذي يرى أن “الهشاشة التي تضرب مناحي الحياة في العراق جعلته توّاقاً للبحث عن دور عربي مُنقذ يعيد إليه الاستقرار”، ويضيف الزيدي لـ”درج”: “قد تكون اللعبة العربية في العراق شاقة وطويلة وفيها كُلف كبيرة، لكنها ربما تكون هي الثمن المطلوب دفعه مقابل خطيئة تركه وحيداً لأكثر من ثلاث عقود. عودة العرب إلى العراق ليست ترفاً بل هي واجبة”.

على الحكومة التريث بعلاقاتها الديبلوماسية!

الباحث في الشؤون السياسية العراقية مثنى الغانمي يلفت إلى أن “جميع الحكومات المتعاقبة حرصت وعبر تصريحاتها على السعي إلى جعل العراق بلداً منفتحاً على الجميع وساحة توازنات لا صراعات”، فمن غير المقبول تداول مصطلحات الإبعاد أو الاحتضان لطرف دون آخر، لا سيما أن عالم السياسة تسوده العلاقات والمصالح المتبادلة”.

الغانمي يحذر من تكريس العراق مادة للتجاذب الإقليمي والدولي، إذا ما تحركت الحكومة الحالية برئاسة الكاظمي باتجاه تقليص مساحات التعاون والمشاركة مع بعض الأطراف الإقليمية، في إشارة إلى إيران.

الغانمي ينصح الكاظمي بالتريث في رسم سياسات العراق الإقليمية، حتى تتضح سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في المنطقة، بناءً على معيارين: “الأول مصالح الشعب العراقي، والثاني المتغيرات الدولية والأبعاد الأحادية التي تشكل خطراً على البلد ومكانته الدولية”.

إقرأوا أيضاً: