fbpx

لبنان: سوزان الحاج بريئة وكوليت تقهقه في تل أبيب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الوقت الذي كان فيه القاضي اللبناني يلفظ حكم براءة المقدم سوزان الحاج كانت الأجهزة الأمنية والقضائية صاحبة هذا الإنجاز الأمني والطائفي، متهمة زياد ثم مبرئة المقدم الحاج، ترفع منسوب “حذرها” من الموساد…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المقدم في قوى الأمن الداخلي اللبناني سوزان الحاج “بريئة من ظلامة زياد عيتاني”! هذا ما قرره القضاء اللبناني، الذي لم يُنصف لبنانياً واحداً من بين أكثر من مليوني لبناني سطت المصارف على ودائعهم. قبل تبرئة الحاج، كان رئيس الجمهورية اللبنانية الذي قال عنه صهره قبل أيام قليلة إنه واجه العالم كله بعبارة واحدة: “أنا ميشال عون”، قد وقع مرسوماً بترقية الملازم أول في أمن الدولة فراس عويدات، علماً أن الأخير هو الذي تولى تعذيب عيتاني أثناء احتجازه، بحسب ما قال زياد!

ثمة سر في معادلة مكافأة كل من تولى ظلم الفنان الذي شكلت قضيته فضيحة موازية للفضائح الكبرى التي يعيش لبنان على وقعها! ضابط وضع إشارة إعجاب على تغريدة تتناول السعودية، فقرر صحافي اسمه زياد عيتاني، هو غير زياد الذي تمت فبركة تهمة العمالة له، أن يُشهِر به. وفعلاً اتُخذت إجراءات بحق الضابط، فقرر الأخير أن ينتقم، وتمت فبركة التهمة للشخص الخطأ، فزج بالسجن، وتولت آلة التخوين التشهير به عبر وسائل إعلام لطالما طرحت على نفسها مهمة “مقاومة التطبيع”، فسقطت ضحية آلة افتراء تافهة وفاسدة. وتمثل “الخطأ” الأول في حقيقة أننا حيال أجهزة أمنية فاسدة لكنها أيضاً غير محترفة، ذاك أنها فبركت ملفاً لزياد آخر غير زياد الذي شَهّر بالضابط! واستمر زياد في السجن معرضاً لأنواع من التعذيب والتشهير لا تقل عما أصابنا مع المصارف وما أصاب أهل بيروت مع انفجار المرفأ. وما أن بدأت تتكشف براءته حتى تحرك سعد الحريري، رئيس الحكومة في حينها، ذاك أن عيتاني بحسبه من “أهل السنة” وهو سليل عائلة بيروتية لها كلمتها في الانتخابات! نقل الحريري ملف التحقيق بقصة زياد من جهاز أمن الدولة (الماروني) إلى جهاز المعلومات (السني)، فكشف الأخير اللعبة ودوت الفضيحة.

اذا كانت كوليت هي الـ”فيكشن” الضروري لحبكة القصة المؤلفة عن زياد، فإن سوزان حقيقة ثقيلة يقتضي ترشيق دورها في هذا السيناريو.

ليس لأن زياد مواطن لبناني جرى انصافه، وهو أصلاً لم يُنصف طالما أن سوزان الحاج “بريئة من ظلامته”. لقد أفرج عنه بوصفه من رعية رئيس الحكومة. هو لا يعتبر نفسه من هذه الرعية، إلا أن لبنان لا ينصف مواطناً، بل يُنصف ابن رعية! وتتمة القصة تؤكد ذلك، فالحريري الذي تحرك للإفراج عن ابن طائفته لم يتابع قصة الظلم الذي لحق بزياد، ذاك أن سوزان هي زوجة شقيق نائب في كتلته، وهي لحظة تقاطع نادرة بين العونية والحريرية، والعدالة ليست موضوعاً في هموم الجماعتين، بل الحصص وتوزعها والغنائم وتقاسمها.

والحال أن مضبطة فضائح تكمن في كل تفصيل من تفاصيل هذه الحكاية، وتكشف اختراق الفساد والهُزال كل مفاصل السلطة، بدءاً من حقيقة معاقبة ضابط على إشارة “لايك” وضعها على تغريدة، مروراً بقرار الضابط نفسه فبركة ملف “عمالة” لمن شهر به، وصولاً إلى الخطأ في اختيار الهدف، ثم نقل الملف إلى جهاز أمني آخر. وتخلل هذه الفضائح وقائع تشويق هزيلة دخلت عليها الضابطة الإسرائيلية كوليت، والتي وقع زياد بغرامها، فراحت تغذي مخيلة مقاومي التطبيع وفانتازماتهم.

اليوم سوزان الحاج بريئة، ويجب ضم براءتها إلى عناصر الحكاية. واذا كانت كوليت هي الـ”فيكشن” الضروري لحبكة القصة المؤلفة عن زياد، فإن سوزان حقيقة ثقيلة يقتضي ترشيق دورها في هذا السيناريو. وهنا يبرز دور إيلي غبش، المبرمج الذي تقول الرواية الأمنية المحبكة أنه هو من فبرك القصة كلها، وأن المقدم سوزان الحاج ليست أكثر من خافٍ للمعلومات! وهنا نصل إلى حقيقة أن غبش عبقري برمجة وأدب بوليسي أيضاً. فإدخال كوليت إلى القصة حول الأمن والقضاء والسياسة في لبنان إلى ملهاة لا شك في أن ضباط الموساد قد أمضو أثناء تتبعهم لها أوقاتاً مرحة، وأن قهقهاتهم قد أزعجت جيرانهم، وأن نزعج جيران الموساد فهذا فعل محمود.

وفي الوقت الذي كان فيه القاضي اللبناني يلفظ حكم براءة المقدم سوزان الحاج كانت الأجهزة الأمنية والقضائية صاحبة هذا الإنجاز الأمني والطائفي، متهمة زياد ثم مبرئة المقدم الحاج، ترفع منسوب “حذرها” من الموساد، فتستدعي ناشطتان هما هبة دندشلي ونسرين شاهين بدعوى من صهر الجمهورية جبران باسيل، وقبلهما استدعي عدد آخر من النشطاء، وحصل ذلك في ظل فضائح بلغت مستويات من الوقاحة دفعت وزراء خارجية دول كبرى إلى الصراخ في برلمانات بلادهم نادبين لبنان وأهله.

إقرأوا أيضاً: