fbpx

العراق: رصاص اغتيال النشطاء يرتدُّ على القنصليات الإيرانية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الاحتجاج والتظاهر أمام السفارة الايرانية يدلّان بوضوح على أن الشعب يشخص من يقوم بقتل أبنائه الابرياء، ويعرف أنهم من الجماعات التي تدعمها إيران سواء كان بأمر ايراني أو بدونه”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ربما هي الدراجة النارية الصغيرة ذاتها التي اغتال راكبوها فاهم الطائي أمام منزله في محافظة كربلاء (110كلم جنوب بغداد) يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2019، حملت القتلة ومسدساتهم الكاتمة ليغتالوا صديقَه ورفيقَه في الاحتجاجات إيهاب الوزني في الساعات الأخيرة من مساء السبت 8 أيار/ مايو 2021.

وكالعادة، لم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتيال الوزني، على رغم تعدّدِ الجهات التي تملك السلاح، لكنَّ ناشطاً مقرّباً من الوزني، قال وهو يرافق جثمانه في الطبابة العدلية في كربلاء، “إنّها ميليشيات إيران، اغتالوا إيهاب وسيقتلوننا جميعاً، يهدّدوننا والحكومة صامتة”. 

كان الوزني نجا قبل نحو سنتين، في كانون الأول 2019، من مصير مماثل حين كان يرافق لطائي الذي فقدته أسرته وهو في الثالثة والخمسين من عمره.

وتلقّى تهديدات بإنهاء حياته، سلّم على إثر واحدٍ منها أسماء مهدديه (أو من يشكُّ بهم) لقائد شرطة كربلاء، الشيء الذي دفع ذويه، بحسب أحد أخوته، إلى رفع دعوى ضد قائد الشرطة بعد يوم من اغتياله: “بما أنه علم بأسماء مهددي أخي إيهاب ولم يفعل شيئاً، فهو مقصر” يقول أخو الوزني.

تقول المفوضية العليا لحقوق الإنسان إن عددَ عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال بلغ 70 عملية، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

الغضب المحتوم

على أثر اغتيال الوزني، اندلعت في كربلاء ثم محافظات أخرى، احتجاجات تستنكر انفلات الأمن وأريحية القتلة بممارسة إجرامهم، رافعةً شعار الكشف عن قتلة إيهاب وبقيّة المتظاهرين وتقديمهم إلى العدالة، كما استنكر المحتجون ضعف حكومة مصطفى الكاظمي ونكثه الوعود التي قطعها على نفسه، حيث شكّلت الحكومة 4 لجان لحسم ملف التحقيق بعمليات الاغتيال ولكن حتى الآن لم تظهر نتائج.

وفي مشهد مكرّر، تجمع محتجون غاضبون أمام مبنى القنصلية الإيرانية في محافظة كربلاء وردّدوا هتافات منددة بالدور الذي تلعبه إيران في العراق عبر الأحزاب والفصائل المسلحة المرتبطة بها.

بعد دقائق من التجمع الغاضب، اشتعلت النيران بـ”كرفانات” تابعة للقنصلية وحاول محتجون اقتحام المبنى، لكن عناصر الأمن وقوات مكافحة الشغب التي التحقت بالمكان منعوهم بالقوة وفرّقوا التجمع.

إقرأوا أيضاً:

وليست هذه المرة الأولى، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 خلال الاحتجاجات التي شهدتها بغداد والمحافظات العراقية الجنوبية، رفع المتظاهرون حواجز خرسانية تطوق القنصلية الإيرانية في كربلاء لإنزال علم إيران واستبداله بالعلم العراقي، ثم اشتعلت النيران بالمبنى.

إضافة إلى سفارتها في بغداد، لدى إيران خمس قنصليات عامة في السليمانية، أربيل، البصرة، النجف، كربلاء. تعرضت ثلاثٌ منها (البصرة، النجف، كربلاء) للحرق تزامناً مع احتجاجات شعبية. وللعراق سفارة في طهران وقنصلية في مشهد وعبادان.

في حديثه لـ”درج”، يرفض الكاتب والصحافي العراقي رضا الشمري العنف أياً كان شكله ويرى أن “هناك تسرّعاً في تسمية المتظاهرين واتهامهم، فيما بقي مجرمون كبار مجهولين ولم تكشف هوياتهم”. 

الدوافع

منذ احتجاجات البصرة عام 2018، صار الغضب الشعبي تجاه إيران والأحزاب والميليشيات المرتبطة بها معتاداً. ويرى الشمري أن “الاحتجاج والتظاهر أمام السفارة الايرانية يدلّان بوضوح على أن الشعب يشخص من يقوم بقتل أبنائه الابرياء، ويعرف أنهم من الجماعات التي تدعمها إيران سواء كان بأمر ايراني أو بدونه”.

وتتعدد أطوار الاحتجاج على إيران وميليشياتها في التظاهرات العراقية، بدءاً بالهتاف الشهير الذي ردّده مشيعو جثمان إيهاب الوزني في ضريح علي ابن أبي طالب في محافظة النجف قبل دفنه: “إيران برا برا” وليس انتهاءً بإحراق صور قادة الثورة الإيرانية والحرس الثوري.

يتأسف رئيس “حزب المواطنة السياسي” غيث التميمي لاستهداف البعثات الديبلوماسية بأي شكل كان، لكنه يرى أن هذه الأفعال وغيرها مؤشرات على الدور السلبي الايراني، “إيران متهمة بالأزمات وهذا مبرر بالقياس مع التصريحات والمواقف الإيرانية تجاه العراق عموماً، والتظاهرات خصوصاً وأهمها ما كشفه زعيم تحالف الفتح هادي العامري عن أن لقاسم سليماني الفضل بالقضاء على داعش وفتنة التظاهرات بتشرين” يقول التميمي.

في حين يعتبر المحلل السياسي جاسم الموسوي، حرق القنصلية الإيرانية “خطيئة من أيّ متظاهر وتُقرأ على أنها أجندة خارجية  تستهدف إيران”. 

استنهاض “المؤامرة”

يقول الموسوي لـ”درج”: “إذا كان المتظاهر يعتقد أن إيران شريكة في أي فساد مالي أو إداري في العراق، فالحل لا يكمن في إحراق مقرات البعثات الديبلوماسية الإيرانية”. ويرى الموسوي أن إحراق القنصليات “يسبب انقساماً مجتمعياً، لأنه سيُقرأ على أنه استهداف للطائفة الأكبر في العراق الطائفة الشيعية وإيران معروفة بشيعيتها ودعمها النظام السياسي”. ففي بلدانٍ أُخرى، قد تتسبّبُ حالات كهذه بأزمات ديبلوماسية، لكن لم تتجاوز ردود الفعل إزاء أحداث إحراق إحدى قنصليات إيران في العراق، نطاقَ البيانات والاستنكارات.

وتواجه كلّ حركة احتجاجية في العراق بعد 2003 اتهامات عدّة كارتباطها بحزب البعث أو تنظيم الدولة “داعش” وكانت أشرس هذه الحملات ما رافق تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

أكثر من مجرد ديبلوماسية

في 10 أيار بعد الحادثة بأقل من يومين، أدانت السفارة الإيرانية في بغداد حادثة اغتيال إيهاب الوزني عبر بيان رسمي، ثم ألحقت الإدانة بسبعِ نقاط، أبرزها أن إيران “لم ولن تطلب قتل المواطنين العراقيين واغتيالهم”، ولم يفُت البيان تذكير العراقيين بقائمة “الأفضال” الإيرانية على العراق، وأبرزها وقوفُ إيران مع العراق في مواجهة الإرهاب وتزويد العراق بالغاز لتشغيل محطات توليد الكهرباء، في حين كرّرت شخصيات عدّة، أبرزها زعيم “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، أن العراق “سدّد مستحقات كل رصاصة لإيران”، وكذلك لا يخفى أن إيران تبيع الغاز للعراق بأكثر من ضعف سعره العالمي.

لا يعتقد رضا الشمري أن العلاقات بين البلدين ستتأثر بحرق “كرفانات” القنصلية: “إنها علاقات قائمة على المنفعة من جانب واحد، وما تجنيه إيران من العراق يفوق خسارة كرفان أمام القنصلية، وايران لن تضحي بالعراق في هذا الوقت لأنه شريان حياة بالنسبة إليها”.

إقرأوا أيضاً: