fbpx

آلاء الصديق وداعاً… هل التقيت سارة حجازي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يمكن فهمه من تجربة سارة وآلاء، هو أن لكل منا تجربته في مقاومة ألم الفقد والبُعد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الأحد (20 حزيران/ يونيو 2021)، عند الثامنة والنصف صباحاً بتوقيت واشنطن، فتحت رسالة وصلتني من صديقتي العمانية حبيبة الهينائي، لمحت فيها صورة الإماراتية آلاء الصديق المديرة التنفيذية لمؤسسة “القسط” لحقوق الإنسان ومقرها لندن. 

مع صورة آلاء لمحت شعار تطبيق “كلوب هاوس”، فاعتقدت أنه إعلان، وضعت إشارة الإعجاب ثم انتقلت لأستكشف الأخبار الجديدة عبر “تويتر”، وإذا بصورة آلاء في كل التغريدات الظاهرة أمامي. الشعراء ينعون صديقتهم الشاعرة آلاء الصديق بكلمات مرهفة، والنشطاء ينعون آلاء الناشطة بشجبهم وقهرهم، والأصدقاء ينعون الصديقة الرقيقة بحزن ولوعة، وأنا ما زلت في صدمتي وذهولي، أعيد قراءة الخبر والتغريدات مراراً وتكراراً ولا أستطيع استيعاب الأمر. الكلمات كانت مبهمة بالنسبة إلي، لم أكن أصدق خبر وفاة آلاء الصديق التي ما زال صوتها عالقاً في أذني. فقبيل شهر رمضان تحدثت إلينا آلاء في غرفة نسوية على تطبيق “كلوب هاوس” عن حكاية هجرتها إلى بريطانيا، وبداية نشاطها الحقوقي مع مجموعة “نساء صغيرات”، وكيف غيرن الاسم عندما أدركن أنهن لم يعدن صغيرات. وقبل أسبوعين فقط هاتفتني تسألني عن أمر، وكان الاتصال الأول بيننا، على رغم تعارفنا منذ فترة. كانت حريصة على انتقاء كلماتها، سخية في التعبير عما يعجبها، إيجابية برغم كل ألم الفقد والبُعد والرحيل الذي تعيشه في المهجر. 

آلاء كانت ناشطة حقوقية إماراتية أيضاً لا تترك مناسبة لرفع قضية معتقلي الرأي إلا وتسهب من خلالها الشرح عن واقع المعتقلين، ما خلق جدلاً في الساعات الأولى بعد رحيلها حول ما اذا كانت وفاتها طبيعية أم مدبرة. 

والتحقيقات ما زالت مستمرة لكشف ملابسات وفاة آلاء بحادث سير في مدينة أوكسفورد البريطانية، لكن النتائج الأولية كما تم نشرها في مؤسسة “القسط” حيث كانت آلاء تشغل آلاء منصب المديرة التنفيذية، لا ترى أي شبهات جنائية، فآلاء وفقاً لشهود، كانت تجلس خلف مقعد الراكب مع سيدتين إحداهما تقود السيارة وكانت بجانب آلاء طفلة، لقد نجا الجميع على رغم الأضرار التي لحقت بهن من كسور ورضوض، وحتى السيارة الاخرى التي اصطدمت بهن بقوة على الطريق بسرعة لا تتجاوز الـ60 كلم/ ساعة، تضرر ركابها بعض الشيء، إلا أن الاصطدام قد حدث تحديداً من جهة آلاء.

 الشابة التي احتفلت بيوم ميلادها الـ٣٣ قبل رحيلها بيوم، آلاء النحيلة جسداً، القوية قلباً، لفظت أنفاسها، على رغم محاولات إسعافها.

شهر حزيران/ يونيو 2020، كان شهد فاجعة انتحار الناشطة المصرية المثلية سارة حجازي في كندا، وهذا العام شهدنا وفاة آلاء الصديق بحادث سير في بريطانيا. ازدادت أعداد النساء الراحلات عن أوطانهن وأسرهن في منطقتنا العربية برغبتهن أو من دونها، ولكل منهن حكاية، فسارة حجازي غادرت وطنها مصر حيث اعتقلت وتعرضت للتعذيب إلى كندا، بحثاً عن مكان يتقبل هويتها الجندرية، وآلاء الصديق وعلى خلاف والدها المعتقل الإماراتي محمد الصديق الذي اختار البقاء في الإمارات بعدما خيرته بلاده بين المغادرة أو البقاء بعد سحب الجنسية منه، فقد سعت آلاء إلى الهجرة ووجدت في بريطانيا مقراً لها لترفع صوتها دفاعاً عن والدها ومعتقلي الرأي من هناك.

وما يمكن فهمه من تجربة سارة وآلاء، هو أن لكل منا تجربته في مقاومة ألم الفقد والبُعد، فسارة اختارت الرحيل وتركتنا وسط أطنان من الأسئلة حول مصير كل سارة من بعدها، أما آلاء التي كسرت أصوات الصمت واستجمعت قوتها من أجل والدها ومعتقلي الرأي جميعاً، فقدِّر لروحها الجميلة أن ترحل يوم عيد الأب. وبعيداً من كم العناء والألم الذي عاشتاه، وسواء اختارتا النهاية أو لا، فإن الظروف التي دفعتهما إلى الرحيل في هذا العمر اليافع، وتحمل هذا الألم الجم، قد قتلتهما قبل أن يبكينا رحيلهما.

قد لا أعرف عنك يا آلاء الكثير، إذ لم نعمل معاً ولم نلتقِ من قبل، لكننا اجتمعنا على المبدأ والحق، وكل من لم يلتقكِ شعر كأنه يعرفك منذ سنوات، لشفافيتك والراحة الكبيرة التي تملأنا عندما نسمع صوتك الصادق، كوني بخير، لن ننساك.

إقرأوا أيضاً:

محمد أبو شحمة- صحفي فلسطيني | 24.04.2024

مع زيادة التهديدات الإسرائيلية… عائلات تترك رفح

للمرة السادسة، اضطرت عائلة أمير أبو عودة إلى تفكيك خيمتها من مكان نزوحها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتوجه بها إلى خان يونس التي تبعد عنها قرابة الأربعة كيلومترات، بعد تزايد الضربات الجوية الإسرائيلية على المدينة الحدودية مع مصر، وزيادة التهديدات بقرب تنفيذ هجوم عليها.