fbpx

لبنان: التعميم 158…
وقصة لص الجمهورية ومرشدها ويتيمها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يسعى الحاكم إلى تجنيب المصارف من تسييل موجوداتها لتعويض المودعين. الـ158 يعني قبول المودع بـ”هيركات” قد يبلغ نحو 80 في المئة من قيمة وديعته، وهو نال رضا السياسيين بعدما ساعدهم على تحويل ودائعهم إلى الخارج…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 أطل لص الجمهورية برأسه مجدداً عبر “التعميم 158” الذي سوقه بوصفه إنجازاً لصغار المودعين، يتيح لهم الوصول إلى ودائعهم على مدى خمس سنوات عبر سحوبات بقيمة 400 دولار شهرياً، والقيمة نفسها بالعملة اللبنانية بسعر صرف 12 ألف ليرة لبنانية. وفي التفاصيل، وشيطان رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان) دائماً ما يقيم في التفاصيل، يلحظ التعميم أن أصحاب الودائع المتوسطة ممن سيستفيدون من التعميم لن يتاح لهم من لحظة توقيعهم العقد، الوصول إلى أرصدتهم التي تفوق القيمة التي يتيحها لهم التعميم إلا على سعر الصرف الرسمي، أي 1500 ليرة للدولار الواحد. وبهذا يكون الحاكم المُطارد في معظم دول العالم ما عدا دولتنا العظيمة قد أمن للمصارف “هيركات هائلاً”، لم يسبقه أحد إليه في كل تجارب الإفلاس التي شهدها القطاع المصرفي في العالم.

هذا الرجل، رياض سلامة، لص غير ظريف! هاجسه الوحيد إنقاذ المصارف وقوننة حفلة السطو التي ارتكبتها بالشراكة معه ومع كل أطراف هذه السلطة القميئة. فما يعنيه التعميم 158 لا شيء إلا حبل نجاة للمصارف من سرقتها الموصوفة. هو عملية إعفاء لها من تحمل أكلاف إفلاس تسببت به شراهتها وقلة أمانتها وتواطؤها، مع سلطة هي أبشع ما مر على دولة وعلى مجتمع وعلى تجربة.

فالمصارف بموجب هذا التعميم معفاة من تحمل أكلاف ما ارتكبته. لا بل معفاة من أن تكون شريكاً في تحمل الأكلاف. موجوداتها وعقاراتها وأرصدتها في الخارج ستكون في مأمن، ووحده المودع الذي سيستفيد من التعميم 158 ممن تزيد وديعته عن قيمة المبلغ البخس الذي لن تبلغ نسبته الـ20 في المئة من قيمة وديعته، وحده سيتحمل كلفة الإفلاس. “الهيركات” هنا يبلغ نحو 80 في المئة من الوديعة. 

هذا الرجل يعالج بالمكر والمراوغة فعلة لم يسبقه إليها أحد في كل ما شهده العمل المصرفي من ظواهر احتيال ونصب.

الـ80 في المئة هذه ستكون وديعة ميتة بموجب توقيع المودع على القبول بالاستفادة من التعميم 158! وهذه المرة سيفقد صاحب الوديعة قدرته على المطالبة بها إلا إذا قبل أن سعر الصرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد. وهذا هو أحد أسرار امتناع مصرف لبنان عن تحرير سعر الصرف، ذاك أن المصارف ستتحمل في حينها أكلاف تحرير سعر الصرف، وسيكون عليها التزام قانوني بهذا السعر تجاه المودعين.

ومكر رياض سلامة وصغائره لم تقتصر على موبقة التعميم الملغوم هذا، فهو سوّق له بوصفه “إنقاذاً” لصغار المودعين، وهؤلاء وعلى رغم أنهم أكثرية أصحاب الحسابات وأكثرهم تضرراً من عملية السطو على الودائع، إلا أن قيمة ودائعهم ليست الأكبر في ترتيب فئات المودعين. المصارف ستدفع نسبة صغيرة من قيمة ما عليها دفعه، وهي نسبة مقسمة على خمس سنوات، وسترتاح من عبء الضغط الذي يشكله هؤلاء عليها كونهم غالبية المودعين على رغم أن ودائعهم تساوي نسبة غير كبيرة من حجم الودائع التي سُرقت. 

هذا الرجل يعالج بالمكر والمراوغة فعلة لم يسبقه إليها أحد في كل ما شهده العمل المصرفي من ظواهر احتيال ونصب. هذا الرجل الذي قال للمحقق الفرنسي في مطار شارل ديغول إنه لم يكن يعلم بوجود الـ90 ألف يورو التي عثروا عليها في حقيبته! هذه الوقاحة هي امتداد للمسار الذي بدأه الرجل في العمل المصرفي الذي استُقدم إليه بعدما كان مجرد مضارب في مؤسسة “ميرلنش”.

يسعى الحاكم إلى تجنيب المصارف من تسييل موجوداتها لتعويض المودعين. الـ158 يعني قبول المودع بـ”هيركات” قد يبلغ نحو 80 في المئة من قيمة وديعته، وهو نال رضا السياسيين بعدما ساعدهم على تحويل ودائعهم إلى الخارج، ففضحه التقرير الرسمي السويسري الذي كشف أن ودائع لبنانية بقيمة 3 مليارات دولار تم تحويلها خلال فترة حجز المصارف اللبنانية على الودائع. حصل ذلك من دون أن يتحرك القضاء، فلص الجمهورية محمي بمرشدها (حسن نصرالله) وبصهرها (جبران باسيل) وبيتيمها (سعد الحريري). 

إقرأوا أيضاً: