fbpx

اتفاق الطاقة العراقي- اللبناني:
تبادل خدمات أم خيبات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“اتلمّ المتعوس على خايب الرجا”، يستحضر متابعون للشأنين العراقي واللبناني هذا المثل الشعبي المصري، لتوصيف الاتفاق الموقّع بين البلدين، والذي يبدو أنه أقرب إلى تبادل الخيبات، منه إلى تبادل الخدمات!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد بدء تطبيق اتفاق “تبادل الطاقة” بين بغداد وبيروت والذي أقرّ في نيسان/ أبريل الماضي في العاصمة العراقية، والذي يفترض أن يتم بموجبه تزويد لبنان بمليون طن من النفط الأسود تستلمها “مؤسسة كهرباء لبنان”، إذ ستتم مقايضة الدفعة الأولى، وتبلغ 84 ألف طن من الكمية بـ63 ألف طن من النفط القابل للاستخدام في معامل الكهرباء اللبنانية، عبر شركة “بترول الإمارات الوطنية” التي رست عليها المناقصة التي أجرتها وزارة الطاقة اللبنانية. 

المفارقة أن العراق يساعد لبنان في مجال الطاقة، وهو يعاني الأمرّين من انقطاع الكهرباء ومن شحّ المحروقات، وعلى رغم أنه ثاني منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلا أنه لا يزال يستورد نحو ثلث حاجته من الغاز والطاقة من جارته إيران، التي أوقفت في الفترة الأخيرة تصدير الغاز إلى العراق بسبب عدم سداده مستحقات مالية سابقة بمليارات الدولارات، ما أدى إلى زيادة التقنين الكهربائي في العراق.

ويعاني قطاع الطاقة في العراق من تهالك جراء عقود النزاعات والفساد والإهمال إذ غرقت محافظات الوسط والجنوب خلال فترة فصل الصيف المشرف على نهايته، في ظلمة حالكة، نتيجة للانقطاع المستمر في التيار الكهربائي. فيما لم تعد المولدات الكهربائية الخاصة قادرة على تغطية ساعات انقطاع التيار الحكومي بسبب شح الوقود، ما اضطرها إلى تقنين ساعات التجهيز، وهذه تقريباً حال لبنان مع الفارق في المساحة وعدد السكان طبعاً.

الاتفاق العراقي- اللبناني لحظ استبدال مليون طن من النفط الخام بـ”خدمات وسلع”، كما جاء في بيان لرئاسة الوزراء العراقية بموجب عقد موقع بين الطرفين.

العراق يساعد لبنان في مجال الطاقة، وهو يعاني الأمرّين من انقطاع الكهرباء ومن شحّ المحروقات

فما الذي يمكن أن يقدمه لبنان تقديمه للعراق مقابل مليون طن من النفط؟ 

بحسب مصادر حكومية عراقية، قدم العراق خمسة مقترحات إلى لبنان لتقديمها للعراق مقابل قاطرات النفط الأسود، التي تبلغ مليون طن على أن تصل إلى بيروت على مراحل. ويبدو أن ما يريده العراق من لبنان، يدخل أيضاً في خانة المفارقات الصارخة. إذ يشير المصدر العراقي إلى أن بغداد مهتمة، إلى الخدمات والخبرات الطبية اللبنانية، بالتعاقد مع مصرفيين لبنانيين لتعزيز جودة القطاع المصرفي العراقي، كون بغداد بحاجة إلى نحو 2000 إلى 3000 مصرفي لبناني، فضلاً عن التعاقد مع شركات تأمين لبنانية لتطوير مهارات العراقيين في هذين المجالين. ويبدو أن بغداد لا تعلم أن الأزمة اللبنانية حاصلة بشكل أساسي بسبب أداء المصارف، والهندسات المالية التي قام بها المصرف المركزي اللبناني مع بقية المصارف الخاصة. 

كما يطمح العراق إلى الاستفادة من خبرات اللبنانيين الأكاديمية والتربوية، لتطوير قطاع التعليم العراقي من خلال التجربة اللبنانية، وخصوصاً الاستفادة من إتقان الكثير من الاساتذة اللبنانيين التعليم الأجنبي بلغات عدة. إضافة إلى رغبة العراق في نقل التجربة اللبنانية السياحية والفندقية، من أجل تطوير قطاع السياحة في بلاد الرافدين، الذي يشكل مورداً مالياً مهماً للموازنة الاتحادية العراقية. 

وإذا كانت السياحة والتربية والتعليم أموراً منطقية بإمكان اللبنانيين أن يساهموا في تطويرها على الأراضي العراقية، فإن المصدر الحكومي العراقي يتحدث عن طلب عراقي لمساعدة لبنانية في قطاع تطوير شبكات النقل الداخلية في العراق. وهذا الاقتراح يثير ضحك اللبنانيين، لمعرفتهم بأن قطاع النقل العام في لبنان، غير موجود تقريباً، وقد صرفت ملايين الدولارات على قطاع فاشل وعلى شبكات نقل تعج بحفر الفساد المالي والإداري. 

“اتلمّ المتعوس على خايب الرجا”، يستحضر متابعون للشأنين العراقي واللبناني هذا المثل الشعبي المصري، لتوصيف الاتفاق الموقّع بين البلدين، والذي يبدو أنه أقرب إلى تبادل الخيبات، منه إلى تبادل الخدمات!

إقرأوا أيضاً: