fbpx

“وثائق باندورا”: آل الخياط بين الإعلام والمقاولات والسياسة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحسين خياط، كريم وكرمى وناديا… قد يدل ورود اسم عائلة آل خياط في “وثائق باندورا” على رغبتهم بتفادي الكلفة الضريبيّة التي يمكن أن تنتج عن تسجيل الشركات في لبنان أو أوروبا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يصعب العثور على نموذج عن اختلاط السياسة بالإعلام وعالم المقاولات والاستثمارات، كحالة آل الخيّاط. العائلة المعروفة محليّاً في لبنان بامتلاكها وإدارتها تلفزيون الجديد، هي في الوقت نفسه أحد أبرز اللاعبين الكبار في عالم المقاولات والتعهّدات المرتبطة بالصفقات العموميّة اللبنانيّة، وخصوصاً في قطاع الكهرباء. ورئيس مجلس إدارة التلفزيون تحسين خيّاط، هو أيضاً من الطامحين للعب دور ما في عالم السياسة المحليّة اللبنانيّة، وتحديداً من ناحية علاقات العائلة السياسيّة مع الكثير من النشطاء والسياسيين والفاعلين على الساحة السياسيّة، وما يُحكى دوماً عن تأثير هذه العلاقات. كل هذه الأدوار، وضعت العائلة، وتحديداً رئيس مجلس إدارتها، في موقع ملتبس، لا بل في موقع يتهمه الخصوم بتوجيه نشاطه الإعلامي على وقع خلافاته وتفاهماته في عالم المناقصات الموازي. 

وبعيداً من هذه الاتهامات، التي غالباً ما تتصل بأدلة “ظرفية” تربط ما بين صفقات العائلة وخصومات التلفزيون، تكشف “وثائق باندورا” اليوم لائحة طويلة من الشركات التي تملكها العائلة في جزر العذراء، والتي لم تتضح فعلاً الغاية من تأسيسها على هذا النحو في الخارج. في العادة، بإمكان هذه الشركات أن تخفي بعض الأنشطة الماليّة التي لا يريد أصحابها تمريرها محليّاً لغايات ضريبيّة، كما يمكن أن تخفي الكثير من الصفقات التي يُراد تمريرها بعيداً من أي رقابة محليّة بمعزل عن طبيعتها أو هدفها. وإذا كانت الأسرة معروفة بتضارب حساباتها وأنشطتها، فالبحث عن هذه الشركات يصبح مسألة في غاية الأهميّة، للتقصّي عن الهدف من تأسيسها على هذا النحو.

آل الخيّاط في جزر العذراء

يظهر في الوثائق اسم عائلة مؤسس ورئيس مجلس إدارة تلفزيون الجديد تحسين خيّاط، من خلال شركة Garnet Publishing Limited، والتي تتوزّع أسهمها على كريم تحسين خيّاط(60 في المئة من الأسهم) وناديا تحسين خيّاط (30 في المئة من الأسهم) وتحسين خيّاط نفسه (10 في المئة من الأسهم). مع الإشارة إلى أن جدول المساهمين في الشركة يُظهر أن الشركاء الثلاثة تملّكوا هذه الأسهم في وقت واحد عند تأسيس الشركة في شباط/ فبراير 2010، فيما يملك الشركة الثلاثة معاً الحق بإدارتها. البحث عن شركة “غارنيت” على الانترنت يظهر وجودها كشركة تُعنى بأعمال النشر في لندن من ضمن مجموعة تحسين خيّاط، ما يدفعنا إلى استبعاد فرضيّة أن تكون الشركة مجرّد واجهة شكليّة لأنشطة أخرى. 

يصعب العثور على نموذج عن اختلاط السياسة بالإعلام وعالم المقاولات والاستثمارات، كحالة آل الخيّاط.

وبينما يبدو هدف غارنيت كشركة نشر واضح من تسميتها، تظهر شركة أخرى يشير إسمها إلى تعاطيها أعمال تنظيم الحفلات، باسم G.C. Events Limited، يتبيّن من الوثائق تعيين ثلاث أشخاص كمديرين للشركة منذ حزيران/ يونيو 2008، هم كرمى تحسين خيّاط وناديا تحسين خيّاط وزوجة تحسين خيّاط سمر سميح بيك عسيران. في كل الحالات، يتبيّن عند البحث عن الشركة وجود أنشطة تنظيم حفلات تحت هذا الاسم بالتحديد، بإدارة سمر عسيران، وهو ما يدل على أنّ نشاط الشركة يتصل بعمل العائلة المعروف في هذا المجال.

كما تظهر في الوثائق شركتان بعنوان TSK Property Finance Limited و Rutland Nominees (PTC) Limited، يملك حق إدارتهما محمد تحسين خيّاط منذ آذار/ مارس 2013. ويبدو أن الشركتين تملكان أهدافاً متشابهة من حيث النشاط التجاري، أو على الأقل لناحية أهداف مرتبطة ببعضها، إذ يظهر من الوثائق تعيين محمد تحسين خياط للشركتين في الفترة ذاتها خلال شهر آذار 2013، بفارق يوم واحد فقط. ويبرز في الوثائق أيضاً اسم شركة بإسم Tahseen Khayat Group (TKG) Limited، التي يملك حق إدارتها كل من محمد تحسين خيّاط وكريم تحسين خيّاط وناديا تحسين خيّاط.

تلفزيون الجديد وشركاء تحسين خيّاط

أهم شركات آل الخياط المسجّلة في جزر العذراء، هي شركة NEW TV SAT LIMITED، والتي يتصل نشاطها بوضوح بعمل تلفزيون الجديد الذي يملك نحو 14 في المئة من أسهمها (تملك هذه الأسهم الشركة اللبنانيّة “نيو تي.في ش.م.ل.”). كما يملك آل الخياط نسبة وازنة من حصص الشركة المسجّلة في جزر العذراء، إذ يملك تحسين خياط نفسه نحو 36 في المئة من الأسهم، فيما يملك كل من كريم وكرمى خيّاط 5 في المئة منها. وبذلك يملك تلفزيون الجديد اللبناني وعائلة الخياط معاً غالبيّة أسهم هذه الشركة بنسبة تتخطى 60 في المئة، ما يضمن السيطرة على إدراتها.  

كما يظهر وجود رجال أعمال خليجيين في قائمة المساهمين بالشركة، كالقطريين خالد بن ثاني آل ثاني وناصر راشد الكعبي، اللذين دخلا معاً قائمة المساهمين عام 2003 خلال شهري شباط وآذار. والكويتي يوسف البدر (دخل القائمة عام 2002) والإعلامي والديبلوماسي السعودي السابق عباس غزاوي (دخل القائمة عام 2002). 

أما اللافت في الموضوع، فهو تسجيل بعض أسهم NEW TV SAT LIMITED باسم شركات أخرى مسجّلة بدورها في جنات ضريبيّة، بدل تسجيلها بأسماء أصحاب الحق الاقتصادي النهائيين فيها، إذ تبرز ثلاث شركات مسجّلة في جزر العذراء ضمن قائمة المساهمين هي: ZEENAN LTD وSOMMERFLEET HOLDINGS LIMITED  وGRAPHIX SYSTEMS LIMITED. كما يتبيّن من الوثائق دخول رجل الأعمال الأردني يوسف حسين أبو بكر شريكاً بشرائه حصصاً على مرحلتين، في شهري شباط ونيسان/ أبريل 2006. 

رد آل الخيّاط

من باب الاستيضاح وحق الرد، راسل “درج” مجموعة تحسين خيّاط للسؤال عن هذه الشركات وسبب تسجيلها في جزر العذراء البريطانيّة، وأوضحت المجموعة أن جميع هذه الشركات أسستها العائلة ولم يتم نقل ملكيّتها أو شراؤها من طرف آخر. وفي التفاصيل، تعمل شركة Garnet في مجال النشر وتمارس هذا النشاط في معظم دول العالم والكثير من الدول العربيّة، في حين أن G.C. Events Limited كانت تعمل في مجال تنظيم المناسبات والحفلات والأعراس خارج لبنان، قبل حلّ الشركة لاحقاً. أما TSK Property Finance Limited وRutland Nominees (PTC) Limited فتأسستا لغاية تمويل شراء شقّة سكنيّة وتملّكها حصراً، وفقاً للقوانين البريطانيّة، بينما تم تأسيس Tahseen Khayat Group (TKG) Limited، لتكون الشركة الأم التي تضم مجموعة الشركات الأجنبيّة تحتها. 

وأخيراً، وفي ما يخص NEW TV SAT LIMITED، ذكرت المجموعة أن هدف تأسيس الشركة كان ضم المساهمين غير اللبنانيين في تلفزيون الجديد، كون القانون اللبناني لا يسمح بتملّك غير اللبنانيين في محطات الإذاعة والتلفزيون، وكون تلفزيون الجديد ش. م. ل. (المسجّل في لبنان) يعمل وفق القانون 382/94 ويضم مساهمين لبنانيين فقط.   

في الخلاصة، لا يبدو من كل ما سبق أن من بين هذه الشركات واجهات يصعب ربط سبب وجودها بنشاط العائلة الاستثماري المعروف للعلن، خصوصاً أن جميع هذه الشركات تنحصر ملكيّتها بأفراد العائلة، ولا تضم شراكات غريبة مع أطراف أخرى يصعب ربطها بعمل العائلة. لكنّ وجود هذه الشركات في الخارج، وتحديداً في جنّات ضريبيّة بعيدة من رقابة الجهات الرسميّة في لبنان والدول الأوروبيّة التي يمارس فيها آل خيّاط نشاطهم التجاري، يبقى حتّى اللحظة محل تساؤل، وهو ما لم تتم الإجابة عنه بوضوح في رد مجموعة تحسين خيّاط. وفي أي حال، قد يتصل تسجيل هذه الشركات في جزر العذراء إما برغبة العائلة في تفادي القيود التي تفرضها رقابة الدول التي يمارسون فيها نشاطهم التجاري، أو رقابة الأنظمة الماليّة لهذه الدول، أو قد يدل على الأقل على رغبتهم بتفادي الكلفة الضريبيّة التي يمكن أن تنتج عن تسجيل الشركات في لبنان أو أوروبا.

إقرأوا أيضاً: