fbpx

2021 : عام محاربة “النسوية”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في العام 2021 واجهت الناشطات أشكالا متنوعة من مظاهر العنف والإخفاء القسري، ومراقبة الهواتف، وتسلط الجاهلين والجاهلات من أهل الفن والإعلام على الفكر النسوي، وحلقات ذكورية ناقشت خطر النسوية على المجتمع كما شهد العام رحيل النسوية الأبرز عربيا نوال السعداوي. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خلال سنوات الدراسة الابتدائية في السعودية، كانت لدينا مادة خاصة في صفوف البنات تعرف باسم “التربية النسوية” وكنا نختصرها بحصة “النسوية”، سميت لاحقا بالتدبير المنزلي إلى أن استبعدت من الصفوف الدراسية ويبدو أنها عائدة قريبا. كان هدف المادة إرشاد الفتاة في سن بلوغها إلى تنمية مهاراتها المنزلية، كالطهي والتنظيف والحياكة وما إلى ذلك، أي إعدادها للمنزل والزواج. كانت تلك هي “النسوية” التي عرفتها في صغري، ثم كبرتُ ونسيتُ أن أنسى كما تقول الكاتبة بثينة العيسى.

 كبرتُ وأنا أطرح الأسئلة على من حولي: لماذا “لهم” وليس “لهن”، ولماذا “بإمكانه” وليس “بإمكانها”، كانت الأسئلة واضحة أمامي لكنني لم أجد لها غطاء يسميها ويحتويها، حتى بدأت ألتقي فتيات تشبهنني، وبتنا نتعلم من حوارات بعضنا البعض، من نقد بعضنا لبعض، ومن تقبّل اختلافاتنا طالما أن المبادئ الإنسانية متوافقة. كل ذلك كان في وقت نتابع فيه الصراعات الذكورية الإجتماعية من حولنا، وخلافات الرجال بين من يدّعي الليبرالية وآخر يرتدي عباءة الحلال والحرام، والرابط المشترك بينهم.. نحن النساء!

وبعد كل ما مررنا به كنساء وفتيات نسأل عن أبسط أشكال حقوقنا، انتقلنا خلال السنوات الأخيرة من تلك المعارك الاجتماعية التي قادت بعضنا إلى السجون او توقيع التعهدات على أقل تقدير نتيجة شيطنة سياسية للفكر النسوي وممارساته، وعندما يبلغ الأمر ذلك فإن السهام قد تكون حامية وأكثر حدة.

في العام 2021 واجهت الناشطات أشكالا متنوعة من مظاهر العنف والإخفاء القسري، ومراقبة الهواتف، وتسلط الجاهلين والجاهلات من أهل الفن والإعلام على الفكر النسوي، وحلقات ذكورية ناقشت خطر النسوية على المجتمع في سبيس-تويتر وكلوب هاوس، كما شهد العام رحيل النسوية الأبرز عربيا نوال السعداوي. 

شهد العام المنصرم العديد من الأحداث المثيرة والمفاجئة في بعض الأحيان تجاه ناشطات نسويات وتجاه الفكر النسوي بشكل عام، خاصة بعد بروز النشاط النسوي والذي صاحب القضية الفلسطينية ودافع عنها وسط تقلبات السياسة تجاهها في المنطقة.

 فبكل جهل أبدت المغنية المعروفة كارول سماحة رأيها في النسوية قائلة إنها ليست “فيمنيست” ولا تحب هذه الكلمة، ثم خرجت بعدها المغنية شيرين عبدالوهاب في برنامج عمرو اديب لتعيد وتكرر نشر افكارها التقليدية قائلة إن المرأة تبقى إمرأة والرجل رجل أيا كانت وظائفهم أو دخلهم ليردّ عليها الاخير بأنها جملة هذا العام بالنسبة له، وهذا تحديدا ما يريد سماعه أمثال أديب من الرجال من هذه النوعية من النساء اللواتي تختصرن الحياة بالبقاء رهن الأفكار الذكورية خوفا من شيطنتهن ومحاربتهن في مجالات أعمالهن، كل ذلك جاء وسط تعاطف نسوي كبير مع حالة شيرين التي يعتقد البعض أنها ضحية زوج نرجسي. لكن النسويات بالنسبة للذكوريين يردن خراب بيت شيرين!

في العراق والكويت وقفت النسويات العربيات إلى جانب ضحايا العنف العديدة وعلى رأسها حادثة مريم التي احرق وجهها شاب بمادة الاسيد لرفضها الزواج منه، وفرح أكبر التي هز مقتلها الكويت الى أن حَكم القضاء بإعدام الجاني، وغيرهن ممن قُتلن بدم بارد نتيجة ذكورية مجتمعات تحميها بعض ثغرات القانون والأفكار العشائرية.  

وبعد أن غيّب الموت الناشطة الاماراتية الأبرز آلاء الصديق في حادث سير في بريطانيا مقر إقامتها، كشفت تقارير لاحقاً عن تعرض هواتفها النقالة إلى اختراقات باستخدام برنامج “بيغاسوس” الاسرائيلي للتجسس،  أما نوف المعاضيد القطرية فما زالت لغز عام ٢٠٢١ المجهول، إذ انقطعت سبل التواصل معها منذ عودتها من مقر إقامتها في لندن الى قطر، وتضاربت الأنباء بين حقيقة مقتلها على أيدي أفراد من أسرتها او وجودها في مصحة عقلية كما صرح مسؤولون في قطر. في السعودية جرى الإفراج عن آخر دفعة من النسويات اللواتي اعتقلن في العام 2018، لكنهن لا تزلن تحت قيود منع مغادرة البلاد.

ويبدو أن عام 2021 يأبى أن يغادرنا من دون أن “يرشّ” علينا المزيد من البهارات الذكورية المضحكة المبكية، مثل ما حدث في البرلمان الأردني من معارك حامية وملاسنات خلقت حديثا لا يُمل منه في مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة اعتراض بعض النواب على اضافة كلمة “الاردنيات” في التعديلات الدستورية المقترحة، فضلا عن إعلان شركة سيارات فرنسية ظهر فيه عمرو دياب وهو يرتكب مخالفة نسوية واضحة تندرج تحت طائلة التحرش، الملف الأبرز الذي تطالب النسويات بتجريمه وسن عقوبات صارمة ضده في أروقة قضائنا العربي، وذلك في مشهد يقوم فيه دياب بتصوير فتاة تعبر الشارع دون علمها أو موافقتها، ما أساء إلى التقنية المفيدة في السيارة بدلا من جعلها ميزة، واعتذرت الشركة لاحقا وأكدت سحبها للاعلان بعد أن طاله النقد النسوي والاجتماعي الواعي.

هذه هي النسوية التي نعمل من أجلها رجالا ونساء مهما حاول البعض تشويهها. النسوية القائمة على المبادئ الإنسانية والوعي الاجتماعي، والنسوية التي تغذيها أحداث مثل التي شهدناها في 2021 ، فكل ما حدث فتح مزيداً من الأبواب للأجيال القادمة للسؤال والبحث أكثر حول مفهوم النسوية وممارساتها الواقعية بدلا من الانتقاص منها.

إقرأوا أيضاً: