fbpx

قصة آيات الرفاعي لم تنتهِ:
هل تكون الشاهدة الضحية التالية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يمكن القول إن بطلة قصة آيات هي أيضاً جارتها، التي نشرت وقائع على “فايسبوك”، بعد إدراكها أن قتلة آيات قد يفلتون من العقاب، وأن صديقتها لن تحصل على العدالة بعد موتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تزال قضية آيات الرفاعي تشغل الشارع السوري، الفتاة التي قُتلت على يد زوجها ووالديه، أعادت إلى السطح أزمة السوريات مع العنف، والتاريخ الطويل لهذه القصص، التي يغيب أكثرها خلف صمت المجتمع وتواطؤ العائلات. وسلطت الحكاية الضوء بشكل أساسي على سوء تعامل الحكومة والقانون السوري مع قضايا من هذا النوع.

يمكن القول إن بطلة قصة آيات هي أيضاً جارتها، التي نشرت وقائع على “فايسبوك”، بعد إدراكها أن قتلة آيات قد يفلتون من العقاب، وأن صديقتها لن تحصل على العدالة بعد موتها. لاقى المنشور تفاعلاً كبيراً، وضغَطَ بشكل ما على القضاء السوري ليعيد اعتقال الزوج بعد توقيفه لساعات فقط وإخراجه. حاول النظام تهدئة الناس الغاضبين ببيانات نشرتها وزارة الداخلية على صفحتها تؤكد فيها متابعتها القضية، ليظهر تسجيل مصور للقتلة الثلاثة، يعترفون بجريمتهم، علماً أن نشر هكذا تسجيل ليس قانونياً، بخاصة أن التحقيقات لم تنتهِ بعد.

قد يبدو كل هذا مقبولاً بشكل ما، برغم الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الإعلام والقانون السوريان، إلا أن الخطأ الفادح، اقترفته وزارة الداخلية، التي نشرت بطاقة شكر للشاهدة، وذكرت اسمها الصريح على صفحتها على “فايسبوك”. وهو انتهاك صارخ للقانون السوري ولما جاء في شرعة حقوق الإنسان بما يخص حماية الشهود، بحيث على الدول حماية حياة الأشخاص الذين يوافقون على الإدلاء بشهاداتهم، وحماية سلامتهم البدنية والنفسية وخصوصيتهم وسمعتهم، كما يجب أن تتخذ هذه الدول تدابير فعالة لضمان أمن الشهود أثناء الإجراءات القضائية وبعدها، إلا أن ما فعلته وزارة الداخلية هو كشف هوية شاهدة، كانت قد استغاثت سابقاً عبر منشور على “فايسبوك” بسبب تعرضها لتهديدات من عائلة قاتل آيات، أي أن وزارة الداخلية تعرض حياة الشاهدة للخطر بشكل صريح. وبذلك فإن قصة آيات الرفاعي لم تنتهِ بعد، فقد تكون الشاهدة هي الضحية التالية وستكون حينها حكومة النظام السوري هي المتهم الأول.

يعكس تصرف وزارة الداخلية جهل الجهات المعنية في سوريا بحماية الشهود أو حتى الضحايا، إذ إن تعاملها مع قضية آيات منذ البداية يعكس قصوراً وقلة كفاءة، ومحاولة لإظهار القضاء السوري كما لو أنه جدير بثقة السوريين. 

في البداية،  كانت هناك محاولة رشوة للمستشفى ليبدو موت الصبية طبيعياً، كما أن القاتل سجن ليوم واحد ليطلق سراحه، ولولا ضغط الرأي العام ربما لضاعت قصة آيات كقصص كثيرة قبلها. مشكلة النساء في سوريا ليست قانونية فقط، إنما ثقافية وحضارية واجتماعية ودينية أيضاً، فربط حياة المرأة بالشرع الإسلامي هو العائق الأول في وجه تحررها وحمايتها من التعنيف والقتل، ما يمنح الرجل السلطة على النساء، بدعم من قانون هش يولي لوزارة الأوقاف دوراً محورياً في التحكم بحياة النساء وتشريع القوانين.

تبدو محاولة النظام السوري لإثبات كفاءته في حماية شعبه هزيلة بخاصة أنه القاتل الأول لشعبه، إذ لم يدخر وسيلة لقمع معارضيه وقتلهم، وفبركة مئات القصص. والآن أخرج قاتل آيات وأبويه في فيديو مصور يعترفون فيه بجريمتهم، مع موسيقى رديئة في الخلفية وزوايا تصوير ضعيفة، لثلاثة أشخاص، يمسكون القضبان، في صورة يود النظام من خلالها عكس سرعته المفترضة في إظهار الحقائق، هو النظام ذاته الذي لم يحمِ مئات السجينات في معتقلاته من الاغتصاب والتحرش، وهو الذي سمح للرجال بجرائم مماثلة عبر قانون ضعيف، لا يحمي النساء من مسلسلات القمع والعنف والقتل.

إظهار القتلة بهذه الصورة هو خرق أيضاً للمواثيق الإنسانية وأقرب للاستعراض القضائي، فاعترافات الجناة ليست من اختصاص التلفزيون، وإظهارهم بهذا الشكل قبل إصدار الحكم النهائي، لهو محاولة “للضحك” على الشعب الغاضب.

 كأنها حبة مسكن موقتة، لا تلغي تاريخ العنف الطويل ضد النساء ولا تصلح قانوناً مهترئاً وعنفاً متأصلاً في كل مفاصل الحياة اليومية ابتداء من الطفل الذي يحمل لعبة على شكل مسدس وليس انتهاء بأب يطلق النار على بناته ببندقية حقيقية. 

إقرأوا أيضاً: