fbpx

“التيار الصدري” يطالب بخفض الدولار:
هل ترجعه الحكومة إلى سعره السابق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“قضية سعر الصرف وبعد تثبيتها في الموازنة العامة تحولت إلى قضية سياسية ولم تعد مسألة اقتصادية بحتة، إذ بدأت الكتل تستخدم سياسة تغيير سعر الصرف وتوظفها كواحدة من الأدوات السياسية حتى باتت شعاراً انتخابياً”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعرّض قاسم المحمداوي قبل عامين إلى خسارة فادحة بعد شرائه مواد أولية لمصنعه الصغير لإنتاج قناني مياه الشرب الكبيرة والصغيرة بسعر مليون دولار. خسر في ظرف ساعات نحو 200 ألف دولار بسبب تغير سعر الصرف، مشيراً إلى أن خسائر مشروعه تضاعفت على دفعات في الأيام التي تلت تغيير سعر الصرف، ووصلت إلى 10 ملايين دينار عراقي في اليوم الواحد.

وبدأ البنك المركزي العراقي نهاية عام 2020، تطبيق السعر المخفض للدينار ويبلغ نحو 1450 بدلاً من السعر السابق البالغ 1190 ديناراً عراقياً لكل دولار أميركي.

فيما تعهدت الحكومة العراقية وقتها بأن “قرار تخفيض سعر العملة المحلية سيكون لمرة واحدة ولن يتكرر مستقبلاً”، مشيرة إلى أن السبب الرئيس وراء تخفيض العملة هو سد الفجوة في ميزان المدفوعات بعد تراجع أسعار النفط العالمية.

“تغيير سعر الصرف لأي اتجاه هو خطأ يفقد ثقة المواطن والتاجر والمتعامل في الأسواق المحلية ويزيد من فرص التلاعب في أسعار البضائع من طريق عمليات الاحتكار”.

مناورة اقتصادية

بعد تثبيت نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2021 من قبل المحكمة الاتحادية العليا وفوز “التيار الصدري” الذي يتزعمه مقتدى الصدر،  أعلن الصدر عن أولى خطوات عمله في حال تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وهو إرجاع سعر الصرف إلى قيمته السابقة.

يقول النائب الفائز عن التيار الصدري حاكم الزاملي والذي حصل على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان للدورة الحالية إن “التيار الصدري يؤيد عودة سعر صرف الدينار العراقي إلى الوضع الطبيعي السابق”.

وكان السعر السابق للدولار في البنك المركزي 1180 ديناراً، وفي الأسواق العراقية كان يتجاوز 1200 دينار، فيما يبلغ اليوم 1450 ديناراً مقابل كل دولار”.

البنك المركزي العراقي أعلنها صراحة على لسان عمار حمد نائب المحافظ أن تغيير سعر صرف العملة العراقية لن يعود كما السابق، بل وأن الحديث عن إرجاعه هو مجرد شعارات.

العودة إلى السابق

مع تلك الدعوات السياسية للعودة إلى سعر الصرف السابق يؤكد الخبير المصرفي عقيل الأنصاري أن “الأسواق التجارية تبحث عن الاستقرار دائماً ولا تحب التغيير، خصوصاً في الأساسيات مثل سعر الصرف في بلد يعتمد على استيراد معظم السلع”.

ويوضح الأنصاري لـ”درج” أن “تغيير سعر الصرف لأي اتجاه هو خطأ يفقد ثقة المواطن والتاجر والمتعامل في الأسواق المحلية ويزيد من فرص التلاعب في أسعار البضائع من طريق عمليات الاحتكار”.

أما حالة الترقب التي تشهدها الأسواق حالياً فهي بسبب كثرة الشائعات “والتي على وزارة المالية والبنك المركزي اتخاذ موقف الحزم باتجاه مطلقيها” والذين يصنفهم الأنصاري في قسمين: “الأول هدفه كسب الأصوات الانتخابية ودغدغة مشاعر المواطن، والقسم الثاني يتمثل بالمضاربين المستفيدين من فرق السعر عند الهبوط والصعود لجني الأرباح”.

إقرأوا أيضاً:

موازنة 2022

كان مجلس النواب العراقي في دورته السابقة يؤيد خطة تغيير سعر صرف الدينار التي طرحتها حكومة الكاظمي وفق الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي، الذي يربط الخطوة بـ”تدارك الوضع الاقتصادي المتأزم وقتها بسبب جائحة كورونا ما اضطر البرلمان للتصويت عليه من خلال الموازنة المالية لعام 2021″.

ويشير العلي لـ”درج” إلى أن “قضية سعر الصرف وبعد تثبيتها في الموازنة العامة تحولت إلى قضية سياسية ولم تعد مسألة اقتصادية بحتة، إذ بدأت الكتل تستخدم سياسة تغيير سعر الصرف وتوظفها كواحدة من الأدوات السياسية حتى باتت شعاراً انتخابياً”.

وما زلنا إلى اليوم نشهد أثر الصراعات السياسية على تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، ومن المتوقع أن ينعكس هذا الصراع كمساجلات على نقاشات الموازنة المالية المقبلة، ما قد ينذر بصعوبة تمريرها في البرلمان الجديد وفق العلي.

عوامل تقوية

قوة حقيقية غير مصطنعة للدينار العراقي يحددها الخبير في الإدارة المالية الدكتور علي هادي جوده، انطلاقاً من خطوات عدة يجب القيام بها.

ويقول جوده لـ”درج” إنه ينبغي خلق قاعدة اقتصادية إنتاجية لتنويع مصادر الإيراد الدولاري، ترفع من حجم الاحتياطي الأجنبي، وتوفر فرص عمل تقوّض من خلالها البطالة وتردم فجوة الفقر المتسعة.

ويشير خبير الإدارة المالية إلى أن “هذا الوعاء الإنتاجي كفيل وحيد وضامن لرفع قيمة الدينار كونه سيصبح محمياً بدعامة سلعية ونقدية صلبة، بدل أن يكون مدعوماً بقيمة وهمية، سرعان ما تذوب لحظة انخفاض أسعار النفط أو تراجع حجم الصادرات البترولية”.

“الأسواق التجارية تبحث عن الاستقرار دائماً ولا تحب التغيير، خصوصاً في الأساسيات مثل سعر الصرف في بلد يعتمد على استيراد معظم السلع”.

الذهب الأسود

يترافق هذا النقاش مع ما تشهده أسعار النفط الخام من ارتفاع تدريجي لتصل إلى أكثر من 90 دولاراً للبرميل الواحد، ويعتمد العراق بنسبة 95 في المئة من الإيرادات المالية على بيع النفط الخام لتمويل الموازنة العامة.

وعلى ضوء ذلك، تطالب الصحافية والكاتبة العراقية نور صادق بضرورة تعويض المواطن العراقي جراء خفض أسعار الدينار من خلال موازنة عام 2022 أو تقليل آثارها على المجتمع.

وتقول صادق لـ”درج” إن ارتفاع أسعار النفط الخام يجب أن تعوض الناس أولاً وتغطي العجز المالي وتخلق فرصاً للعاطلين من العمل من الشباب وبالتالي سيكون هناك انتعاش في السوق وإيقاف الهدر والفساد وتشغيل القطاع الخاص من خلال الورقة البيضاء التي تناولت ذلك.

في خضمّ هذا النقاش، يحسم مستشار الحكومة العراقي للشؤون المالية مظهر محمد صالح المسألة: “سعر الصرف الحالي سيبقى ثابتاً كأقل تقدير لمدة خمس سنوات في حال تم ضبط النفقات بشكل صحيح”.

ويقول صالح لـ”درج”: “اعتمدت الحكومة العراقية سعر صرف بلغ 1450 ديناراً لكل دولار، وأصبح فاعلاً في تقييم التزامات الموازنة بالصرف والإنفاق وإيرادات الموازنة وعموم تدفقاتها وارصدتها السنوية”، مشيراً إلى عدم امتلاك المالية العامة أي استعداد لتحويل عائدات النفط بسعر صرف أقل من السعر الحالي في الظرف الراهن.

إقرأوا أيضاً: