fbpx

جمال الوشم يطغى على “سمومه”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُقدم عدد متزايد من الناس على تزيين أجسادهم بالوشم. لكن هذا الوشم الذي يبدو للعيان للوهلة الأولى مظهراً جمالياً، سرعان ما يتحوّل إلى مشكلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يقدم عدد متزايد من الناس على تزيين أجسادهم بالوشم. لكن هذا الوشم الذي يبدو للعيان للوهلة الأولى مظهراً جمالياً، سرعان ما يتحوّل إلى مشكلة. ولهذا يجد السياسيون أنفسهم اليوم مطالبين بفرض قوانين ضد الإبر الفاسدة.

يُزيّن حوالى 12 في المئة من الأوروبيين أجسادهم بالوشم عن طريق وضع الأحبار عليها. على رغم أن مكوّنات مستحضرات التجميل أو المنسوجات عادة ما تكون محدّدة بوضوح، إلا أن هناك نقصاً حاداً في الشفافية في ما يخص الوشم، وذلك لسبب وجيه.

في الحادية عشرة صباحاً، تبدأ “ساندي فيرفايلي” العمل على جزءٍ من الجسد وتكمل عملها من هناك مسترشدة بتصميم ما، حاملة آلة الوشم في يدها، وأحياناً يستغرق الأمر منها 8 ساعات أو أكثر. على مدار 8 سنوات أنجزت مجموعة من الأعمال الشاملة وغير التقليدية إلى حد ما، شملت مجموعة من شخصيات مسلسل The Walking Dead، وُشمت لعميل في العشرين من عمره في 9 جلسات. وكذلك ضمّت صورة للسريالي الإسباني سلفادور دالي، بعينيه المنتفختين وشاربه المميّز.

تترأس فيرفايلي ستوديو  Inksane، في رويسيلاري في بلجيكا. يعمل هناك 15 فناناً، وينجزون عملهم بمعدل قطعة إلى قطعتين يومياً. في الغالب ينشغل العملاء بمدى استمرار هذه العملية المؤلمة أو بقدر الألم الذي تسبّبه.

ومع ذلك نادراً ما يحدث وفقاً لفيرفايلي أن يسأل أحد العملاء عن المواد التي تُحقن في جلده. تقول: “يسأل أحدهم عن المواد الكيماوية الموجودة في حبر الوشم بمعدّل أقل من مرة في السنة. عادةً ما يسأل العملاء عن الحساسية أو عما إذا كان الوشم نباتياً”.

ليس هناك نسق معين لتصنيف الأحبار. فبعض الأحبار تتضمّن المكوّنات وبلد التصنيع، وأما البعض الآخر فلا. يهتم الفنانون عادةً بشكل أساسي بمدى بقاء الألوان زاهية مع مرور الوقت. تعد هذه معايير صارمةً لمستحضرات التجميل وأصباغها.

دفعت هذه المعلومات المتضاربة والناقصة المفوضية الأوروبية إلى التحرك بهذا الشأن. لكنها صبّت اهتمامها على شيء آخر وهو الأخطار الصحية المحتملة. لا توجد حتى الآن معايير شاملة في الاتحاد الأوروبي تحدّد ما يمكن لفنان الوشم حقنه في الجلد.

يجب أن تستوفي الأصباغ معايير السلامة الصارمة عند استخدامها في مستحضرات التجميل أو المنسوجات، ولكن ليس عند استخدامها في صالون الوشم. تعتقد الوكالة الأوروبية للمواد الكيماوية ECHA ، بوجوب تغيير هذا الأمر لضمان سلامة محبي الوشم.

ومع ذلك، على الأرجح سيكون تطبيق أي إجراءات فعلية على أرض الواقع أمراً شاقاً؛ فالصناعة مُجزّأة وتتألف من عدد لا يحصى من مشغلي الصالونات الصغار، ويقوم مصنعو الحبر عادة بإنتاجها لأغراض أخرى، ثم يستخدمها فنانو الحبر للوشم. علاوة على ذلك، فإن نتائج الأبحاث حول العواقبِ الصحيةِ للوشمِ ليست واضحة.

صحيح أن بعض المواد المستخدمة في حبر الوشم ثبت أنها مسرطنة. إلا أنه لا توجد دراساتٌ تُظهر علاقةً مباشرةً بين الوشم والسرطانِ لدى البشر.

أصباغ ملوّنة للسيّارات والبلاستيك

من أجل تقييم المواد الكيماوية ومخاطرها المحتملة، طلبت المفوضية الأوروبية ECHA ،في العام الماضي دراسة المواد الموجودة في الأحبار المستخدمةِ وتحديد ما إذا كان من الآمن حقنها تحت الجلد “وهذا من أسوأ طرائق التعرّض لأي مادة” بحسب الخبير في المفوضية الأوروبية مارك بليني.

في نهاية عام 2017 أصدرت ECHA النتيجة: دراسة مكوّنة من أكثر من 500 صفحة تقترح فرض قيودٍ على استخدام نحو 4.000 مادة كيماوية، وهي أكبر قائمة من نوعها وضعتها الوكالة على الإطلاق. سترسل اللجان العلمية التحقيق إلى المفوضية الأوروبية ECHA خلال هذا العام، ثم سيكون أمام المفوضية ثلاثة أشهر لتقرير ما إذا كانت ستتبع تلك التوصيات.

لا تُصنع هذه الأصباغ للوشم بشكل خاص. حتى لو بلغت نسبة الأوروبيين الذين تزين الوشوم أجسادهم 12 في المئة، مقارنة بنسبة 5 في المئة عام 2003: لا يزال السوق صغيراً للغاية. غالباً ما يتم تطوير الصبغات الموجودة في أحبار الوشم “للاستخدام الخارجي على منتجات مثل المنسوجات والسيارات والبلاستيك”، وفقاً لتقرير صادر عن مركز الأبحاث المشترك للاتحاد الأوروبي عام 2016.

وورد في التقرير “لا يدّعي مصنّعو الأصباغ أن أصباغهم يمكن استخدامها في الوشم والماكياج الدائم، على رغم أن هذا هو واقع الحال. وهم مترددون إزاء تحمل المسؤولية”.

يخشى منتجو الأصباغ من العواقب القانونية – بخاصة بالنسبة إلى المنتجات التي لا تدر ربحاً لهم. يقول يورغن سيروب، رئيس الجمعية الأوروبية لأبحاث الوشم والأصباغ وأستاذ الأمراضِ الجلديةِ في مستشفى جامعة بيسبجيير في كوبنهاغن “في هذه الحالة فإنهم يخاطرون بالكثير لأجل القليل”.

ذكرت إحدى أكبر شركات الكيماويات الأوروبية وتدعى BASF، في بيان لها أنها اتّبعت منذ 30 عاماً سياسة عدم بيع منتجاتها بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى الشركات التي ستستخدمها في منتجات الوشم. أولئك الذين يعملون في أحبار الوشم يقولون إن هذا ما يحدث في كل الأحوال.

انتقد جينس بيرغستروم فنان الوشم ومالك شركة Tattoo & Piercing Education Scandinavia ، التي تنظم دورات في فن الوشم في بيان له مقدّم إلى ECHA، قائلاً “لم يتّخذ أي إجراء لوقف السوق السوداء وعمليات الوشم في بيئة غير مسجّلة. حتى إذا كنت تحظر محتوى الأصباغ. للأسف لا يزال بإمكان الكثير من فناني الوشم شراؤها واستخدامها، ثم يتم بيعها كمواد فنية بدلاً من أحبار الوشم”.

المواد المحرّمة لا تزال متداولة

على رغم عدم وجود لوائح تضمن سلامة حبر الوشم على مستوى الاتحاد الأوروبي، فقد طبّقت سبع دول- منها السويد وبلجيكا وإسبانيا- قراراً للمجلس الأوروبي في مجالات عدة وحدثته بعد خمس سنوات؛ أوصت فيه باحتواء أصباغ الوشم على الحد الأدنى من الشروط الواجب توافرها في منتجات التجميل والمواد الغذائية، ومنع استخدام بعض المواد الكيماوية.

ومع ذلك وفقاً لسيروب، باء تطبيق هذه القواعد بالفشل. توصلت دراسة سويدية صدرت هذا العام إلى أن 12 من أصل 34 من أحبار الوشم التي تباع في السويد لا تزال تحتوي على مواد محظورة أو تركيز مرتفع من المواد الملوثة للغاية. ويقول سيروب إن مقترحات ECHA الطموحة لا يمكن أبداً تنفيذها. ويشير بهذا الخصوص إلى أنه لم يتم حتى تنفيذ قرار مكون من خمس صفحات ويحتوي على 30 إلى 40 مادة فقط. “فما بالك بمقترح  ECHA ، الذي يحتوي على 4000 مادة؟” على حد قوله.

تشرح المحلّلة فيECHA ، إفيجينيا ستويانوفا أن المشكلة الرئيسية في قرار مجلس أوروبا تكمن في الحدود المفتوحة في أوروبا. حتى إذا قبل بلد ما بالقرار، بإمكان الفنانين أو الصالونات بسهولة الحصول على الحبر من دولة مجاورةٍ ذات معايير أقل، ومن شأنِ التنظيم على مستوى الاتّحاد الأوروبي حل هذه المشكلة.

حتى الآن ليس هناك ما يدلّ إلى وجود فرص أعلى للإصابة بالسرطان

المسألة الأكثر إلحاحاً هي ما إذا كانت أحبار الوشم تسبّب السرطان بالفعل. أكثر من 60 في المئة من المواد الكيماوية في أحبار الوشم هي من بين ما يسمّى أصباغ آزو. بإمكان الإشعاع فوق البنفسجي أن يحرّر جسيمات مسرطنة من السلاسل المركّبة لهذه الأصباغ ونقلها إلى أجزاء أخرى من الجسم.

لكن العلاقة بين المواد الكيماوية في حبر الوشم وارتفاع فرص الإصابة بالسرطان، لا تزال غير واضحة. ففي التجارب على الحيوانات، عثر على جسيمات الأصباغ في العقد الليمفاوية والكبد. يشير هذا إلى أن الجسيمات تنتقل بالفعل من مكان إلى آخر في الجسم، ومع ذلك لم تظهر الدراسات على الفئران أي زيادة في خطر الإصابة بالسرطان. يشير ستويانا إلى أن الدراسات لم تدم لفترة كافية تمكّننا من الحصول على نتائج واضحة.

بحسب بلايني الخبير في ECHA، لا توجد حتى الآن دراسات متخصّصة في علم الأوبئة تبحث في العلاقة المحتملة بين أحبارِ الوشم والسرطان. هذا لا يعني عدم وجودها. سيكون من الصعب تحديد العلاقة ما لم ينظر المرء تحديداً في تفاعلات الوشم والآثار المنتظمة التي يخلفها.

هل سينتقل مشهد الوشم إلى عالم الأعمال السريّة وغير القانونية؟

يؤكد بلايني كذلك أن الكثير من المواد صُنّفت على أنها ما يسمّى  CMRs، -يمكن أن تسبّب السرطان، الطفرات الجينية أو مشكلات الإنجاب. لهذا يعتقد بأن هذه المواد يمكن أن تسبّب السرطان للإنسان. من ناحية أخرى يصف “سيروب” خطر السرطان بأنه “نظري”. وهو مقتنع بعدم “وجود سبب لدينا للاعتقاد بأن السرطان يمثّل مشكلة حقيقية في هذه الحالة”.

المشكلات الصحية الأكثر شيوعاً بين محبّي الوشم هي الحساسية وتهيّج الجلد. من ناحية أخرى، يشير كثر من أفضل خبراء الصناعة إلى أن أفضل طريقة للتعامل مع الأمر هي من طريق وضع علامات شاملة للمنتجات تبرز المزيد من المعلومات حول آثار الوشم ومعايير النظافة والتعقيم.

من شأن تشريع يصدر على مستوى الاتحاد الأوروبي أن يدفع بصناعة الوشم إلى باطن الأرض، وهذا ما يخشاه بيرغستروم معلّم الوشم. “التشريعات التي لا تُحتَرم ليست سبيلاً حقيقياً لحماية المستهلكين” على حد قوله، مضيفاً “بدلاً من ذلك يجب أن نعثر على طرائق للتعامل مع المشكلات بشكل مبتكر. على المرء أن يكون منفتحاً على التعلّم أينما استدعت الضرورة ذلك، وأن تصدر قوانين معقولة في هذا الخصوص”.

هذا المقال مترجم عن موقع welt.de ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.