fbpx

الانتخابات النيابية اللبنانية:
المنظومة تُعيد تدوير نفسها 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التوافق على طرح اسم المصرفي والسياسي خير الدين هو إذاً محل توافق لإدارة اللعبة المالية للسلطة السياسية، كما أنه انعكاس واضح لرغبتها بتمديد حكمها الذي أهلك اللبنانيين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“طالما القديم ما زال مفيداً ولديه تراكم تجربة وخبرة الأفضل أن يستمر هو”… 

هكذا حسم أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله في خطابه الذي أعلن خلاله أسماء مرشحيه، عدم وجود وجوه جديدة، وأن القديم سيبقى شكلاً ومضموناً ومقاربة.

وجوه الحزب نفسها طرحها نصرالله في الدوائر الإنتخابية، مُكتفياً باستبدال اسمين فقط، وجميعهم سيخوضون الاستحقاق الانتخابي تحت شعار “باقون نحمي ونبني”، أي أن الحزب لم يجد ضرورة حتى لابتكار شعارٍ جديد، واكتفى بإضافة “باقون” إلى شعار الدورة الانتخابية السابقة في 2018. حتى أن “البرنامج الانتخابي” لم يتغيّر كثيراً. 

الانتفاضة والانهيار الاقتصادي وانفجار مرفأ بيروت والأزمات الاجتماعية الاقتصادية تحت مظلّة سلطة يرعاها “حزب الله” لم تدفعه إلى تغيير مقاربته الانتخابية، إذ إن البرنامج “مستوحى من برنامج 2018″، وفق ما قاله الأمين العام. 

الوجوه ذاتها والشعار نفسه والبرنامج مستوحى من سابقه، هكذا أطلعنا “حزب الله” على رغبته بإعادة تدوير نفسه في الانتخابات النيابية المقبلة متجاهلاً الانهيار والانفجار وتداعياتهما.  

ليس “حزب الله” وحده، إذ يبدو أن الأحزاب الأخرى الكبرى تريد اعتماد المنطق نفسه لجهة الإصرار على الوجوه نفسها والنهج نفسه الذي أوصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم.

رئيس البرلمان ورئيس حركة “أمل” نبيه بري أعلن ترشيح نفسه ومعه مجموعة من رجالاته بينهم الوزير علي حسن خليل المطلوب للتحقيق في جريمة تفجير المرفأ والممتنع عن الامتثال لمذكرات الجلب الصادرة في حقه. التيار العوني ينشط في تقديم رموزه التقليديين، يتقدمهم جبران باسيل الذي كان الشخصية التي تلقت غضباً واسعاً خلال تظاهرات 2019. وذهب التيار بعيداً في استفزاز اللبنانيين، ومن ضمنهم حلفاؤه في “حزب الله”، عبر ترشيح العميد المتقاعد والمدان بالعمالة لإسرائيل فايز كرم. 

اللائحة طويلة لجهة محاولة أحزاب السلطة ورموزها إعادة تدوير أنفسهم. المفارقة هي ترشيح أحزاب المنظومة لأسماء نافرة، ليس سياسياً فحسب، وإنما اقتصادياً أيضاً. إذ حسم الثنائي الشيعي السير بترشيح المصرفي مروان خير الدين عن المقعد الدرزي في قضاء مرجعيون حاصبيا، بعدما حسم النائب أنور الخليل عزوفه عن الترشح، علماً أن الخليل هو خال مروان خيرالدين، كما أن مروان هو نسيب النائب طلال ارسلان، أي أن للتوريث السياسي حصة من الفساد هنا أيضاً. 

وجه “بلطجي” للمنظومة

“برّي طلب وأنا لبّيت”، هكذا علّق رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على ترشيح خيرالدين، مؤكّداً أنه نزل عند رغبة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي له قرار الحسم في ذلك. 

لمن لا يعرف، خير الدين (54 عاماً) هو رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لـ”بنك الموارد”، ووزير سابق في حكومتين عام 2011 و2014. كما أنه أحد مؤسسي الحزب “الديموقراطي اللبناني” وعضو في المجلس السياسي للحزب منذ تأسيسه عام 2001. والأهم، أنه أحد المتهمين في جزء من المسؤولية عما آلت إليه الأمور في المصارف اللبنانية. فبينما كانت المصارف في لبنان، ومن بينها مصرف “الموارد”، تفرض قيوداً غير قانونية على المودعين، تمكّن خير الدين من تحويل أمواله إلى الخارج واستثمارها، الأمر الذي وثّقه “درج” في سياق تحقيقات “وثائق باندورا“. إذ كشفت التحقيقات أنّ خير الدين مدير لشركتيّ “أوف شور” في جزر العذراء البريطانيّة، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مصادر أمواله وكيفية إدارتها، فهذه الشركات عادةً ما تكون مخرجاً إمّا للتهرّب الضريبي أو لأعمال “مشبوهة”، علماً أنّ إحدى الشركتين اللتين يديرهما خير الدين مرتبطة تاريخيّاً بشخصيّات مشبوهة، تحديداً بصهر رجل كان متورّطاً بأعمال رئيس عصابة وتاجر مخدّرات دوليّ معروف. هذا فضلاً عن تأسيس خير الدين شركات عدة في بريطانيا بين 2019 و2020، وهي الفترة نفسها التي كان اللبنانيون فيها يكابدون لسحب فُتات من ودائعهم التي احتجزتها المصارف اللبنانية وبينها المصرف الذي يمتلكه خير الدين.

إقرأوا أيضاً:

إلى جانب هذا وذاك، فإن خيرالدين “بلطجي” أيضاً، وفق ما وصفه المحامي والناشط السياسي واصف الحركة. إذ لم يتورع خيرالدين عن التورّط في قضايا “بلطجة” من خلال إرسال مرافقين ومحسوبين عليه للاعتداء بالضرب على من ينتقدونه ويزعجونه، كما حصل مع الصحافي الاقتصادي محمد زبيب الذي اعتدى عليه رجال خيرالدين بعد مشاركته في ندوة اقتصادية انتقد فيها سياسة خيرالدين المصرفية، وعلى الرغم أن التحقيقات أثبتت هوية المعتدين، إلا أن السلطات المعنية لم تُحاسب أياً منهم. 

واصف الحركة أيضاً كان ممن نالوا “نصيبهم” من بلطجية خير الدين، إذ اعتُدي عليه بالضرب بطريقةٍ كانت أقرب لـ”محاولة قتل” وفق ما يصفها لـ”درج”: “لست متفاجئاً بترشيح مروان خيرالدين، لأني لا أفصل بين السلطة السياسية وأصحاب المصارف”، يقول الحركة، مُشيراً إلى أن الانهيار المالي والاقتصادي الذي يُعانيه لبنان اليوم لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة سياسات “ثالوث” ترأسه السلطة السياسية بالشراكة مع سلطة المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.  

التوافق على طرح اسم المصرفي والسياسي خير الدين هو إذاً محل توافق لإدارة اللعبة المالية للسلطة السياسية، كما أنه انعكاس واضح لرغبتها بتمديد حكمها الذي أهلك اللبنانيين. هذا عدا أن طرح اسم خير الدين لم يأتِ من وليد جنبلاط وطلال ارسلان فقط، إنما تمّت الصفقة بمباركة من “حزب الله” الذي جاهر مُطولاً بمعارضته لسياسة حاكم مصرف لبنان وسلطة المصارف، فيما يثبت دائماً أنه حامي حمى المنظومة بأكملها. 

إقرأوا أيضاً: