fbpx

صحافية لبنانية تدعي على 26 مغرداً… والحسابات الوهمية تواصل التحريض

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عادة ما تؤدي حسابات وهمية دور ذراع غير رسمية لحملات مرتبطة بـ”حزب الله”، بمعنى أن هناك حسابات تغفل الاسم أو الهوية الواضحة، لكنها تعمل بشكل يبدو منسقاً لجهة توحيد الرسالة والجهات المستهدفة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 تفاعلت قصة أحد الحسابات الوهمية على منصة “تويتر”، والذي يستخدم للتصويب والتحريض على وسائل إعلام وإعلاميين لبنانيين ممن ينتقدون “حزب الله”. 

في تصرف أشبه بممارسات “تأديبية”، ادعت الصحافية التي تعمل في منصة “المحطة” الموالية لـ”حزب الله”، ليا القزي، على 26 مغرّداً ومغرّدة أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية، بعد اتهامها من قبل بعضهم بإدارة الحساب الوهمي. فيما عوقب آخرون بالادعاء عليهم لموافقتهم على المضمون أو إعادة التغريد أو تناول القصة بسخرية.

استمع المكتب التابع لقوى الأمن الداخلي، والذي لطالما اشتهر بدوره في ملاحقة الصحافيين والمغردين، لعدد من المدعى عليهم الذين تمكن من التواصل معهم واستدعائهم إلى التحقيق. حصل ذلك بعدما تقدمت القزي بطلب لدى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت ممثلة بالقاضي رجا حاموش، لادعاء على المغردين/ات بجرائم الذم والقدح والافتراء والتحريض على الإيذاء. 

يحصل ذلك أيضاً فيما لا يزال متهمون بجرائم كبرى كسرقة أموال المودعين وجريمة انفجار المرفأ طلقاء.

الشكوى كان توعّد بها، الصحافي حسن عليق، زميل القزي، في رده على بعض التغريدات. ولم تكتف القزي بالادعاء على من اتهمها بالوقوف خلف حساب باسم “ليروي، المتربصة”، الوهمي بل شملت مغردين وافقوا على المضمون أو أعادوا نشره. وتظهر المفارقة في تهديد صحافيين، اعتادوا الاستهزاء بالقضاء والتحقير به، لمغردين باللجوء إلى القضاء ذاته للاقتصاص منهم، مخاطبين اياهم بمنطق استقواء مستغلين علاقاتهم بأطراف في السلطة، إضافة إلى علاقاتهم بالأجهزة الأمنية والقضاء الذي عادة ما يسرب لهم محاضر التحقيقات كاملة. ويظهر من خلال ذلك العجز عن تحمل أي انتقاد أو تغريدة من أشخاص لا يتمتعون بامتيازاتهم واستغلال علاقات القوة التي تميل لمصلحتهم.

 ويظهر من خلال متابعة الحساب الوهمي والمتفاعلين معه والمعجبين بتغريداته وكأنه يحظى بثقة صحافيين موالين لـ”حزب الله” ينشطون في الدفاع عنه والتحريض على خصومه عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدي بعض هؤلاء إعجابهم بالمنشورات التي تهاجم زملاء وتحرض ضدهم.

اللافت في الدعوى، إضافة إلى عدد المدعى عليهم/ن المرتفع، كان طلب مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية من الذين استدعوا الاثنين التوقيع على اعتذار خطي من الصحافية المدعية. وكأنها تحاول انتزاع اعتذار من مغردين عاديين تحت الضغط الذي يفرضه حضورهم داخل المكتب التابع لقوى الأمن الداخلي. 

وفي حديث إلى “درج” تؤكد الصحافية مريم مجدولين اللحام، المدعى عليها في القضية، أنها رفضت التوقيع على “مبدأ رفض الاعتذار بغياب أي ذنب وخصوصاً لمن ينتهج مبدأ الترهيب والتضليل”. وكانت استهدفت اللحام بحملات تحريض مباشرة من الحساب الوهمي موضع الادعاء، ومن حسابات لإعلاميين يعمل بعضهم في قناة “المنار” التابعة لـ”حزب الله”. واعتبرت الصحافية أن الاستدعاء يندرج ضمن الحملات السياسية التحريضية المساقة ضدها ممن تصفهم بـ”صحافة الممانعة” وتعتبرهم من المحرضين الأساسيين الذين أطلقوا وسماً يتهمها بالعمالة و”الدعشنة”.

إقرأوا أيضاً:

ووفق اللحام، “تتجاوز طريقة رصد الآراء الحرة لدى صحافة الممانعة ما يتسع له الوقت. أي بالعامية (الجماعة فاضيين أشغال). لا أستوعب هذا الترقّب والارتقاب والتَّحيُّن الذي يقوم به صحافيون ضد زملاء لهم”.

وفي محاولة لفرض مزيد من الضغط على المغردين، طالبت القزي، وفق أحد المدعى عليهم، بتعويض قدره مليار ليرة لبنانية وبإزالة التغريدات تحت طائلة دفع غرامة 10 ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير. يقول مصدر قانوني إن النيابة العامة لا تقرر شيئاً بما يخص التعويضات المالية المطالب بها، فهي تدعي وتجري التحقيقات فقط. أما عن الغرامة التصاعدية التي تطالب المدعية المغردين بدفعها، فعادة تقدم هذه الطلبات أمام قضاء العجلة لا القضاء الجزائي. يلزم قضاء العجلة بتدابير مختلفة من ضمنها حذف منشور مسيء بما لا يحتمل الانتظار. ويرى المصدر في طلبات التعويض والغرامات “خلطاً للحابل بالنابل، ومطالبة بتعويضات كبيرة في وقت اكتفت فيه المدعية بدفع رسوم رمزية أقل بكثير من تلك التي تدفع لدى الادعاء أمام قضاء العجلة”.

وإن كان يحق لأيّ صحافي الادعاء على من يفتري عليه كذباً، لكنّ عدد المدعى عليهم وطبيعة تغريداتهم وتفاعلهم تظهر نيات قمعية لدى المدعية أو بالأحرى الجهات التي تقف خلفها. كما يظهر في تعليقات عليق على تغريدات المستدعين وتهديدهم ووعيدهم، أن الشكوى محاولة “تأديب” بحق من يتجرأ على المس به وبزميلته من مغردين. فمثلاً، من بين المدعى عليهم شابة سارعت لإزالة تغرديتها بعدما هددها بالقضاء. لكن ذلك لم يمنع القزي من الادعاء عليها واستدعائها إلى المكتب الذي عادة ما يطلب في هذه الحالات إزالة المنشور. ويؤكد مغرد آخر أنه تم استدعاؤه فقط لأنه أبدى إعجابه بمنشور.

علماً أن أصحاب الدعوى لم يوفروا صحافياً أو شخصية عامة من قدحهم وذمهم وهذا حق لهم لكنهم لا يمارسون الأمر نفسه مع منتقديهم.

“حزب الله” يحول “تويتر” ساحة ترهيب

تقنياً، ووفق الخبيرة في الأمن الرقمي ليال جبران، يصعب تحديد أصحاب الحسابات الوهمية خصوصاً أولئك الذين يمتلكون خبرات تقنية تسمح لهم بأخذ الاحتياطات اللازمة. بينما يمكن تحديد هوية حسابات أخرى من خلال إرسال روابط ليضغطوا عليها، ما يسمح بتحديد ما يعرف بالـ ip  ومن ثم تحديد المصدر الذي يزود صاحب الحساب بخدمة الإنترنت، لتحديد هوية صاحب الحساب هذا. أما في حال استخدم تطبيق vpn  فلا يمكن أبداً تحديد الموقع الجغرافي للمشغل وبالتالي هويته. وترجح الخبيرة أن يكون مشغل الحساب الوهمي قد أزاله لمحو الأثر أو لخشيته من أن يكون قد ضغط على أحد الروابط التي سمحت بتحديد عنوانه.

يبدو من غير الممكن حالياً التخفيف من خطر الحسابات الوهمية التي يتلطى “حزب الله” خلفها وتحرض على نشطاء معارضين له. حتى إن بعض إعلامه وعناصره ما عادوا يخجلون من التحريض وشن حملات التخوين والتهديد والوعيد من حساباتهم الشخصية، من بين أشهر هؤلاء أحد مقاتلي الحزب الذين أصيبوا في سوريا والتي تظهر صور له علاقته الوثيقة بجواد نصرالله، نجل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

وليس ما حصل مع الأستاذ الجامعي باسل صالح، سوى دليل على خطورة هذه الحسابات. فقد بدأ حساب “المتربصة” من خلال تغريدة حملة تحريض ضد صالح بعد نشر الأخير تغريدة تشير إلى نظرة الخوف في عيني أحد مقاتلي الحزب. أدى المنشور المرفق بالإشارة للمواقع التي يكتب فيها صالح، إلى حملة تحريض وتهديدات بالقتل من قبل حسابات وهمية وحقيقية، أشارت إلى عنوان عمله ومكان سكن أهله وغيرها من المعلومات الشخصية التي تحض على ترهيبه وتسهّل الوصول إليه وأذيته، كما تمارس عليه ضغطاً معنوياً ونفسياً. 

عادة ما تؤدي حسابات وهمية دور ذراع غير رسمية لحملات مرتبطة بـ”حزب الله”، بمعنى أن هناك حسابات تغفل الاسم أو الهوية الواضحة، لكنها تعمل بشكل يبدو منسقاً لجهة توحيد الرسالة والجهات المستهدفة. يظهر هذا من خلال ترابط واضح بين تلك الحسابات المغفلة مع حسابات واضحة لشخصيات إعلامية وعامة تعيد تغريد ما تقوله الحسابات الوهمية.

يتركز عمل هذه الحسابات الوهمية على التحريض والتهديد واستهداف جهات وأشخاص بعينهم خصوصاً من يمارسون نقداً أو كشفاً لممارسات الحزب والجهات السياسية المتحالفة معه.

هذا الأمر يرى فيه مستهدفون تحريضاً قد يفضي إلى تهديد جسدي يشبه ما حصل مع الكاتب لقمان سليم قبل اغتياله في شباط/ فبراير 2021 في جنوب لبنان.

قبيل الانتخابات النيابية، يتعرض مرشحون ضد لوائح “أمل- حزب الله”، لهذا النوع من الحملات. إذ بدأت عبر “تويتر” تحديداً حملات التنمر على مرشحين في الجنوب وتهديدهم وحتى الدعوة إلى مقاطعة المقاهي والأماكن التي تستقبل ندواتهم.

وأتاحت معايير “تويتر” المختلفة عن معايير “فيسبوك”، المجال للجيوش الالكترونية وتحديداً تلك التابعة لـ”حزب الله” لخوض معارك والقيام بحملات التجييش والتحريض. وهو ما جعله ساحة معارك يومية من المرجح أن تشتد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في 15 أيار/ مايو، وما يرافقها من حملات. ولا يمكن إنكار نجاح الأحزاب اللبنانية، عبر حملاتها واستدعاءات الأجهزة الأمنية، في تقليص مساحات الحوار التي خلقتها هذه المواقع بعدما قضت على مساحات الحوار على أرض الواقع.

إقرأوا أيضاً: