fbpx

عن “جمهورية القوات اللبنانية غير القوية”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هي أقدار سمير جعجع السيئة في زمن “حزب الله”، وهي أيضاً أقدار الآخرين ، ومنهم نواف سلام، والذين يريد رئيس “حزب القوات اللبنانية” أن يُخضعهم لاختبار الأهلية التي يحوزها، لكن كممنوع من الصرف.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 ألا تُسمي كتلة “الجمهورية القوية” نواف سلام لرئاسة الحكومة، ليس بسبب كافٍ لإدانة يومية متواترة لها، وصادرة غالباً عن معارضي السلطة، أو باحثين عن إدانة حزب “القوات اللبنانية” كيفما اتفق. فيما السبب الأكثر قابلية لإدانتها هو عدم التسمية مطلقاً، وفي موقف ملتبس لا يقل التباساً عن نواف سلام نفسه.

     لأكثر من عامين، وسلام يكاد يكون ضالة معارضي المنظومة الحاكمة، وهو كان ضالة “حزب القوات اللبنانية” سابقاً. لكن استحضار اسم سلام في أكثر من استحقاق، انطوى على صمت مارسه الرجل. وبافتراض أن الناس بمواقفها، فسلام بدا دائماً كالآنف أمام إقبال الآخرين، والمُدبر إذ يُرتجى، وعزوفه النيابي الأخير كثَّف فيه هذا الإدبار. وأغلب الظن أن سلام يعرف أن “سعادة” تقترن  بالسفير لن تكون متاحة على الأرجح في موقع سلطوي لبناني، حتى لو كان رئاسة الحكومة.

عدم التسمية يكمن إذاً في مساهمة قواتية بتهميش السنة كمُركّب أساسي في السلطة. ناهيك بأن السياسة وفي لحظة استحقاق دستوري كالاستشارات الملزمة تحولت مع السلوك القواتي إلى ترف لا يتناسب مع خطاب لا يني يرفع المواجهة مع الخصوم إلى وتيرة لا يضاهي القواتيين فيها أحد،  وعدم أهلية سلام بنظرهم كانت وجهاً من أوجهها. 

  كان النائب أشرف ريفي مثلاً، خياراً يلامس جوهر أهلية رئيس حكومة بشروط قواتية، وهذا لم يحصل، وكثَّف ايضاً هروباً مكشوفاً كان ليرفع عن القوات سيل الإدانات لو سمَّت، حتى لو كانت حظوظ ريفي من التسمية توازي حظوظ سمير جعجع في رئاسة جمهورية. حاول الأخير درء الإدانة من خلالها حين اعتبر أن التغيير الحقيقي يبدأ من لحظة استحقاقها.

ألا تُسمي كتلة “الجمهورية القوية” نواف سلام لرئاسة الحكومة، ليس بسبب كافٍ لإدانة يومية متواترة لها، وصادرة غالباً عن معارضي السلطة، أو باحثين عن إدانة حزب “القوات اللبنانية” كيفما اتفق.

 والتماهي مع موقف جعجع هذا، يفضي بالمرء إلى مقاربة المستقبل القريب بالماضي القريب. من استحقاق نائب رئيس المجلس النيابي، إلى تكليف رئيس الحكومة، تموضع سمير جعجع كأكثر الخاسرين. فبالموقعين السلطويين، على هشاشة الأول، وأهمية الثاني، خسر سمير جعجع رهانين ربطهما بالأغلبية النيابية المسيحية التي آلت إلى حزبه، ثم برِهان هش أن مصير رئاسة الجمهورية يقف على عتبة 21 نائباً هم عدد نواب كتلة “الجمهورية القوية”، وهو ما سيُكلف جعجع  خسارة حتمية لسياسي هو بالمناسبة أبرز أقرانه المُثقلين بالخصوم كما بالحلفاء المفترضين من أطلال 14 آذار، أو المجموعات “التغييرية” .

    وخصوم سمير جعجع، كما حلفاؤه، يعرفون، ويصدِّقون في سرائرهم، أن الرجل بما يُمثل، هو أكثر خصوم “حزب الله” حضوراً. ويعرفون أيضاً، ويُصدِّقون، انه الأكثر تماساً مع وجدان اللبنانيين الذي احتشدوا في 14 آذار/ مارس 2005، حتى لو بدا حينها أن حليفي اللحظة التاريخية تلك، سعد الحريري ووليد جنبلاط تقدما عليه لظروف أملاها البعد الطائفي لهما، ثم خيارهما الانقلابي على الوصاية السورية، والذي كثَّفه اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ويعرفون كذلك أنَّ مشاركة “حزب القوات اللبنانية” في حكومات ما بعد الإغتيال المذكور، وبمشاركة “حزب الله”، ليس بمؤسس حقيقي لتبديد تلك الخصومة معه.

   مشكلة سمير جعجع في خصومته لـ”حزب الله” تكمن في مكان آخر، وتُخفي عجزاً سيتمدد لاحقاً، عن صعوبة صرف “نشوته” النيابية والشعبية سلطوياً، وهو عجز لن يبدده على الأرجح سوى لحظتين تاريخيتين، الأولى يفترضها عوَز “حزب الله” لبعد مسيحي يُشبه ما اقترفه ميشال عون في كنيسة “مار مخايل”، وتلك لحظة تبدو شبه عدمية حتى لو كانت لحظتها الثانية قد باشرت مؤشراتها راهناً في “شيخوخة” سياسية وشعبية عونية.

  فأن يؤجل سمير جعجع المواجهة المفترضة إلى حين استحقاق رئاسة الجمهورية، هو في أحسن الأحوال قفز عن عجز تسييل تلك الغلبة النيابية في السلطة راهناً، وقد كشفه الاستحقاقان السابقان. لكن العجز الحقيقي، والمفترض أن جعجع أكثر من يعرفه هذه المرة، أن غلبة “حزب الله” ماضياً ومستقبلاً لم تكن يوماً وقفاً على معايير تمثيلية طائفية يتعفف عنها الأخير غالباً، وهي طوعه. إنه موقع “حزب الله” وسلاحه في لبنان وخارجه.

إقرأوا أيضاً:

   لا بأس إذاً بمقاربة بين غلبتين شعبيتين طائفيتين، ومآلهما في مسالك السلطة لا سيما بعد الانتخابات الأخيرة، وحتى قبلها. 

نحن والحال أمام حزبين يصعب افتراض توازنهما لبنانياً، فكيف إذاً بتجاوزنا الحدود؟ هناك حزب يُذكر في المحافل الإقليمية والدولية أكثر من لبنان، ويكاد يكون قاسماً مشتركاً لقمم واجتماعات وندوات متنها سلاحه ومصائره، فيما الآخر (القوات) هو في أحسن الأحوال حزب تضج به السياسة اللبنانية  وهو يثابر على استلاب الوجدان المخاصم للأول بخطاب مثمر شعبياً على ما تبدَّى في الفترة الأخيرة. لكن الاستثمار خطابياً شيء، والوقائع التي يُبنى عليها ذلك  الخطاب شيء آخر. نحن دائماً أمام “حزب الله” منتصر، بقدر ما نحن أمام خيبات قواتية.

   هنا تحضر الفكرة الافتراضية، وشبه العدمية. اتفاق بين طرفين محكومين بتننافر وخصومة كبيرين بما لا يقاس عمَّا كانا عليه بين “حزب الله” و”التيار العوني” في 6 شباط/ فبراير 2006. عدا أن اتفاقاً مفترضاً لتصريف الغلبة الشعبية والنيابية في السلطة، سيفترض بالضرورة تنسيبه وفق المقاربة أعلاه، والتي إذا ما افترضنا صواباً أن مآلها لن يكون على شاكلة  اتفاق “مار مخايل”، لكنها بالضرورة ستبقى مختلة لمصلحة الأقوى، وتالياً لمصدر قوته، في “جمهورية القوات القوية”.

هي أقدار سمير جعجع السيئة في زمن “حزب الله”، وهي أيضاً أقدار الآخرين ، ومنهم نواف سلام، والذين يريد رئيس “حزب القوات اللبنانية” أن يُخضعهم لاختبار الأهلية التي يحوزها، لكن كممنوع من الصرف.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.