fbpx

سيف الإسلام وريث القذافي… لمحة عن حياة الفتى “اللعوب” في لندن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كانت لدى سيف الإسلام أسباب تدعوه إلى الاحتفال. فقد كان الوريث المقبل لديكتاتورية والده معمر القذافي ووجهها الدولي المقبول.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قال منظم الحفل، “ربما كانت أروع حفلة أقيمت على الإطلاق في بونتا دل إيستي”، وهو منتجع ساحلي رائع في أوروغواي. فقد عرض المنظم على عميله تزويد الحفل بنظام صوت ومنسق أغاني “دي جي” ومصممي ديكور وألعاب نارية و “عارضات عاريات يسبحن في المسبح”. إلا أن العميل- وهو وسيط تربطه علاقات وثيقة بحكام ليبيا – رفض الألعاب النارية.

وتبين أن الوسيط أرسل إلى المنظم مبلغ 34 ألفاً و300 دولار- وطلب منه توصيل خروف مشوي كامل يومياً إلى الفيلا التي أقيم فيها الحفل في الفترة من 30 كانون الأول/ ديسمبر 2006 إلى 6 كانون الثاني/ يناير 2007. وسينضم إليه هناك بعض زملائه الليبيين ورئيسه سيف الإسلام القذافي، الذي كان من المقرر أن يسافر إلى هناك من جنوب أفريقيا.

كانت لدى سيف الإسلام أسباب تدعوه إلى الاحتفال. فقد كان الوريث المقبل لديكتاتورية والده معمر القذافي ووجهها الدولي المقبول. وكان يقود المفاوضات مع بريطانيا بشأن حادث تفجير طائرة لوكربي. وأطلق عليه المنتدى الاقتصادي العالمي لقب “القائد العالمي الشاب”. أما في وقت فراغه، فقد كان يدرس للحصول على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من كلية لندن للاقتصاد.

الآن، تسلط مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والوثائق، التي اطلعت عليه صحيفة “الغارديان” وموقع “تورتويز ميديا” الإخباري البريطاني، الضوء على حياة الحاكم المنتظر في وقت كان يدخل فيه ميدان الحياة العامة، ويتصدر مساعي التقارب مع الحكومات الغربية. تقدم المراسلات بين سيف الإسلام ورفاقه فرصة نادرة لإلقاء نظرة ثاقبة على قلب نظام القذافي، خلال لحظة محورية في علاقة ليبيا مع بريطانيا.

واصل سيف الإسلام استمتاعه بتلك الأوقات الجيدة أربع سنوات أخرى، قبل اندلاع الحرب الأهلية الليبية الأولى، مدفوعة بحكم والده المستبد القائم على الفساد والنهب. وقام المتمردون بإعدام معمر بوحشية، قبل القبض على سيف الإسلام، الذي توارى بعد ذلك عن الأنظار.

بعد عقد من الزمان، ظهر سيف الإسلام إلى العلن من محبسه في معقل للمتمردين في مدينة الزنتان مرتدياً العباءة التقليدية الأمازيغية، ليعلن عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية. ووقع أوراق ترشحه بيده التي أصيبت خلال الضربات الجوية التي أطاحت بنظام والده. 

 أدت الخلافات بين الفصائل الليبية المتناحرة إلى تأخير الانتخابات، ما أثار موجة من الاحتجاجات هذا الشهر. في حين تسعى الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق بشأن موعد جديد للانتخابات. وعندما يبدأ السباق على منصب الرئاسة، يبدو أن الكثير من الليبيين على استعداد لمنح سيف الإسلام أصواتهم.

تأثر الليبيون تأثراً شديداً بسبب ما شاهدوه خلال سنوات الحرب الأهلية، ويتوقون إلى الاستقرار النسبي الذي عهدوه في ظل حكم القذافي. فقد قال سيف الإسلام للصحافيين خلال مقابلة أجراها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عندما أعلن عن ترشحه، لقد كانت رحلة طويلة، “عليك أن تعود إلى الساحة بخطى بطيئة، مثل راقصة التعري”.

بيد أن الطريق لن يكون ممهداً أمام عودته. فمن المقرر أن يمثل سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ما يثير تساؤلات حول مدى أهليته لتولي المنصب. فضلاً عن أنه مسؤول عن جرائم القتل والاضطهاد التي ارتكبتها قوات الأمن الخاضعة لسيطرته خلال الحرب.

عندما انتقل سيف الإسلام إلى لندن عام 2002، تشكل فريق من المسؤولين والمساعدين لإدارة شؤونه. وقامت “الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية” (لافيكو) في لندن بالتعامل مع المسائل الإدارية، وفقاً لما ذكره مصدر تابع للشركة. أما الأنشطة الترفيهية الأخرى فقد اعتنى بها مجموعة من الشباب الليبي من بينهم فيصل الزواوي، وهو منظم الحفل الذي أُقيم في بونتا دل إيستي، والذي شغل منصباً آنذاك في الاتحاد الليبي لكرة القدم. كانت حفلة أوروغواي مجرد واحدة من من الرحلات “الماجنة” الكثيرة. فقد كان الزواوي مسؤولاً عن التعامل مع اليخوت في البحر الأبيض المتوسط، والنوادي في منطقة البحر الكاريبي، وطائرة خاصة ودعوة الفتيات لهذه الحفلات.

يُذكر أن سيف الإسلام طلب في البداية من مساعده في شركة “لافيكو” الحصول على شقة في منطقة بلغرافيا الفارهة في لندن. ثم على ما يبدو زادت مطالبه: فقد أراد الحصول على المزيد من الشقق وخادم شخصي وسائق وأفراد أمن للحراسة الخاصة. ويقال إن المساعد دفع التكاليف، بما في ذلك الإيجار، ثم أرسل فاتورة بهذه التكاليف إلى مكتب سيف الإسلام في ليبيا، وهو بلد متوسط الدخل فيه نحو ثلث نظيره في بريطانيا.

إقرأوا أيضاً:

يتذكر المساعد اصطحاب سيف الإسلام إلى اجتماع مع ضباط في جهاز الاستخبارات البريطاني حول أمنه الشخصي. والتقى سيف الإسلام بمسؤولين حكوميين. فقد كان لديه الكثير ليناقشه. وعام 2003، بعد مفاوضات مطولة، أعلن أن ليبيا ستقبل رسمياً “تحمل المسؤولية” عن حادثة “لوكربي” وستدفع تعويضات تقدر بنحو 2.7 مليار دولار لعائلات الضحايا.

تحول اهتمام سيف الإسلام بعد ذلك إلى ضمان الإفراج المبكر عن عبد الباسط المقرحي، المتهم بارتكاب تفجير لوكربي الذي تم تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا أثناء سجنه بالقرب من غلاسكو. وقد تم التعاقد مع وكلاء متخصصين في العلاقات العامة لإنشاء موقع للحملة على شبكة الإنترنت -www.justiceformegrahi.com- ولكسب تأييد الصحافيين. “من خلال مقابلة عاملين في وسائل الإعلام”، بحسب ما قاله أحد الوكلاء في مذكرة إعلامية، “يجب أن أتصرف كما لو أن هذه ليست حملة علاقات عامة منظمة”.

استعان مساعدو سيف الإسلام أيضاً بالأطباء. إذ يسمح القانون الأسكتلندي للسجناء الذين يتوقع أن يموتوا خلال ثلاثة أشهر بالإفراج عنهم لأسباب إنسانية. وقد أجريت تقييمات للسجين، الذي لم يكن يتلقى علاجاً فعالاً، وتقرر خضوعه للفحص الشخصي. وفي 24 تموز/ يوليو 2009، تلقى سيف الإسلام رسالة عبر البريد الإلكتروني من البروفيسور البريطاني كارول سيكورا، استشاري الأورام وأستاذ الطب في لندن. قال سيكورا في الرسالة، “أعتقد أن تشخيص السيد المقرحي سيئ للغاية”. وأضاف أن “أفضل طريقة لإقناع السلطات في بريطانيا بإطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى بلاده لأسباب إنسانية هي أن يخضع للفحص من طبيبين، ويوافق خبير متخصص ثالث على النتائج التي توصلا إليها”.

اقترح سيكورا أن يكون هو رئيس الفريق المكون من ثلاثة أطباء. وقال إنه اتفق مع سيف الإسلام على أنه سيتقاضى أجراً وفقاً لمعايير هيئة الخدمات الصحية الوطنية للخبراء الطبيين القانونيين مقابل عمله. ثم زار المقرحي في السجن، ورأى أن الرجل أمامه ثلاثة أشهر ليعيشها، وقدم تقييمه إلى السفارة الليبية في لندن. وقبلت السلطات الأسكتلندية تشخيصه.

سعى سيف الإسلام أيضاً إلى الضغط على حكومة غوردون براون. وتشير رسائل البريد الإلكتروني إلى أن الزواوي استأجر يخت إلى جزيرة “كورفو” اليونانية في الفترة بين 1 و3 آب/ أغسطس. وبحسب التقارير، ذهب سيف الإسلام إلى كورفو خلال تلك الفترة والتقى مع بيتر ماندلسون، أكبر وزير في حكومة براون آنذاك، وأمضى ليلة في فيلا جاكوب روتشيلد المطلة على البحر. ويتذكر أحد الأشخاص في الفيلا أن سيف الإسلام جاء مرتدياً زي القتال مع حاشيته، وذهب مع ماندلسون إلى مكان منعزل في الحديقة، وأثار قضية المقرحي. في حين قال المتحدث باسم ماندلسون عام 2009، إن الاثنين ناقشا قضية لوكربي في محادثة “عابرة”.

وعند التواصل معه خلال إعداد هذا المقال، قال ماندلسون إنه لم يكن له “أي دور على الإطلاق” في أي مفاوضات حول عملية الإفراج، مضيفاً “على ما أذكر، فأنه لم يطلب مني [سيف الإسلام] ولا أحد ممثليه التدخل في هذه القضية”. في 20 أغسطس/آب 2009، أصدر وزير العدل الأسكتلندي، كيني ماكاسكيل، الأمر وأفرج عن المقرحي كي يعيش شهوره الثلاثة الأخيرة في ليبيا.

وبعد ذلك بيوم واحد، تشير الوثائق إلى أن سيف الإسلام كتب رسالة إلى الوزير الأول في اسكتلندا، أليكس ساموند، أعرب فيها عن “تقديره العميق للفهم الذي أبداه والاستعداد لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتسهيل قرار الوزير ماكاسكيل”. ويقول ساموند إنه “لا يتذكر حتى رؤيته”. وأضاف أن الحكومة البريطانية لم يكن لها “أي تأثير” على قرار ماكاسكيل، الذي اتُخذ “بشكل سليم تماماً ويتفق مع الإجراءات القانونية الواجبة”. وفي اليوم نفسه، وجه سيف الإسلام رسالة مماثلة إلى سيمون مكدونالد، مستشار الشؤون الخارجية في حكومة غوردن براون، أعرب فيها عن “تقديره الصادق والعميق لدعمكم خلال الأشهر القليلة الماضية في تأمين إطلاق سراح السيد المقرحي”.

يقول ماكدونالد إنه كان المسؤول المفوض من قبل براون عن المفاوضات. مضيفاً “على حد علمي، كنت الشخص الوحيد الذي كان سيف الإسلام يتعامل معه في الحكومة البريطانية، فقد كانت القناة الوحيدة للتواصل، أنا وسيف الإسلام”. وقال إنه لم يشعر بأي غرابة في التعامل مع ابن الديكتاتور، على رغم افتقاره إلى منصب رسمي، “لأنه تلقى تعليمات واضحة من والده بإعادة سجين ليبي مصاب بمرض عضال إلى وطنه”. وذكر أن الحوار معه تميز بأنه “بلغة إنكليزية سلسة وممتازة للغاية، وكان يبدو مترفاً على نحو باهظ الثمن”. فقد زاروا مزرعة سيف الإسلام بالقرب من طرابلس، حيث تم عرض نمر أبيض على ماكدونالد في قفص مصنوع من أسلاك واهية بشكل مقلق. وقال “في المرة التالية التي رأيت فيها النمر الأبيض، كان جلده بساطاً على أرضية مجلس سيف الإسلام [في غرفة الاستقبال]”.

اختلطت السياسة رفيعة المستوى مع الممارسات الغريبة المروعة في صيف عام 2009. فقد استأجر الزواوي يختاً عملاقاً طوله 61 قدماً، يضم قبطاناً واثنين من أفراد الطاقم الآخرين، بتكلفة 55 ألف و400 يورو. ثم ساعد مدير شركة تأجير اليخوت الزواوي على التواصل مع وكالة مرافقة. وتحتوي سلسلة رسائل البريد الإلكتروني على صور أرسلتها الوكالة لنساء عاريات في أوضاع جنسية مثيرة. وكتب المسؤول عن التواصل في الوكالة: “من الأفضل أن يكن منفردات، لكن إذا أردت أزواجاً، أوصي بليوني مع زيلفيا أو مع شانيل، أو شانيل مع مارشا”.

كان لدى سيف الإسلام علاقات أيضاً مع سيدات المجتمع. ففي أيار/ مايو 2010، تلقى رسالة عبر البريد الإلكتروني يبدو أنها من عارضة الأزياء الشهيرة نعومي كامبل بعنوان: “غيسلين ماكسويل. صديقة نعومي كامبل قادمة إلى ليبيا”. ووصفت الرسالة ماكسويل بأنها “صديقة رائعة” تريد الذهاب إلى ليبيا “بقاربها” من أجل قضاء وقت “ممتع” في أيلول/ سبتمبر. وطلبت في الرسالة من سيف الإسلام جعل ذلك ممكناً، وأعطته بريد ماكسويل الإلكتروني، ووقعت الرسالة بكلمات “عناق” و”الحب والنور”. يبدو أن سيف الإسلام أجاب: “مرحباً نعومي، صديقتك موضع ترحيب في ليبيا. يرجى إخبارها بالتواصل مع محمد”، وهو اليد اليمنى لسيف الإسلام. ومن غير الواضح ما إذا كان قد تم إجراء أي اتصال آخر.

وقال المتحدث باسم كامبل: “لا تعترف السيدة كامبل بتبادل الرسائل الإلكترونية المزعومة. ونظراً إلى أن صحيفة “الغارديان” رفضت تقديم نسخة من تبادل الرسائل المزعوم أو تقديم أي دليل على صحة هذه الرسائل، فهي ليست في وضع يسمح لها بالتعليق”.

كانت لدى سيف الإسلام علاقات أيضاً مع وسطاء القوة العالميين في المنتدى الاقتصادي العالمي. فقد دعا كلاوس شواب، رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، شخصياً سيف الإسلام لحضور اجتماع دافوس السنوي في كانون الثاني/ يناير 2011، واصفاً إياه في رسالة بأنه “متحمس لبناء جسور [التعاون] ومدافع حقيقي عن الحوار”.

بيد أن سيف الإسلام القذافي وفيصل الزواوي لم يستجيبا لطلبات التعليق.

عندما اندلعت الحرب الأهلية في ليبيا بعد أسبوعين من دافوس، وعد سيف الإسلام “بالقتال حتى آخر رجل، وآخر امرأة، وآخر رصاصة”. في حين قطع المنتدى الاقتصادي العالمي علاقته به.

يبدو أن الزواوي بدأ في التسوق لشراء الخوذات والسترات الواقية من الرصاص والمركبات المدرعة من “مجموعة بن جبر” في الإمارات العربية المتحدة. وتلقى عرضاً بالحصول على 120 مركبة مقابل 23.8 مليون يورو. بيد أن الزواوي كان يبحث أيضاً عن طريقة للهروب. فمع بدء أعمال العنف، أجرى استفسارات حول شراء شقق في وسط لندن، ولاحقاً في وسط مدينة دبي.

بعد أيام قليلة من تلقيه عرض الأسعار من مجموعة بن جبر، غير الزواوي موقفه، وأصبح شاهداً متعاوناً في القضية المرفوعة ضد سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وأقام علاقات مع المجلس الوطني الانتقالي الذي سيطر على طرابلس بعد الثورة. وفي النهاية، كان الزواوي هو الذي خان سيف الإسلام وكشف عن مكان اختبائه، وأخبر أحد كبار أعضاء المجلس أن نجل الديكتاتور كان قريباً من حدود النيجر، وكان يبحث عن طبيب لعلاج يده المشوهة.

وصل إليه متمردو الزنتان أولاً، وتم اقتياده كرهينة ثمينة. وفي حين لم يكشف عن طبيعة أي صفقة مع خاطفيه السابقين، لا يزال ابن الديكتاتور الطاغية حراً في الترشح لمنصب الرئيس. ولم تمثل القضية المرفوعة ضده أمام المحكمة الجنائية الدولية عائقاً. وقد أيدت محكمة ليبية ترشحه على أساس أن وريث القذافي ليس له سجل جنائي حتى الآن.

هذا المقال مترجم عن theguardian.com  ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.