fbpx

“جعلوني مجرماً”: الإفراج عن ميشال سماحة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ربما يُراد لنا، نحن غير القادرين أن نوائم تعسفاً بين الجريمة والحرية، ان نصفق في الأيام القادمة لنص بعنوان “جعلوني مجرماً”، يكتبه ميشال سماحة بعد حريته، مع ما يحمل عنوان كهذا من فرِيَّة ارتكبناها بحقه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما يكون مآل الجريمة وأحكامها هكذا، يفترض والحال أن نقيم أقواس النصر للبطل الخارج لتوه من الأسر. إنه أمر اليوم، أو الغد، على ما يقتضي خطاب الممانعة.

  وبعد، يُفترض أن نحاكم أنفسنا عن ثلاثة عشر عاماً، أمضاها ميشال سماحة في الأسر، أمضيناها فرحين بـ”مظلوميته” عن جرمٍ التبس علينا انتسابه بين المقاومة والجريمة. هذا أيضاً ما يفضي إليه أمر اليوم، او الغد، في رجل تفتح له الحرية ذراعيها.

     وربما يُراد لنا، نحن غير القادرين أن نوائم تعسفاً بين الجريمة والحرية، ان نصفق في الأيام القادمة لنص بعنوان “جعلوني مجرماً”، يكتبه ميشال سماحة بعد حريته، مع ما يحمل عنوان كهذا من فرِيَّة ارتكبناها بحقه.

  وهذا دأبنا غالباً نحن خصوم هذه الممانعة. إما ننسب غاياتها إلى غير الخير الذي ترتجيه لنا، أو في أحسن أحوالنا نعاني حيال أفعالها قصوراً في الفهم ندركه متأخرين.

  لا، ليس ما اقترفه ميشال سماحة جريمة. ولم تكن مشاهدتنا للتوثيق المرئي لفعلته سوى “كوميديا” ليلية أراد “بطلها” أن يسامرنا بنص كتبت فصوله في حجرة كاتب بعثي محترف لهذا النوع من النصوص.

  ميشال سماحة إلى الحرية، يقتضي إذن أن نباشر منذ الغد تلاوة فعل الندامة. وأن نتحضر لتكريم “البطل” الذي تغلب على سهرنا في ليالي  آب/اغسطس من العام 2012، بمسرحيته السوداء “الإرهاب والصُبَّار”.

 ميشال سماحة خرج من السجن، هو في أحسن الأحوال ما يليق بمشروع  قاتل. وهذا من حسن حظ اللبنانيين الذين جنبهم من الموت عطب وحيد هو عدم أهلية هذا النوع من المجرمين للقتل.

  وأهلية كهذه تفترض بالضرورة أن عطبها ليس في عقل المجرم، بل في أدائه لها. وهذا يفضي بالضرورة أيضاً، إلى تكثيف النزوع نحو الجريمة في عقل سماحة، وعليه غير ما حاول أن يسقطه علينا حينها، كلحظة وجدانية وهو يعلن الشكر لله عن عدم تلوث يديه بدماء اللبنانيين.

  كان في اختيار ميشال سماحة لتنفيذ الجريمة مفارقات عديدة. سماحة مثلاً، وحتى ليلة القبض عليه، لم يكن ممن كانت لهم أدوار أمنية أو عسكرية خلال مسيرته السياسية، وتحديداً في الحرب الأهلية، وما تلاها، سواءً حين كان في حزب الكتائب، أو لصيقاً بالنظام السوري. 

   وجريمة بمواصفات كهذه، تفترض أن يكون مؤديها على غير ما تقتضي حالة سماحة. وهذا أمر يفضي على الأرجح إلى مفارقتين أخرتين، الأولى راسخة وتشي بأن الرجل عدا عن الثقة السورية المطلقة به، يندرج قبوله بالمهمة في سياق تبعي تحفل به الأنظمة الديكتاتورية عن الأمر والطاعة. أما المفارقة الثانية، فتشي باختلال نوعي في العقل الجرمي للنظام السوري نفسه، وهذا من أقدار اللبنانيين النادرة الحسن. 

   كان لدى النظام السوري من اللبنانيين الأمنيين، ما يكفل له اداة تنفيذ تتفوق احترافاً على سماحة. اختيار الأخير لا يزال في عقل علي مملوك تحديداً، وتندرج المفارقة الأولى كأحد أسبابه.

  كان النائب الحالي جميل السيد رفيق ميشال سماحة في الرحلة المشؤومة بين دمشق وبيروت، لكن وقائع التحقيق جنبت السيد مشقة الاتهام بالشراكة في الجريمة.

 “السيارة لا تتسع لحمارين”. بهذه العبارة الذمية بحق سماحة، كان جميل السيد يدفع عن نفسه هول جريمة بهذا الحجم، وأيضاً بهذه الخفة التي تحملها عبارته، وكعقل أمني، كمؤشر عن عطب في التنفيذ، أقله في نقل المتفجرات، والذي حمل وزره ميشال سماحة.

   والسؤال هنا، هل فعلاً عجز النظام السوري عن إيجاد شخصية “أمنية” لتنفيذ الجريمة؟ وهل في توصيف جميل السيد عن الحمارين، ما أعطى لذلك العجز قابليته؟

   من جديد، الجواب عند علي مملوك. وميشال سماحة، لم يكن ليبادر، أغلب الظن، بالسؤال عن اختياره لتلك المهمة القذرة. وأغلب الظن ايضاً أن فرضية رفض جميل السيد لها، هي مؤشر عن تفاوت في الحيثيات بين الأدوات اللبنانية المطواعة، والتي تعمل لصالح النظام السوري.

   عموماً، لم تكن جريمة ميشال سماحة بلا ثمن، وهذا أضعف الأحكام. 

  والحال، ها نحن أمام ميشال سماحة مشطور بين اللبنانيين. أحدهما، بالوقائع والاعترافات، مجرم يخرج من السجن بلا حقوقه المدنية، وهو ما  يخفف ربما من وطئ جريمته على ضحاياه الأحياء. وآخر، وباغتصاب للعقل، يخرج إلى حرية ستفضي على الأرجح إلى كسر عيون من نجوا من جريمته، حين يتصدر من جديد مهرجانات الممانعة وانتصاراتها.

إقرأوا أيضاً: