fbpx

عن الشمال السوري “نصفُ المحرر”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتعدد الجهات والمجموعات والكيانات السياسية والعسكرية المسيطرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال غربي سوريا، ولم تتمكن من الوصول إلى تفاهمات حول آلية العمل أو حتى التنقلات بين إدلب وريف حلب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بين تحرير المدن السورية وتطهيرها، بدأت المعارك بين المعارضة والنظام السوري. الأولى سعت إلى تحرير المدن والثاني سمى استعادة المدن بـ”التطهير من الإرهابيين”. تطلق المعارضة اليوم على المناطق الشمالية التي تقع تحت سيطرتها صفة “المحررة”، على الرغم من أن هذه المناطق لا تزال موضع اقتتال وتقاسم. اقتطاع المقتطع، هو العنوان العريض للحالة السورية، تلك الكعكة التي لم يتوقف تقسيمها منذ أكثر من عشرة سنوات، وهكذا يبدو أن مفهوم “المحرر” شديد التعقيد، وبين التطهير والتحرير يموت السوريون مرة جديدة. 

تقسيم المناطق المحررة

 يمتد الشمال المحرر من تخوم حماة إلى الريف الحلبي ومن الحدود التركية إلى العيس أو قنسرين التاريخية شرقاً. منذ عام 2017، تحوّل الشمال السوري الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة التي خرجت ضد النظام السوري إلى ما يشبه المنطقتين المنفصلتين أو الدويلتين فسيطرت حكومة “الإنقاذ” على مدينة إدلب واجهة “هيئة تحرير الشام” المصنفة كتنظيم إرهابي، والذي يعتبر ذراع القاعدة في سوريا، أما “الحكومة المؤقتة” فسيطرت على ريف حلب. وحكومة الإنقاذ السوري هي حكومة بديلة تتبع المعارضة السورية ومقرها مدينة إدلب، تشكلت في نهاية عام 2017، وتضم مناطق إدلب وريف حلب الغربي وأجزاء من ريف اللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة. واعتمدت علماً جديداً لإدلب مؤلفاً من أربعة ألوان، وهو خليط بين علم الثورة السورية والراية الإسلامية.

أما الحكومة السورية المؤقتة فهي الحكومة البديلة في سوريا والتي تم تشكيلها عن طريق مجموعة من المعارضة والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وتطلق “الحكومة المؤقتة” تسمية “المناطق المحررة” على مناطق العمليات العسكرية بالتعاون مع تركيا، وهي “غصن الزيتون” و”درع الفرات” و”نبع السلام”.

اليوم تتعدد الجهات والمجموعات والكيانات السياسية والعسكرية المسيطرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال غربي سوريا، ولم تتمكن من الوصول إلى تفاهمات حول آلية العمل أو حتى التنقلات بين إدلب وريف حلب. وإذا حاولنا تصنيف الحكومتين نستطيع التمييز بينهما، فحكومة الإنقاذ هي الجهة الأكثر تطرفاً أما الحكومة المؤقتة يمكن أن تصنف بـ”المعتدلة” إلى حد ما. وهكذا يصبح لدينا في الشمال السوري حكومتان بالإضافة إلى هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري، ولكل من هذه الكيانات شعاراتها الخاصة والأيديولوجيا والتبعية، ومجالس محلية لا تفيد السوريين في الشمال بشيء، إذ إن الواقع الخدمي متردّ للغاية.

اليوم تتعدد الجهات والمجموعات والكيانات السياسية والعسكرية المسيطرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال غربي سوريا، ولم تتمكن من الوصول إلى تفاهمات حول آلية العمل أو حتى التنقلات بين إدلب وريف حلب.

كيف بدأ الاقتتال؟

بدأ الاقتتال بين قوات “الفيلق الثالث” ومجموعات من “فرقة الحمزة” (الحمزات)، في ريف حلب الشرقي، على خلفية إلقاء الفيلق القبض على متهمين باغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته. و”أبو غنوم” هو أحد أبرز الناشطين الإعلاميين في الشمال السوري، ويُعرف عنه كثرة ظهوره في الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات وتنظيمها والدعوة إليها بتعدد أسبابها ومطالبها. وهو ما أدى إلى استنفار من “الفيلق الثالث”، لتفكيك الفصيل (الحمزات)، لتتدخّل بعدها  “هيئة تحرير الشام”، صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، ما أدى إلى إرباك الموقف وتغيّر التحالفات. يذكر أن حادثة الاغتيال لاقت تفاعلاً واسعاً، إذ انعكست من خلال مظاهرات وإضرابات في مدينة الباب، وهي واحدة من الاغتيالات والانتهاكات الكثيرة بحق مدنيين أو بحق ناشطين وكوادر إعلامية تنتشر في مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.

وبعد اشتباكات بين الفصائل تسببت في هجرة العديد من الأهالي وإصابة وموت غيرهم ومناشدات من حوالى 16 مخيم لوقف الاقتتال، شهد محيط مدينة أعزاز حالة من الهدوء بعد معارك مسلحة واشتباكات بين فصائل “الفيلق الثالث” من جهة، و”هيئة تحرير الشام” و”فرقة الحمزة” (الحمزات) و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) من جهة أخرى، وتوقفت بعد سيطرة “الهيئة” والفصائل المتحالفة على بلدة كفر جنة غربي اعزاز.وبحسب بيان نشره “منسقو استجابة سوريا” في 15 تشرين الأول \ أكتوبر الحالي،  نتج عن الاقتتال نزوح نحو ألف و600 عائلة من المخيمات، وأكثر من ألف و200 عائلة أخرى داخل المدن والبلدات.

خلافات قديمة

يمكن اختصار كل الاقتتال العسكري بين الفصائل المعارضة خلال السنوات الماضية بأنها نزاعات شخصية ومناطقية ومادية، وزاد الأمر تعقيداً بعد هدوء الجبهات مع النظام السوري وازدهار تجارة المخدرات عبر المعابر وتهريب الناس إلى تركيا، فتعقدت المصالح والمنافسة على حصة كل فصيل. ولو تساءلنا من يمثل الثورة اليوم؟ سيكون الجواب مخيباً: لا أحد، فهذه الفصائل تمثل مصالحها الشخصية وحسب.

تتزامن هذه الاشتباكات مع التسريبات عن تقارب النظامين التركي والسوري، وسواء كان ما يحدث مرتبطاً بهذا التقارب أم لا، إلا أن صعود هيئة تحرير الشام وسيطرتها على باقي المناطق يعني سيطرة الإرهاب مرة أخرى وإزاحة ما بقي من اسم الثورة وهذا يعني سماح العالم بتدخل النظام السوري وحلفائه باسم محاربة الإرهاب.

على الطرف الآخر أصدر الائتلاف السوري بياناً يدعو فيه إلى حل الخلاف بين الفصائل وتحكيم أهل الرأي والحكمة، ويبدو أن الائتلاف ليس على استعدادٍ للوقوف إلى جانب طرف ضد الآخر، وكأنه غير متأكد تماماً من نتائج هذا الاقتتال ولا يريد خسارة أي طرف على حساب الآخر.

حملت هذه الفصائل خلافاتها إلى الشمال السوري بعد قدومها من ريف دمشق والجنوب وحمص والقلمون، فقبل تحرير هذه المناطق من قبل الجيش السوري، كانت مناطق المعارضة المسلحة مشتعلة بالاقتتال الداخلي والتصفيات والاغتيالات، وعندما سيطر عليها الجيش السوري عمدت فصائل هؤلاء المسلحين الى تحميل بعضها البعض مسؤولية الهزيمة النكراء.

قبل سنوات عمد النظام السوري الى نقل العديد من مقاتلي الفصائل وعائلاتهم بالباصات الخضر إلى الشمال السوري، بعد استرجاعه مناطق الجنوب التي كانت تسيطر عليها هذه الفصائل، وكان الأمر أشبه بجمع كل المعارضة المسلحة في مكان واحد، في مكان يمكن أن يقصفه دفعة واحدة عندما يحين الوقت ويصبح هذا القصف مبرراً من قبل العالم، وهل هناك أفضل من تهمة
“الإرهاب” لقصف أي مدينة سورية؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.