fbpx

كاميرات للتعرف إلى وجوه المعارضين:
النظام الإيراني يعلن الحرب على المدارس والشوارع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تتورع السلطات في إيران عن ممارسة القمع ضد مراهقات المدارس فشنت سلسلة من المداهمات على المدارس في جميع أنحاء البلاد مع ورود تقارير عن اقتحام رجال أمن الفصول الدراسية، حيث اعتقلوا بعنف فتيات المدارس.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يواصل المحتجون في إيران “تكتيكاتهم” المباغتة، لمواجهة بطش قوات الأمن والحرس الثوري الذي يحاول إنهاء التظاهرات. 

وفي حين لا تتورع أجهزة الأمن الإيرانية عن التمادي في التصعيد، فإنّ الحراك المستمر، لأكثر من شهر تقريباً، نجح في مقاومة الأذرع الصلبة الممتدة على أجساد الإيرانيين، بينما تترك آثار التعذيب والعنف عليها.

يختلف الحراك الاحتجاجي الراهن، والذي اندلع على خلفية مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد أفراد دورية “شرطة الأخلاق”، عن سوابقه. بيد أنّ النظام، في طهران، لا يزال يقف عند مربعاته المحدودة والضيقة لمواجهة التحديات الوجودية أو “المصيرية” بحسب تعبير قادة الحرس الثوري.

ثمّة مواجهات محتدمة وعلنية بين قطاعات واسعة من الشباب والفتيات في إيران وتحديداً قطاع الطلبة، في الشوارع كما في المدارس والجامعات، وعناصر الأمن. هذه العناصر الأمنية تتخفى في زي مدني، أو تعتمد على سيارات غير شرطية، بغية التسلل بين المتظاهرين وقمع تمردهم.

النظام “المتطرف” الحاكم، في إيران، يحاول استخدام “أحدث التقنيات” في مجال القمع والسيطرة على حياة الناس اليومية.

أسرا بناهي

وفق المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين، فإنّ الطالبة أسرا بناهي تعرضت للضرب داخل مدرستها إثر اقتحام عناصر أمنية “بالزي المدني” في أردبيل، شمال غرب طهران ورفضها غناء نشيد موالٍ للنظام. 

وعلى أثر اقتحام قوات الأمن المدرسة الثانوية، تعرضت الطالبات إلى الضرب والإهانة. وقال بيان النقابة إنّ “طالبة تدعى أسرا بناهي قضت في المستشفى، وجرى اعتقال عدد من الطالبات الأخريات”. 

تفاوتت سرديات النظام، كما هي العادة، بهدف إزالة الشبهات عن تورط النظام في عملية قتل الفتاة التي لا يتجاوز عمرها 16 ربيعاً. وزعم نائب أردبيل، كاظم موسوي، أنّ الفتاة “أقدمت على الانتحار بابتلاع أقراص”. غير أنّ التلفزيون الرسمي في إيران، نقل عن أحد أفراد أسرة بناهي أنّ الفتاة توفيت نتيجة “نوبة قلبية”. توفيت بناهي في المستشفى يوم 14 أكتوبر متأثرة بالضرب التي تعرضت له على يد قوات النظام، بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان“.

فتيات المدارس ظهرن كقوة دافعة مع تكرار ظهور مقاطع فيديو للفصول الدراسية للطالبات وهن يلوحن بحجابهن في الهواء، وينزلن صور المرشد الأعلى في إيران عن الجدران ويهتفن بشعارات مناهضة للنظام ودعماً للراحلة أميني. لم تتورع السلطات في إيران عن ممارسة القمع ضد مراهقات المدارس فشنت سلسلة من المداهمات على المدارس في جميع أنحاء البلاد مع ورود تقارير عن اقتحام رجال أمن الفصول الدراسية، حيث اعتقلوا بعنف فتيات المدارس.

وفي ظل تنامي الحوادث الاحتجاجية، لجأ النظام إلى آلياته التي سبق الإعلان عنها لمراقبة النساء وحجابهن. إذ إنّ تعميم تقنية التعرف إلى الوجوه بواسطة الكاميرات، والتي صودف الاعتماد عليها قبل مقتل أميني بأسبوع، بينما كان من المفترض تثبيت الكاميرات عند مداخل محطات المترو وغيرها من وسائل المواصلات، تبدو حيلة طارئة للتعرف إلى المتمردين الجدد، وتحديد هوياتهم، مثلما كان هدفها السابق “التعرف إلى الوجوه في وسائل النقل العامة وكشف النساء اللاتي لا يلتزمن بالقانون الصارم المتعلّق بالحجاب”. 

وقد سبق لسكرتير مقرّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إيران، محمد صالح هاشمي كلبايكاني، أن قال: “تخطط الحكومة لاستخدام تكنولوجيا الرقابة ضد النساء لتطبيق قانون جديد أقره رئيس البلاد، إبراهيم رئيسي، يحدد شروطاً لملابس النساء”. 

وأوضح الناطق بلسان الهيئة ذاتها، علي خان محمدي: “لقد حددنا أكثر من 300 شخص ينشطون ضد ارتداء الحجاب بطرق مختلفة”. 

إذاً، فالنظام “المتطرف” الحاكم، في إيران، يحاول استخدام “أحدث التقنيات” في مجال القمع والسيطرة على حياة الناس اليومية، حسبما يوضح المحلل السياسي والمعارض الإيراني، علي رضا اسدزاده.

ويقول رضا اسدزاده لـ”درج” إنّ التصريحات المتعلقة باستخدام الملالي تقنية التعرف إلى الوجوه، تحقق أغراضها في ما يخص “الحرب النفسية” على المواطنين، وذلك أكثر من نتائجها المفترضة “ميدانياً”. ويردف: “انتقلت الحرب إلى الساحات الكبرى والميادين في المدن الإيرانية. بينما يلبس الكثير من المتظاهرين الأقنعة لتفادي الكشف عن هوياتهم”. 

العقوبات الغربية جعلت الحكومة في طهران، تلجأ إلى روسيا والصين للتزود بالأجهزة والتقنيات التي تمكّنها من تنفيذ استراتيجيتها في الرقابة والقمع، وفق المحلل السياسي والمعارض الإيراني. 

كما أنّ هناك مساع محمومة لتدشين شبكة انترنت داخلية ومحلية، كما هو الحال في الصين، للسيطرة على الانترنت، بصورة شبه كاملة. مع الأخذ في الاعتبار أنّ السيطرة على الإنترنت من أولويات النظام الإيراني. 

ولكن استخدام تقنية التعرف إلى الوجوه، وكذا ما يعرف بالإنترنت الحكومي، يحتاج إلى بنية تحتية قوية، بينما ليست لدى النظام الإيراني الميزانية الكافية. فضلاً عن عدم توافر الاختصاص العلمي والمعرفي الذي يؤهله لتنفيذ كل ذلك. 

وبالتالي، لا يجد النظام الإيراني حيلة سوى قطع الإنترنت، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل كامل، لجهة منع نشر أخبار المظاهرات، والتعتيم على الانتهاكات الحقوقية التي يتورط فيها أفراد الأمن. وذلك رغم الأضرار المادية الهائلة التي تتكبدها الحكومة أسوة بالمواطنين العاديين، نتيجة هذا السلوك القمعي، على خلفية اعتماد الحكومة والتجار والأسواق المحلية على الانترنت. 

إلى ذلك، تشير الباحثة في جامعة “توينتي” في هولندا، أزاده أكبري، لصحيفة “ذا غارديان” البريطانية، إلى أنّ “جزءاً كبيراً من السكان الإيرانيين، الآن، في بنك البيانات البيومترية الوطني هذا. وأصبحت العديد من الخدمات العامة تعتمد على بطاقات الهوية البيومترية، لذا، فإنّ الحكومة لديها حق الوصول إلى جميع الوجوه. ويمكنها التعرف إلى شخص في مقطع فيديو سريع الانتشار في ثوان”. 

وتابعت: “من خلال القيام بذلك، تريد الحكومة أن تقول لكل شخص في البلاد: “لا تعتقد أنّ شيئاً صغيراً يحدث في حافلة في مكان ما سيتم نسيانه. نحن نعرف من أنت وسنجدك وبعد ذلك سيكون عليك تحمل العواقب””.

كما يرجح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني في معهد واشنطن، هنري رومي، استمرار التعبئة المجتمعية، مؤكداً على أنّه “كلما تحسنت قدرتهم على التنظيم والتنسيق، زادت فرصة توسيع قاعدة دعمهم وشكّلوا تحديا واضحا على المدى القريب للنظام”.

ويرى رومي أنّ “جهاز أمن الدولة يتفوق على وجه التحديد في تعطيل هذا النوع من المعارضة المنظمة، بفضل مجموعة أدوات متقنة من العنف والاعتقالات وتعطيل الإنترنت والترهيب”. 

ويتابع: “وفي الوقت الحالي، فإنّ الدولة والمتظاهرين في حالة توازن غير مستقر، لا يتمكن معه أي منهما من التغلب على التحدي الذي يمثله الآخر، الأمر الذي يشير إلى أنّ حركة الاحتجاج والعنف الحالي قد تستمر فترة طويلة”.

وهنا، توضح الباحثة الرئيسية السابقة في مبادرة الإصلاح العربي، هناء جابر، أنّه بغض النظر عما إذا كان النظام الإيراني شرع في استخدام تقنية التعرف إلى الوجوه من عدمها، فالمسألة هي أنّ التعرف على المحتجين، في مثل هذه الظروف الاحتجاجية التي بلغت درجاتها القصوى “قد لا يجدي نفعاً لأنّ الكل بات يحتجّ في الشارع. وما يحدث في إيران مذهل من ناحية الاصطفاف ضد الاعتداءات والخروقات الحقوقية ضد الأفراد”.

وتشير جابر لـ”درج” إلى أنّ الشاهد في هذه الاحتجاجات، التي لا تماثل غيرها، هو أنّ قوى الأمن تبدو غير قادرة على التعامل معها.

وبالتالي، هناك عدة احتمالات للمسار الأمني الذي فرضته التظاهرات، وتنويعاتها المربكة للجهاز القمعي، وفق جابر، منها عدم جهوزية قوى الأمن للتعامل مع حراك بهذا الحجم، وامتداداته على مساحة البلاد (تماماً كما في سوريا في بدايات الثورة عام 2011). ثم حضور النساء الكثيف والقادر على مقاومة القمع.

ويضاف إلى ذلك، توسع التظاهرات وقرارات الحكومة البطيئة التي نجم عنها انفلات الأمور من عقالها، وخروجها عن السيطرة. كما أنّ التصدعات  داخل النظام نفسه باتت تظهر إلى العلن (الحكم القضائي على ابنة رفسنجاني بالسجن)، تقول جابر.

وبالعودة إلى المحلل السياسي والمعارض الإيراني علي رضا اسدزاده، يقول إنّه بعد حجب مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها “تويتر” و”يوتيوب” في إيران، استخدم الشباب الايرانيون شتّى منصات التواصل وتطبيقاتها، بينما وجدوا طرقاً جديدة للتواصل مع العالم الخارجي رغم الحجب المفروض. 

وخلال الأيام الماضية، نُشرت معلومات جديدة حول سيطرة الاستخبارات الإيرانية على موقعي “اسناب” و “اسناب فود” Taxi & Food delivery)) لجهة الحصول على معلومات عن المتظاهرين المطلوبين لدى أجهزة الأمن الإيرانية. كما يتمّ استخدام سيارات إسعاف لنقل المعتقلين. فضلاً عن سيارات شركة “ميهن” الإيرانية لنقل القوات الأمنية في داخل المدن.

ويختم رضا اسدزاده: “الحكومة الإيرانية تستخدم مختلف الوسائل الموجودة لبعث الرعب والخوف بين المواطنين. بينما تحاول الحكومة الحصول على تقنيات حديثة مثل التعرف إلى الوجوه. لكن يبدو أنّ المظاهرات العارمة لا تمنح النظام فرصة لتحديث وسائل وتقنيات القمع”.

وفي لقاء مواز للرد على الحراك الطلابي الاحتجاجي، أدان المرشد الإيراني علي خامنئي، عدم حضور أساتذة الجامعات في الفصول الدراسية. فيما حرّض ممثل المرشد الإيراني وخطيب جمعة طهران، أحمد خاتمي، على المتظاهرين، وطالب بعدم التهاون معهم.

وقال خاتمي: “أولئك الذين يقودون أعمال الشغب، ويتلقون الأموال لكتابة الشعارات وتنفيذ إجراءات معادية للأمن القومي، يجب أن لا يتم التسامح معهم، وينبغي التعامل معهم بصرامة”.

وفي حين أوضحت منظمات حقوق إنسان إيرانية، أنّ معتقلي التظاهرات يتعرضون للتعذيب بشتى الطرق إثر اعتقالهم، فإنّ وكالة أنباء “فارس”، التابعة للحرس الثوري الإيراني، ذكرت أنّ الاعتقالات قد طاولت مواطني “14 دولة، منها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والنمسا وبريطانيا وأفغانستان، اعتقلوا في أعمال الشغب في البلاد، والأفغان هم الأكثر عدداً بين الموقوفين”.

وعليه، أصدر الطلاب الإيرانيون، في جامعات عدة، بيانات تشدد على مواصلة امتناعهم عن حضور الفصول الدراسية. وذكر طلاب جامعة “سورة” في طهران: “هذه الاحتجاجات لن تكون كما كانت من قبل”.

وأردف الطلاب في بيان: “لقد غسلتم الدم بالدم لسنوات ولكننا أصبحنا أكثر إصراراً على مطالبتنا بتحقيق العدالة بشأن أرواح أحبائنا الذين فقدناهم… وعلى الرغم من تلقّيكم رسوماً دراسية ضخمة لإجراء دروس حضورية، فإنّكم تعقدون الدروس افتراضياً، وتتحدثون عن الاحتجاج دون الإخلال بالنظام، ولكن قواتكم هي التي تخل بالأمن عبر إطلاق الرصاص على رؤوس الأشخاص العزل المحبين للحرية”.

ورداً على هذا التصعيد، قال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، إنّ الظروف والأوضاع التي تمر بها إيران اليوم، هي أوضاع مصيرية. وتابع: “الولايات المتحدة الأميركية تعمل على تعطيل الجامعات والمدارس الإيرانية لأنّها تعلم أنّ العلم والمعرفة يخرجان هناك. وأصبحت إيران تحصل على إنجازات بشرية عظيمة”.

ولذلك، باغت وزير العلوم الإيراني محمد علي زلفي غل الطلاب بقرار يمكن توصيفه بـ”عسكرة الجامعة”. إذ قال إنّه قد “تقرر تخصيص مكتب في كل جامعة يتبع للقوات المسلحة لمتابعة القضايا والاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة مع القوات المسلحة”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.