fbpx

وثائق تكشف روابط طباخ بوتين بشركات عسكرية سودانية:
مناجم الذهب مقابل السلاح

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اجتذب الغزو الروسي لأوكرانيا إدانة وعقوبات واهتماماً إعلامياً غير مسبوق ببعض أقوى الشخصيات داخل نظام فلاديمير بوتين. ومن بين هؤلاء الرجل المعروف باسم “طاهي بوتين”، يفغيني بريغوزين، وهو رجل أعمال ومتعهد الطعام الذي اعترف أخيراً في أيلول/ سبتمبر الماضي بتأسيس مجموعة مرتزقة فاغنر سيئة السمعة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شريك القصة: لوموند فرنسا، باللغة الفرنسية

اجتذب الغزو الروسي لأوكرانيا إدانة وعقوبات واهتماماً إعلامياً غير مسبوق ببعض أقوى الشخصيات داخل نظام فلاديمير بوتين. ومن بين هؤلاء الرجل المعروف باسم “طاهي بوتين”، يفغيني بريغوزين، وهو رجل أعمال ومتعهد الطعام الذي اعترف أخيراً في أيلول/ سبتمبر الماضي بتأسيس مجموعة مرتزقة فاغنر سيئة السمعة، والتي تنتشر في مناطق الحروب حول العالم، والتي غالباً ما تقاتل في صفوف الفصائل المتحالفة مع الحكومة الروسية. اتُهم موظفو الشركة بارتكاب جرائم قتل وجرائم حرب في عمليات في أفريقيا وسوريا وأوكرانيا. 

هذا العام،  كشفت  تقارير في “بلومبرغ و”نيويورك تايمز و”سي أن أن“، دور شركة “ميروي غولد” المحدودة Meroe Gold Limited، وهي شركة سودانية داخل شبكة فاغنر Wagner، زاعمة أن الأخيرة كانت تقدم  الدعم والمشورة للنظام الديكتاتوري في السودان من أجل الوصول إلى الذهب. والآن، حصل “مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود” OCCRP، الذي يعمل بالشراكة مع صحيفة لوموند Le Monde، على وثائق مسربة، بما في ذلك العقود والرسائل والمذكرات الداخلية، التي توفر تفاصيل جديدة عن كيفية قيام الشركة الأم وهي “إم انفست” لميروي Meroe المملوكة لبريغوزين- بدفع ملايين الدولارات لشركة تديرها المخابرات العسكرية السودانية. وفي المقابل، حصلت على تصاريح إقامة وأسلحة لموظفيها الروس. كما يبدو أن “ميروي” تلقت معاملة خاصة من الرئاسة السودانية، وفقاً لمراسلات مسربة.

تعتبر صفقة “إم إنفست” مع الجيش السوداني إشكالية لأن الجيش معروف بأنه “فاسد بشكل عميق ومنهجي”، فضلاً عن كونه أنبوباً رئيسياً تمر عبره الأسلحة غير القانونية ، كما قال أندرو فاينشتاين، خبير مكافحة الفساد ومؤلف كتاب “عالم الظل: داخل تجارة الأسلحة العالمية”.

وقال: “تستخدم إم إنفست بشكل فعال جيشاً من المجرمين للقيام بأنشطتها الإجرامية”.

ريتشارد ميسيك ، كبير المختصين السابق في عمليات البنك الدولي والذي يقدم حالياً استشارات للمنظمات الدولية بشأن التطوير القانوني ومكافحة الفساد،  قال إن فاغنر والجيش السوداني كانا “اثنين من أكثر الشخصيات الأكثر سواداً في الاقتصاد العالمي”.

وقال ميسيك: “السؤال هو كيف تتم هذه المعاملات (بين فاغنر والشركات العسكرية السودانية)”. “هذان لاعبان سيئان حقاً، لا ينبغي السماح لهما بشراء الأسلحة في أي مكان. إذا كانت المدفوعات بالذهب، فيجب إيقافها. أما إذا كان ذلك من خلال النظام المالي الدولي، فعلى سلطات العقوبات التأكد من أن الشركات والأفراد المرتبطين بهم لا يمكنهم امتلاك أي حساب (مصرفي)”.

نفى بريغوزين مراراً وتكراراً وجود أي صلة له بشركة “ميروي”، أو في الواقع بفاغنر. وعلى مدى سنوات، رفع دعوى قضائية ضد وسائل الإعلام التي ادعت أن فاغنر مملوكة له. ولم  يعترف بريغوزين بأنه أسس الشركة إلا في أيلول بعد وقت قصير على نشر مقاطع على الإنترنت لفيديو له وهو يجند سجناء روس للقتال مع فاغنر في أوكرانيا. 

على رغم أنه لم يعترف علناً بأنه يمتلك شركة “ميروي”، فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركة في يوليو 2020 بسبب علاقاتها به. وقالت وزارة الخزانة إن شركة ميروي مملوكة لشركة تدعى إم إنفست يملكها أو يسيطر عليها بريغوزين. وقالت الولايات المتحدة إن إم إنفست وفرت غطاء لعمليات فاغنر داخل السودان أثناء حصولها على تراخيص تعدين الذهب.

رفض ميخائيل بوتيبكين، الذي يقود “ميروي” في السودان، الرد على أسئلة من OCCRP. كل الرسائل التي أرسلت إلى البريد الإلكتروني الخاص بـ”ميروي” عادت باشعارات رفض. 

كذلك رسائل البريد الإلكتروني التي ارسلت إلى وزارتي الدفاع والطاقة السودانيتين للحصول على تعليق ، عادت بإشعارات رفض لأن صناديق البريد الوارد الخاصة بالوزارتين كانت ممتلئة. ولم يرد أي من أرقام الهواتف المدرجة لأي من الوزارتين . ولم يتسن الوصول إلى شركة أسوار للتعليق.

دفع ثمن “حسن النية” – والوصول إلى القواعد العسكرية

تأسست “ميروي غولد” Meroe Gold في السودان في صيف 2017، فيما كانت دولتا روسيا والسودان تعززان العلاقات الثنائية وتوقعان اتفاقيات تعاون في العديد من القطاعات ، بما في ذلك التعدين. زار الرئيس السوداني آنذاك، عمر حسن أحمد البشير، روسيا في تشرين الثاني/ نوفمبر2017، ومنذ ذلك الحين بدأت علامات الوجود الروسي في السودان تنتشر. وظهرت صور ومقاطع فيديو لروس يرتدون زياً عسكرياً يدربون جنوداً سودانيين على الإنترنت، تلتها تقارير إعلامية تفيد بأن فاغنر كانت تعمل في السودان.

بعد وقت قصير من إنشائها، أبرمت الشركة الأم لشركة “ميروي” صفقة مدتها خمس سنوات مع شركة أمنية مرتبطة بالجيش مقرها في الخرطوم، ووافقت على دفع مبالغ ضخمة من المال مقابل مساعدتها في جلب موظفي “إم إنفيست” إلى البلاد، ومقابل الحصول على خدمات “الأمن والسلامة”.

ويبدو أن الشركة، وهي شركة أسوار للأنشطة المتعددة المحدودة Aswar Multi Activity Co. Ltd ، كانت خاضعة لسيطرة المخابرات العسكرية السودانية، وفقاً للعقود والوثائق والمراسلات الداخلية. وكان مديرها العام محمد قريشي محمد الأمين، وهو عميد في الجيش السوداني. وتظهر الملفات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي لموظفين سابقين أنهم تخرجوا من الكلية العسكرية السودانية. 

في مقابل توفير الحماية والمساعدة في إجراءات الإقامة وخدمات الاستيراد لموظفي لشركة “إم إنفيست” و”ميروي “العاملين في السودان، كان من  المقرر أن تحصل أسوار على 100000 دولار شهرياً، إضافة إلى 200000 دولار مقدماً “كرسوم حسن نية”، وفقاً لنسخة من عقدهم الذي تمت مشاركته مع OCCRP من قبل Dossier Center – وهي منظمة في المملكة المتحدة  يدعمها ناقد بوتين في المنفى ميخائيل خودوركوفسكي-  ووفقاً أيضاً لمصادر محلية. كما وافقت شركة “إم إنفيست” على دفع جميع الضرائب والرسوم ذات الصلة  المستحقة على شركة أسوار للحكومة، إضافة إلى رواتب موظفي شركة أسوار. علاوة على كل هذا، ستدفع “إم إنفيست” أيضاً لشركة أسوار 500 دولار عن كل فرد من موظفيها الذين ساعدت الشركة في جلبهم إلى السودان. 

كما التزمت أسوار “بتوفير الأسلحة والمعدات اللازمة التي يحتاجها الطرفان من خلال وزارة الدفاع السودانية”. وأشار ملحق بالعقد إلى  أن شركة أسوار ستوفر مركبات مدرعة وأسلحة من العيار الكبير وطائرات بدون طيار ومعدات اتصالات،  لكن العقد لم يحدد عدد الأسلحة المطلوبة، أو من أين ستأتي.  كانت أسوار تقوم بتخزين ونقل وتخليص الأسلحة عبر الموانئ والمطارات.

تُظهر الوثائق أن أسوار عملت مع شركة الريادة، وهي شركة طيران محلية متعاقدة من الباطن مع شركة ميروي لتوفير النقل بين الخرطوم وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تتمتع فاغنر أيضاً بوجود كبير. في بعض الحالات على الأقل ، تم إجراء الرحلات الجوية على متن طائرة أنتونوف AN-26 روسية الصنع مسجلة لدى الجيش السوداني.

ويشير خطاب من بوتيبكين عام 2018 إلى رئيس هيئة الاستخبارات السودانية إلى أنه بفضل شركة “أسوار”، تمكنت الطائرات التي استأجرها ميروي أيضاً من الطيران بموجب رمز إشارة عسكري، مما يعني أن نقلها الجوي لم يكن ليسجل على أنظمة تتبع الطيران التجاري.  ويشير بوتيبكين إلى اتفاق سابق بين شركة أسوار والقوات الجوية قال إنه يجب أن يمنح شركة ميروي إذناً بالهبوط في قاعدة عسكرية في الخرطوم، واستخدام “رمز الإشارة الخاص بالقوات الجوية لغرض العمل داخلياً و خارجياً”.  

وقال فاينشتاين إن العقد المبرم مع شركة “أسوار” يظهر أن  شركات بريغوزين متورطة بشدة مع الجيش السوداني. 

“ذلك يخبرنا أن بريغوزين يدفع لشركة عسكرية خاصة تسيطر عليها الحكومة مقابل الحق في الاستعانة بمصادر خارجية للحصول على امتيازات سيادية، بما في ذلك الأسلحة والمرور لأفرادها واستخدام الموانئ والقواعد الجوية”. 

استمر  اتفاق شركة “أسوار”، حتى بعد إجبار البشير على ترك منصبه في انقلاب عسكري عام 2019. وتقول مذكرة رسمية من شركة “أسوار” في أيار/ مايو 2019 – بعد شهر من الإطاحة بالبشير – إن “ضابطاً برتبة رقيب” رافق وفداً روسياً من “ميروي” أثناء سفره من الخرطوم إلى منطقة النيل، موقع مصنع شركة ميروي. 

هدية ذهبية

في السودان، يتعين على الشركات الأجنبية التي لديها تراخيص للتنقيب عن المعادن إنشاء شركة إنتاج لاستثمار أي موارد بعد اكتشافها. وتأخذ وزارة المعادن 30 في المائة من أسهم هذه الشركات بموجب القانون السوداني. 

لكن في آب/ أغسطس 2018، منح مكتب البشير خدمة لافتة للنظر لشركة  “ميروي”: فقد أمر الوزارة بالتنازل عن حصتها في عملية الذهب المستقبلية للشركة المملوكة لروسيا. 

وبعد أقل من شهرين من تعليمات الرئاسة، منح وكيل وزارة المعادن شركة ميروي تراخيص إضافية مربحة للتعدين ومعالجة نفايات الذهب في ثلاث مناطق منتجة للذهب، متنازلاً مرة أخرى عن نسبة 30 في المئة. كما مُنحت الشركة حقوق التنقيب عن احتياطي آخر محتمل من الذهب.

وشكك ميسيك الخبير السابق في البنك الدولي حول الدافع الحقيقي لتنازل رئاسة البشير عن حق الحكومة في الحصول على 30 في المئة من رخصة ميروي لتعدين الذهب. وقال: “في أي وقت تنحرف فيه عن قانون الاستثمار الأجنبي المعمول به، عليك أن تسأل عما إذا كان ذلك بسبب أن المستثمر الأجنبي مهم للغاية وتسعى الحكومة جاهدة لإحضاره، أو أن هناك سحابة تغطي على صفقة خاصة قد تكون مبلغاً جانبياً أو بعض المقايضات الأخرى، مثل القدرة على شراء الأسلحة للأشخاص الموجودين في السلطة”.

اعترضت الإدارة القانونية في وزارة المعادن السودانية على التنازل في حالة واحدة على الأقل، وفقاً لوثائق داخلية حصلت عليها OCCRP، مشيرة إلى أنه لا يمكن إجراء التنازل نظراً لأن التراخيص لم تمنح بعد ولم يتم إنشاء أي شركة إنتاج. ولكن بعد ما يزيد قليلاً عن شهر، أمرت الوزارة بإصدار الإعفاء، وهو ما فعلته في أواخر كانون الأولى/ ديسمبر 2018.

وتكشف الوثائق الرسمية التي تحدد العلاقة بين شركة ميروي و وزارة المعادن السودانية أن حصة الدولة في أول تراخيص معالجة الذهب هذه ستنتقل أولاً إلى حوزة شركة السودان لتجارة المعادن Sudan Mineral Trading – SMT، وهي شركة مملوكة للجيش السوداني، قبل أن يتم منحها في نهاية المطاف إلى شركة ميروي. 

يبدو كما لو أن SMT وMeroe تعملان كشركاء في رخصة المعالجة الجديدة. لكن التقدم لم يكن سريعاً: ففي رسالة رسمية إلى وزارة المعادن في أوائل عام 2020، بعد فترة طويلة من اعتقال البشير من قبل الجيش وإجباره على الخروج من السلطة،  أشار بوتيبكين إلى أن الترتيب لم يتم الانتهاء منه بعد. وقال إن SMT لا تزال ملزمة في نهاية المطاف بتمرير التنازل عن حصة الحكومة البالغة 30 في المائة إلى مالكي Meroeشركة. ومن غير الواضح ما إذا كان ذلك قد حدث. 

قال فينشتاين، مؤلف كتاب تجارة الأسلحة، إن الشراكة مع SMT بشأن تراخيص الذهب كانت على الأرجح تكتيكاً لكسب الدعم لعمليات شركة ميروي مع الجيش السوداني القوي. 

وقال لـ OCCRP: “شركة ميروي تتخذ أسلوباً متكرراً  يتمثل في استخدام “الحوافز” العسكرية لتكون قادرة على استغلال حقوق التعدين”.

بحلول نهاية عام 2020، أصبح التدقيق على شركة ميروي مكثفاً ، بخاصة بعدما فرضت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة . البشير، الذي كان في السلطة عندما تم تأسيس شركة ميروي، يواجه الآن المحاكمة لدوره في الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة في السودان. 

وفي هذا السياق الأكثر تحدياً، سلمت الشركة منشأة معالجة النفايات التابعة لها إلى شركة جديدة تماماً تسمى الصولج للتعدين المحدودة Al Sawlaj for Mining Ltd، والتي لا تملك أصولاً ولديها موظف واحد فقط ، كان مديراً سابقاً لشركة ميروي جولد واحد كبار مساهميهاً ً. وقالت مصادر مطلعة مقربة من الحكومة السودانية إن شركة الصولج مجرد واجهة جديدة لأصحاب شركة ميروي. 

تم توفير البحث لهذا التحقيق من قبل منصة occrp ID. وقام بعملية تدقيق الحقائق ديسك تدقيق الحقائق في occrp  

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.