fbpx

مصر: “تحالف الأمل” المعارض خلف القضبان
و”تنسيقية شباب الأحزاب” الموالي في البرلمان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

محاولة إقصاء مشروع “تحالف الأمل” قبل إعلانه رسمياً، وقبل أن يأخذ خطوات فعلية على أرض الواقع بكسب التأييد الشعبي، هو خطوة استباقية من النظام…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يُكمل أعضاء “تحالف الأمل” في حزيران/ يونيو  2021 عامين من السجن الاحتياطي، وذلك بعد اعتقال أعضائه من المعارضين المصريين.

 كان “تحالف الأمل” ائتلافاً سياسياً أُجهض قسراً قبل إطلاقه وضَمّ نواباً ورؤساء أحزاب وصحافيين ورجال أعمال وقادة عماليين وقادة شباب، كانوا يسعون إلى خوض الانتخابات البرلمانية عام 2020.

ومع مرور الأيام تتعلق أعين ذوي المعتقلين بأي أخبار حول احتمال إطلاق سراحهم، فيما تزداد المخاوف على جانب آخر من احتمال “تدويرهم” على ذمة اتهامات أخرى، غير الاتهامات التي وجهت إليهم بالفعل، وهي “استهداف نظام الدولة ومحاولة إسقاطها وتشكيل تنظيم سياسي سري، خلافاً للقانون والتخابر والضلوع في مؤامرة لقلب نظام الحكم”.

ضمت قائمة المقبوض عليهم، زياد العليمي النائب السابق وعضو “الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي” وحسام مؤنس الصحافي والمدير السابق لحملة المرشح الرئاسي حمدين صباحي وهشام فؤاد الناشط العمالي في “حركة الاشتراكيين الثوريين” وعمر الشنيطي الخبير الاقتصادي، تم اعتبارهم جميعاً داعمين للإرهاب، على رغم أن القانون يسمح للمصريين بإنشاء تحالفات وأحزاب سياسية والترشح للانتخابات النيابية والرئاسية.

التنسيقية احتضنت الإحباط في نفوس من لم يحصدوا مكاسب ملموسة من الثورة المصرية، ووعدتهم بمناصب  في مصر الحديثة التي تنزعج من ذكريات الثورة ولا تهتم ببيانات المنظمات الحقوقية حول أوضاع السجناء والمخفيين قسراً

على جانب مناقض تماماً، تحاول “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” ترسيخ تصور حول انتعاش المناخ السياسي في مصر، بسلسلة ندوات وصالون سياسي وموقع إلكتروني وقناة على “يوتيوب”، وسائط يزعمون من خلالها توعية الشباب سياسياً، وتعدهم بمناصب سياسية فور انتمائهم  لعباءة النظام الحالي.

تقدم “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” في مصر فرصة مغرية للشباب المحبط من تَبدل المشهد السياسي، للحصول على مقعد في مجلس النواب، وسخاء في الدعم الإعلامي والتنسيقي للحصول على مقاعد في مجلس الشيوخ.

 التنسيقية احتضنت الإحباط في نفوس من لم يحصدوا مكاسب ملموسة من الثورة المصرية، ووعدتهم بمناصب  في مصر الحديثة التي تنزعج من ذكريات الثورة ولا تهتم ببيانات المنظمات الحقوقية حول أوضاع السجناء والمخفيين قسراً، ولا تستسيغ أصوات الجياع بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، لأن شعارات “عيش، حرية عدالة اجتماعية” لا مكان لها حين يصبح الثمن الحصول على مقعد في المجالس النيابية قريباً وبراقاً.

أطلقت “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” نشاطها في مصر منذ ثلاث سنوات، بعد الدعوة التي وجهها الرئيس “السيسي” للأحزاب السياسية في نيسان/ أبريل 2018، لإنشاء منصة تجمع بين الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة المصرية، لكن المفارقة أن المناخ الحزبي المعارض تم إجهاضه بالفعل قبل هذا الإعلان، إذ تم تفريغ نشاط معظم الأحزاب السياسية المعارضة واعتقال رموزها، ولم يبقى على الساحة سوى أحزاب حديثة تم تأسيسها بعد وصول السيسي إلى الحكم أو أحزاب قديمة أصبحت حديقة خلفية لأحزاب النظام الحاكم المصري.

السطو على البرلمان 

التزمت “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” بوعودها في منح المنتسبين للأحزاب تحت مظلتها مقاعد في انتخابات مجلس النواب 2020، حتى إن المنافسين على مقاعد المستقلين “صورياً” كانت التنسيقية البوابة الأهم التي تسمح لهم بالمرور بعد مؤامرات وحسابات دقيقة، بعضها قائم على غزارة الدفع، والبعض الآخر حول سلطة المرشح وعائلته وظهره السياسي، وفي النهاية اكتسح المنتسبون إلى التنسيقية مقاعد النواب بخاصة مع غياب المنافسة الحقيقية التي كان سيوفرها “تحالف الأمل” لخوض انتخابات عام 2020.

 تمكنت التنسيقية من حصد عدد كبير من مقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، حيث تمكنت من حصد 12 مقعداً في مجلس الشيوخ، و31 مقعداً في مجلس النواب، واستطاع أعضاء مجلس النواب عن التنسيقية حصد 10 مقاعد باللجان النوعية في تشكيلات هيئات المكاتب التى تضم رئيساً لكل لجنة ووكيلين وأمين سر،  تم تعيين أول دفعة من نواب “المحافظين الشباب” من 6 أعضاء بالتنسيقية، إضافة إلى قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعيين 3 من «التنسيقية» ضمن قرار المعينين في مجلس النواب والذى صدر فى مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي قبل انعقاد مجلس النواب الجديد.

إقرأوا أيضاً:

جمهورية الخوف… داخل التنسيقية أيضاً

أعلنت التنسيقية منذ اليوم الأول لتأسيسها أن هدفها، تقوية الأحزاب، وإيجاد قنوات ومساحات اتصال وتقارب مع الدولة، ومع توصية السيسي بتحقيق “سياسية بمفهوم جديد” فى  مؤتمر الشباب عام  2018، اتخذت التنسيقية المقولة ذاتها حرفياً شعاراً لها، لكن المفهوم الجديد للسياسة الذي يرغبه السيسي وتتبناه التنسيقية يختلف عن آليات العمل السياسي المتعارف عليه الذي يسمح ولو بهامش من المعارضة والاختلاف.

“الاصطفاف خلف الوطن” كان أحد الأهداف التي أعلنت عنها التنسيقية ولتحقيقه أصبحت تمارس دوراً أمنياً أيضاً، بتتبع المنتسبين إليها والبحث في تاريخهم السياسي وانتماءاتهم، ومراقبة حساباتهم على “فايسبوك” وصورهم الشخصية على منصات التواصل إن كانت “لائقة” أو غير “لائقة” مع تقديم تقييم أمني كل فترة عن كل المنتسبين إليها.

في 4 نيسان الماضي، نظمت “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” اجتماع تقييم للأعضاء، وعلمنا من مصدر داخلها أن التقييم يتم من خلال لجنة داخل التنسيقية لا تتبع مشاركات أعضائها في الأنشطة الداخلية فقط، بل تتبع حساباتهم الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي وتدقق في المنشورات والتعليقات والصور الشخصية إن كانت تخالف مبدأ “الاصطفاف خلف الوطن”!

تتعقّب اللجنة أيضاً مدى التزام الأعضاء بنشر  التكليفات الخاصة بالمنشورات التي يُجبرون على تبنيها على منصات التواصل الاجتماعي، وهي تحولهم إلى ما يشبه “اللجان الإلكترونية” لتلميع صورة التنسيقية والنظام الحالي والرئيس وزوجته.

 تأتي هذه التكليفات على مجموعة على “واتسآب” لكل المنتسبين إلى التنسيقية وتُجرى عملية المتابعة الدقيقة بعدها حتى يأتي اجتماع التقييم الذي يستبعد فيه عدد من الأعضاء المشكوك في التزامهم.

سلطة التنسيقية أعلى من وزير الإعلام

قدمت “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” عشرات الشباب إلى المقاعد النيابية، لكن لا يعني ذلك منحهم صلاحيات سياسية مطلقة، حتى وإن كانت مشروعة، كحضور جلسات لجنة الحوار الوطني في مجلس النواب.

المفارقة التي أطاحت بوزير الإعلام المصري أسامة هيكل أن لجنة الحوار الوطني في مجلس النواب التى مارست عملها على مدار أربعة أشهر من العام الماضي، استبعدت أعضاء الأحزاب ومنهم المنتمين إلى التنسيقية من حضور هذا الحوار، واكتفى الحوار بأسماء بارزة منهم “عمرو موسى” رئيس حزب المؤتمر المصري، و رجل الأعمال “نجيب ساويرس”، وهو ما جعل أحد قادة “حزب الوفد” يجري اتصالاً بوزير الإعلام المصري، يعلن فيه استهجانه لاستبعاد حزبه من هذا الحوار ليتورط كلاهما في نقد العملية السياسية الحالية، وهو الاتصال الذي تم  تسريبه وتسبب في الإطاحة بوزير الإعلام أسامة هيكل.

المفارقة أن تنسيقية شباب الأحزاب أصدرت ورقة نتائج حول لجنة الحوار الوطني وكأنها كانت مشاركة فيه، لكن تسريب مكالمة وزير الإعلام كشف عن حجم كرتونية هذا الكيان الذي يضم معظم الأحزاب المصرية.

محاولات سحب الثقة من العاملين في مجال حقوق الإنسان

تقدم “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” في مصر فرصة مغرية للشباب المحبط من تَبدل المشهد السياسي، للحصول على مقعد في مجلس النواب، وسخاء في الدعم الإعلامي والتنسيقي للحصول على مقاعد في مجلس الشيوخ.

أسست تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين  لجنة “حقوق الإنسان” لتتبع البيانات المحلية والدولية الخاصة بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، لتصدّر  مفهوماً جديداً حول العمل في الشأن الحقوقي، وهو نفي أي انتهاكات على المستوى المحلي في مصر في ملف المعتقلين السياسيين والإخفاء القسري والتعذيب والحبس الاحتياطي.

في بيان صدر عن لجنة “حقوق الإنسان” التابع لتنسيقية “شباب الأحزاب والسياسيين” برر بشكل واضح قانون الإرهاب ووضع أسماء نشطاء معارضين على قوائم الإرهاب حيث قال البيان ” إن قانون الإرهاب صدر في ظل الحرب المقدسة التي تخوضها مصر ضد الجماعات الإرهابية، وإن إجراءات الإدراج على القوائم الإرهابية يتم وفقا لضوابط قانونية وقضائية”

 تصف لجنة حقوق الإنسان التابعة للتنسيقية كافة أعمال منظمات حقوق الإنسان الأخرى بـ”المزاعم والمعلومات المرسلة“، وتنصح على نحو مثير للريبة منظمات حقوق الإنسان في مصر وخارجها بالاهتمام بمجالات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وكأنها توصيهم بغض الطرف عن أوضاع حقوق الإنسان داخل المعتقلات والتغافل عن حجم الفراغ السياسي الذي تشهده مصر في الوقت الراهن بعد إقصاء المعارضين.

تحالف الأمل من جديد

تشكل “تحالف الأمل” في مصر في شهر أيار/ مايو الماضي، ولم تكن بدايات تشكله خافية على أحد، على رغم أن أعضاءه لم يسعفهم الأمن الوطني بالوقت، كي يعلنوا البيان التأسيسي للتحالف الجديد الذي كان يفترض إعلانه بعد انتهاء بطولة كأس أمم أفريقيا 2019.

تحدث عن “تحالف الأمل” السياسي المصري حمدين صباحي في بداية حزيران/ يونيو 2019 في أحد حواراته ، ووصف النظام الحالي بأنه يمتهن طريقة إزاحة سلم الوصول إلى السلطة عن السياسيين الآخرين، لذا فإن التحالف الجديد سيحاول أن يخلق لنفسه المساحة السياسية وسط هذا الإقصاء المتعمد للمعارضين. كما نشرت صحيفة “المشهد” المحجوبة في مصر في بداية حزيران أيضاً حواراً مع السياسي مدحت الزاهد، كشف فيه عن مكونات “تحالف الأمل” السياسية وأهدافه وخطط عمله والأحزاب والشخصيات المشاركة فيه. وعلى رغم ذلك، كانت إحدى التهم الموجهة إلى التحالف، تشكيل تنظيم سياسي سري خلافاً للقانون والتخابر والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين.

تشكل “تحالف الأمل” بعد حالة الإحباط القصوى على المستوى السياسي، بعد تمرير التعديلات الدستورية الأخيرة. وتركزت أهدافه على العمل من أجل فتح المجال السياسي أمام قوى مدنية والعمل على كسب مقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة وإطلاق الحريات وتفعيلها، وتعزيز مفهوم الدولة المدنية الديموقراطية القائمة على تداول السلطة واستقلال القضاء واتساق القانون مع الدستور وتفعيل دور الأحزاب وحرية العمل النقابي المستقل.

محاولة إقصاء مشروع “تحالف الأمل” قبل إعلانه رسمياً، وقبل أن يأخذ خطوات فعلية على أرض الواقع بكسب التأييد الشعبي، هو خطوة استباقية من النظام، فالتقاء الناس، أحد أهم شروط وصول “العاديين” إلى تولي السلطة من وجهة نظر كارن روس في كتابه “ثورة بلا قيادات”، فهل ينجح النظام الحالي في عزل الأمل أو “تحالف الأمل” عن الناس فعلاً، كي يظل مبعداً إلى أجل غير مسمى من السلطة؟

إقرأوا أيضاً: