إذا كان اعتقال الفنّان زياد عيتاني فضيحة للدولة اللبنانيّة، فإنّ إطلاق سراحه فضيحة للمجتمع اللبنانيّ.
لقد اعتُقل زياد عيتاني زوراً وتلفيقاً، بما يلائم التنافس بين أجهزة طائفيّة في نظام طائفيّ. كان واضحاً أنّ القانون والحرّيّات والمزاعم الديمقراطيّة هي شريكة زياد في زنزانته. كان واضحاً أنّ الديمقراطيّ اللبنانيّ، كلّ ديمقراطيّ، يشاركه عتمة سجنه. أنّ العلمانيّ، كلّ علمانيّ، يحسّ في ظهره السياط التي انهالت على ظهر زياد عيتاني.
لكنْ حين أُطلق زياد، بدا أنّ سعد الحريري ونهاد المشنوق هما “أمّ العروس”. بدا أنّ المسألة انتصار لجناح طائفيّ على جناح طائفيّ. أنّها انتصار للائحة انتخابيّة على لائحة مقابلة. أنّها تكريم لعائلة بعينها ولمنطقة بعينها.
خبراء الانتخابات بيننا سريعاً ما “قرّشوا” الأمر انتخابيّاً: سوف ينال الحريري ولائحته في بيروت أصواتاً لم تكن لتصبّ بالضرورة في مصلحتهم. ما من شكّ في أنّ منافسيهم سوف يسارعون إلى حضور “المولد”.
فجأة قفزت الطوائف وسياساتها لتحرمنا الفرحة المستحقّة بإطلاق سراح زياد عيتاني. رسالة الطوائف الضمنيّة كانت تقول: زياد ليس مواطناً بريئاً اعتُدي عليه. ليس فنّاناً أُريد من وراء إخضاعه إخضاع الحياة الثقافيّة برمّتها. مسألته ليست مسألة حرّيّات. زياد، في المقابل، عيتانيٌّ وسنّيّ وبيروتيّ دافع ويدافع عنه أقطاب طائفته ومنطقته.
لقد لفّقوا تمثيل حرّيّته مثلما لفّقوا، من قبلُ، اعتقاله.
يحصل هذا عشيّة انتخابات يُفترض إجراؤها في 6 أيّار (مايو) المقبل. يحصل هذا فيما تتكاثر أسماء المرشّحين الذين يزعمون الدفاع عن المجتمع، مدنيّاً كان أم غير ذلك، ويزعمون النطق باسم ما هو حديث وعلمانيّ وديمقراطيّ. هؤلاء جميعاً اصطفّوا كالأصفار أمام حدث هائل في دلالاته الديمقراطيّة كاعتقال زياد عيتاني، ثمّ الاحتفال بإطلاق سراحه. هؤلاء جميعاً لم يستطيعوا أن يشكّلوا قوّة محترمة تمنع اعتقاله وتحتضن إطلاق سراحه. هؤلاء لا شيء. ترشُّحهم للانتخاب لا شيء. نجاحهم أو رسوبهم لا شيء. انتخاباتهم نفسها لا شيء.
وهذا في النهاية امتحان نتائجه تقول الكثير. وأوّل ما تقوله أنّ الاحتفال الصادق بخروج زياد عيتاني من سجنه له ترجمة واحدة: مقاطعة هذه الانتخابات المهزلة.
[video_player link=””][/video_player]
من زياد عيتاني إلى مقاطعة الانتخابات
إذا كان اعتقال الفنّان زياد عيتاني فضيحة للدولة اللبنانيّة، فإنّ إطلاق سراحه فضيحة للمجتمع اللبنانيّ. لقد اعتُقل زياد عيتاني زوراً وتلفيقاً، بما يلائم التنافس بين أجهزة طائفيّة في نظام طائفيّ. كان واضحاً أنّ القانون والحرّيّات والمزاعم الديمقراطيّة هي شريكة زياد في زنزانته. كان واضحاً أنّ الديمقراطيّ اللبنانيّ، كلّ ديمقراطيّ، يشاركه عتمة سجنه. أنّ العلمانيّ، كلّ علمانيّ، يحسّ في ظهره السياط التي انهالت على ظهر زياد عيتاني.
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
فاطمة بدري - صحافية تونسية
سنة دامية في السودان لم تعدّل بوصلة العالم!
26.04.2024
"درج"
غزة: التمييز بين الضحايا في ذروة المجزرة
26.04.2024
كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024
حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء
تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.
الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
تروي الصحفية والناشطة السياسية المصرية، إيمان عوف، تجربتها كامرأة وأمّ في خوض غمار السياسة والعمل الصحفي والصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتها والمتعلقة بشكل أساسي بأمومتها وبما هو متوقع منها مجتمعياً. "كيف يغدو الدور الرعائي عائقاً أمام حياتكِ السياسية؟"، هي الحلقة الثالثة ضمن مشروع "عوائق وصول النساء العربيات إلى طاولات صنع القرار"، الذي أُنجز بالشراكة بين…
17.04.2024
تكرر توقيف السلطات الألمانية ناشطين أو شخصيات معروفة بدعمها القضية الفلسطينيّة، بل حتى منعهم من دخول البلاد كما حصل مع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، بحجة معاداة السامية، التي تُستخدم أيضاً لتفريق تظاهرات متضامنة مع الفلسطينيين وداعية الى وقف الإبادة في غزّة. آخر ضحايا هذا التضييق، وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، الذي مُنع من…
17.04.2024