fbpx

فلسطينيو لبنان والإنتخابات اللبنانية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الخمسينات والستينات كان الفلسطينيون في المخيمات في لبنان يعلقون في بيوتهم وحاراتهم البائسة صور المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية. كانوا يخوضون الانتخابات على طريقتهم وهم لا يملكون الحق في الانتخاب أو الترشح. صور النائب معروف سعد كانت تزين جدران بيوت اللاجئين في مخيم عين الحلوة إلى جانب صور جمال عبد الناصر…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في حقبتي الخمسينات والستينات، كان الفلسطينيون في المخيمات في لبنان يعلقون في بيوتهم وحاراتهم البائسة، صور المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية. كانوا يخوضون الانتخابات على طريقتهم، وهم لا يملكون الحق في الانتخاب أو الترشح. صور رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب معروف سعد كانت تزين جدران بيوت اللاجئين في مخيم عين الحلوة، إلى جانب صور الزعيم المصري جمال عبد الناصر.
كان معروف سعد بالنسبة لهؤلاء قريباً من عبد الناصر، ومكافحاً مثله في حرب عام 1948. عبد الناصر قاتل آنذاك، وجرح في معركة الفالوجة. ومعروف سعد شارك في معركة المالكية القريبة من الحدود اللبنانية في الحرب نفسها. انطلق الفلسطينيون في مشاركتهم العاطفية في الانتخابات النيابية، من موقف النواب من فلسطين وقضيتها، فقد كانوا الى منتصف الستينيات، مرحلة ما قبل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، معلقين في الهواء، فلا تمثيل سياسياً لهم، حتى أولئك الذين كانوا أعضاء في الأحزاب القومية، مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، أو الحزب  السوري القومي الاجتماعي، على قلتهم، أو في حركة القوميين العرب، وهم الأكثرية، كون قادة هذه الحركة كانوا من الإنتليلجنسيا الفلسطينية، مثل جورج حبش ورفيقه وديع حداد، أو ممن ينتمون إلى سكان المخيمات، مثل أبو ماهر اليماني، وصلاح صلاح، وعبد الكريم حمد.
كانت فلسطين بالنسبة لهم هي المقياس لأي موقف عاطفي داعم لهذا المرشح أو ذاك في الانتخابات النيابية اللبنانية.
في منطقة صيدا كان اللاجئون يساهمون في حملات معروف سعد، ويشاركون في المهرجانات المؤيدة له، حتى أن بعض أقوياء البنية من بينهم، كانوا يشاركون الصيداويين في حمل النائب سعد، وهو يعتلي *الحسكة* التي كانت رمزاً له، خصوصاً في مناسبة الاحتفال الشعبي بعيد مولد النبي محمد. هي ذاتها الحسكة التي قُتل معروف سعد، وهو يدافع عن أصحابها الصيادين في شباط/ فبراير عام 1975. لم يكن للمنافس الأبدي لمعروف سعد الدكتور نزيه البزري، أي حظوظ في قلوب الفلسطينيين اللاجئين في عين الحلوة، أو مخيم المية ومية القريب، أو أولئك الذين يعيشون في الأزقة المعتمة من المدينة العتيقة في صيدا. فلم يكن الدكتور نزيه البزري المنتمي إلى عائلة من العائلات الثرية في المدينة شعبياً، أو قريباً من الأوساط الشعبية في صيدا، أو الجوار أو المخيمات.
الوحيد الذي عرفته في طفولتي يعلق صورة الدكتور نزيه البزري، ويفرض حضورها في بيت العائلة، هو موسى خاطر من قرية الخالصة الجليلية، والذي حصل على الجنسية اللبنانية فيما بعد، بدعم من الدكتور البزري، في الستينات، وكان يعمل سائقاً خاصاً لدي عائلة صيداوية قريبة من البزري.
كان موسى خاطر في تلك المعارك الانتخابية العاطفية التي خاضها اللاجئون في الخمسينات وبداية الستينيات، عرضة للسخرية من البعض الذين كانوا يعبرون عن دهشتهم، من موقفه المؤيد لمرشح نيابي لا يضع فلسطين على رأس أجندته للوصول إلى البرلمان، وربما لأنه كان يتحدث بلهجة صيداوية في وسط فلسطيني لم يندمج بعد بالمجتمع اللبناني المضيف.
لم تكن تلك المشاركات العاطفية لفلسطيني المخيمات في انتخابات بلد اللجوء، وهم لا يحملون جنسيته، مقبولة من الدوائر الرسمية، فقد حدث كثيراً أننا شاهدنا قبل عام 1969 عناصر الدرك اللبناني في مخيم عين الحلوة، وهم يتجولون في الأزقة، يعاقبون السكان بدفع غرامات بسبب مياه المجاري، أو لأي سبب تافه آخر، يشتمون راتب خاطر، مثلاً الذي كان مؤيداً لمعروف سعد، وناضل إلى جانبه في المقاومة الشعبية في الحرب الأهلية عام 1958، لأنه بالغ في إظهار تأييده للنائب سعد، بأن علّق صوره على جدار بيته من الخارج. أذكر أن الدركي اللبناني وكان اسمه سركيس، شتمه وأمره بإزالة الصور، وعدم تعليقها مرّة أخرى.
الفلسطينيون القلائل الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية في الخمسينات والستينات، وكانوا بمعظمهم من المسيحيين الفلسطينيين، فقد مثلت مسيحيتهم علةً لحكومة الرئيس كميل شمعون، لمنحهم الجنسية اللبنانية فردياً، ومن غير مرسوم جمهوري أو وزاري، وكانت بعض العائلات الفلسطينية البرجوازية التي لم تؤثر النكبة كثيراً في وضعهم الطبقي، واستمرار ازدهار أعمالهم، من المحظوظين الذين منحوا الجنسية في تلك المراحل، وبالتالي ساهموا كمواطنين في الحياة البرلمانية وانتخاباتها.
أصدرت الحكومة اللبنانية في عهد الرئيس رفيق الحريري عام 1994 مرسوماً وزارياً لإعادة الجنسية اللبنانية، الى الفلسطينيين المنتمين إلى القرى الفلسطينية الواقعة في إصبع الجليل شمال فلسطين، وقد عرفت هذه القرى اصطلاحاً في لبنان بالقرى السبع، وهي في الحقيقة حوالي 32 قرية ومزرعة في الجليل، من بينها 7 قرى ينتمي سكانها الى الطائفة الشيعية، والبقية ينتمون الى الطائفة السنية وأقلية مارونية. حصل عدّة آلاف من الفلسطينيين بناء على هذا المرسوم، على الجنسية اللبنانية وبعد مرور عشر سنوات، أي عام 2004، صار من حق هؤلاء المشاركة الفعلية بالانتخابات، بعيداً عن العاطفة، فقد التحق عموماً الشيعة منهم بالحزبين الشيعيين حركة أمل وحزب الله مشاركين في كل نواحي حياة الطائفة، وكذلك فعل الى حد أقل السنة والموارنة ،ذلك أن الفلسطينيين المجنسين من القرى السنية شكلوا لهم روابط تدافع عن حقوقهم لدى الدولة اللبنانية، كونهم مواطنين مستجدين مثل رابطة أهالي الخالصة، ورابطة أهالي الحولة، الموزعين في مخيمات الجنوب، مثل برج الشمالي والمعشوق وجل البحر وقرى صور المجاورة، وكذلك في قرى النبطية بعد تدمير مخيم النبطية باكراً، في نهاية السبعينات وتدمير مخيم تل الزعتر حيث قطن كثيرون منهم هناك قبل تدميره عام 1976.
تقوم هذه الأيام حركة نشطة لأهالي هذه القرى، مستندة إلى مطالبة المرشحين إلى البرلمان بعدة مطالب، تهم أهالي هذه القرى وعلى رأس هذه المطالب وانطلاقاً من أن المرسوم الوزاري عام 1994 يقر بأن هذه القرى  لبنانية، وكانت جزءاً من دولة لبنان الكبير، وتم قضمها بالتبادل الذي حصل بين سلطتي الانتداب الفرنسي والبريطاني عام 1926، فيما عرف باتفاقية نيو كامب بوليه. وعلى هذا الأساس أصدرت الحكومة اللبنانية مرسومها بإعادة الجنسية لهؤلاء، وليس تجنيسهم، فإن روابط المجنسين يطالبون المرشحين بالمطالبة باستعادة هذه القرى وتحريرها من إسرائيل بأي وسيلة ممكنة، على أن تقر في البرلمان قرى لبنانية محتلة. وأما المطالب الأخرى فتتضمن المساوة بالتشغيل، والوظائف وإعادة الجنسية لأقاربهم أو مواطنيهم الذين لم يحصلوا عليها في ذلك المرسوم. بناء على استعداد المرشحين للالتزام بتبني هذه المطالب، تمنح أصوات هؤلاء الى المرشحين في الانتخابات القادمة، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي، مستثنى من ذلك حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية بسبب التاريخ الدموي الذي جمع الحزبين بالوجود الفلسطيني في لبنان.
 
 [video_player link=””][/video_player]

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.