fbpx

عاشوراء لبنان: شيرازيون بين خيمتي “أمل” و”حزب الله”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“ما الفارق بين مراسم إحياء الشيعة في لبنان ذكرى عاشوراء هذا العام، وإحيائهم إياها العام الماضي؟”، سؤال أجاب عنه مؤيد لـ”حزب الله”: خفّ وهج الحرب السورية بعدما امتزجت لسنوات مع السيرة العاشورائية”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ما الفارق بين مراسم إحياء الشيعة في لبنان ذكرى عاشوراء هذا العام، وإحيائهم إياها العام الماضي؟”، سؤال أجاب عنه مؤيد لـ”حزب الله” على النحو التالي: “خفّ وهج الحرب السورية بعدما امتزجت لسنوات مع السيرة العاشورائية”.

على عكس العام الماضي الذي انتشرت فيه رايات “كلنا عباسك يا زينب”، فإن هذا الشعار تراجع في عاشوراء الحالية، فالضاحية الجنوبية كانت في العام الماضي، مشحونة بالصراع السوري، وعبّر حين ذاك عدد كبير من السكان عن ولائهم لخيار حزب الله، من خلال مدّ أقمشة كبيرة سوداء من سطوح المباني السكنية، واختار آخرون رفع رايات عاشورائية على شرفاتهم.

شكّل شعار “كلنا عباسك يا زينب”، جزءاً أساسياً من المعركة التي خاضها “حزب الله” ضدّ المعارضة السورية، ذاك أن “حماية مقام السيدة زينب في دمشق” كان أحد العناوين المذهبية التي برّر الحزب عبرها مشاركته في الحرب السورية.

و”حزب الله” الذي كان في حاجة ماسة إلى شدّ عصب الوجدان الشيعي بكافة الأشكال، فوجئ بتسرب المذهب الشيرازي الشيعي إلى بيئة الضاحية، أكان عبر نوعية اللطميات الصاخبة، أو بممارسة سلوكيات غريبة كأن يربط الشباب أعناقهم بحبال، دليلاً على أنهم خدّام السيدة زينب. 

وأتت الشعائر كما يريدها “حزب الله”

يختلف هذا العام كثيراً عما سبقه من الأعوام.  فالحزب ضبط سلوك أصحاب الخيم العاشورائية المنتشرة على الطرقات في ضاحية بيروت الجنوبية. ومن مهمات هذه الخيم تقديم حلوى”الراحة” وطبخ “الهريسة” التقليدية وتقديم قوارير المياه للمارين، وقد ألزم أصحابها إيقاف اللطميات الحسينية بعد الساعة السابعة مساء منعاً لإزعاج السكان.

خطوات اتخذها الحزب لتجنب الفوضى الشديدة على غرار ما شهدته أحياء الضاحية عام 2017، والذي انتشرت فيه ظاهرة المجالس العاشورائية في الشوارع العامة، والتي تماهت إلى حدّ بعيد بأساليب إحياء العراقيين للمناسبة في مدينتي كربلاء والنجف لعاشوراء.

ضبطُ الحزب المراسم العاشورائية هدفه بحسب مصدر في الحزب، “منع تسلل تيارات شيعية غالت في مشاعرها إبان إحيائها المراسم العاشورائية في العام الماضي”، والتي وجدت من الشوارع العامة متنفساً للتعبير، بعيداً من الحسينيات والمساجد، وقد جاءت الإجراءات المشددة لتتلاقى مع تصريحات يطلقها السيد حسن نصرالله، يحذر فيها من ظاهرة المغالاة.

عاشوراء حركة “أمل”      

يزين حسين عنقه بسيف ذو الفقار الكبير، ويضع على كتفيه شالاً أخضر من قماشة الستان والذي صار جزءاً من الموضة العاشورائية، وقد ختم المنديل من الجهة الخلفية بشعار حركة “أمل”. 

الإكسسوارات التي ارتداها حسين تتلاءم مع سجيته المتأهبة لإحياء المناسبة، فاختار خيمة معوض من أجل الاستماع إلى الرادود الحسيني السيد نصرات قشاقش، لأنه كما يقول “يجعلني أبكي بحسرة على الإمام الحسين”.

خيمة معوض في الضاحية، أنشأتها حركة “أمل” قبل 30 عاماً، وقد تناوب على تلاوة مجالس العزاء فيها عدد من القراء الحسينيين، إلى أن استحوذ السيد نصرات قشاقش عام 2000 على منبرها وما زال سيده إلى يومنا هذا. 

يخاطب قشاقش الوعي الشعبوي الشيعي. فالرجل لم يتجاوز الخمسين من عمره، وأسر قلوب الشباب والشابات.

يمتاز قشاقش بأسلوب مثير. صوته عميق كأن هنالك جرحاً دائماً في حنجرته، ويجيد تحريك أدق تفاصيل وجهه وجسده.

لا يحبس دموعه، بل يطلق سراحها، ولا يُلطف نحيبه على غرار ما يفعل الشيخ علي سليم الذي يحيي عاشوراء في مجمع سيد الشهداء. 

قدرة قشاقش على استنهاض أدق الأحاسيس المرتبطة بتاريخ الشيعة وأعدائهم، منحته شعبية واسعة في الأوساط الشيعية المتدينة. 

يقصده الحاضرون للبكاء بحسرة على الإمام الحسين، ويفضله الشبان المتحمسون للتطبير، فقشاقش يدعوهم في العاشر من محرم إلى اللحاق به إلى النبطية لممارسة هذه الشعيرة، حتى أضحت مجالسه قِبلة عدد من جمهور “حزب الله” الذي لا يؤثر به إلقاء الشيخ علي سليم الهادئ و”البورجوازي” كما يصفه البعض.

حكاية عن الحواجز

لا تبعد خيمة معوض عن مجمع سيد الشهداء حيث يقيم حزب الله مجلسه العاشورائي المركزي سوى كيلومترين إثنين. داخل هذه المسافة الضيقة تنتشر الكثير من الجواجز الأمنية. 

بين المجمعين العاشورائيين تنتشر حسينيات ومساجد الصغيرة تستقبل الأهالي، ونتيجة الأعمال الإرهابية التي طالت الضاحية بعد عام 2011، يشدد كل من حركة “أمل” و”حزب الله” الطوق الأمني أثناء إحيائهما عاشوراء.

تختلف صيغة التفتيش التي يتبعها “حزب الله” مع المواطنين عما تتبعه “حركة أمل”، فالأخيرة تضع على كل حاجز عدداً كبيراً من الشبان للتفتيش، بينما يكتفي الحزب بثلاثة عناصر كحد أقصى لتفتيش الرجال، وإلى جانب حواجزهم يقيمون خيماً صغيرة مخصصة لتفتيش النساء.

عاشوراء عالية الجودة

في مجمع سيد الشهداء، يبالغ الحزب في تنظيمه للمناسبة، فالتجهيزات الصوتية هناك عالية الجودة، ولا تتمتع بها خيمة معوض. فكل المكونات البصرية التي تحتاجها عاشوراء حاضرة في المجمع، من الرايات الحسينية المخملية، إلى صور قيادات بارزة في الحزب. 

يحوذ “الصوت” على اهتمام خاص من منظمي الحزب، وله دور أساسي في مسيرة تنظيم الحفل السنوي.

فالصوت في المجمع نظيف جداً وتستقبله الأذن برحابة صدر، إذ إن نظام الصوت المستخدم لديهم قادر على إخفاء ضجيج الحاضرين. 

اهتمام الحزب بالصوت سببه خطابات نصرالله، ففي اليوم العاشر من محرم، ينشر الحزب مكبرات صوت كبيرة في أرجاء الضاحية، ليتوزع بذلك صوت نصرالله بين الأحياء بأسلوب مرتب وموحد، لا يشوبه تشويش أو صدى.

باسم الكربلائي

 عن الرادود الحسيني

مع كل عاشوراء يكون الشيعة على موعد مع الإصدار الجديد للرادود العراقي الأشهر الملا باسم كربلائي، الذي يأسر بلطمياته قلوب مناصري الطرفين. 

فالعام الماضي حازت لطمية “براءة العشق” لباسم كربلائي على حب الجمهورين بسبب قوة المؤثرات الصوتية التي اعتمدها في صناعة هذه اللطمية، وجودتها.

الآن، تمر السيارات في الضاحية وهي تصدح بلطمية جديدة لكربلائي، تحمل اسم “خطار إجاني”.

اهتمام كربلائي بنوعية إصداراته دفعه إلى التعاون مع الموزع اللبناني الشهير ميشال فاضل لتوزيع كامل لطمياته الجديدة.

بعد كربلائي، يحتل الرادودان حسين الأكرف وحسين فيصل مرتبة عالية لدى مناصري الحزب، لأنهما يتناولان الشأن اليمني والعراقي والبحريني في لطمياتهما، في المقابل يفضل مناصرو “أمل” الرادودين حسن آشي، وهادي حبس، فكلاهما يعتمد على طريقة الندب المتواصلة والسريعة على وقع عبارة “حسين.. حسين.. حسين”، ويتناولان الإمام علي بكثرة في لطمياتهما.

إقرأ أيضاً:

 البصرة المرهَقة من التاريخ… ومن الشيعة والسنّة  

 أغنياء الله في ضاحية بيروت الجنوبية

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.