fbpx

العراق… سياسة الانتظار تفاقم أزمات المياه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعود 9 كوارث طبيعية من أصل 10 إلى النقص في المياه، الفيضانات، التلوث أو سوء إدارة هذا المورد الطبيعي الذي لا يمكن استبداله بأي مورد آخر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعود 9 كوارث طبيعية من أصل 10 إلى النقص في المياه، الفيضانات، التلوث أو سوء إدارة هذا المورد الطبيعي الذي لا يمكن استبداله بأي مورد آخر. إنه أساس الغذاء والطاقة وإدارة النظم الأيكولوجية والحضرية، كما أنه أساس الاستقرار والسلام، ومفتاح لرسم مستقبلنا. ولكن ماذا لو ندر هذا المورد الجوهري في بلاد ما بين الرافدين والتي تصنف خامس أكثر دولة في العالم هشاشة من حيث شح المياه والغذاء، اليوم؟ ما الذي يحدث حين يصل استخدامنا هذا المورد إلى حد الإجهاد والإهلاك؟ ماذا يحصل لمياهنا العذبة حين تلوثها مياه الصرف الصحي والاعتداءات المستمرة بحقها؟ ماذا لو كانت أسباب الكوارث الطبيعية هي غض الطرف عن أحوال المياه على الأغلب، أي أها بفعل فاعل؟ إنها أسئلة إذا تأخر العراق في الإجابة عليها للحيلولة دون تفاقم المشكلات الحالية، والتي يرجع تاريخها الى أكثر من ثلاثة عقود، ستتجه البلاد إلى مستقبل قد تسوده توترات سياسية واجتماعية وأمنية “عظيمة”، يتصدرها الفقر والأمراض، والهجرة بحثاً عن المياه. 

هناك تقارير محلية عراقية ودولية تتحدث عن مخاطر وتحديات جدية تواجه العراق بسبب التغير المناخي مثل تناقص إنتاج الغذاء، الضعف الحكومي في مواجهة التغير المناخي والتدهور البيئي، الاعتماد على تدفق المياه من خارج الحدود الوطنية، الهجرة والنزوح بسبب الجفاف كما حصل في قرى تابعة لمحافظة البصرة عام 2018 واتساع دائرة الصراعات الاجتماعية بغية الحصول على الماء والغذاء، كما حصل في محافظات فرات الأوسط الجنوب عامي 2017 و2018. ويضاف الى ذلك تحديان آخران لا يقلان تأثيراً عن التحديات الأخرى التي تواجه الواقع المائي في العراق، وهما إدارة حكومية للموارد المائية تمكن تسميتها إدارة سيئة “للغاية”، والازدياد السكاني. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان البلد 80 مليوناً عام 2050، فيما تستمر الوتيرة التصاعدية لتغير المناخ، ما يقلص من مساحات الأراضي الزراعية ويزيد من مساحات التصحر والتبخر وفقدان أحواض التنوع الأحيائي. 

إن سياسة الانتظار العراقية والتي لطالما تحججت بتغير المناخ وقلة التدفقات المائية من المنابع، لا تؤدي سوى إلى المزيد من التقاعس عن إدارة رشيدة للموارد المائية المتاحة ووضعها في أولويات السياسة الحكومية.

إن اعتماد العراق على الإيرادات النفطية لم يؤد إلى إهمال قطاعي المياه والزراعة وعدم الاستثمار فيهما فحسب، بل هناك تقارير كثيرة تتحدث عن تلوث مصادر المياه العذبة بسبب التسرّب النفطي، إنما من دون تحرّك حكومي للتحقق من حالات التلوث النفطي في المياه والزراعة فضلاً عن تخريب الحياة البرّية. وفقاً لتقرير أعدته ونشرته “هيومان رايتس ووتش” في شهر تموز/ يوليو 2019، فإن السلطات في العراق “تغض الطرف عن الأنشطة التي تلوث موارد البصرة المائية”. وتشير المنظمة إلى أنها وعبر مراجعة صور الأقمار الصناعية، اكتشفت “تسرّبين نفطيين محتملين في شط العرب وسط البصرة خلال 2018، إضافة الى خطي أنابيب تحت الأرض يطلقان دورياً ما يبدو أنه كميات كبيرة من المخلّفات في المياه”. وفي إطار متصل، نشر موقع “درج” في شهر أيلول/ سبتمبر 2018 تقريراً عن المخاطر التي تشكلها الحقول النفطية على الطيور والحيوانات البرّية في محافظة ميسان جنوب العراق، ذلك أن تسرّب النفط إلى برك المياه من جهة، والمياه المستخدمة لإزالة مخلفات النفط من جهة أخرى تسببا بقتل أعداد من الحيوانات والطيور البرّية.

ان الأضرار الناتجة عن سوء إدارة المياه وتفاقم أزماتها الناتجة عن اهتراء البنى التحتية التي لم يتم تحديثها منذ ثمانينات القرن المنصرم في غالبية المحافظات والملوحة والزراعة العشوائية والاعتداءات على شبكات المياه في المناطق المكتظة بالسكان، تكلف العراقيين في شتى المجالات. وفي هذا السياق، سألت أولياء الأمور للتلاميذ الصغار في المدارس الابتدائية في محافظتي ميسان والبصرة عن إمكان حصول التلاميذ عل المياه الصالحة للشرب في المدارس وكانت الأجوبة بالنفي المطلق. ولا يتوقف الأمر على انعدام مياه الشرب والصرف الصحي في المدارس فحسب، بل حتى تلك التي تصل الى المنازل عبر شبكات الإسالة تعد غير صالحة للشرب. تالياً، يعد اللجوء إلى زجاجة ماء معبأة للتلاميذ بمثابة الحل الأنسب للآباء والأمهات، إنما تشكل عبئاً إضافياً على المدخول العائلي الشهري. وتضاف إلى ذلك أعباء أخرى تتمثل غالبيتها في الأمراض المنتشرة بسبب المياه الملوثة اذ لا تصلح حتى لغسل الأيدي. 

اختصاراً، إن سياسة الانتظار العراقية والتي لطالما تحججت بتغير المناخ وقلة التدفقات المائية من المنابع، لا تؤدي سوى إلى المزيد من التقاعس عن إدارة رشيدة للموارد المائية المتاحة ووضعها في أولويات السياسة الحكومية. تالياً، إن مأساة محافظة البصرة المائية عام 2018، والتي أدت إلى انتشار أمراض الطفح الجلدي، آلام البطن، القيء والإسهال بين أكثر من مئة ألف شخص غالبيتهم من الأطفال، قد تتكرر في أي مدينة أخرى إن لم تقم الحكومة العراقية بإصلاح أنظمة خدمات المياه والصرف الصحي وملاءمتها مع المتغيرات البيئية والسكانية. 

هذا الموضوع تم انجازه بدعم من مؤسسة Rosa-Luxemburg-Stiftung’s Beirut Office 

العراق: حشدان وهيئة… فهل تسرَّع المهندس؟

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.