fbpx

غموض حول حقيقة إلغاء “شرطة الأخلاق”:النظام الإيراني يراوغ المحتجين 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعدما فشلت كافة المحاولات، بما فيها القمع والعنف والاعتقال، فإنّ السلطة تحاول أن تقدم استجابة مع وجود المحتجين في شوارع إيران. غير أنّها خطوة جاءت متأخرة؛ فمطالب الجماهير تجاوزت الحدود الفئوية وأمست الاحتجاجات تطاول رموز النظام، وشرعيتهم المتآكلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا يعدو إلغاء دورية “شرطة الأخلاق” الغامض والملتبس، في إيران، كونه أكثر من حيلة تكتيكية، لجهة تخفيض سقف الاحتجاجات التي تتجه إلى إضراب شامل، وتصريف الأزمات عن الحكومة. 

إلغاء أو ربما، تجميد مؤقت لشرطة الأخلاق بإيران، بما يجعل فرصة العودة ممكنة، يؤكد على أنّ الموقف الأخير محض قرار أمني. لكنه، في الآن ذاته، يؤشر إلى إذعان اضطراري للأمر الواقع الجديد الذي يبعث حالة تمرد واسعة على هياكل السلطة الدينية، ونبذ للقيم الثقافية والمجتمعية للملالي.   

تصريحات المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، التي تزامنت والاحتجاج الشعبي الهائل، في غالبية مدن وأقاليم طهران، لأكثر من شهرين متواصلين، ليست جديدة. وثمة سوابق مماثلة على لسان مسؤولين إيرانيين. والمقصود هو الإيعاز بأنّ الحكومة في طهران “تولي اهتماماً لمطالب الشعب الحقيقية”، حسبما نقلت وسائل الإعلام الحكومية والرسمية. 

هذه الخطوة، ربما، فات الآوان على تطبيقها، كما يقول أبو القاسم لـ”درج”. ويتابع: “كانت خطوة مهمة لو حدثت عند بداية الأحداث قبل أن تصل إلى محطة رفض النظام السياسي، برمته”.

وقال جعفر منتظري، إنّ شرطة الآداب “أغلقت”، دون مزيد من تفاصيل. وفي لقاء بعنوان: “الجهاد التفسيري” عرج المدعي العام عن أسباب التخلي عن دورية الإرشاد وقال: “ليس ثمّة علاقة بين القضاء ودورية شرطة الأخلاق (غست إرشاد). كما أوضح، في صيغة غامضة، أنّه قد تم تجميد عمل الشرطة المعنية بـحجاب النساء من قبل الجهة الملحقة (لم يذكر اسمها). وتابع: “بالطبع يواصل القضاء مراقبة التصرفات السلوكية على مستوى المجتمع”.

انعطافة النظام لهذا الخيار، الذي يبدو مرناً وشكلياً بينما لا يمس جوهر السلطة، تتحرى تنحية القوى المسؤولة عن تزايد وتيرة الاحتجاجات، دون أن يعني ذلك عدم إتاحة الفرصة لأطراف أخرى تقوم بالمهمة ذاتها، كما هو الحال في فترات سابقة. ففي ستينات القرن الماضي، كانت هناك دوريات لجان الثورة الإسلامية، وكذا دوريات “جند الله” الملحقة بقوات الدرك. ثم جرى دمج القوتين في قوات الشرطة، والأمر ذاته مع دوريات “ثار الله” التابعة للحرس الثوري بالتعاون مع قوات الباسيج.

 وفي آب/أغسطس الماضي، سبقت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، أنسيه الخزعلي، المدعي العام الإيراني، وقالت إنّه “ليس لدينا دورية إرشادية مطلقاً”. وتابعت: “هؤلاء هم شرطة الضمان الاجتماعي”.

فيما زعم النائب البرلماني نظام الدين موسوي، أنّ هذا القرار يهدف إلى إيجاد مقاربة أقل تشدداً لمواجهة المحتجين. وقال: “أصرت الإدارة والبرلمان على أنّ الاهتمام بمطلب الشعب الاقتصادي، بشكل أساسي، هو أفضل طريقة لتحقيق الاستقرار ومواجهة أعمال الشغب”. 

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، عن منتظري قوله إنّ الحكومة تراجع قانون الحجاب الإلزامي.

وقال منتظري: “نحن نعمل بسرعة على مسألة الحجاب ونبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى حل مدروس للتعامل مع هذه الظاهرة التي تؤذي قلوب الجميع”.

الحجاب الإلزامي، في كل الأحوال، الذي جرى إقراره في ثمانينات القرن الماضي، يحدد قانون العقوبات الإسلامي في المادة 638، عقوبة “الحبس من عشرة أيام إلى شهرين، أو حتى (74) جلدة” في حال عدم ارتدائه أو الالتزام به وفق شروط الحكومة الإيرانية. ووفق القانون فإنّ “النساء اللواتي يظهرن بدون حجاب إسلامي في الشوارع وفي الأماكن العامة، يعاقبن بالحبس من عشرة أيام إلى شهرين، أو بغرامة من خمسين ألف إلى خمسمائة ألف ريال”. 

إذاً، بقاء القانون وتبدل الأطراف المسؤولة عن تنفيذه إنّما بهدف تخفيف الضغوط عن الحكومة. بحيث يكون إلغاء شرطة الأخلاق ضرورة لإنهاء الاحتجاجات. مع الأخذ في الاعتبار أنّ هناك قرابة 25 مؤسسة رسمية في إيران معنية بقضية فرض الحجاب قسراً على الفتيات، حسبما ذكرت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية، عام 2019. 

واللافت أنه في مدينة همدان، تمّ استدعاء مدير أحد المتاجر على خلفية اكتشاف تقديم خدمات لنساء من دون حجاب، بحسب منصة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” الإيرانية، وذلك بعد يوم، فقط، من الإعلان عن تجميد دورية “شرطة الأخلاق”. 

ونقل موقع “جماران” الإيراني عن الناطق بلسان هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، علي خان محمدي، قوله إن “مهمة دوريات الإرشاد قد انتهت، غير أنه يتعين النظر في بدائل لها”.

ووفق خان محمدي فمن الضروري البحث عن “إطار أكثر حداثة، باستخدام التقنيات الموجودة في هذا المجال وفي بيئة غير أحادية الجانب”. وذلك لفرض الحجاب الإلزامي.

كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “تسنيم” التابعة للحرس الثوري الإيراني، أنّ هناك حديقة أطفال داخل مول تجاري قد تم إغلاقها في طهران، مؤخراً، بأمر وقرار قضائي، بدعوى نشر صور لموظفيها من دون “احترام الحجاب الديني”. 

وبالتزامن مع هذه الحوادث التي جاءت في أعقاب تصريحات منتظري، انتقدت منصة “جام جام أونلاين”، التابعة للتلفزيون الرسمي الإيراني، “إزالة لافتات” الدعاية للحجاب الإلزامي في بعض الخطوط الجوية الإيرانية، دون ذكر أسماء شركات الطيران المقصودة. ودان الموقع، في تقرير له، قبل أيام، موقف المضيفات والمسؤولين في رحلات الطيران الذي يتفادى توجيه (تحذير) المسافرين بضرورة الالتزام بالحجاب.

وعليه، نفت قناة “العالم” الإيرانية، احتمالية غلق مكاتب دوريات شرطة الأخلاق. وقالت: “حاولت وسائل إعلام أجنبية تفسير كلام النائب (المدعي) العام على أنّه انسحاب للجمهورية الإسلامية حول موضوع الحجاب والعفة وتأثرت بأحداث الشغب الأخيرة”.

وعمد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى المراوغة عندما باغته سؤال في بلغراد بصدد تصريحات منتظري. وقال: “تأكدوا أنّ في إيران، في إطار الديمقراطية والحرية، التي توجد بوضوح شديد في إيران، كل شيء يسير على ما يرام”.

ضمن خطط واستراتيجية تنمية ثقافة “العفة والحجاب” و”تعزيز الضمان الاجتماعي”، الذي دشنه مجلس الثقافة العامة التابع لمجلس الثورة الثقافية (يتبع المرشد الإيراني علي خامنئي)، عام 2004، جرى تعيين 21 مهمة لعناصر الشرطة تتصل بملابس النساء والسلوكيات الشخصية. ومنذ ذلك التاريخ، برزت دوريات عديدة معنية بضبط “الآداب العامة”. وحصلت قوات الشرطة إثر إقرار هذا المشروع على ميزانية ضخمة بلغت نحو ألف مليار تومان، أيّ ضعف ميزانية مركز التنمية الفكرية للأطفال والمراهقين مرتين، وضعف ميزانية جامعة الشريف للتكنولوجيا مرة ونصف.

وفي نهاية حكم الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، تمّت الموافقة على قوات “شرطة الآداب والأخلاق”، عام 2005، بصورتها الراهنة.

وفي المحصلة، هذه الخطوة الأخيرة قد تبدو تراجعاً من السلطة بعد ثلاثة شهور من مقتل مهسا أميني، وذلك في محاولة جديدة لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي، الذي يبدو الأكثر تأثيراً منذ  نجاح ثورة الخميني في إيران، عام 1979، وفق الباحث المتخصص في الشأن الإيراني محمود حمدي أبو القاسم.

لكن هذه الخطوة، ربما، فات الآوان على تطبيقها، كما يقول أبو القاسم لـ”درج”. ويتابع: “كانت خطوة مهمة لو حدثت عند بداية الأحداث قبل أن تصل إلى محطة رفض النظام السياسي، برمته”.

فبعدما فشلت كافة المحاولات، بما فيها القمع والعنف والاعتقال، فإنّ السلطة تحاول أن تقدم استجابة مع وجود المحتجين في شوارع إيران. غير أنّها خطوة جاءت متأخرة؛ فمطالب الجماهير تجاوزت الحدود الفئوية وأمست الاحتجاجات تطاول رموز النظام، وشرعيتهم المتآكلة.

الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تفاقم الأعباء على الحكومة، تحديداً بعد إخفاقات حكومة إبراهيم رئيسي في الوفاء بوعودها في معالجة المعضلات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إلغاء شرطة الأخلاق يعطي دفعة للمحتجين ويعزز مطالبهم، بل ويدفعهم إلى مواصلة الاحتجاجات.

ووفق تقارير رسمية، فإنه مع إضراب العمال والمتاجر، انخفض المؤشر الإجمالي لبورصة طهران بمقدار 4235 نقطة إلى مليون و413 ألف نقطة. وقالت وكالة “تسنيم” للأنباء إن “أكبر انخفاض للأسهم في البورصة، كان لأسهم شركات “كل كهر” للتعدين والصناعة، و”خاورميانه” لتطوير المناجم والصناعات التعدينية، و”فولاد مباركه” في أصفهان”.

لكن أيّ احتجاجات ما تزال معرضة لمواجهة “حملة أشد عنفاً وقمعاً”، يقول حمدي أبو القاسم.

يتفق والرأي ذاته، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، علي ألفونه، والذي قال لـ”أسوشييتد برس” إن “الطبقة الوسطى العلمانية تكره المنظمة (شرطة الأخلاق) لتقييدها الحريات الشخصية”. وتابع: “الطبقة المحرومة والمحافظة اجتماعياً تستاء من كيفية عدم تطبيقها تشريع الحجاب” في المناطق الأكثر ثراء في المدن الإيرانية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.