fbpx

أسامة كريّم… سيرة مختصرة للاعب كرة قدم أصبح إرهابياً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أدانت محكمة الجنايات في بروكسل (في أكبر محاكمة جنائية في تاريخ بلجيكا) ستة أشخاص بتهمة القتل ومحاولة القتل في سياق إرهابي، بسبب انخراطهم في سلسلة تفجيرات إرهابية في العاصمة البلجيكية عام 2016. ومن المتوقع أن يتم البت في القضية في أيلول/ سبتمبر المقبل، وأن تشهد أحكاماً بالسجن المؤبد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أودت هجمات بروكسل التي وقعت في 22 آذار/ مارس 2016 بحياة 32 شخصاً، وخلّفت حوالى 340 جريحاً، إضافة إلى مصرع المنفذين الثلاثة. و استهدف تفجيران حينها مطار بروكسل الدولي، ومحطة مترو مالبيك في بروكسل.

برز  اسم السويدي أسامة كريّم من بين المُدانين الستة، المعروف باسم نعيم الحامد، المولود في آب/ أغسطس عام 1992 في حي روسنغورد بمدينة مالمو جنوب السويد، لأبوين فلسطينيين مهاجرين من سوريا.  وفتح القضاء السويدي العام الماضي، تحقيقات شملت كريّم بشأن جرائم حرب ارتُكبت في سوريا، وأيضاً بوصفه أحد المشاركين في هجمات باريس 2015 التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

إلى جانب تورّطه في تنفيذ تفجيرات بروكسل، كريّم مُتّهم بالمشاركة في قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً في مدينة الرقة السورية في كانون الثاني/ يناير 2015 من قبل تنظيم “داعش”. وحتى تاريخ اعتقاله مع أربعة آخرين في بروكسل في نيسان/ أبريل 2016، كان كريّم على رأس قائمة المطلوبين المتوارين في أوروبا كواحد من أكثر المتشدّدين في “داعش”.

لاعب كرة قدم “انعزاليّ جداً”

أذهل اعتقال كريّم المحيطين بعائلته، خصوصاً ممن عرفوه خلال سنوات نشأته في مالمو. وأكد مقرّبون من العائلة أن والده، فادي، كان قلقاً بشأن قدرة أطفاله على الاندماج في المجتمع السويدي، إذ حرص فادي  على الخروج من روسنغورد حتى يؤمّن لأطفاله مدرسة ذات مستوى عالٍ.

ظهر كريم مع عائلته في أيلول 2003 في فيلم وثائقي سويدي بعنوان “بلا حدود، فيلم عن الرياضة والاندماج” (بالسويدية: Utan gränser, en film om idrott och integration)، الذي يتمحور حول سبل النجاح في إدماج المهاجرين في المجتمع السويدي. 

أثناء غسله سيارة الأجرة التي يعمل عليها، تحدّث والد كريّم عن حياة عائلته، وسروره بلعب أبنائه كرة القدم بعيداً من الألعاب الإلكترونية، وأوضح أن خروج أطفاله من المنزل شكّل فرصة للعائلة لتلتقي بأناس آخرين.

وصفت وسائل إعلام سويدية كريّم وأخاه الأصغر، أنس، “بالمعجبين جداً بناديي “مالمو إف إف” و'”آي أف كي مالمو”، أكبر ناديين لكرة القدم في مدينة مالمو. وشاركت بلدية مالمو في إنتاج الفيلم الذي حظي باهتمام واسع في وسائل الإعلام، وأُتيح مدبلجاً بالعربية والفارسية والصومالية والتركية. كما يشير كريستر جيرك، مدير التسويق في نادي “آي إف كي مالمو’، والذي قاد مشروع الفيلم، فإن كريّم كان “صبياً انعزالياً للغاية”.

أودت هجمات بروكسل التي وقعت في 22 آذار/ مارس 2016 بحياة 32 شخصاً، وخلّفت حوالى 340 جريحاً، إضافة إلى مصرع المنفذين الثلاثة. و استهدف تفجيران حينها مطار بروكسل الدولي، ومحطة مترو مالبيك في بروكسل.

لا سبب لاعتباره متطرفاً…

بعدما أمضى طفولته في حي روسنغورد، انتقل كريّم في سن المراهقة مع عائلته إلى بلدة أوكسيه، إلى الجنوب الشرقي من مالمو. وهناك، بدأ يلعب كرة القدم في جمعية محلية. كان لاعباً أساسياً يجيد أدواره في مراكز خلفية في الملعب، وكان هادئاً لم يسبق وأن سبب أية مشاكل على الإطلاق، وفقاً لمدير الفريق الذي لعب فيه كريّم.

جميع من عرف كريّم ما بين سن العاشرة إلى أواخر مراهقته، أكدوا أنه كان هادئاً وانطوائياً. ووفقاً لزملاء له في المرحلة الثانوية، كان كريّم مهذباً ومبتعداً من لفت الانتباه إلى نفسه. كان متديناً ولا يشارك في الحفلات ولا يشرب الكحول. ورغم ذلك، لم يكن هناك من سبب يدفع زملاءه الى اعتباره متطرفاً.

التغيير الوحيد الذي طرأ على علاقاته خلال سنوات دراسته الثانوية، هو أن كريّم، ورغم حفاظه على هدوئه، بدأ بالتسكع مع أشخاص فوضويين يكررون الغياب عن المدرسة. وقبل انتقاله إلى سوريا، بدأ اسم كريّم يتكرر لدى الشرطة السويدية بسبب صلاته الوثيقة بأشخاص من ذوي السجلات الإجرامية في مالمو.

كُلّف كريّم في أيار/ مايو 2013، بتنفيذ أعمال بناء لصالح مؤسسة “وقف الرسالة الإسكندنافي” في مدينة أوربرو وسط السويد، على بعد نحو 190 كيلومتراً شرق العاصمة ستوكهولم. وكانت مؤسسة “الرسالة” قد خططت لافتتاح روضة أطفال في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. وعمل أسامة لأشهر لتهيئة غرفة لإقامة النشاط المزمع تنفيذه.

وبعد شهر من ذلك، عينته بلدية مدينة مالمو في مشروع متعلق بسوق العمل. ومن خلال البلدية، حصل على تدريب في تخصّص إدارة الخدمات. وعمل لمدة عام في توزيع الأثاث على شركات كثيرة في المدينة. وفي حزيران/ يونيو 2014، فُصل من عمله بعدما “اختفى ولم يعد يحضر، وبدأ الجميع بالتساؤل عن مكانه”، كما يقول رئيسه في العمل.

يروي أحد معارفه كيف بدأ كريّم يغيّر هيئته في تلك المرحلة، “يمكن القول إنه صار تقليدياً أكثر. وغدا يطلق لحيته. وكلما تحدثنا، كان يقول إن كل الأمور تسير على ما يرام”، ثم سافر كريّم إلى سوريا في بداية أيلول/ سبتمبر 2014 حاملاً كل ما جناه من مبالغ مالية.

في سوريا… أمام راية “داعش”

ظهر ميل كريّم الى التطرف الديني مع أوائل العشرينات من عمره، إذ تابع مقاطع فيديو للأميركي-اليمني أنور العولقي (1971 – 2011)، القيادي البارز في تنظيم القاعدة. وبحسب وسائل إعلام، حاول كريّم تجنيد شباب من عرب السويد للقتال في سوريا. كان كريّم من أوائل المسلمين السويديين الذين غادروا المملكة الإسكندنافية في عام 2014 للانضمام إلى تنظيم “داعش” في سوريا والقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد. 

في كانون الثاني 2015، تعرفت عليه الصحافة السويدية في منشور على موقع “فيسبوك”. إذ أرسل صوراً إلى شقيقه في السويد من مدينة دير الزور السورية بزي عسكري وبندقية واقفاً أمام راية “داعش”.

قبل أسبوعين من ذلك، أفاد والد كريّم بأن ابنه لم يعد يقطن في عنوان الأسرة نفسه في روسنغورد، وأنه يجهل مكان ابنه. وإثر فشل مصلحة الضرائب الحكومية في تحديد مكانه، سُجِّل تحت بند “مجهول السكن” في منتصف نيسان عام 2015.

وفقاً لما نقلته وسائل إعلام سويدية، جاء قرار كريّم بالسفر إلى سوريا بتحريض من رجل كان عضواً في الجمعية الإسلامية نفسها التي كان كريّم يلعب فيها دوراً رئيسياً. وقال شخص عرف كريّم عن قرب لسنوات عدة، إن ذلك الرجل هو من جنده في ما يبدو، يضيف: “الجميع رأى كيف كانا يخرجان معاً باستمرار. وبعد وقت قصير من نزوله، خرجت صور أسامة مسلحاً مع علم داعش”. 

وصف الشخص المقرّب كريّم بالشاب العادي الذي يذهب إلى المسجد كأي شخص آخر؛ لكن التأثير الخارجي لعب دوراً في مسار حياته. وفي آذار 2015، حمّل كريّم مقطع فيديو على صفحته على “فيسبوك” يُظهر عملية إعدام لأحد الأشخاص. وحاز الفيديو إعجاب الكثيرين من مدينة مالمو السويدية؛ من بينهم شقيق كريّم وأصدقاؤه، إلى جانب أفراد آخرين في سوريا. وفي عام 2018، وجد محققون بلجيكيون أن كريّم كان موجوداً في مكان قتل الطيار الكساسبة.

العودة إلى أوروبا

عاد كريّم لاحقاً إلى أوروبا في أيلول 2015، عبر الطريق الذي سلكه اللاجئون من سوريا إلى تركيا، فجزيرة ليروس اليونانية. هناك استخدم جواز سفر مزوراً باسم نعيم الحامد، وادّعى أنه مواطن سوري مولود في مدينة حماة في كانون الثاني 1988. 

واصل كريم طريقه لينتهي به  الأمر مقيماً في بلجيكا، وفي بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وفي مدينة أولم الألمانية، التقى كريّم بالبلجيكي من أصل مغربي، صلاح عبد السلام، وناقشا إمكان التعاون في تنفيذ هجمات إرهابية.

أدان القضاء البلجيكي عبد السلام إلى جانب كريّم وآخرين بتفجيرات بروكسل، كما أنه متورط في هجمات باريس في تشرين الثاني 2015؛ والتي تبناها تنظيم “داعش”. وحين هرب من موقع الجريمة، اختبأ عبد السلام في منطقة مولينبيك ببروكسل، حيث اعُتقل لاحقاً في آذار 2016.

ظهر كريّم في كاميرات المراقبة في مركز تسوق ببروكسل، حيث اشترى حقائب الظهر التي استُخدمت لاحقاً في الهجوم الإرهابي في مطار بروكسل. وتم العثور على حمضه النووي في شقة ببروكسل استخدمها مهاجمو المطار. كما ظهر كريّم إلى جانب البلجيكي من أصل مغربي خالد البكراوي (1989 – 2016)، المعروف بأبي وليد البلجيكي، أحد منفّذي تفجيرات محطتي المترو في بروكسل في آذار 2016. أثناء استجوابه، اعترف كريّم بأنه كان منفذ تفجير إحدى المحطتين؛ وأنه ندم في اللحظة الأخيرة؛ ولذلك لم يحاول تفجير قنبلته.

في نيسان 2016، ربط مكتب الادعاء البلجيكي اسم كريّم بهجمات باريس 2015، إثر التأكد من أن حمضه النووي كان موجوداً في الشقق التي استخدمها المهاجمون. وفي حزيران 2018، سُلم إلى فرنسا لاستجوابه. وفي الشهر نفسه من عام 2022، حُكم عليه بالسجن لثلاثين عاماً لمساعدته في التخطيط لهجمات باريس، بما في ذلك تأمين أسلحة للمهاجمين.

تُعد هجمات باريس الإرهابية 2015 (هجوم الباتاكلان) الأكثر دموية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، والأكثر دموية في الاتحاد الأوروبي منذ تفجيرات مدريد عام 2004. إذ  راح ضحيتها 130 قتيلاً إلى جانب المنفّذين السبعة. 

تنقل وسائل إعلام عن شخص مقرب من كريّم قوله: “ما فعله كان خطيئة كبرى ونريد أن نفهم سبب إقدامه عليه. لقد التقى بالأشخاص الخطأ بطريقة ما، لا بد وأن ذلك هو السبب. هناك الكثير من الشباب الذين لا يعرفون ماذا يفعلون في الحياة، ويمكن أن يتأثروا بأشخاص أو مجموعات معينة. وهذا لا ينطبق على أسامة فقط”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.