fbpx

قضيّة “طفلة الضنية”… تواطؤ وتضليل وفشل منظومة الحماية 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما زالت قضية قتل طفلة الضنية نتيجة جريمة اغتصابها في كنف عائلة أمها والتستّر على الفاعل، تتفاعل قضائياً وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. تعددت الروايات والاتهامات، والحقيقة الثابتة أن طفلة عمرها 6 سنوات اغتصبها معتدي. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تضافرت من بعدها مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والأمنية لتمعن في قتلها. تواطؤ عائلي، مدعوم في ما يبدو بوساطة أمنية، عمل على إخفاء الجرم وتضليل العدالة تحت عنوان الشرف العائلي، في ظل انفراط عقد الدولة وتحلّل دورها كمرجعية عليا لحماية الأطفال.

الأخبار الأخيرة الصادرة عن التحقيق تؤكد أن الحمض النووي يعود الى المغتصب وقاتل الطفلة الأول،  أي الخال. ومن المرجح أن العائلة كلها متورطة في قتل الطفلة، بعدما تضافرت الجهود لتضليل العدالة عبر إخفاء الأدلة والتستر على المجرم. فبحسب بعض المصادر، وزعت العائلة ملابس الطفلة بين أفرادها بعد وفاتها، وكانت الأم قد غسلت الملابس، في ما يبدو، عقب نصيحة محدّدة بهدف محاولة إخفاء الحمض النووي.

 إمعان في التضليل

تكشف مصادر قضائية أن التحقيق سيُستأنف عقب ظهور معلومات جديدة حول قيام أحد أصدقاء العائلة، وهو يعمل في جهاز أمني، بالمساعدة في تضليل العدالة والتستر على الجاني. ويبدو أن العائلة حاولت ربط مقتل الطفلة بحادثة غير مقصودة، إذ أشار محامي الأم الى أن سبب الوفاة جاء نتيجة لتوقف القلب، من دون وجود نزيف داخلي أو خارجي. 

إلا أن المعلومات المتداولة تشير إلى أن الطفلة نُقلت إلى المستشفى بعد أربع ساعات من تقيؤها الدم، وأن العائلة لم تتبع نصيحة الطبيب داخل المستشفى بضرورة دخول الطفلة الى المستشفى. كان هدف العائلة منع الطفلة من دخول المؤسسة الطبيّة لتجنب كشف الحقيقة. إلا أن تقرير الطبي الشرعي أكد أن سبب الوفاة “صدمة شديدة جداً تعرض لها الجسم”، ما أدى إلى توقف القلب بسبب الصدمة والالتهاب. 

دور أقسام الطوارئ 

لكن، هل كان بالإمكان إنقاذ الطفلة من الموت لو أنها أُدخلت إلى المستشفى؟ فلنعود هنا إلى لحظة ظهور قضية قتل الطفلة إلى العلن، حينها اصطحبت العائلة الطفلة وهي تنزف إلى المستشفى للكشف عليها. تقول الروايات عن الواقعة، إن العائلة رفضت الإبقاء على الطفلة لتلقّي العناية اللازمة، وأعيدت إلى المنزل حيث قضى الاغتصاب على جسمها الصغير. 

لست هنا في معرض التقليل من مسؤولية العائلة عن عدم إبقاء الطفلة في المستشفى لتلقي العلاج، لكن السؤال الأساسي الذي لا بد من طرحه هو عن دور الخدمات الصحية عموماً وأقسام الطوارئ بخاصة في اكتشاف مؤشرات العنف ضد الأطفال وإلزامية التبليغ. 

ففي ظل نظام حماية شامل، تلعب أقسام الطوارئ دوراً بارزاً في تحديد حالات إساءة معاملة الأطفال وكشفها والتدخل بشكل فعّال لتأمين الاستجابة اللازمة من علاج صحي، ومن ثم توثيق الحالة، وتبليغ السلطات المعنية. من الصعب أحياناً تحديد إساءة معاملة الأطفال بسبب عدم قدرتهم\ن على التعبير الكلامي، بخاصة أن مؤشرات التعرض للإساءة أو العنف متنوعة وغير واضحة. إلا أن كشفاً سريرياً لا يمكن أن يخطئ التقدير في حالة الطفلة وهي التي أمضت أسبوعاً تعاني من أوجاع منعتها من قضاء حاجتها. 

سنين طويلة وأموال طائلة استُثمرت في مجال إيجاد نظام متكامل لحماية الأطفال في لبنان، ولكننا أمام قصور كبير بخاصة في مفهوم دور الجهاز الطبي في أقسام الطوارئ تحديداً، كمستجيب أول في رصد مؤشرات العنف، لا سيما الجنسي، وتبيان التناقضات بين الإصابة المزعومة وتفسيرات الأهل. تقع على الفريق الطبي مسؤولية تشخيص حالة اعتداء مشتبه فيها، وإجراء الفحص الطبي بعناية لتحديد طبيعة الإصابة واحتمالية الإساءة. فإذا تم التأكد من حالة الإساءة، يجب أن يتم إبلاغ الجهات المختصة بشكل فوري. ولا بد هنا من تسجيل تقاعس الاستجابة الطبية عن الحد الأدنى من واجباتها الأخلاقية والمهنية. 

جريمة مدوية بحق الطفولة كهذه تستدعي بحثاً تفصيلياً في نظام الحماية في لبنان. فنظام الحماية عبارة عن منظومة متكاملة ومتعددة الجهات تكون مسؤوليتها الأولى توفير أطر وقاية شاملة تبدأ بالتوعية، وتمتد إلى التدريب على أدوات الكشف المبكر مروراً بأطر التبليغ الآمن، ووصولاً إلى إجراءات قانونية شفافة وعدالة لا لبس فيها تكون مصلحة الأطفال بوصلتها الأساسية. خطة الحماية الشاملة للأطفال هي نهج مُنظَّم وشامل ولا تقتصر على الخطط والاستراتيجيات والبروتوكولات، بل تتضمن إجراءات لمنع الاعتداء على الأطفال والكشف المبكر والاستجابة الملائمة. 

أين لبنان من ذلك كله؟

أما بالنسبة الى تواطؤ العائلة، فلماذا الاستغراب؟ ألم تتواطأ دور الأيتام، والمؤسسات الرعائية، والمدارس “العريقة”، والمؤسسات الدينية مدعومة من مجموعة من السياسيين المرموقين وبعض المتفوهين، للتستر على حوادث تعرض أطفال للعنف على أشكاله في كنف هذه المؤسسات؟ ألم تستخدم الحجج الواهية نفسها كالحفاظ على الصيت والسمعة بهدف إفلات مجرمين مغتصبي أطفال من العقاب؟ 

عائلة الطفلة لم ترتكب جرماً أقل من جرمهم جميعاً. والمحاسبة القانونية واجب للمتسترين على مغتصب الطفلة وكل من تستر على جريمة مماثلة. القضاء يأخذ مجراه، والكشف عن المجرم الأول في اغتصاب الطفلة  وقتلها ومعه كل متواطئ في التكتم على المعلومات عن الظروف المؤدية إلى قتلها واجب.  ننتظر قرار المحكمة على أمل أن تنتصر لحق الطفلة وتقتصّ من المجرمين كلهم.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.