fbpx

ليلة من الذعر في بيروت برعاية “جنود الرب”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بحجة حماية قيم المجتمع والدين والأعراف التقليدية السائدة والأمن الذاتي الذي يدعي حماية الهويات الدينية والطائفية، تُهدَّد اليوم الحريات المدنية العامة والشخصية وحياة الأفراد، الذين يُتركون لوحدهم في المواجهة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“دقائق قليلة فصلتنا عن مجزرة”…

يروي الناشط في مجتمع الميم/عين ضوميط القزي، تفاصيل الهجمة التي عاشها ملهى في شارع مار مخايل في بيروت. 

ليلة من الذعر والرعب أمضاها رواد ملهى ومقهى “مدام أوم”، وذلك بعدما تعرضوا لاعتداء مباشر من جماعة “جنود الرب” المتطرفة خلال أحد العروض التي تُقام في المكان.

العاملون في الملهى رووا لـ”درج” تفاصيل ما حصل. 

بالتزامن مع أحد عروض “دراغ”، حضر أحد الأشخاص المجهولين إلى المكان وبدأ بتصوير الموجودين فيه ومضايقتهم والصراخ عليهم وشتمهم، ليتبين في أحد الفيديوهات المنتشرة عن الحادث، أنه تابعٌ لجماعة “جنود الرب”، ويُسمع صوته في الفيديو، وهو يصرخ: “هيدا محل إبليس عم يروج للمثليين. بأرض الرب ممنوعة”.

حاول أحد مالكي الملهى التحدث إلى المعتدي بهدف تهدئته ومنع تطور الإشكال، إلا أنه لم يستجب لذلك.

خلال دقائق معدودة، حاصر عشرات ممن يطلقون على أنفسهم اسم “جنود الرب” المكان، وتعرضوا بالضرب لعدد من رواد الملهى ومالكيه الموجودين خارجه. 

سارع العاملون داخل الملهى إلى إقفال الأبواب لمنع الأشخاص من الدخول، ولحماية الموجودين في الداخل، خصوصاً وأن “جنود الرب” كانوا قد بدأوا بتحطيم الكراسي والطاولات واللافتات خارجاً، وحاولوا خلع الأبواب وكسر الزجاج بهدف اقتحام المكان، وهم يهددون ويصرخون ويشتمون ويرهبون من في الداخل. عدد من الأشخاص لجأوا إلى المراحيض التي أقفلوها على أنفسهم للاحتماء، وهم يتخيلون وقوع السيناريوهات الأسوأ.

يقول الناشط في مجتمع الميم/ عين، ضوميط القزي، الذي كان موجوداً في الملهى أثناء وقوع الاعتداء، لـ”درج”، “منذ لحظة إدراكنا وجود عناصر من جماعة جنود الرب المتطرفة، فصلتنا دقائق قليلة عن إقفال الأبواب حتى نمنعهم من الدخول، ومنعهم من ارتكاب مجزرة”.

وعن تعامل قوى الأمن مع المعتدين، أكد قزي أن عنصرين من قوى الأمن حضرا إلى الملهى، ووقفا للتفرج، حتى أنهم دخلا إلى الملهى محاولين “إيجاد ما يمكن إدانة رواده، وتحويلهم من ضحايا إلى مجرمين”، بحسب قزي.

وبالفعل، لدى وجودنا في المكان بعد وقوع الحادث، شاهدنا عدداً من الأشخاص باللباس الأسود وعلى دراجات نارية يحومون في الأرجاء. سألنا أحد عناصر قوى الأمن عن هوية هؤلاء، فقال لنا: “انتو بتعرفوا مين هني، مش نحنا”.

تقاعس القوى الأمنية عن تأمين الحماية لضحايا اعتداءات مشابهة ليس بجديد، بل هو دليل إضافي يفسر تمنُّع أفراد مجتمع الميم/ عين والنساء والفئات المهمّشة عن تبليغ القوى الأمنية بأي اعتداء يتعرضون له، لأنهم سيُواجَهون بالتسخيف والتخاذل، وسيُحوَّلون من ضحايا إلى مجرمين، فيما يُترك المعتدون خارج أي محاسبة وبحماية المجتمع والسلطة والطائفة.

من هم “جنود الرب”؟

“جنود الرب” جماعة مسيحية متطرفة ظهرت في عام 2019 بذريعة حماية المجتمع المسيحي، وتحديداً في الأشرفية. لا يتجاوز عدد المنضوين تحتها بضع عشرات لكنهم حاولوا تمييز أنفسهم من خلال خطاب متطرف ضحل حول حماية المسيحيين والقيم، مركّزين في خطابهم على شيطنة المثليين جنسياً. كرروا وقفاتهم واستعراضاتهم بالسلاح وبعبارات دينية، وميّزوا أنفسهم بزي أسود وعضلات مفتولة. معظمهم كان يعمل في شركات حماية أمنية مصرفية. 

ويُعتقد أنهم مرتبطون بالمصرفي أنطون الصحناوي، وهو إحدى الشخصيات التي ارتبط اسمها بملف الانهيار المصرفي والاقتصادي في لبنان. 

اللافت، أن الجماعة حظيت بنوع من الغطاء السياسي غير المعلن كنسياً ومسيحياً، تقدّم نفسها بوصفها الرديف المسيحي لمفهوم الأمن الذاتي الذي كرسه “حزب الله” في لبنان، لكنها بممارساتها ترتد سلباً على صيغ الانفتاح الذي تميزت به أحياء مثل الأشرفية ومار مخايل، وعلى قلب المجتمع المسيحي الذي يعيش تململاً نتيجة هذه الظاهرة. 

“نحن وحدنا في الصفوف الأولى للمواجهة”

ما حصل أمس هو واحد من الاعتداءات الأكثر خطورة خلال الفترة الأخيرة. 

اعتداءات تحرّض عليها وتغذيها منظومة سياسية ودينية، تضافرت جهود وجوهها كلفة أخيراً لشن حملات شرسة ضد أفراد مجتمع الميم/ عين. 

هذه الحملات شهدت تصاعداً منذ نحو العام بعد قرار وزير الداخلية بسام مولوي منع وتجريم أنشطة شهر الفخر الخاص بالمثلية الجنسية. وتوالت بعدها مواقف وخطابات تساهم في التحريض على مجتمع الميم/ عين وشيطنته.

ذروة تلك الحملات كانت خطابات متتالية لأمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، دعا فيها صراحةً مناصريه إلى التضييق الشامل على أفراد مجتمع الميم/ عين، والتعامل معهم بعنف وتبني القتل ضمناً، و”من دون أي سقف” على حد تعبيره. 

الحملة بلغت مستويات غرائبية مع سحب لعبة من المدارس لأنها ملونة بألوان قوس قزح، أو قيادة حملات في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لمنع فيلم “باربي” بحجة “الترويج للمثلية الجنسية وهدم قيم الأسرة”، فيما تغرق البلاد في أزمات مستعصية تقع كلها تحت إدارة وزاراتهم.

حفلة جنون مستعر عنوانها “حماية المجتمع من الشذوذ”، تشارك فيها أحزاب وطوائف وجماعات لم تلتقِ يوماً على أي مبدأ، تجد اليوم فريسةً مشتركة في أفراد مجتمع الميم/ عين وتُمعن في ترهيبهم وشيطنتهم وإقصائهم، بعد تهميش النساء والفتيات والأطفال والفشل في تأمين الحماية لهم أيضاً.

 هم أنفسهم أركان سلطة مأزومة تبحث في كل مرة عن شمّاعة تعلق عليها كل فشلها.، والنتيجة تمييع النقاش العام حول أي مساءلة ومحاسبة يجب أن تخضع لها تلك السلطة لمسؤوليتها عن الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الشامل الذي تشهده البلاد منذ ما يقارب الأربع سنوات.

الأخطر، أن هذه الجماعات المتطرفة تجد اليوم خطاباً سياسياً ودينياً رسمياً يمنحها الشرعية المطلقة لاستباحة الحريات الفردية والعامة، والأماكن العامة التي كانت يوماً بمثابة مساحات آمنة لأفراد باتت تضيق بهم كل المساحات، والتعرض أيضاً بكل أشكال الإيذاء لهؤلاء الأفراد خصوصاً في ظل تقاعس الأجهزة الأمنية، وتعطيل القضاء بشكل كامل بإرادة سياسية.

وبحجة حماية قيم المجتمع والدين والأعراف التقليدية السائدة والأمن الذاتي الذي يدعي حماية الهويات الدينية والطائفية، تُهدَّد اليوم الحريات المدنية العامة والشخصية وحياة الأفراد، الذين يُتركون لوحدهم في المواجهة.

“رغم كوننا فئة مستهدفة ومهمشة ومضطهدة في المجتمع، كنا دوماً وحدنا في الصفوف الأمامية للمواجهة دفاعاً عن قضايا الديمقراطية والحريات العامة”، يقول ضوميط قزي، “لكنهم وإن نجحوا في هزيمة من هم في الصفوف الأمامية، سينتقلون إلى باقي الصفوف، إلى النساء اللواتي يواجهن نفس النظام الأبوي، وإلى الحريات العامة والسياسية، والإعلام والحريات الأكاديمية. كلهم مستهدفون أيضاً في حال سقطنا”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.