fbpx

بين “جنود الرب” و”جنود الفيحاء”… فدراليّة الأمن الذاتي في لبنان 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُثير تلاشي الدولة حماسة كثر على استنساخ ظاهرة “حزب الله”، ولو بقدراتٍ متواضعة غالباً ما تثير السخرية. ففي زمن انهيار الدولة ومؤسساتها، كل شيءٍ مباح. الأمن الذاتي يأتي بشعبيةٍ، والبطالة تستدعي العضلات المفتولة القابلة للتوظيف.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يُثير تلاشي الدولة حماسة كثر على استنساخ ظاهرة “حزب الله”، ولو بقدراتٍ متواضعة غالباً ما تثير السخرية. ففي زمن انهيار الدولة ومؤسساتها، كل شيءٍ مباح. الأمن الذاتي يأتي بشعبيةٍ، والبطالة تستدعي العضلات المفتولة القابلة للتوظيف. 

تنامي الأشكال المختلفة والمتفاوتة من الأمن الذاتي المسلّح أو غير المسلّح تحت ذرائع الأخلاق والدين، ليس بجديد. إذ نشأ “حزب الله” منذ 40 عاماً،  كما “القاعدة” و”داعش” في بعض المدن، وحالة الشيخ أحمد الأسير في مدينة صيدا، وصولاً إلى “جنود الرّب” و”جنود الفيحاء”. 

هنا محاولة للتعرّف إلى خلفيات تلك الجماعات. 

“جنود الرّب”… بداية الأمن الذّاتي المسيحي 

ما زالت ظاهرة “جنود الرّب” غامضة. فعلى رغم حضور أفرادها في الشارع، إلا أنهم يرفضون الحديث إلى الإعلام، ولا يظهرون سوى في مقاطع مصوّرة على صفحاتهم الخاصة، أو في فيديوات اعتداء على آخرين، تماماً كما حصل في حادثة مار مخايل، حيث اعتدت مجموعة منهم على أشخاص عُزّل داخل ملهى ليليّ بذريعة “الترويج للمثلية الجنسيّة”.

لـ”جنود الرّب” ظهور إعلامي واحد يتيم. إذ أطلّ قائدهم جوزيف منصور في مقابلة عبر إذاعة “لبنان الحرّ”، توقفت بعد ثوانٍ من بدئها. إذ انقطع البثّ بعدما سأل الإعلامي طوني نصّار الضيف عن سبب صراخ مجموعته وتهديدهم وعنفهم في أحد الفيديوات المنشورة وهم يزيلون علم قوس القزح من الأشرفية، ليردّ الأخير، “ألا يزعجك عَلَم الشيطان هذا؟”. أتى ردّ الإعلامي: هذا عَلَم المثليين، نجده في غوغل”. غضب منصور حينها، وأجاب منفعلاً:” أنا أحدّثك عن الكتاب المقدّس وأنت تحدثني عن غوغل؟”، وتوقفت من ثم المقابلة.  

حاولنا التواصل مع عدد من أفراد “جنود الرب”، واللافت كان التنسيق بينهم والردود المتشابهة، والاستقصاء عن المؤسسة الإعلامية التي ننتمي إليها. 

أتى الحوار مع أحدهم على الشّكل التالي: 

-مرحبا

-تفضّلي كيف فيي إخدمك إختي؟

-أنا صحافية ومهتمة أعمل مقابلة معك على موضوع عم بشتغل عليه.

-إنتِ من “درج”، الإعلام الشيطاني نحنا ما منطلع عليه، وصلي هالحكي، المنابر المأجورة اللي بتروّج للشذوذ ما بدنا ياها. الرّب يبارك حياتك. 

وانتهى الاتصال. 

“جنود الرّبّ” اسمٌ لمجموعة لا يزيد عدد أعضائها عن مئة، ذاع صيتها أخيراً إثر نشاطات معادية للمثليّة الجنسية في منطقة الأشرفية، إلا أنّ اسمها سبق أن تردّد في أحداث أمنية عدة. 

ففي حادثة الطيونة، في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، عندما اشتبك عناصر من “حزب الله” مع “القوات اللبنانية”، كشفت محاضر التحقيقات التي أجرتها استخبارات الجيش أنّ أفراد مجموعة تُطلق على نفسها اسم “جنود الرّب” أقاموا كميناً في الليلة السابقة، فكتبوا شعارات دينية ورسموا صلباناً في عدد من أحياء منطقة الطيونة لشدّ العصب الطائفي. كما أشارت التحقيقات الى أن هؤلاء مرتبطون برئيس مجلس إدارة مصرف “سوسيتيه جنرال” أنطون الصحناوي، ويتلقّون تمويلاً منه.

تأسّست هذه المجموعة المتطرفة في تشرين الأول 2020 في منطقة كرم الزيتون، على يد جوزيف منصور، وما لبثت أن انتشرت في الأشرفية وامتدّت إلى جلّ الديب وزحلة. وهي تهدف إلى تشكيل مجموعات قادرة على “حماية المناطق المسيحية والدفاع عنها”. 

التصاق اسم “جنود الرّب” باسم الصحناوي رافق الأخير منذ تأسيس المجموعة. إذ تُشير المعلومات إلى أن أفراد الجماعة يتقاضون مبالغ شهرية من الصحناوي على شكل رواتب، وأنه تم توظيف عدد منهم كعناصر أمن في فروع مصرف “سوسيتيه جنرال”. كما أنه وبالتدقيق في صفحات “الجنود”، فإن صور الصحناوي تظهر غالباً في منشوراتهم. هذا عدا نشيد “الله معك يا أنطون يا أبو الإيد السخيّة (أي الكريمة)” التي يردّدها “الجنود” ويشاركونها على صفحاتهم الشخصية.  

وفق ما يظهر على صفحاتهم على مواقع التواصل، تقوم التعبئة التي يعتمدها أفراد “جنود الرّب” على تمجيد الحروب الصليبية، إذ يرفقون منشوراتهم باقتباساتٍ من الإنجيل عن علاقة الناس بالربّ وكيف يجب أن يكونوا جنوداً له على الأرض للدفاع عن مقدّساتهم. كما أنهم يهتفون باسم الله عند كلّ اعتداء ضد أفراد مجتمع الميم، وليس واضحاً بعد إلى أي مدى يمكن “الجنود” أن يذهبوا في تطبيق “تعاليم الرّب”. 

جنود الفيحاء… محاولة لردّ الاعتبار السنّي

في طرابلس، ظهر قبل أيام تسجيل فيديو لمجموعة من الشباب عرّفوا عن أنفسهم بـ”جنود الفيحاء”. وهذه المجموعة، وفق مؤسسها عبد العزيز طرطوسي، ليست ردّاً على “جنود الرّب” وإنما رغبة سنيّة في التنظيم. يقول طرطوسي لـ”درج”، “كل الأديان والطوائف تتنظّم، لماذا يتمّ تهميش الحالة السنيّة؟ من حقنا أن نتنظّم”. 

عبد العزيز طرطوسي (51 سنة)، يسكن في محلة أبي سمراء، يُعرّف عن نفسه بأنه “إنسان كادح انبثق من انتفاضة 17 تشرين”. وهو نحّاس، ورث المهنة عن أبيه. تعرّض مراراً لمحاولات قتل، لأن “محبّينه كتار”، وفق ما ذكر.  

وفق طرطوسي، يتراوح عدد المنتمين إلى المجموعة بين 30 و50 شخصاً، خلال الأسبوع الأول من الإعلان عنها، مؤكّداً أن “الزيارات إلى العوائل في طرابلس ومحيطها متواصلة لزيادة العدد وتحويل المجموعة إلى إطار منظّم”. 

يُشير الطرطوسي إلى أن المجموعة لم تنشأ كمشروعٍ ديني كما حالة “جنود الرّب”، “وإلا لكان اسمها جنود الرحمن أو جنود الله”، وفق طرطوسي. ويُضيف، “نحن حالة شعبية لدينا مشروع واضح مبني على ثلاث ركائز: ضد المثلية الجنسية، ضد محاربة الأديان، وضد التطبيع مع النظام السوري. تجمعنا مبادئنا ولا نحصل على تمويل من أحد وإنما نسعى الى ذلك”.  

يُناشد طرطوسي شباب طرابلس للتطوّع والانضمام إلى صفوف “جنود الفيحاء”، معلناً، وبثقةٍ كاملة، عن ترحيبه بالمساعدات والتمويل لتعزيز نشاط المجموعة وتطوير دورها لـ “مواجهة التطبيع اللاأخلاقي”، مُشدّداً على أن الدعم الذي يُطالب به لا يشمل السلاح، إذ إن الأخير مُعارض للسلاح غير الشرعي، وتوجّهه مدني سلمي، وفق كلامه.   

بالحديث مع طرطوسي، يبدو واضحاً أن حركته هشّة تماماً كما الحركات السنيّة التي انبثقت في السنوات الأخيرة كمحاولة لردّ الاعتبار السّني في البلد. إذ إن مبادئ حركة الطرطوسي تأتي على قاعدة “من كل وادٍ عصا”. إذ يبدأ الرجل بالحديث عن معارضته المثلية الجنسية ليرفع بعدها مباشرةً شعارات مناهضة لـ”حزب الله” و”سرايا المقاومة” ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وربما كانت موجة الهجوم على أفراد الميم عين فرصة استثمرها الطرطوسي لشحن أبناء طرابلس دينياً. 

إذاً، يتقاطع “جنود الفيحاء” مع “جنود الرّب”، على رغم كل اختلافاتهم، بمحاربة المثليّة، وهو ما يبدو أنه تقاطع غير صلب، إلا أنه صادر عن صدع  واحد يتمثل في منظومة الفساد التي تحكم لبنان، والمتحصّنة بالطوائف والمذاهب، التي لم يعد أمامها سوى غرائز تستعين بها لاستنبات جماعات الأزقة كي تتسلّط عبرها على أبسط ما تبقى للبنانيين من مساحات وحقوق. 

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.