fbpx

أدوار محتملة للجيش المصري في الانتخابات الرئاسيّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قد تتواصل الواقعية بصورتها الفجة، فيتقدم السيسي من دون أن يتقدم سواه من الضباط، إلى الهيئة بطلب الترشح، ومن دون أي ذكر للمجلس الأعلى للقوات المسلّحة وإجراءاته وقراراته.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر بدء إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية (2024)، وبهذا الإعلان فُتحت دائرتان كبيرتان من الاحتمالات: الأولى خاصة بالترشّح واجتياز العتبة الانتخابية، والثانية خاصة بسير الانتخابات ونتيجتها وما قد يعقبها من إجراءات متصلة بها، في حين ينصرف جل اهتمام المتابعين عن دائرة ثالثة أشد أهمية، مرتبطة بالأدوار، الصريحة والمضمرة، الواقعية والخرافية، للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في هذه الانتخابات.

 لتلك الأدوار أهمية كبيرة في تحديد طبيعة هذه الانتخابات وتأثيرها على واقع المصريين ومستقبلهم القريب، وهي أدوار يحدّدها “قانون رقم 167 لسنة 2020″، الذي يمنح الجيش دوراً في كل انتخابات مؤثرة، وتمثل المادة الأولى منه النقطة الأكثر تعقيداً، وهذا نصها: 

“لا يجوز للضباط بالخدمة أو من انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويجوز لصاحب الشأن الطعن في قرار المجلس المشار إليه أمام اللجنة القضائية العليا لضباط القوات المسلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان صاحب الشأن به، ويكون قرارها في الطعن نهائي.

ولا يجوز الطعن في قرارات اللجنة أو المطالبة بإلغائها بأي وجه من الوجوه أمام أي هيئة أو جهة أخرى”.

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر بدء إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية (2024)، وبهذا الإعلان فُتحت دائرتان كبيرتان من الاحتمالات: الأولى خاصة بالترشّح واجتياز العتبة الانتخابية، والثانية خاصة بسير الانتخابات ونتيجتها وما قد يعقبها من إجراءات متصلة بها

يبدو نص المادة للوهلة الأولى كخط دفاع ضد محاولات ربما تكرر “الاستياء المكتوم” داخل دائرة كبار الضباط (في الخدمة أو في التقاعد أو في الاستيداع)، وهي دائرة أوسع، قليلاً، من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي صاحب أزمة إعلان الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، نيّته الترشح للانتخابات الرئاسية (2018)، ثم القبض عليه ومحاكمته وإدانته، وبدرجة أقل، كثيراً، أزمة إعلان العقيد أحمد قنصوة ترشحه للمنصب نفسه في العام ذاته، وقد سبق عنان في جميع الخطوات. 

ومن خلال التمعّن في النص أكثر، يبدو كتكتيك مؤقت، ستتبدى صعوبته الكبرى عندما تنهال على المجلس مئات الطلبات، وربما آلافها في الانتخابات النيابية (2025)، أو عشرات الآلاف في المحلية (من غير المعروف متى “ستتعطف” السلطة وتقرر إقامتها).

ويصعب تصور أنها “استراتيجية” تتجاوز صلاحيتها بضع سنوات، ليس فقط لأن نص المادة يحمل شبهة قوية بعدم الدستورية، بل لأنها تتعارض مع نص المادة 53 من الدستور المصري المعدل في 2014، ونصها:

“المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.

التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.

تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”.

كذلك، تجعل هذه المادة الجيش في وضع ينال من مكانته، فإذا كانت المادة (200) من الدستور، بحسب التعديلات الدستورية (2019) قد جعلت من القوات المسلحة “سلطة” فوق كل سلطات الدولة، بالنص على أن من ضمن مهمتها “صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد”، فإن نص المادة الأولى من “قانون رقم 167 لسنة 2020″، هبط بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة من تلك المكانة إلى حد أن يكون طرفاً في كل انتخاب للسلطة التشريعية والرقابية، وجعله أيضاً محلا للتنازع الداخلي في غياب أية معايير موضوعية للاختيار أو الطعن في قراراته، ما يجعل الانتخابات الرئاسية مفتوحة على احتمالات عدة، بعضها مفرط في الواقعية، إلى حدودها الفجة، وبعضها تخييل محض. 

وكل احتمال منها قد يتفرع منه نقيضه التام، ويكون متصلاً بصورة ما بالرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي، بحضوره فيها، أو غيابه عنها.

الواقعية المفرطة هي التصور الأقرب لعشرات الملايين من المصريين، وقد تتماس مع اليأس التام في بعض الأحوال، أو الأمل المشرق.

تنطلق هذه الواقعية بوجوهها كافة من أن مواد الدستور المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية تخلو تماماً من مسألة موافقة المجلس الأعلى، وهو سند إضافي لمن يدفع بعدم الدستورية. كما ترتكز على أن المادة الثانية من قرار الهيئة الوطنية للانتخابات رقم (5) تتضمن تسعة شروط يجب أن تتوافر في من يترشح لرئاسة الجمهورية، ليس من بينها حصول الضباط بالخدمة أو من انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولذلك، لن يكون للمادة الأولى من “قانون رقم 167 لسنة 2020” أي ذكر، أو دور داخل الهيئة.

فكيف يمكن أن يتحقق ذلك؟

قد تتواصل الواقعية بصورتها الفجة، فيتقدم السيسي من دون أن يتقدم سواه من الضباط، إلى الهيئة بطلب الترشح، ومن دون أي ذكر للمجلس الأعلى للقوات المسلّحة وإجراءاته وقراراته. وهذا يعني رغبة ، أو المجلس، أو رغبتهما المشتركة في إضمار دور الجيش في الانتخابات، أو أن يحدث العكس، أي أن يرغب أحدهما أو كليهما، في إعلان أن السيسي تقدم للمجلس بطلب الموافقة على ترشّحه ونالها، وقد يكون هذا الإعلان خافتاً وعابراً، أو مدوياً واحتفالياً.

انطلاقاً من هذه الواقعية الفجة، يتفرع احتمال نقيضها (التخييل المحض)، أي أن يتقدم للهيئة، بالإضافة إلى السيسي، ضابط، أو أكثر، وقد استوفى/ استوفوا، شروط الترشح الدستورية والمعلنة بموجب قرار الهيئة، وأن يتم قبول أوراق ترشحه/ ترشحهم، وبذلك يكون في دائرة احتمالات العملية الانتخابية تنافس بين ضابطين أو أكثر، بالإضافة إلى المدنيين الذي عبروا العتبة الانتخابية التي يحددها الدستور والقانون والمعلنة في قرار الهيئة السالف الذكر، وأن يتم هذا كله من دون أية إشارة من الهيئة إلى المجلس وإجراءاته. أما المجلس، فقد يصمت تماماً عما قام به، أو يختار أن يدوي بموقفه استناداً إلى مواد الدستور والقانون.

وعندها، ستتوقف قوة الانتخابات وتنافسيتها على ثقل الضباط المترشحين ونديتهم النسبية تجاه، بالإضافة إلى المرشحين من غير الضباط “المدنيين”، الذين قد تتغير أوزانهم الانتخابية بهذا الواقع غير المسبوق.

وجه ثانٍ للواقعية الفجة قد يتبدى في تقدم السيسي وسواه من الضباط الى الهيئة بطلبات الترشح المستوفاة الشروط المعلنة من قبلها، فيُقبل طلبه ويُرفض سواه، وقد تعلن الهيئة أن ذلك راجع الى عدم الحصول على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عندها قد يذهب من تم رفضهم إلى القضاء الإداري طاعنين في قرار الهيئة، فيؤيد القضاء الإداري قرار الهيئة باستبعادهم.

من هنا، قد يظهر التخييل المحض في صورة قبول القضاء الإداري الطعن وإعادة المستبعدين من الضباط إلى العملية الانتخابية، أو ما هو أبعد مدى وأكثر تعقيداً، فتقبل المحكمة الإدارية العليا إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية في حال دفع الضابط/ الضباط الطاعن/ الطاعنين بعدم دستورية المادة الأولى من “قانون رقم 167 لسنة 2020”.

هذه الحالة المغرقة في التخييل تنفتح على أمرين: فإما أن تتعجل المحكمة فتصدر حكمها في الآجال المعلنة وفقاً لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 4 بشأن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، فتحكم بدستورية القانون، أو عدم دستوريته، أو أن تتريث فتُجرى الانتخابات وتعلن نتيجتها، ويبقى حكم الدستورية المنتظر سيفاً لا يعلم أحد على رقبة من سينزل.

في مسألة السيف هذا، هناك تفريع بالغ الإثارة مرتبط بأمرين: من سيُعلن رئيساً، ومتى ستصدر المحكمة حكمها؟ أولاً، إذا فاز السيسي برئاسته الأخيرة دستورياً، وأمضى فيها ما أمضى، ثم قضت المحكمة بعدم دستورية القانون المطعون به، فماذا يمكن أن يحدث، هل ستعاد الانتخابات؟ وهل ستعتبر السنوات التي أمضاها السيسي في رئاسته الثالثة كأنها لم تكن، ويكون من حقه الترشح مرة أخيرة، وفقاً للدستور؟ وبذلك، قد يظل السيسي قائداً أعلى للقوات المسلحة المصرية لستة سنوات مقبلة. وثانياً، إذا فاز سواه برئاسته الأولى دستورياً، وأمضى فيها ما أمضى، ثم قضت المحكمة بعدم دستورية القانون المطعون به، فهل ستعاد الانتخابات، وهل سيكون من حق السيسي عندها الترشح، وهل سيكون ترشحه هذا بمثابة ترشح للمرة الأولى، يحق له، في حال فوزه الترشح لمرة ثانية، وأخيرة؟ بهذا الاحتمال، قد يظل السيسي قائداً أعلى للقوات المسلحة المصرية، أيضاً، لستة سنوات مقبلة، مع ظهور عابر ومضطرب لرئيس يتهدّده شبح عدم الدستورية. 

 تخييل عدم الدستورية هذا، الخاص بالهيئة الوطنية للانتخابات، يوازنه تخييل آخر تجري وقائعه داخل أروقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة واللجنة القضائية العليا لضباط القوات المسلحة، أي أن يكون قد تقدم ضابط أو أكثر، غير السيسي، الى المجلس بطلب للموافقة على الترشح، فرفض، ويُجرى النهج القضائي نفسه كما تقدم.

لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يملك وفقاً لقانون 167 لسنة 2020، أن يذهل الجميع فيرفض أي طلب يقدم له، سواء من السيسي أو سواه، أو أن يوافق على كل الطلبات.

قمة التخييل قد يلعب دور البطولة فيها السيسي نفسه. فيمتنع عن الترشح، سواء أكان ذلك حتى نهاية الجدول الزمني، أو حتى مرحلة متقدمة منه، وما قد يتبع ذلك من تفاعلات، وقد يمتنع عن التقدم بطلب إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

هذه هي الأدوار الممكنة للجيش المصري في الانتخابات الرئاسية، وقد يكون مفيداً النظر إليها مرة أخرى مع كل مرحلة من الانتخابات. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.