fbpx

ليبيا: وقائع مذهلة تكشفها “وثائق بريديتور” عن أدوار فرنسية لتعزيز نفوذ حفتر الحافل بجرائم الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“وثائق بريداتور” تكشف عن تدخلات من قبل المدعي العام لشؤون الإرهاب ووزير الاقتصاد في فرنسا لتعطيل التحقيق بعقود بيع أجهزة تنصت فرنسية لحكومة خليفة حفتر المتهم بارتكاب جرائم حرب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رصاصتان بالرأس.. نهاية حامل أسرار متهم بجرائم حرب 

في الخامس عشر من شهر آذار /مارس من عام 2021 كان محمود الورفلي في سيارته المصفّحة عندما قتل برصاصتين في الرأس. هذه نهاية الضابط السابق في جيش معمر القذافي، الذي التحق بقوات الجنرال خليفة حفتر، كرجل المهمات الوسخة، وصولاً الى اتهامه بجرائم حرب من قبل محكمة الجنايات الدولية في العام 2018.

رجّح مطلعون على الشأن الليبي حينها أن تكون عملية اغتيال الورفلي تصفية داخلية، قيل أن من نفذها أبناء حفتر. تورطهم المباشر من عدمه يمكن أخذه بعين الاعتبار، ولكن ترجيح أن يكون حفتر او مقربون منه وراء العملية أكثر من منطقي لتوفر الدافع و الوسيلة.

 قتل الورفلي بعد خمسة أيام فقط من توقيع الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني بين خليفة حفتر وخصومه في طرابلس، مقتل الورفلي يعني أن الشاهد على الجرائم التي ارتكبها حفتر صار عبئا يستحسن التخلص منه. أما طريقة التنفيذ فكانت مريبة، فمن قتل الورفلي داخل سيارته، لا بد أنه مقرباً منه، شخص حائزا على ثقته و على دراية بالتدابير الأمنية التي يتخذها في تنقلاته.  موت الورفلي كان خطوة باتجاه تثبيت مرحلة سياسية جديدة، تطوي صفحة الجرائم التي ارتكبها، وتفضح أسرار لم تكن متداولة سابقاً.

تكشف “وثائق بريديتور” أنه قبل أشهر قليلة من مقتل الورفلي، في تشرين الثاني من العام 2020، وقعت حكومة خليفة حفتر ربعة عقود بقيمة 3.3 مليون يورو مع شركة NEXA الفرنسية لشراء أجهزة تنصت، من بينها تقنيات تنصت على هواتف الأقمار الصناعية Thuraya فضلاً عن تقنيات متطورة للتنصت على الانترنت والهواتف الذكية. الدفعة الأولى وقيمتها 100 ألف يورو تم تسديدها في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته. اسم الشخص الذي وقع على العقد هو احمد الورفلي، شقيق محمود.   

عراقيل “رسميّة” بوجه القضاء الفرنسي 

 داهمت الشرطة الفرنسية  في 15 حزيران/ يونيو من عام 2021 مكاتب شركة نيكسا و بيوت مدرائها الذين تم توقيفهم والتحقيق معهم، بخصوص نشاط الشركة في ليبيا بعد عام 2011، إذ يواجهون حالياً تهمة “التآمر على التعذيب”، ولكنهم يتمتعون بقرينة البراءة.  

سبق توقيف مدراء نيكسا أشهر من التحقيقات التي قامت بها قاضيتي التحقيق  Stephanie Tacheau و Ariane Amson في سياق دعوى رفعتها منظمات حقوق إنسان  فرنسية ضد شركة Amesys  (الأسم السابق لنيكسا) في العام 2012 بتهمة “التآمر على التعذيب”، لأن Amesys،  قامت ببيع أجهزة تنصت ومراقبة الانترنت لنظام معمر القذافي.  

عام 2020، قبل عام على صدور قرار الادعاء على نيكسا و مدرائها اكتشفت القاضيتان أن الشركة وعلى الرغم من العقوبات الأوروبية المفروضة على ليبيا،  قامت الشركة ببيع أجهزة جديدة لصالح الجنرال حفتر، وريث القذافي المتهم بجرائم حرب.  

تقدمت القاضيتان بطلب للتوسع في التحقيق عند اكتشافه هذه المعلومات، لكن هذا المسار تم تعطيله من قبل مكتب المدعي العام لشؤون الإرهاب Jean-François Ricard و وزير الإقتصاد Bruno Le Maire  .

رفض مكتب المدعي العام في شؤون الإرهاب إعطاء المحققين الأذن للتوسع في التهم جديدة وهي “المشاركة باتفاقية أو تشكيل مجموعة بهدف ارتكاب جرائم تعذيب واخفاء قسري في ليبيا”، و بموجب ذلك يسمح للقضاة الاستمرار بتفحص الملفات التي حصلوا عليها سابقا، من دون أن يكون لهم الحق بالاستمرار بالتحقيق و الحصول على معلومات جديدة عبر استدعاء الشهود أو الاستجوابات أو البحث أو التنصت. 

سمح المدعي العام من جهة أخرى بالاستمرار في التحقيق  بشبهة خرق العقوبات المفروضة على ليبيا، لكن تعطيل التحقيق هذه المرة  جاء من قبل وزارة الاقتصاد، التي يفترض أن تتقدم بشكوى موقعة من قبل وزير الاقتصاد. لكن هذه الرسالة لم توقع، وبعد 9 أشهر من الانتظار والمماطلة، تمكنت القاضيتان من الحصول على إذن المدعي العام لشؤون الإرهاب في تهمة أقل خطورة، ولا تتطلب إذن الوزير وهي “التصدير من دون تصريح لمواد محظورة.” 

الأليزيه و وزارة الاقتصاد لم يجيبا على اسئلتنا حول الموضوع. 

ليبيا لعنة تلاحق السياسيين الفرنسيين  

عام 2007 كانت نيكسا تدعى Amesys، وتمكنت من الاستفادة من علاقة نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي حينها، مع معمر القذافي، وباعت لنظام العقيد ، رئيس الجماهيرية الليبية،  نظام التجسس والمراقبة الذي يحمل اسم “إيغل”،  النظام الأول القادر على مراقبة  الإنترنت  بشكل كامل، أي على مستوى شعب بأكمله.

 الوسيط  الليبي حينها كان عبد الله السنوسي (المدان في فرنسا  بالسجن مدى الحياة لتورطه بتفجير طائرة فرنسية 1989 راح ضحيتها 170 شخصاً) الذي سهلّ تحويل 5 ملايين يورو إلى وسيط ساركوزي زياد تقي الدين، رجل الأعمال الفرنسي اللبناني. 

“الوساطة” السابقة واتهام ساركوزي نفسه بتلقي مبلغ نقدي من القذافي لتمويل حملته الانتخابيّة عام 2007 ، تركت “ساركو” في وضع محرج، واتهامات بالفساد  مع ثلاثة من وزرائه وملاحقة قضائية مستمرّة. 

ما حرك الدعوى القضائيّة  ضد نيكسا تقارير صحفية تلت سقوط القذافي، كشفت عن هذه المعلومات، بعد أن قامت منظمتي حقوق إنسان فرنسيتين، برفع دعوى ضد نيكسا ( Amesys سابقاً)، لكن تغيير الشركة لاسمها، وسقوط القذافي، والملاحقة القضائية، لم تخفف من حماسة الشركة للتعامل مع ليبيا.

قبل نيكسا كانت AMESYS و قبل ماكرون و حفتر كان ساركوزي والقذافي، و قبل سيريبرو كان إيغل، عدا ذلك، التفاصيل تكاد تكون متطابقة، وخلاصتها أن فرنسا ساعدت الديكتاتور القذافي في التنصت على شعبه، ثم قدمت تجهيزات لحفتر، المتهم بجرائم حرب في مرحلة ما بعد فشل الربيع العربي. الإضافة التي تكشفها وثائق Predator Files هي أن الشركتين المعنيتين هما شركة واحدة بتسمية جديدة،  تسمح بتجنب الملاحقات القانونية.    

“وثائق بريديتور” تحقيق استقصائي نتج عن ملفات ووثائق سرية بالمئات حصل عليها موقع ميديابارت  Media Part الفرنسي وصحيفة دير شبيغل Der Spiegel الألمانية، وعمل عشرات الصحافيين على تحليلها على مدى أشهر بالتعاون مع تحالف الصحافيين الاستقصائيين European Investigative Collaborations EIC في أوروبا، وشركاء آخرين من بينهم موقع “درج” بمساعدة تقنية من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية “أمنستي”.

هذه التكنولوجيا نفسها، استخدمها القذافي حين اندلاع الاحتجاجات ضده عام 2011، للتنصت والتجسس على المعارضين والصحفين، واعتقالهم وأحيانا تعذيبهم، وهي التهمة الموجهة لـAmesys، التي غيرت اسمها إلى “نكسا” بعد ملاحقتها قضائياًً، وغيرت اسم النظام من “إيغل” إلى “سيريبرو”.

من بين الوثائق التي اطلعنا عليها، رسالة تعود إلى العام 2013، تظهر أن الشركة استمرت بالاستثمار في ليبيا على الرغم من العقوبات الأوروبية، إذ تجاوزت نيكسا قرار منع بيع أسلحة لليبيا  الصادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة، والذي تم التصويت عليه في شباط من العام 2011، وتجاهلت أن أجزاء كبيرة من ليبيا سقطت في يد الميليشيات المتناحرة وأمراء الحرب و التنظيمات الإسلامية المتشددة.

يقول ممثل المبيعات لدى نيكسا في إحدى الرسائل القصيرة التي تعود إلى عام 2013: ” منذ سقوط القذافي..فقدت ليبيا نكهتها..”، وأرفق الرسالة بصورة لإطلالة الفندق الذي يقيم فيه في طرابلس. هدف الزيارة كان بيع نظام سيريبرو للتجسس للنظام الجديد، ضمن عملية اسمها “فينكس”. إشارة رمزية هنا إلى طائر العنقاء الذي يبعث  من رماده، وكأن نيكسا تريد بعث صفقاتها الماضية مع القذافي، لكن هذه المرة مع ديكتاتور آخر.

لم يتمكن ممثل المبيعات زيارة المكاتب التي تحوي نظام “إيغل “الذي تم تثبيته قبل الحرب، وأبدى نوعاً من الخوف في رسالة قصيرة، جاء فيها ” هناك أصوات إطلاق رصاص في كل مكان…الجميع مسلحون عدا أنا”، واشتكى لاحقاً أفي شهر أيلول من ذات العام، ن الوسيط الليبي يتحدث عن منتجات الشركة بشكل ملفت للنظر، يقول مدير المبيعات ” إن وقت هذه المعلومات بيد الصحفيين فسنكون في ورطة”، لكن يبدو أن العملية فشلت حينها على الرغم من لقائه مع “أخو رئيس الجمهوريّة”.

من بين الوثائق التي اطلعنا عليها، رسالة تعود إلى العام 2013، تظهر أن نيكسا استمرت بالاستثمار في ليبيا على الرغم من العقوبات الأوروبية، وتجاهلت أن أجزاء كبيرة من ليبيا سقطت في يد الميليشيات المتناحرة وأمراء الحرب والتنظيمات الإسلامية المتشددة.

حفتر..الغنيمة الجديدة

عادت نيكسا إلى ليبيا مع وصول الجنرال حفتر إلى السلطة، وتم التواصل لأول مرة عام 2015، بين ممثلين عن حفتر ومدراء من نيكسا، في جناح الشركة الخاص في مؤتمر دولي للتجارة عقد في دبي.

سيرة حفتر المريبة لم تخفف من حماس نيكسا، فالجنرال الذي كان مقرباً من القذافي ثم انتقل إلى المعارضة في الثمانينات، عاد إلى ليبيا من الولايات المتحدة عام 2011، وأصبح قائد الجيش الوطني (ميليشيا نصبت نفسها كسلطة أمر وقع شرق ليبيا)، ثم جزء من حكومة الوفاق الوطني التي اعترفت بها الأمم المتحدة عام 2015،  والتي انقلب عليها عام 2020 تحت ذريعة “تفويض الليبيين له في قيادة البلاد وإسقاط الاتفاق السياسي الليبي”.

يتبنى حفتر خليطاً من القومية العربيّة والعشائرية، يقف إلى جانبه أنصار القذافي والمعادين للإسلاميين، هو مدعوم من عدد من الدول، خصوصاً الإمارات المتهمة بـ”تمويل الحرب في ليبيا”، ومصر التي لم تتردد  في استخدام طائرات الرافال التي اشترتها من فرنسا من أجل تنفيذ عمليات عسكرية لصالح حفتر عام 2019، ناهيك عن دعم ميليشيا فاغنر الروسيّة له، بينما يصف المدعي العام لمحكمة الجنايات الدوليّة “عملية الكرامة” التي أطلقها حفتر عام 2014، بـ”جريمة حرب”،  كما تطاله تهم بـ”التعذيب” في فرنسا.

تسارعت وتيرة العلاقات بين حفتر ونيكسا عام 2017 ، فأثناء مؤتمر  Milipol  العالميّ للأمن والسلامة، الذي يقام في باريس تحت رعاية وزارة الداخليّة، ظهر اسم جلال ديرا (وسيط كان يبيع السلاح الفرنسي للقذافي ووضع نفسه تحت خدمة من تلاه)، ضمن ملف تجاري مختوم بـ”سريّ”، يحوي كيف  نقل ديرا  لممثلي نيكسا اهتمام حفتر بالتكنولوجيا التي يبيعونها.

لم ينف ديرا تواصله مع NEXA في باريس أثناء المؤتمر، وأضاف أنه لم يكن له أي علاقة بأي من العمليات المالية الخاصة بالشركة أو الجنرال حفتر و “ليس له اية علاقة بأي خرق لأي حظر على ليبيا او في اي مكان اخر”.

زار الجنرال حفتر باريس عام 2017، استقبل بحفاوة رسميّة، ونراه في صورة ضاحكاً يداً بيد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل مكارون، أثناء قمة عقدت في أحد ضواحي باريس الراقيّة (La Celle Saint Cloud )، وبعدها بفترة وجيزة، تمنى له لو دريان، وزير الخارجية الفرنسي، “النصر” حسب ما جاء في صحيفة الفياغرو الفرنسيّة.

أطلق حفتر مطلع عام 2019 حملة عسكرية واسعة للسيطرة على غرب ليبيا  وإسقاط الحكومة فيها، وفي نيسان من ذلك العام وصلت قواته إلى أبواب العاصمة طرابلس، وبينا القتال محتدم،  أرسلت NEXA الى حفتر في تشرين الثاني/ نوفمبر من ذلك العام عرضاً تجارياً من 41 صفحة،  لواحد من أقوى التقنيات التي صممتها شركتها الشقيقة Intelexa،  الذائعة الصيت بسبب تطوير برنامج Predator للتجسس على الهواتف الذكية.  

عرضت نيكسا  أيضاً على حفتر  مقابل 9 ملايين يورو، نظام AlphaSpear 360 ، وهو شاحنة قادرة على خرق الهواتف عبر إصابتها بـ”بريداتور” ضمن دائرة مساحتها حوالي ال500  متر،  وبريداتور في نسخته  هذه مطوّر عن الإصدار الأول، إذ يعمل ضمن مقاربة “صفر نقرة”، أي لا داعي أن ينقر المستخدم على أي رابط من أجل تفعيله، التقنية ذات الفوائد الكبيرة في المعارك.

تردد حفتر تجاه العقد بعد سقوط فشل العسكرية، وعودة جنوده الى بنغازي في حزيران 2020، لكنه وقع العقد مع نيكسا وحصل على معدات تجسس وقرصنة بقيمة 3.3 مليون يورو، من ضمنها نظام التنصت على هواتف الثريا، وأخرى تتيح التنصت على المكالمات التي تتم عبر الانترنيت، حصلت نيكسا في كانون الأول/ ديسمبر من ذاك العام على مئة ألف يورو كدفعة أولى.

وقع العقد مع نيكسا أحمد الورفلي، أما أخوه محمود، فهو واحد من ضباط حفتر المقربين، ومتهم بارتكاب جرائم عدة، إذ أصدرت محكمة الجنايات الدولية بحقه عدة مذكرات اعتقال، أمر محمود عام 2016 بإعدام 33 شخصاً، وقام بنفسه بإعدام 10 رمياً بالرصاص  أمام مسجد في بنغازي عام 2018.

اعتقل أحمد الورفلي في ليتوانيا لفترة قصيرة عام 2019، كجزء من تحقيقات تقوم بها محكمة الجنايات الدولية ضد أخيه، رفض أحمد التعاون، بينما أخوه محمود، قتل بشكل غامض في حزيران عام 2021 من قبل رجال مسلحين لم تحدد هويتهم.

اللعب مع العقوبات في دبي

تابعت نيكسا أعمالها، وأعطى مديرها الضوء الأخضر لإتمام الصفقة مع حفتر عام 2021، لكنها تسعى لإيجاد طريقة  لإيصال المنتجات إلى ليبيا، التي تخضع لعقوبات تمنع بيع الأسلحة لها. لكن،  لا يبدو الأمر صعباً بالنسبة للشركة و مدرائها. تكشف  التسجيلات التي حصلت عليها الشرطة الفرنسية (بطريقة رسمية و بإذن من المدعي العام) عن محادثات توضح الأساليب الملتويّة التي لجأت إليها الشركة للالتفاف على الصعوبات.

تجاوز العقوبات وحظر بيع الأسلحة، هدفه تجنب تقديم طلب للجانب الفرنسي من أجل الحصول على ترخيص رسمي، تم مناورة هذا الطلب  عبر توقيع العقد من قبل شركة  AMES  الشقيقة لنيكسا والتي مقرها دبي. ولمزيد من التمويه، وقع العقد مع شركة اماراتية أخرى مقرها دبي واسمها AR Global Group، قامت هي بدورها ببيع المعدات إلى ليبيا.

يقول مدير نيكسا ستيفان ساليس في مكالمة هاتفيّة ” “سألنا سلطة مراقبة الصادرات في دبي وقالوا لنا أنه في حال استخدمنا شركة وسيطة اماراتية فهم لن يطلبوا منا أي شيء على الإطلاق” ويضيف “كما لن يكون هناك علاقة مباشرة بين البلد (ليبيا) و بيننا”.

وقع في أيار/ مايو عام 2021 ما لم يكن في الحسبان، رفضت ليتوانيا  منح ترخيص بتصدير بعض المعدات المصنعة محلياً، والضرورية لمنتجات نيكسا. بعد ثلاثة أيام، في 21  من أيار/ مايو، اتصل ستيفان ساليس بكاي هوفت (محام ألماني متخصص بقوانين التصدير)، ودارت بينها المحادثة التالية:

ساليس: “لدينا طلب من بلد سيئ للغاية.. هل ممنوع التعامل معه بشكل كامل؟”.

هوفت:  “نعم..هناك حظر بيع للأسلحة…الجيش الوطني الليبي كيان عسكري…منتجات نيكسا تصنف ضمن المنتجات الممنوعة بيعها لهذا الكيان..”

أصرّ مدير نيكسا على إيجاد حل، علماً أن المحامي قال له “انس الأمر”، وشرح خطته للمحامي، التي تقوم على أساس “شركة وسيطة في دبي”،.لاحقاً أخبر ساليس المحامي عن خطة جديدة، هناك “موّرد في انكلترا جاهز لتنفيذ البيع والتسليم”. يخبره المحامي حينها أنهم بحاجة لرخصة تصدير بريطانية، ولتفادي هذه العقبة يقترح المحامي خطة جديدة.

الخطة التي اقترحها المحامي الألماني مفادها أن تقوم نيكسا باحضار المواد مفرقة إلى دبي وتجميعها هناك ثم إعادة تصديرها، وفي هذه الحالة لا حاجة لرخصة، بعدها يتم  التصدير من الإمارات، ولن يكون ضروري حينها أيضاً التصريح عن هوية المستخدم الأخير أمام السلطات في المملكة المتحدة، يعلق ساليس على الخطة، ” فهمت…الامر سهل على ما أظن”. لم تتم الصفقة، بسبب مداهمة مقرات الشركة والتحقيق مع مدرائها.

استجوب المحققون في فرنسا الرجل الثالث في الشركة رونو روك Renaud Roques ، الذي قال أنه سمع عن موضوع ليبيا، ولكنه “لا يملك معطيات تسمح له أن يعرف ما إذا كانت ليبيا خاضعة لعقوبات”، كما رفض إعطاء أي معلومات عن ستيفان ساليس، متذرعاً بـ”سرية العقود”، كما رفض إعطاء أي أجوبة فيما يخص عقود حفتر. 

سأل المحققون رونو روك أيضاً عن الحديث مع المحامي، فأجاب “كان يحاول أن يجد حلاً قانونياً للتصدير”، وأضاف أن المعدات موجودة حالياً في دبي، بانتظار صدور تراخيص التصدير، وهي على هذه الحالة منذ ثلاثة أشهر” مؤكداً أنه بانتظار الحصول على التراخيص.

أظهر تقرير الشرطة الذي يلخص الاستجواب، أنهم واثقون بشكل قطعيّ، بأن “المعاملات التجارية تمت على رغم العقوبات، ونقلت المعدات عبر عدة طول لتفادي حظر بيع الأسلحة”، كما يشير التقرير إلى “حقائق جليّة” وصل إليها المحققون.

في ردهما على الأسئلة التي أرسلتها ميديا بارت، قال ساليس و بوهبو:” لم تصل أي معدات إلى حفتر في ليبيا”، ورفضوا التعليق حول أنشطتهم هناك.