fbpx

الخطة السابعة للتنمية في إيران: اقتصاديات “التجسّس” وأنظمة المراقبة على المواطنين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مخاوف عدة وملحّة ترافق خطط الحكومة الإيرانية، التي تهدف إلى جمع معلومات وبيانات عن المواطنين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مخاوف عدة وملحّة ترافق خطط الحكومة الإيرانية، التي تهدف إلى جمع معلومات وبيانات عن المواطنين. فالقانون الذي صادق عليه البرلمان الإيراني، أخيراً، تحت مسمى “الخطة السابعة للتنمية”، يضمّ بنوداً غامضة تعكس محاولات قصوى للتسلل إلى خصوصية الإيرانيين ومراقبة أفكارهم أو “التفتيش في عقائدهم”.

تتوسّع حيل النظام الإيراني تجاه الهيمنة الثقافية وفرض نظامه القيمي السلوكي والمعرفي على المجتمع. وعلى رغم الحراك السياسي والاحتجاجات، منذ مقتل مهسا أميني على يد أفراد دورية “شرطة الأخلاق”، إلا أنّ الإدارة السياسية والأمنية لفرض نمط إسلامي متشدّد تتوحش وتتمدّد قبضتها من دون تراجع أو انحسار. وتصطدم رؤية “آيات الله” التي تتحقق بالقمع والإكراه، برغبة عارمة حقوقية ونسوية تطالب بالإصلاح الجذري. وفي ما يبدو أنّ الحكومة في طهران تواصل سياستها الراديكالية وتطبيق مقاربتها التي تستمد شرعيتها من رجال الدين والنفوذ الحوزوي لتنحية أيّ قوى تبتعد أو بالأحرى لا تتماهى مع خط المرشد الإيراني والحرس الثوري. 

هذا التحالف المتين الذي يتّخذ صورة عسكرة “الولي الفقيه” و”أمننة” المجتمع، نتيجته، حتماً، مواجهة مدنية هذا المجتمع ببرامج رقابية عنيفة لها جناحها التأديبي من خلال قوى الشرطة. فضلاً عن استمرار تحويل النظرية الدينية في الحكم، بنسختها الخمينية، الى أجندة سياسية. فتتحوّل الأجهزة الثقافية المسيّسة إلى وسائل إكراه تحقق رؤية السلطة وتنفذ قناعاتها وحقائقها الأيديولوجية حتى لو راكمت أجساداً متهالكة ضعيفة ومنبوذة أو اقتحمت خصوصية الأفراد من دون هامش تحظى فيه بإرادتها. صناعة العنف بحق المواطنين لن تكون تبعاً لهذا الوضع حدثاً طارئاً بل إنّ مسألة تولّي الحكومة الثقافة بهذا المستوى ستساهم في التنظير للممارسات العدوانية واستعمال آليات القهر.  

في أعقاب ظهور القانون والمصادقة عليه من البرلمان الإيراني، بدا أنّ “الهاجس الأمني” يمثل العامل الرئيسي الذي أرغم النظام على تطبيق بنوده، كما ألمحت صحيفة “توسعه إيراني”. بل يماثل هذا الدور المشبوه في الرقابة والتجسس سياسات الصين (جانب مهم من تكنولوجيا الرقابة والتجسس في إيران هي بوسائل وتقنيات صينية) التي تضع على عاتقها مهمة مراقبة المواطنين في تحركاتهم ونشاطاتهم كافة. 

الانعطافة الحادة التي شهدتها إيران بعد احتجاجات أيلول/ سبتمبر العام الماضي، كشفت عن عمق الهوة الثقافية التي تفصل النظام ورؤيته عن نمط حياة غالبية المواطنين الساعين الى حياة عادية خارج الرقابة والقيود. ومع فشل النظام خلال أربعة عقود في فرض أنماط متشدّدة على المجتمع وتعميم الأسلمة، فإنه يضطر إلى “خطط التجسس” و”الرقابة”. 

بناء على اتفاقية التعاون الممتدة لـ25 عاماً بين بكين وطهران، تقايض الأخيرة النفط، الذي ستحصل عليه بأسعار مخفضة بإمدادات منتظمة خلال هذه المدة، بتكنولوجيا التتبع والمراقبة الصينية. وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، تطوق كاميرات المراقبة وعددها 15 مليوناً نحو 28 مدينة إيرانية. وهي كاميرات مزوّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهل التحقق من الوجوه. ويتم استخدامها في قمع النسويات المعارضات للحجاب وملاحقتهن في الشوارع والجامعات ومحطات المترو.  

المادة 75 من “الخطة السابعة للتنمية” تتيح الحق للسلطات الإيرانية في الوصول الى أدق البيانات والمعلومات والتفاصيل بشأن المواطنين، بما في ذلك نشاطاتهم التسويقية الإلكترونية. وسيتعيّن لاحقاً تدشين برنامج اسمه “رصد طرق الحياة” مع تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي كافة لتحقيق الأهداف المطلوبة من القانون الجديد. لكنّ النظام في إيران برر هذه الخطوة الجديدة بأنّها لغرض التوصل إلى “نسبة الروحانية وطريقة حياة المواطنين للتخطيط والبرمجة الثقافية في المستقبل”.

يشكّك كميل البوشوكة، الباحث المتخصّص بالشأن الإيراني في معهد الحوار للدراسات والأبحاث، مقره كندا، في قدرة النظام الإيراني على تحقيق كثير من الجوانب التنموية المعروضة في المشروع، موضحاً لـ”درج” أنّ الموارد المالية الإيرانية تبدو محدودة في ظل استمرار العقوبات الأميركية. ومن هنا، تركز إيران فقط على قطاع النفط والغاز في خطة التنمية السابعة، وتزعم أنّ الهدف من هذا المشروع هو معالجة أكبر المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد ومعالجة فشل خطط التنمية عموماً، إذ يواجه قطاع الصناعة البترولية تحديات كبيرة.

 إلا أنّ سياسات خطة التنمية الإيرانية، في الحقيقة، لا تقدم نمطاً واضحاً للتنمية والتحوّل في القطاع الاقتصادي، لأنّ إيران بحاجة هائلة إلى استثمار مليارات من الدولارات (أشار الاقتصاديون الإيرانيون إلى 250 ملياراً) لتنمية الاقتصادات في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك تطوير مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات. ومن المتوقع أن إيران لا تستطيع الوصول إلى هذه الأموال لأسباب مختلفة، منها استمرار السياسة الخارجية الحالية بالشكل الذي قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل المتعلقة بأزمة الطاقة على خلفية الصراع مع الدول الإقليمية والغربية. كما لا يوجد تشجيع لأي مستثمر في العالم على تحويل أموال إلى دولة غير مستقرة سياسياً وأمنياً مثل إيران.  وتمنع العقوبات الأميركية على إيران تطوير صناعة النفط وأي استثمار أجنبي في أيّ قطاع اقتصادي في إيران، يقول البوشوكة.

ويلفت البوشوكة، إلى أنّ إيران بعد انتهاء الحرب مع العراق عام 1988، قررت القيام بمشاريع لتطوير اقتصاد البلاد. وبالفعل، أنهت 6 مشاريع اقتصادية كما تزعم، والمشروع الحالي هو السابع. ولكن الواقع يؤكد غير ذلك، إذ إن مشاريع عدة منها لم تُنفَّذ مطلقاً لأسباب سياسية واقتصادية، مرجحاً أن هذا المشروع هو في الغالب “مشروع أمني” وليس اقتصادياً، فإيران” تعلم أنّ البلاد لا تستطيع أن تزدهر في أي مشروع اقتصادي بسبب العقوبات الأميركية. وتعتزم إيران مراقبة رأي الناس الشخصي من خلال هذا المشروع”. 

لذلك، يهدف النظام من خلال هذا المشروع (خطة التنمية السابعة) إلى كسب المال ليتمكن من مواصلة سياساته الإقليمية والداخلية، إذ إنّ النظام لا يريد مواجهة أزمة أخرى كما حدث في أيلول 2022، بعد اغتيال مهسا أميني. وهذا يدل على أنّ لهذا المشروع تداعيات على كل المجتمع من الناحية الحقوقية، وفق المصدر ذاته، وتحديداً المواطنين في داخل إيران ثم الإعلام الموجّه الى المواطنين من الخارج (مثل إعلام المعارضة) وبدرجة أقل التيار الإصلاحي.

ومع الحقائق الاقتصادية التي تفضح الشروخ الهيكلية في الاقتصاد الإيراني، وحجم الأزمات البنيوية التي لا تسعف الحكومة في تبني أيّ خطط تنموية أو معالجة للوضع المتدنّي، فإنّ خطة التنمية الغامضة وبما فيها من بنود تتعلق بالتجسس على المواطنين، تؤكد مقاربة النظام التي تضع الأمن أولوية على أي جانب آخر. ففي مشروع قانون الميزانية، الذي أُقرّ في آذار/ مارس الماضي، تضاعفت النفقات المخصصة للحرس الثوري والقوات المسلحة. وقد خُصِّص نحو 52.5 مليون دولار أميركي تقريباً. هذه الزيادة جاءت في ظل انخفاض معدلات النمو وارتفاع التضخم الذي تجاوز 40 في المئة، واحتياج قطاعات عدة الى موارد، منها قطاع صندوق المعاشات مثلاً، والتي تغطي قرابة 25 مليون متقاعد.

وفي نهاية العام الماضي، كشفت وثيقة حصل عليها موقع The Intercept، تطوير النظام الإيراني قدراته في تتبّع اتصالات المواطنين وهواتفهم ومراقبة نشاطاتهم وتحركاتهم كافة، فضلاً عن إمكان تعطيل الرسائل والمكالمات. وتزامن تطوير تكنولوجيا التجسس في إيران مع تنامي الاحتجاجات في خريف العام الماضي، إذ اعُتمد نظام siam، ويعني النظام الشامل الذي يمكّن النظام من ربط الهواتف وتطبيقات التواصل الاجتماعي بهوية الأفراد والوصول الى جميع البيانات والمعلومات عنهم، والتعرف على المشتبه في نشاطاتهم المعارضة.

ترسانة القوانين والأجهزة المعنية بالرقابة وملاحقة المواطنين، تجعل إدارة القمع بهذا المستوى عملاً مؤسسياً، يتجاوز الانتهاكات الفردية، بخاصة مع وجود هيئة متخصّصة بالفضاء السيبراني تأسست بقرار من المرشد الإيراني والمسؤولة عن فرض هيمنة تامة على مجالات الاتصالات بالبلاد. فباتت هناك بنية تحتية قوية وصلبة للفضاء الإلكتروني خاضعة للسيطرة والتحكم والنفوذ الأمني عبر أنظمة مراقبة متطوّرة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.