fbpx

كرة القدم الأوروبيّة… أزمة التضامن مع فلسطين تفتك بها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وإن كان حجم التضامن مع أوكرانيا في أوروبا مفهوماً، فهو بطبيعة الحال أعلى من حجم التضامن مع فلسطين أو أي بلد تندلع فيه حرب، لأسباب سياسية وجغرافية عدة. لكن، أن تعاقب هذه الأندية والاتحادات من يتضامن مع فلسطين، وتعتبر حمل العلم الفلسطيني معادياً للسامية، فهذا ما لا يمكن فهمه…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كرة القدم أكثر من مجرد لعبة”، لطالما استُعمل هذا المصطلح للتعبير عن ماهيّة لعبة كرة القدم، ليس فقط في أرض الملعب، بل خارجه، بسبب التأثير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تحظى به اللعبة الأكثر شعبيةً في العالم.

أثر هذه اللعبة ودور مشجعيها يتضح وفي الحرب الحاصلة حالياً على غزة، فقبل فيديو محمد صلاح، ظلّ الجمهور العربي وجمهور صلاح، منتظرين ما سيقوله الأخير حول الحرب، فيما لم ينتظروا أو يطالبوا رؤساء دولهم، وإنما لاعبهم المفضّل وأيقونتهم و”فخر العرب”، وطالبوه بموقف يشبه موقفهم.

بالعودة إلى كرة القدم، فهي “إنسانية” بشكل أساسي، ولم يمر حدث عنصري أو سياسي، إلا وكانت الملاعب الأوروبية بخاصةً، متضامنة معه، فعندما قتلت الشرطة الأميركية جورج فلويد، عام 2020، أظهرت كرة القدم تضامناً واسعاً مع ذوات البشرة السوداء في أميركا، ومذاك وحتى اليوم لا تزال الركعة الشهيرة التي تشير إلى رفض العنصرية معتمدةً في الملاعب الأوروبية قبل بدء المباريات.

بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، لم يبقَ ناد في أوروبا تقريباً ولم يعلن تأييده وتضامنه مع أوكرانيا، كما أقرّ الاتحاد الإنكليزي حينها دقيقة تصفيق قبل كل مباراة. وخلال مباريات دوري أبطال أوروبا، كان لاعبو الفريقين يرفعون لافتات  “Stop war”، قبل بداية المباريات، مع اجتياح أعلام أوكرانيا المدرجات، وكان قادة الأندية الأوروبية يضعون علم أوكرانيا كشارة القيادة على يدهم، مثل قائد بايرن ميونخ حينها ولاعب برشلونة الحالي البولندي روبيرت ليفاندوفسكي.

وإن كان حجم التضامن مع أوكرانيا في أوروبا مفهوماً، فهو بطبيعة الحال أعلى من حجم التضامن مع فلسطين أو أي بلد تندلع فيه حرب، لأسباب سياسية وجغرافية عدة. لكن، أن تعاقب هذه الأندية والاتحادات من يتضامن مع فلسطين، وتعتبر حمل العلم الفلسطيني معادياً للسامية، فهذا ما لا يمكن فهمه، إذ إن تصرّف أندية أوروبية، بخاصةً ألمانية وفرنسية، تجاه لاعبين تضامنوا مع فلسطين، هو التمييز بحدّ ذاته، على رغم أن هذه الأندية تدّعي محاربة العنصرية دائماً، والتي يعاني منها لاعبون كثر في أوروبا.

في ألمانيا، فتح نادي “بايرن بيونخ” تحقيقاً بشأن لاعبه الدولي المغربي نصير مزراوي، بعد كتابته منشوراً على “إنستغرام” بعد هجوم 7 تشرين الأول، قال فيه: “الانتصار لإخواننا المضطهدين في فلسطين”، الى جانب فيديوات أخرى، ليعود ويحذفها جميعاً بعد موجة غضب عارمة في ألمانيا من مشجعين وسياسيين طالبوا بفسخ عقد الدولي المغربي فوراً. ولكن النادي أصدر بياناً في 20 من الشهر نفسه، جاء فيه: “أجرى نادي بايرن ميونخ محادثة مفصلة وواضحة مع نصير مزراوي هذا الأسبوع”، حول منشوراته على “إنستغرام” في ما يتعلق بالإرهاب ضد إسرائيل قبل أسبوعين تقريباً، ما أدى إلى غضب وانتقادات.

وقال جان كريستيان دريسن، الرئيس التنفيذي للنادي: “أكد لنا مزراوي بمصداقية، أنه كشخص محب للسلام يرفض الإرهاب والحرب بشكل حازم، ولم يقصد أبداً التسبب في أي إزعاج من خلال منشوراته. في المقابل، أعلن مزراوي: “إنني أدين كل الإرهاب والمنظمات الإرهابية”.  

كذلك، جاء في بيان النادي البافاري موقف واضح من الحرب ووقوفه إلى جانب إسرائيل: “يقف نادي بايرن ميونخ إلى جانب الجالية اليهودية في ألمانيا وإلى جانب إسرائيل؛ لا شيء يبرر قتل الأطفال والعائلات”.

وأكد البيان أن المزراوي لن يتعرض للإيقاف، وهذا بالطبع بعد حذف منشوراته، والضغط عليه بفسخ عقده، واستحصال بايرن ميونخ منه على إدانة لما فعلته “حماس”، وهو للمناسبة، الأمر نفسه الذي تعرض له سفير فلسطين في بريطانيا حينما استقبلته وسائل إعلام غربية، وكان السؤال الأول الموجّه إليه: “هل تدين ما حصل في إسرائيل؟”.

في ألمانيا أيضاً، رفض لاعب كرة القدم المغربي – الهولندي أنور الغازي، التراجع عن دعمه لفلسطين والحرب على غزة، وسط ضغوط من ناديه ماينز 05 الألماني، الذي طلب منه نشر فيديو يعتذر فيه عن موقفه، بحسب ما قال والده.

وأعلن النادي عن إيقاف الغازي، وهو يتّجه ربنا الى فسخ عقده بحسب ما أشارت إليه تقارير صحافية. في حين أن اللاعب قرر ترك ألمانيا والعودة إلى هولندا. وكان الغازي قد كتب في منشوره الذي حذفه بعد الضغط الجماهيري عليه: “إنها ليست حرباً. عندما يقوم طرف بقطع المياه والغذاء والكهرباء عن طرف آخر، فهذه ليست حرباً. عندما يملك طرف أسلحة نووية، فهذه ليست حرباً”، وختم منشوره قائلاً: “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”.

كذلك، تعرّض اللاعب التونسي عيسى العيدوني لحملة شرسة في ألمانيا من جمهور ناديه يونيون برلين، ومطالبات بفسخ عقده، لكن يبدو أن النادي دافع هذه المرة عن لاعبه، ولم يتم إيقافه، بل على العكس، نشر النادي مجموعة صور للاعبيه، ومنهم العيدوني في تدريبات الفريق، في 20 تشرين الأول، واختار له صورة يرفع فيها علامة النصر!.

يختلف فريق يونيون برلين عن باقي أندية ألمانيا، سياسياً واقتصادياً، ولطالما احتاج الدعم المادي من جماهيره ليبقى صامداً. ففي عام 2008، عمل 2333 رجلاً وامرأة ــ غالبيتهم من المتطوعين مشجّعي الفريق ــ لأكثر من 140 ألف ساعة لتحويل ملعب ألتي فورستيري من حطام متهدم إلى واحد من أكثر ملاعب كرة القدم الحديثة تميزاً. كما أن ميول النادي اليسارية ربما مرتبطة بقصص كثيرة عن قمع النظام الاشتراكي الألماني له، نظراً الى أن النادي كان تابعاً لألمانيا الشرقية، حين كانت ألمانيا منقسمة، وكان نظام ألمانيا الديمقراطية الشرقية حينها يتلاعب بنتائج الدوري لصالح فريق بي إف سي دينامو التابع للبوليس السري.  

في فرنسا، اتخذت إدارة نادي نيس الفرنسي قراراً بإيقاف اللاعب الجزائري يوسف عطال عن اللعب، فيما أشارت تقارير صحافية الى أن إدارة النادي قررت فسخ العقد معه بشكل نهائي من دون أي تحقيق.

وكان عطال شارك مقطع فيديو للداعية الفلسطيني محمود حسنات، يدعو فيه إلى نصرة غزة وأهلها، ما أثار غضب المتابعين،  الذين اعتبروا أن ما قام عطال “فعل معادٍ للسامية”، حسب صحيفة “ليكيب” الفرنسية. ورغم اعتذار عطال، إلا أنه لا يزال ممنوعاً من اللعب، فيما يحقق الاتحاد الفرنسي في قضيته.

الأزمة الأشدّ إشكالية في فرنسا هي تلك التي طاولت اللاعب في نادي الاتحاد السعودي كريم بنزيما، الذي كتب عبر منصة X: “كل صلواتنا مع سكان غزة، ضحايا القصف غير العادل الذي لا يفرق بين امراة وطفل”، ما أشعل موجة انتقادات حادة واتهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين بينزيما بأنه “مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين”، وقال عضوا البرلمان الأوروبي نادين مورانو وفرانك تابيرو إن بنزيما متواطئ مع “حماس”، فيما طالبت النائبة فاليري بوايي بسحب الجنسية منه وتجريده من الكرة الذهبية.

كل ما سبق، وكل تلك المخاوف، جعلت كثراً من لاعبي كرة القدم العرب والأجانب أيضاً، يخشون التضامن مع المدنيين والأطفال في غزة، خوفاً من أن تتبع هذا التضامن عقوبات من الأندية والاتحادات الأوروبية التي يتبعون لها.

مع عودة الدوريات الأوروبية بعد فترة التوقف الدولي، رأينا تضامناً خجولاً من جماهير الأندية الكبيرة،  إذ كان ليفربول الفريق الوحيد الذي حوت مدرجاته أعلاماً فلسطينية، ولافتة كُتب عليها: “For GOD’s Sake GAZA”، فيما غابت حرب غزة عن الملاعب الكبرى واحتفالات اللاعبين، التي تكون عادةً مناسبة لتوجيه الرسائل السياسية. وقد اقتصر التضامن على جماهير قليلة لفرق مثل ريال سوسيداد، أوساسونا، بيزا الإيطالي، وغيرها…

حتى الآن، نجحت الأندية والاتحادات الأوروبية بإبعاد الحرب المشتعلة في غزة عن ملاعبها، عبر التهديد والقمع بفسخ العقود والإيقاف عن ممارسة اللعب، تماماً كما فعلت وسائل إعلام غربية بإيقاف موظفين لها عن العمل، بسبب تضامنهم مع فلسطين، مثل BBC عربي التي أوقفت صحافيين كثراً بتهمة التضامن مع فلسطين، و “دعم حماس”.

ذلك كله يأتي في ظل السياسات الأوروبية المنحازة إلى إسرائيل، والسعي الى صبغ كل ما هو فلسطيني بتهمة “الإرهاب” و “الانتماء إلى حماس”، في محاولة لمصادرة الحق الفلسطيني وحصره في خانة واحدة لإدانته.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.