fbpx

مواقف دول الخليج من حرب غزة: مصالح أم تواطؤ أم سلام؟!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الشعوب العربية لم تتقبل هذه المواقف “الضعيفة والمتواطئة كلياً” مع إسرائيل، حتى وإن تم إظهارها على أنها محاولات لمنع العنف في منطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام. هذه الدول كافة متورطة بالأساس في المساهمة في أعمال عنف أو/و جرائم ضد الإنسانية في عدد من الدول العربية مثل اليمن، سوريا، مصر، ليبيا وغيرها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اتّسم الشرق الأوسط بجغرافيا سياسية معقدة، وصراعات تاريخية، وتحالفات متغيرة. على مدى العقد الماضي، استحوذت التغييرات المهمة في العلاقات بين اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط، على اهتمام عالمي. وعلى وجه الخصوص، كانت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في طليعة السياسة الإقليمية، وتمثل علاقاتها المتطورة مع إسرائيل فصلاً تحولياً في المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. 

قطر ودور الوساطة

تبنت قطر باستمرار، نهجاً استباقياً في السياسة الخارجية، يتميز بالتوسط في النزاعات، ودعم الجهود الإنسانية، ومناصرة الحلول الدبلوماسية. وفي سياق إسرائيل، حافظت قطر على مشاركة ملحوظة.

تربط قطر بحماس علاقة وثيقة. كما جرت العادة، فهي تمول وتدعم الحركات الإسلامية القريبة من سياستها في المنطقة بل وفي أوروبا. وتقدم دعماً سياسياً ومساعدات مالية لحماس، كما أنها تبثّ تغطيات خاصة لتطورات الأحداث على قنوات إعلامية ممولة من حكومتها فيما صنفت أميركا حماس على أنها منظمة إرهابية. ورغم أن هذه العلاقة محط جدال إلا أن تفسير رئيس الوزراء القطري استضافة قادة من حماس في قطر والمكتب السياسي الخاص بهم، بعدما واجه مطالب بقطع علاقته بها إثر عملية طوفان الأقصى التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جاء كالتالي: “إن الهدف من المكتب السياسي لحركة حماس، هو أن يكون قناة للتواصل ووسيلة لإحلال السلام في المنطقة، وليس التحريض على أي حرب”، وذلك في مؤتمر صحافي أميركي – قطري في 14 تشرين الأول. إلا أن قطر تلعب حالياً، دور الوسيط للوصول إلى انفراجة بعدما تعقد المشهد في غزة. 

هذه ليست المرة الأولى التي تلعب فيها قطر هذا الدور، فقد كان محمد العمادي، مبعوث قطر إلى غزة ورئيس لجنة إعادة إعمار غزة، منذ عام 2012، نقطة اتصال رئيسية بين إسرائيل وحماس. يقول العمادي إن رسالته المستمرة كانت إقناع الجانبين بالموافقة على وقف إطلاق نار طويل الأمد، حتى لو كان لمدة خمس إلى عشر سنوات، يتضمن رفع إسرائيل حصارها عن غزة. 

أميركا أيضاً تعلم أن دور  قطر مهم في الوساطة، التي أدت إلى إطلاق سراح رهينتين أميركيتين. مع ذلك، طلب وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن من الحكومة القطرية تغيير موقفها العلني تجاه حماس وتخفيف تغطية قناة الجزيرة الممولة من الحكومة القطرية لما يحدث في غزة، والتي اعتبر أنها “مليئة بالتحريض ضد إسرائيل” . 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور حياة، لصحيفة جيروزاليم بوست: “الحكومة ستعمل على شيء ما. وتقودها وزارة الاتصالات ووزارة الدفاع. الفكرة هي أنهم إذا تجاوزوا الحدود في مساعدة حماس، فيمكننا إغلاق القناة بكاملها“.

جدير بالذكر، أن قطر فتحت اتصالات جزئية مع إسرائيل عام 1996 بعدما أطاح الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني بوالده لإظهار المزيد من الانفتاح على الغرب. كما سمح الأمير للمسؤولين الإسرائيليين ببث قناة الجزيرة، وهي السابقة الأولى من نوعها لأي وسيلة إعلامية عربية.

في مداخلة لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي استغل منصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك، قال إن قطر”تمول وتأوي حماس”. وفي محاولة لتصحيح الوضع، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي تساحي هنغبي تغريدة جاء فيها: “يسعدني أن أقول إن قطر أصبحت طرفاً أساسياً وصاحب مصلحة في تسهيل الحلول الإنسانية. الجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر حاسمة في هذا الوقت”.

وفق صحيفة الغارديان، فإن قطر تواجه أعظم اختبار لها. وإذا تمكنت من تأمين إطلاق سراح الرهائن والأسرى كافة في غزة، مقابل ثمن تكون إسرائيل مستعدة لدفعه، فإن نجمها سيكون في صعود. ومع ذلك، لا يمكن التعامل مع مصير الرهائن والأسرى على أنه قائم بذاته. وباعتبارها مدافعة عن القضية الفلسطينية، تدرك الدوحة أنه بمجرد إطلاق سراح الرهائن والأسرى، فإن غزة ستصبح مفتوحة لهجوم بري إسرائيلي. وعلى نحو مماثل، إذا انهارت المفاوضات بشأن الرهائن والأسرى، فإن ادعائها بأنها آوت الجناح السياسي لحركة حماس في الدوحة لمدة عشر سنوات للحفاظ على النفوذ وخطوط الاتصال، سيبدو ضعيفاً. 

خذلان عربي 

تحتل المملكة العربية السعودية مكانة مهمة في العالم العربي، كونها موطناً لأهم الأماكن الإسلامية المقدسة. وتتمتع بموقع استراتيجي كمنتج مهم للنفط، وتمتلك ما يقرب من ربع احتياطيات النفط الخام المعروفة في العالم. وبحكم موقعها هذا، أقامت المملكة العربية السعودية علاقات متبادلة مهمة مع الدول الغربية، ما أدى إلى تطوّر هذه العلاقات مع مرور الوقت.

لطالما ناصبت السعودية العداء لإيران والمعارضة الإسلامية السنية في المنطقة، فيما تواجه إسرائيل أيضاً تهديدات من أعداء السعودية أنفسهم لأسباب مختلفة، خصوصاً في ظل وجود الملف النووي الإيراني الداعم لحركة حماس، وهذا يوضح أن هنالك مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية. وقد عبّر الأمير الوليد بن طلال، أحد أفراد العائلة المالكة السعودية، عن هذا التحالف بالقول، إن مصالح السعودية وإسرائيل متطابقة تقريباً.

خلال عهد محمد بن سلمان، تطورت هذه العلاقة لأسباب إضافية، مثل إحاطته بمستشارين متعاطفين مع إسرائيل ويعادون الجماعات الإسلامية مثل حماس. وأحد هؤلاء هو عبد الرحمن الراشد، مستشار سياسي، والذي ساهم خطابه المناهض لحماس إلى تصنيف الحركة كمنظمة إرهابية، وهو الموقف الذي تبنته إسرائيل لسنوات عدة.

وقال مسؤولون سعوديون إنهم سيكونون على استعداد للنظر في التطبيع مع إسرائيل، فقط مقابل المزايا التي تقدمها الولايات المتحدة: اتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والسعودية، والدعم الأميركي للبرنامج النووي المدني السعودي، والمزيد من مبيعات الأسلحة الأميركية وفق صحيفة نيويورك تايمز.

وعلى الرغم من التقارب الواضح، ليس هنالك أي علاقات دبلوماسية رسمية بين السعودية وإسرائيل حتى ذلك الوقت.

 بدورها، دعت المملكة إلى تسوية سلمية شاملة بين إسرائيل والدول العربية،  والتي روّج لها الملك الراحل عبدالله، عاهل المملكة العربية السعودية في عام 2002. وتهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين و الانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.

وبعد مفاوضات استمرت لأشهر للتوصل إلى تطبيع تاريخي برعاية أميركية، زار أول وزير إسرائيلي المملكة العربية السعودية على رأس وفد إسرائيلي رسمي، وبشكل علني، للمشاركة في مؤتمر منظمة السياحة التابعة للأمم المتحدة في أواخر أيلول/ سبتمبر 2023 قبل عملية طوفان الأقصى.

 أتت هذه الزيارة في ظل مفاوضات حول تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل بإشراف أميركي. وأكد الأطراف كافة تقدّم هذه المفاوضات والاقتراب من حدوثها. وقال ولي العهد السعودي: “نقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

عقب هجوم حماس على إسرائيل بـ 8 أيام، أعلنت السعودية تعليق المحادثات حول التطبيع المحتمل مع إسرائيل، وأبلغت ذلك للمسؤولين الأميركيين الذين يقومون برعاية المحادثات. وأصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً، وُصف بأنه خجول ولاقى هجوماً كبيراً من الدول العربية والإسلامية، أكدت فيه أن المملكة ما زالت على موقفها من القضية الفلسطينية، ورؤيتها بأن حل “الدولتين” هو الخيار العادل والضمان الوحيد للحفاظ على الأمن والسلام في المنطقة.

التطبيع الخليجي – الإسرائيلي

الإمارات كانت من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل، وهي خطوة أثارت اهتماماً عالمياً وجدلاً إقليمياً. وارتكز هذا التطبيع على الاعتقاد بأن التعامل مع إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى فوائد إقليمية ملموسة. 

في آب/ أغسطس 2020، توصلت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل إلى اتفاق سلام تاريخي، يؤدي إلى التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين. وأصبح الاتفاق رسمياً، جزءاً من اتفاقيات إبراهيم التي ضمّت الإمارات وإسرائيل، وتم التوقيع عليها في 15 أيلول 2020.

في 24 كانون الثاني/ يناير 2021، تم افتتاح السفارة الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل إيتان نائيه كسفير بالإنابة/القائم بالأعمال. وفي 30 أيار/ مايو 2021، تم افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة رسمياً في تل أبيب، حيث عمل محمد الخاجة كأول سفير لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى إسرائيل.

بيان دولة الإمارات حول أحداث طوفان الأقصى وموقفها منها، تعرض هو أيضاً للهجوم، و إعتبره ناشطون سياسيون منحازاً تماماً الى إسرائيل، إذ وصفت دولة الإمارات الهجمات التي نفذتها حماس ضد بلدات إسرائيلية، بأنها “تصعيد خطير”، وحمّلت الحركة المسؤولية الكاملة عن تطور العنف في قطاع غزة. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيانها، إنها “شعرت بالفزع” إزاء التقارير التي تفيد باحتجاز مدنيين إسرائيليين كرهائن من منازلهم. وأضافت: “يجب أن يتمتع المدنيون من الجانبين دائماً بالحماية الكاملة بموجب القانون الإنساني الدولي، ويجب ألا يكونوا أبداً هدفاً للصراع”.

وزير الدولة للشؤون الخارجية د. أنور قرقاش، صرح على حسابه في “تويتر“: “أتابع مداولات مجلس الأمن هذا المساء حول التطورات الحرجة في غزة، جهود الإمارات في المجلس لاتخاذ قرار يتصدى للأزمة الإنسانية المستفحلة مستمرة، التزامنا بالحق الفلسطيني تاريخي، واخترنا العمل الجاد لتجسير الانقسام الدولي. وتبقى العبرة بالنتائج بعيداً عن المزايدات ومقاربات جلد الذات”، مشيراً إلى المواقف الدولية والعربية، بخاصة تلك المتعاطفة مع الفلسطينيين وحماس.

أجمعت مصادر دبلوماسية تحدثت لـ”إمارات ليكس”، على وجود حالة غضب واستياء في الإمارات من هشاشة إسرائيل في مواجهة عملية المقاومة الفلسطينية.

ووفق المصادر، فإن أبو ظبي تشعر بقلق بالغ على مصير التحالف مع إسرائيل على خلفية ما تعرضت له من ضربات غير مسبوقة من المقاومة الفلسطينية.

وأضافت المصادر أن الإمارات سارعت لتوجيه رسالة دعم وتضامن عبر قنوات دبلوماسية متعددة إلى إسرائيل، رئاسةً وحكومةً وجيشاً، وأبدت استعدادها لتلبية كل ما يُطلب منها لإسناد الدولة العبرية.

في المقابل، نشرت صحيفة التايمز الإسرائيلية تصريح القنصل العام الإسرائيلي في دبي ليرون زاسلانسكي، الذي قال: “نحن ممتنون للغاية للإمارات العربية المتحدة لموقفها الداعم لإسرائيل”. 

رغم ذلك، أطلقت دولة الإمارات حملة “تراحم من أجل غزة”، التي جمعت وفق وزارة الخارجية، 1250 طناً من مواد الإغاثة الغذائية والصحية والطبية، وجهّزت 58000 حزمة إغاثية تنوعت بين حزم الأطفال والأمهات والحزم الغذائية. وتعتبر الإمارات ذلك امتداداً لجهودها في دعم الشعب الفلسطيني، والمساهمة في رفع المعاناة عنه والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي يواجهها.

لم تكن هذه المواقف صادمة بالنسبة الى تاريخ العلاقات الأميركية والإسرائيلية مع الدول العربية المذكورة. ولكن الشعوب العربية لم تتقبل هذه المواقف “الضعيفة والمتواطئة كلياً” مع إسرائيل، حتى وإن تم إظهارها على أنها محاولات لمنع العنف في منطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام. هذه الدول كافة متورطة بالأساس في المساهمة في أعمال عنف أو/و جرائم ضد الإنسانية في عدد من الدول العربية مثل اليمن، سوريا، مصر، ليبيا وغيرها.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.